المتحدث باسم وزارة الخارجية: مصر أجهضت مخططات تهجير الفلسطينيين.. وجهودنا متواصلة لتثبيت وتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
زيادة كبيرة فى المساعدات الإنسانية إلى غزة.. وبدء مشروعات «التعافى المبكر» وصولًا إلى إعادة الإعمار ينبغى تدشين عملية سياسية سورية شاملة وألا تمثل سوريا مصدرًا للتهديد أو مركزًا للجماعات الإرهابية

قال السفير تميم خلاف، المتحدث الرسمى المشرف على إدارة الدبلوماسية العامة بوزارة الخارجية، إن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، بوساطة مصرية قطرية أمريكية، يؤسس لمرحلة جديدة فى طريق رفع المعاناة عن الشعب الفلسطينى الشقيق، مشددًا على مواصلة مصر جهودها لإحياء حل الدولتين، وحشد المجتمع الدولى للاعتراف بالدولة الفلسطينية.

وفى حوار خاص مع «الدستور»، تناول السفير تميم خلاف الملفات الأكثر سخونة فى الساحة الإقليمية والدولية، مسلطًا الضوء على رؤية مصر تجاه أزمات سوريا، والسودان، ولبنان، بالإضافة إلى جهودها الدبلوماسية فى منطقة القرن الإفريقى، ونهج القاهرة فى علاقتها مع القوى الدولية الكبرى. 

■ ما تقييمكم لاتفاق وقف إطلاق النار وتطورات المشهد فى غزة؟

- يمثل التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار فى غزة وتبادل الرهائن والأسرى تطورًا فى غاية الأهمية، ويؤسس لمرحلة جديدة نأمل أن تسهم فى رفع المعاناة عن الشعب الفلسطينى الشقيق، وأن تمثل بداية لاستعادة الهدوء والاستقرار. 

وجاء التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بعد جهود مضنية اضطلعت بها مصر بالشراكة مع قطر وأمريكا، وسنستمر فى جهودنا لتثبيت وتنفيذ بنود الاتفاق، ونأمل أن يلتزم أطرافه بتنفيذها. 

ومن المقرر أن تشهد الخطوة المقبلة زيادة كبيرة فى وتيرة نفاذ المساعدات الإنسانية، بما يعطى دفعة قوية للجهود الإغاثية فى غزة، بالإضافة إلى بدء مشروعات التعافى المبكر، على أن تعقبها عملية إعادة الإعمار، والتى نتطلع لانخراط قوى من المجتمع الدولى والدول المانحة فيها.

وسنواصل جهودنا لإحياء حل الدولتين، وحشد المجتمع الدولى للاعتراف بالدولة الفلسطينية ومواجهة التوجهات الرامية لتقويض القضية. 

443.jfif

ومصر تصدت منذ اليوم الأول لمخططات تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم، وأعلنت بصورة واضحة عن رفضها الكامل تلك التوجهات، وستستمر فى ذلك، بالتوازى مع مطالبتها باتخاذ خطوات جادة وعملية من أجل تنفيذ حل الدولتين، وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطينى وحقه فى تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على خطوط الرابع من يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.

وإذا كان هناك تصور بأنه مع مرور الوقت والزمن سيشعر الفلسطينيون باليأس والإحباط تجاه قضيتهم، فهذا لن يتحقق. الأجيال الفلسطينية والعربية الصاعدة، وكذلك شرائح شبابية واسعة بدول غربية عديدة، لديها عزيمة قوية تجاه دعم القضية الفلسطينية، ورأينا ذلك فى حجم التظاهرات التى اجتاحت العالم والجامعات دعمًا للحقوق الفلسطينية المشروعة. السلام والأمن سيتحققان فى المنطقة فقط عندما يتمتع الشعب الفلسطينى بحقه فى تقرير المصير واقامة دولته المستقلة.

■ ما رؤيتكم بشأن سبل تعزيز النفاذ الإنسانى للقطاع وضرورة تحقيق الاستفاقة العاجلة فور وقف الحرب؟ 

- مصر قدمت منذ بداية الحرب أكثر من ٩٤ ألف طن من المساعدات الإنسانية، كما وفرت الخدمات الطبية لأكثر من ٩١ ألف مواطن فلسطينى. وقد عكست النقاشات خلال مؤتمر القاهرة الوزارى لتعزيز الاستجابة الإنسانية فى غزة التزامًا مشتركًا بوضع حد لمعاناة الشعب الفلسطينى فى غزة، وأكدت الدول أهمية زيادة المساعدات الإنسانية وإيصالها بصورة فورية ومستدامة إلى الفلسطينيين هناك، وشددنا على الحاجة لاستراتيجية للتعافى المبكر بالقطاع وتطبيقها بمجرد أن تسمح الظروف بذلك، بما يمهد الطريق لجهود إعادة الإعمار طويلة المدى بقيادة الحكومة الفلسطينية وبدعم من الأمم المتحدة والمجتمع الدولى. 

