يقترح الأطباء "إصلاحًا جذريًا" لكيفية تشخيص السمنة عالميًا وسط مخاوف من أن الاعتماد على مؤشر كتلة الجسم قد يؤدي إلى تشخيص ملايين الأشخاص بشكل خاطئ، وذلك بحسب تقرير لجنة " ذا لانسيت" الذي يدعو إلى إعادة هيكلة عالمية ويقترح النظر في مقاييس مثل نسبة محيط الخصر إلى الطول وأعراض الاعتلال الصحي.اضافة اعلان
ويُعتقد أن أكثر من مليار شخص يعيشون مع هذه الحالة التي يتم تشخيصها منذ عقود عن طريق قياس مؤشر كتلة الجسم (BMI)، وهو نسبة وزن الشخص إلى طوله، لتقدير كمية الدهون الزائدة في الجسم.
ومع ذلك، هناك مخاوف من أن مؤشر كتلة الجسم بمفرده ليس "مقياسًا موثوقًا" لصحة الفرد وقد يؤدي إلى تشخيص مفرط أو ناقص للسمنة، مع "عواقب سلبية" على المتضررين والمجتمع الأوسع.
ويدعو العشرات من أبرز الخبراء في العالم من مختلف التخصصات الطبية – بما في ذلك الغدد الصماء، والطب الباطني، والجراحة، وعلم الأحياء، والتغذية، والصحة العامة – الآن إلى "إعادة صياغة" هذا المرض الذي يسبب أضرارًا كبيرة في كل قارة ويكلف الدول مليارات الدولارات.
الاعتماد فقط على مؤشر كتلة الجسم (BMI) "غير فعال" لأنه ليس مقياسًا مباشرًا للدهون، ولا يعكس توزيع الدهون حول الجسم، ولا يوفر معلومات عن صحة الشخص، وفقًا لتقرير نشره الخبراء في مجلة The Lancet Diabetes and Endocrinology.
وحظيت التغييرات المقترحة بدعم أكثر من 75 منظمة طبية حول العالم، تقدم طرقًا جديدة لتشخيص السمنة استنادًا إلى مقاييس أخرى للدهون الزائدة في الجسم بالإضافة إلى مؤشر كتلة الجسم، مثل نسبة محيط الخصر إلى الورك أو نسبة محيط الخصر إلى الطول، بالإضافة إلى علامات وأعراض موضوعية للاعتلال الصحي.
وفي الوقت الحالي، هناك بعض الأشخاص الذين لديهم دهون زائدة في الجسم ولكن مؤشر كتلة الجسم الخاص بهم لا يشير إلى أنهم يعانون من السمنة، مما يعني أن مشاكل صحية خطيرة محتملة تمر دون ملاحظة أو علاج. في الوقت نفسه، هناك آخرون لديهم مؤشر كتلة جسم مرتفع قد يتم تشخيصهم بالسمنة رغم احتفاظهم بوظائف طبيعية للأعضاء وأجسامهم، دون وجود أي علامات أو أعراض لمرض مستمر.
وقال البروفيسور فرانشيسكو روبينو، رئيس لجنة The Lancet التي أعدت التقرير، إن هذه التغييرات ستوفر فرصة لأنظمة الصحة عالميًا لتبني تعريف عالمي وذو صلة سريرية للسمنة وطريقة أكثر دقة لتشخيصها.
وأضاف: "السؤال حول ما إذا كانت السمنة مرضًا هو سؤال معيب لأنه يفترض سيناريو غير منطقي 'كل شيء أو لا شيء' حيث تكون السمنة دائمًا مرضًا أو ليست مرضًا أبدًا.
ومع ذلك، تظهر الأدلة واقعًا أكثر تعقيدًا. بعض الأفراد الذين يعانون من السمنة يمكنهم الحفاظ على وظائف طبيعية للأعضاء وصحة عامة حتى على المدى الطويل، بينما يظهر آخرون علامات وأعراضًا لمرض خطير في الوقت الحاضر".
"النظر إلى السمنة فقط كعامل خطر، وليس كمرض، قد يحرم الأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية بسبب السمنة وحدها من الوصول إلى الرعاية المناسبة في الوقت المناسب.
من ناحية أخرى، فإن تعريف السمنة بشكل شامل كمرض قد يؤدي إلى التشخيص المفرط واستخدام غير مبرر للأدوية والإجراءات الجراحية، مما قد يسبب أضرارًا للأفراد وتكاليف هائلة للمجتمع."
ولذا أوصى الخبراء بتقديم فئتين جديدتين لتصنيف السمنة: السمنة السريرية والسمنة قبل السريرية.
السمنة السريرية ستُعرّف على أنها السمنة المرتبطة بعلامات وأعراض موضوعية، مثل ضعف وظائف الأعضاء أو انخفاض ملحوظ في القدرة على القيام بالأنشطة اليومية القياسية مثل الاستحمام أو ارتداء الملابس أو تناول الطعام، كنتيجة مباشرة للدهون الزائدة في الجسم.
وأشار الخبراء إلى أن المرضى الذين يعانون من السمنة السريرية يجب اعتبارهم مصابين بمرض مزمن مستمر، ويجب أن يتلقوا إدارة وعلاجات مناسبة، مثل أدوية فقدان الوزن.
أما "السمنة قبل السريرية" ستُعرّف على أنها السمنة التي تكون فيها وظائف الأعضاء طبيعية. وبالتالي، فإن الأشخاص الذين يعانون من السمنة قبل السريرية لا يعانون من مرض مستمر، على الرغم من أنهم معرضون بشكل متغير ولكن عمومًا لخطر متزايد للإصابة بالسمنة السريرية وأمراض أخرى في المستقبل، بما في ذلك السكري من النوع الثاني، وأمراض القلب والأوعية الدموية، وأنواع معينة من السرطان، والأمراض النفسية. أشار الخبراء إلى أن الأشخاص في هذه الفئة يجب أن يحصلوا على الدعم للحد من خطر الإصابة بالأمراض المحتملة.
وقال البروفيسور روبينو، رئيس جراحة التمثيل الغذائي والسمنة في كلية كينغز لندن: "إعادة الصياغة التي نقدمها تعترف بالواقع المتنوع للسمنة وتتيح تقديم رعاية شخصية".
رحب الكلية الملكية للأطباء بالتقرير. وقالت الدكتورة كاث مكالوج، مستشارة خاصة للسمنة: "لقد اعتمدنا لفترة طويلة جدًا على مؤشر كتلة الجسم كمقياس بسيط للسمنة، والذي غالبًا ما يساء تمثيل الحالة ولا يعكس بشكل كامل كيف تؤثر الدهون الزائدة في الجسم على صحة الشخص".
وأضافت: "إن التمييز الذي قدمته اللجنة بين السمنة قبل السريرية والسمنة السريرية يمثل خطوة حيوية إلى الأمام، حيث يبرز الحاجة إلى التعرف على الحالة والتدخل مبكرًا مع توفير الرعاية المناسبة لأولئك الذين يعانون بالفعل من آثار صحية خطيرة".
ومع ذلك، قالت كاثرين جينر، مديرة تحالف صحة السمنة: "يجب أن تكون الأولوية هي دعم الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن، بدلاً من التركيز فقط على كيفية قياسها"، بحسب صحيفة الغارديان.
0 تعليق