هذه الدعوة تعيد لنا صورا مشابهة من التاريخ القديم والحديث تثبت أن النوازع الإنسانية واحدة، فكما كان نابليون بونابرت يكون ترمب، هذا القائد الجديد الذي يقدم نفسه من خلال إطار ديموقراطي جذاب متنه أمريكا أولا وهامشه الوعود البراقة بخفض الضرائب ودمج الكندي وخلطه بأمريكا شعبا ومستقبلا وثقافة.
شخصيا أعتبر ترمب مشروع إسكندر جديدا، ولكن هذه المرة بوعود اقتصادية براقة تمس الإنسان الكندي البسيط، الذي يبحث عن الثراء ورغد العيش شأنه شأن كل البشر في هذا العالم، فترمب لم ينطلق في دعواه تلك إلى شرعية عودة الفرع إلى الأصل ولا إلى شعار أمة أمريكية واحدة ذات رسالة خالدة، بل خاطب الإنسان الكندي وقال له تعال عندي وسترى الفرق أيها الكندي.
لا شك عندي وعند كل فطين فطر على التفكير المنطقي أن دعوة ترمب تلك تتكئ على صور من التاريخ، وربما أصبح ترمب يعيش في داخله حلم الأسطورة الخالدة التي تبحث عن الأحداث التي تبقيها متقدة في صفحات التاريخ، ترمب ربما يريد أن يكون بسمارك أمريكا ليوحد القارة الأمريكية تحت لواء العم سام الذي يريد أن يدشن هذه الألفية الجديدة بصورة جديدة للإمبراطورية الأمريكية التي تستطيع أن ترسخ نفسها كأعظم إمبراطورية في التاريخ.
إن الأرض الكندية بتاريخها البسيط وجغرافيتها العظيمة تستطيع أن تتواءم مع الحلم الأمريكي الجديد، وخاصة أن أمريكا في أصلها كمشروع أمة؛ كانت وما زالت ترسخ مفهوم الجغرافيا بلا تاريخ، ولعل ترمب أراد من خلال هذه الخطوة كتابة الفصل المهم من فصول تاريخ هذه الإمبراطورية الفتية، فالتاريخ يكتبه الكبار وكندا كبيرة وترمب إن ضمها سيكون الأكبر في هذه السردية التاريخية المنتظرة.
يبقى السؤال ماذا استفاد ترمب من تجارب الديكتاتوريين الذين سبقوه، فنابليون أغرقه الروس في شتائهم القارس، وصدام غرق في حساباته الخاطئة عندما غزا الكويت، وعسكر الأرجنتين لم تشفع لهم الجغرافيا عندما أرادوا استعادة جزر الفوكلاند في بداية عقد الثمانينات من القرن الماضي، وأمريكا نفسها خرجت من أفغانستان والعراق؟!. أعتقد أن ترمب يفكر بعقلية المستعمر الجديد، ولكن هذه المرة منطلقا من وعود اقتصادية براقة يحاول من خلالها استمالة الإنسان الكندي للانضواء تحت التاج الأمريكي العتيق بقيادة الإمبراطور العظيم ترمب بونابرت بسمارك الجديد.
alaseery2@
0 تعليق