■ نرى اهتمامًا وترقبًا من الشارع المصرى وأطراف إقليمية ودولية لموقف مصر من التغييرات فى سوريا.. هل لك أن تُطلعنا على الرؤية المصرية الحالية والمستقبلية تجاه ما يحدث فى دمشق حاليًا؟

- الدولة السورية تمر بمفترق طرق تاريخى، والشهور المقبلة ستكون كاشفة للمسار الذى يقرره السوريون لدولتهم.. الاهتمام والانشغال الإقليمى والدولى بالتغيرات الجذرية هناك أمر طبيعى ومنطقى، نظرًا للمكانة الثقافية والسياسية والتاريخية المميزة التى تتمتع بها سوريا فى منطقتنا العربية، فضلًا عن أن التحول السياسى فى المشهد السورى أحدث تغييرات مهمة فى الحسابات الجيو- سياسية فى المنطقة. 

444.jfif

ولكن ما زلنا فى مرحلة مبكرة من هذه التغييرات، والطريق بالتأكيد ما زال طويلًا، والعناصر والمعطيات فى المشهد السورى متعددة ومُركبة، بل ومتغيرة بشكل سريع، وبالتالى يخطئ من يظن أن هناك تصورًا سهلًا أو مُبسطًا للوضع السورى. المشهد متشعب ومتداخل ويستوجب التدقيق فى تفاصيله الكثيرة.

ولكن نجاح أى تحول سياسى مرهون بعدة مُحددات؛ أولًا أن تتسم عملية التحول السياسى بالشمولية، وبمشاركة كل مكونات المجتمع دون إقصاء لأى طرف، ثانيًا إعلاء المصالح الوطنية فوق كل الاعتبارات الحزبية والطائفية والشخصية، ثالثًا أن تظل عملية التحول السياسى فى سياق داخلى وبملكية وطنية خالصة.

من هنا، تستند الرؤية المصرية إلى محددات واضحة، منها ضرورة احترام السيادة السورية ووحدة وسلامة أراضيها، ودعم مؤسساتها الوطنية ومقدرات الدولة السورية، وأهمية تدشين عملية سياسية شاملة لا تقصى أحدًا، وبملكية سورية خالصة تشمل جميع مكونات الشعب السورى، وضرورة أن يدعم الشركاء الإقليميون والدوليون سوريا فى إعادة الإعمار، والعودة الآمنة للاجئين السوريين لوطنهم. 

هناك محبة تاريخية بين الشعبين المصرى والسورى، وأعتقد أن استضافة مئات الآلاف من السوريين بمصر على مدار السنوات الماضية خلال الوقت الذى كانت تمر به سوريا بظروف عصيبة، ومعاملة الأشقاء السوريين أفضل معاملة، هما خير دليل على الرغبة الصادقة لدى المصريين بأن تستعيد سوريا مكانتها الإقليمية والدولية التى تستحقها. 

■ ماذا عن التنسيق مع القوى الإقليمية والدولية لا سيما تركيا والأردن والسعودية بشأن سوريا؟

- من الطبيعى أن يكون هناك تشاور مستمر مع دول فاعلة أخرى فى الإقليم فى هذا الظرف الدقيق؛ لتبادل الرؤى والتقييمات بشأن التطورات المتلاحقة فى المشهد السورى. والوزير بدر عبدالعاطى فى اتصالات متواصلة مع نظرائه من دول عربية وأطراف دولية، واتفقت الدول المشاركة فى اجتماع العقبة، فى ١٤ ديسمبر، على خطوط عريضة للموقف من التطورات فى سوريا، ومنها دعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية- سورية جامعة، تمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، واحترام حقوق الشعب السورى بكل مكوناته دون أى تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين. كما أن اجتماع الرياض الأخير عكس أيضًا اهتمام الأطراف المشاركة بضرورة تحقيق الاستقرار فى سوريا، وتدشين عملية سياسية شاملة لا تقصى أحدًا، وألا تمثل سوريا مصدرًا للتهديد أو مركزًا للجماعات الارهابية. 

445.jfif

استقرار سوريا يهمنا جميعًا، فهى دولة مركزية فى عالمنا العربى، ومن المهم أن تحافظ سوريا على هويتها العربية الأصيلة. 

■ ما رؤيتكم للأوضاع فى لبنان فى مرحلة ما بعد انتخاب الرئيس جوزيف عون؟

- لا شك أن انتخاب الرئيس اللبنانى ونجاح الاستحقاق الرئاسى يمثل نقطة تحول مهمة فى سبيل تحقيق الاستقرار فى المشهد السياسى اللبنانى، بعد أن عانى لبنان ولفترة طويلة من فراغ رئاسى. نثق أن هذه الخطوة سوف تسهم بشكل كبير فى وضع لبنان على المسار الصحيح بعد سنوات من الاضطرابات والتحديات السياسية، وتمكين المؤسسات الوطنية اللبنانية من الاضطلاع بواجباتها. 

ومصر تعمل دائمًا بشكل مخلص وصادق لتقديم كل أشكال الدعم للبنان، سواء على المستوى السياسى أو الإنسانى. هناك محبة تاريخية تجمع الشعبين المصرى واللبنانى وعلاقات ثنائية وثيقة بين البلدين، ووقفنا بجوار الشعب اللبنانى فى أوقات صعبة خلال الشهور الأخيرة، وستظل مصر سندًا للبنان فى المرحلة المقبلة، وعلى استعداد لتقديم كل أشكال المساندة. 

■ كيف تقيّمون أزمة السودان فى ظل التحديات التى يمر بها؟

- السودان الشقيق يمر بمنحنى دقيق فى تاريخه، وتتحرك مصر فى الملف فى سياق رغبة صادقة ومخلصة فى دعم السودان وانتشاله من هذه المحنة الحرجة. تجمعنا علاقات سياسية راسخة وترابط شعبى منذ عقود، ونعمل على بذل كل الجهود الممكنة لمساعدة السودان لتجاوز الأزمة ومعالجة تداعياتها الخطيرة على الشعب السودانى وأمن واستقرار المنطقة. 

ومصر تدعم بصورة كاملة الدولة السودانية ومؤسساتها الوطنية، ونعمل على تحقيق وقف فورى لإطلاق النار، واحترام السيادة السودانية ووحدة وسلامة أراضيه، وعدم التدخل فى شئونه الداخلية.

446.jfif

■ ما أبرز تطورات الجهود المصرية للتعامل مع أزمة السودان؟ 

- الفترة الأخيرة شهدت تزايد وتيرة التواصل السياسى بين مصر والسودان، حيث جاءت أولى الزيارات الخارجية لوزير الخارجية السودانى إلى مصر عقب توليه مهام منصبه فى نوفمبر الماضى، فى دلالة رمزية وسياسية مهمة لعمق التعاون المصرى- السودانى. كما مثلت زيارة وزير الخارجية د. بدر عبدالعاطى إلى بورتسودان خطوة بالغة الأهمية، حيث أسهمت فى التعرف عن قرب على تقديرات وتصورات القيادة السودانية للتطورات على الأرض وتقييماتهم للمرحلة المقبلة.

 وتقوم مصر بدور كبير على المستويين السياسى والإنسانى فى معالجة الأزمة، سواء من خلال تكثيف الاتصالات مع الحكومة السودانية، وكذلك الأطراف الإقليمية والدولية لدعم السودان، والعمل بنشاط على استئناف عضوية السودان فى الاتحاد الإفريقى، فضلًا عن استضافة مصر مئات الآلاف من اللاجئين السودانيين منذ اندلاع الأزمة وتوفير كل سبل الراحة لهم، التزامًا بمسئوليتنا الأدبية تجاه الأشقاء السودانيين، والعمل على دعم السودان لحين استعادة الأوضاع إلى طبيعتها. ومؤخرًا، قام مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقى خلال الرئاسة المصرية للمجلس بزيارة بورتسودان فى أول تواصل بين الاتحاد الإفريقى والحكومة السودانية منذ تعليق الاتحاد عضوية السودان فى ٢٠٢١، وهى خطوة فى الطريق الصحيح. 

■ نرى تحركات وزيارات متتالية لوزير الخارجية داخل دول إفريقية.. ماذا تنتظر مصر من تلك التحركات خاصة مع الدول المشاطئة للبحر الأحمر فى ظل التوترات التى تعصف به حاليًا؟ 

- الدائرة الإفريقية فى السياسة الخارجية المصرية ظلت على مدار عقود من الدوائر الرئيسية فى تحركاتنا الخارجية، إلا أننى أستطيع أن أقول إن المرحلة الراهنة تعتبر من أنشط المراحل وأكثرها ديناميكية فى العلاقات المصرية- الإفريقية. وزير الخارجية مهتم بشدة بتعزيز علاقتنا مع الدول الإفريقية، وهناك تحرك مُحكم ووفق تصور متكامل لتنشيط علاقتنا فى القارة؛ لأنها قارة واعدة وذات إمكانات هائلة. مصر تتمتع بتاريخ طويل ومشرف فى دعم الأشقاء فى إفريقيا، ولكن المستقبل يحمل فرصًا واعدة أكثر، وسيكون لمصر دور ملموس فى دعم عملية التنمية والتطوير فى إفريقيا. 

447.jfif

ونشاطنا فى إفريقيا متعدد الأبعاد، هناك تكثيف للمشاورات السياسية، ونعمل على فتح أسوق جديدة للصادرات المصرية فى إفريقيا، وهناك تحرك لدعم الشركات المصرية للاستثمار فى تنفيذ مشروعات فى مجالات الطاقة والزراعة والبناء والتشييد والصناعة الدوائية والصناعات الغذائية. حجم الاستثمارات المصرية فى إفريقيا وصل إلى ١٤ مليار دولار، ونتوقع زيادته بشكل ملموس. كما نسعى أيضًا وبصورة حثيثة لتفعيل اتفاقية التجارة الحرة القارية لتعزيز معدلات التجارة البينية فى ظل ما تمثله السوق الإفريقية من سوق واعدة للصادرات المصرية.

وزارة الخارجية اتخذت ثلاث خطوات عملية على مدار الشهور الماضية؛ لتكثيف النشاط المصرى فى إفريقيا، سيكون لها أثر واضح فى الارتقاء بمستوى التعاون المصرى- الإفريقى. أولًا، مضاعفة ميزانية الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية التى تعتبر الذراع التنموية لوزارة الخارجية، حيث تقوم الوكالة بتنفيذ برامج عديدة لبناء القدرات الإفريقية فى مجالات متنوعة وتدشين مشروعات تنموية مميزة؛ ثانيًا تخصيص الحكومة المصرية لـ١٠٠ مليون دولار لتنفيذ مشروعات تنموية فى دول حوض النيل الجنوبى، وهو تحرك شديد الأهمية سيسهم فى دعم التنمية فى إفريقيا؛ ثالثًا قيام الوكالة المصرية لضمان الصادرات والاستثمار فى إفريقيا بتوفير التمويل والضمانات للشركات الصغيرة والمتوسطة المصرية الراغبة فى العمل فى إفريقيا، وهذه الخطوة من شأنها أن تشجع المستثمرين والشركات المصرية لاستكشاف الفرص الاستثمارية والتجارية فى إفريقيا. وبالتالى، التحرك المصرى فى إفريقيا يتم وفق تحرك مُحكم، وأتوقع أن يسهم فى وضع تحقيق طفرة مهمة فى العلاقات المصرية- الإفريقية. 

أما بالنسبة لمنطقة القرن الإفريقى، فهى منطقة لها خصوصية استراتيجية للأمن القومى المصرى، ونعمل على الارتقاء بمستوى علاقاتنا الثنائية مع الدول المشاطئة على البحر الأحمر سواء الصومال أو جيبوتى أو إريتريا، وعلاقتنا مع هذه الدول ممتازة ونعمل على استكشاف فرص جديدة للتعاون مع هذه الدول. بالتوزاى، تعمل مصر على تهدئة التوترات فى منطقة البحر الأحمر، والدول المشاطئة له تستحق كل أوجه الدعم والمساندة، وضرورة احترام سيادتها ووحدة وسلامة أراضيها، ومنها بالطبع الصومال الشقيق الذى يرتكز الموقف المصرى على أهمية دعم جهود الحكومة الفيدرالية فى الحفاظ على السيادة الصومالية، وتمكينها من مُكافحة الإرهاب لتحقيق الأمن والاستقرار فى هذه المنطقة الحيوية والاستراتيجية.

448.jfif

■ كيف تنظر القاهرة لعودة ترامب لرئاسة أمريكا وما هو تقدير القاهرة للتعاون العسكرى والاقتصادى مع مصر خلال الإدارة الجديدة؟

- السياسة الأمريكية تجاه مصر فيها ثبات واستمراريه على مدار عقود، حيث تتمتع مصر والولايات المتحدة بشراكة استراتيجية قوية لأكثر من أربعة عقود تتمتع بخصوصية، وتعتمد على تفاعل نشط وبناء بين مؤسسات كلا البلدين. والتعاون مع الجانب الأمريكى متنوع ويمتد إلى شتى المجالات الاقتصادية والعسكرية والأمنية والثقافية والعلمية والتعليمية، وهناك منفعة متبادلة تتحقق من هذه الشراكة الحيوية. وما يميز هذه العلاقة أنها علاقة عابرة للحزبين، حيث نرصد تقديرًا واسعًا لدى الحزبين الجمهورى والديمقراطى للأدوار البناءة التى تضطلع بها مصر لدعم الأمن والسلام والاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط، وأقول ذلك عن تجربة عملية حيث عملت شخصيًا فى ملف العلاقات المصرية- الأمريكية على مدار ست سنوات متصلة، منها أربع سنوات فى سفارتنا فى واشنطن، وكان تواصلنا اليومى مع مكاتب النواب والشيوخ الجمهوريين والديمقراطيين يعكس التقدير الأمريكى للجهود المصرية الرامية لدعم الاستقرار وتحقيق السلام. 

ومن المهم أن نواصل العمل المشترك لتعزيز العلاقات المصرية- الأمريكية، واستكشاف مجالات جديدة وخلاقة للتعاون تؤسس لشراكة أعمق، فهى شراكة بالغة الأهمية لهذه المنطقة، وتحقق المصالح المشتركة للبلدين. وهناك مؤخرًا اهتمام مضاعف للارتقاء تحديدًا بمستوى العلاقات الاقتصادية والتجارية، وتشجيع مزيد من الاستثمارات الأمريكية بمصر، حيث تعد الولايات المتحدة ثالث أكبر شريك تجارى لمصر، وتعتبر مصر أكبر متلق للاستثمارات الأمريكية المباشرة فى إفريقيا. وقد جاء انعقاد الجولة الثانية من المفوضية الاقتصادية المشتركة بواشنطن فى سبتمبر الماضى؛ تجسيدًا للرغبة المشتركة لدعم التعاون الاقتصادى والتجارى. ومن هنا، نتطلع للعمل مع الإدارة الجديدة تحت قيادة الرئيس ترامب، والبناء على التعاون المثمر الذى جمع البلدين خلال فترته الأولى.

■ ما آفاق علاقات مصر مع الدول البازغة اقتصاديًا، لا سيما فى ظل عضوية مصر فى تجمع بريكس؟ 

- تمتلك مصر علاقات متميزة مع الدول البازغة اقتصاديًا، لا سيما الدول الأعضاء فى تجمع بريكس، فعلى سبيل المثال العلاقات المصرية- الصينية علاقات استراتيجية، وقد احتفلنا العام الماضى بمرور عشرة أعوام على تدشين الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وتعد الصين شريكًا وثيقًا لمصر فى عملية التنمية، وجاءت زيارة وزير الخارجية إلى الصين لتعكس الرغبة المشتركة للبلدين فى تعزيز العلاقات وترفيعها فى مختلف المجالات. 

449.jfif

كما تتمتع مصر بعلاقات رفيعة مع الهند، حيث تم الإعلان فى يونيو ٢٠٢٣ عن ترفيع العلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، كما تبذل جهود لبحث سبل زيادة حجم التبادل التجارى وفرص التعاون فى تعزيز الاستثمارات المشتركة بين البلدين، وإنشاء منطقة صناعية هندية فى المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، فضلًا عن تكثيف التعاون فى عدد من القطاعات الاقتصادية المهمة. ومن الدول التى نتمتع معها بعلاقات متميزة أيضًا البرازيل، وهى دولة تتمتع بمقومات اقتصادية وتجارية هائلة، واحتفلنا العام الماضى بمرور ١٠٠ عام على العلاقات معها، وتم الاتفاق خلال زيارة الرئيس البرازيلى، لولا دا سيلفا، مصر العام الماضى على إنشاء لجنة مشتركة لتعزيز التعاون بين البلدين فى مختلف المجالات، بالإضافة إلى تدشين شراكة استراتيجية بين البلدين فى نوفمبر من العام الماضى. تنويع علاقتنا الخارجية مع الأطراف الدولية يخدم مصالحنا الوطنية، وسنستمر فى تعزيز شراكتنا مع الدول الصديقة بما يحقق المنافع المتبادلة. 

■ كيف ترون تطورات العلاقات مع تركيا؟

- العلاقات الثنائية مع تركيا استعادت توازنها خلال عام ٢٠٢٤، من خلال الزيارتين المهمتين لرئيسى البلدين لكل من القاهرة وأنقرة، وهناك رغبة مشتركة فى إنعاش هذه العلاقات المهمة، خاصة على المستويين الاقتصادى والتجارى. القمة الأولى التى عقدت العام الماضى شهدت التوقيع على إنشاء المجلس الاستراتيجى رفيع المستوى برئاسة رئيسى البلدين، الذى عقد أول لقاءاته من خلال القمة الثانية بأنقرة فى سبتمبر الماضى وشهدت التوقيع على ١٨ وثيقة، منها ١٦ مذكرة تفاهم فى مختلف مجالات التعاون بين البلدين، كما تم الاتفاق على العمل على الوصول بحجم التبادل التجارى إلى ١٥ مليار دولار خلال السنوات القليلة المقبلة، وزيادة حجم الاستثمارات التركية فى مصر. كما أن التشاور قائم مع تركيا على المستوى الإقليمى، حيث عقدت الجولة الثانية للمشاورات المصرية التركية حول الأوضاع فى ليبيا وإفريقيا فى نوفمبر الماضى، وستشهد الفترة المقبلة تشاورًا بين الجانبين على المستويين الثنائى والإقليمى. 

450.jfif

كل هذه التطورات تعكس المسار التصاعدى فى العلاقات بين البلدين. مصر وتركيا تتمتعان بقدرات شاسعة، وتركيا دولة نشيطة فى المنطقة ونعمل سويًا للارتقاء بمستوى التعاون الثنائى فى شتى المجالات بما يخدم مصالحنا المشتركة. 

■ كيف يمكن للدبلوماسية الاقتصادية أن تجذب استثمارات أجنبية جديدة وسط التوترات الاقتصادية العالمية؟ وما الخطوات المصرية الحالية فى هذا الصدد؟

- دعم الاقتصاد الوطنى يشكل أولوية رئيسية فى تحركنا الدبلوماسى الخارجى، وجزء أصيل من عمل سفارتنا فى الخارج يستهدف دعم جهود الدولة التنموية من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وفتح أسواق جديدة للمنتجات المصرية، وتدشين مجالس للأعمال، وتعزيز التجارة البينية، وذلك بالتنسيق مع مختلف الجهات المعنية بالدولة، ويحرص وزير الخارجية خلال زياراته للخارج على الالتقاء بممثلى مجتمع الأعمال لاستعراض مزايا الاقتصاد المصرى والترويج للفرص الاستثمارية الواعدة فى مصر، كما يحرص، فى تقليد جديد، على اصطحاب رجال أعمال ومستثمرين مصريين وممثلى الشركات الكبرى المصرية فى زياراته الخارجية، خاصة للدول الإفريقية لاستكشاف فرص للتعاون الاقتصادى والاستثمارى وتشبيك مجتمع الأعمال المصرى مع نظيره فى الخارج فى تجسيد عملى للدبلوماسية الاقتصادية والتنموية. 

452.jfif

■ كيف تعمل وزارة الخارجية على دعم الترابط مع الجاليات المصرية بالخارج؟

- الفترة الماضية شهدت تزايدًا فى وتيرة التواصل مع الجاليات المصرية فى الخارج على مختلف المستويات، حيث يحرص السيد وزير الخارجية على الالتقاء بممثلى الجاليات المصرية فى زياراته الخارجية، ووصل عدد اللقاءات إلى ١٦ لقاءً فى دول مختلفة قام بزيارتها منذ توليه مهام منصبه فى يوليو ٢٠٢٤، فضلًا عن مشاركته فى لقاءات افتراضية عديدة مع الجاليات فى تقليد جديد يقوم به وزير الخارجية. كما يحرص السادة سفراؤنا فى الخارج على تنظيم لقاءات دورية مع المواطنين المصريين الموجودين فى نطاق اختصاصهم للاستماع إلى آرائهم ومقترحاتهم وربط أبناء الجاليات من الأجيال الحديثة بمصر.

■ إلى أين وصلت وزارة الخارجية في تحقيق تحول شامل في رقمنة الخدمات للجاليات بالخارج؟

مشروع رقمنة الخدمات والمعاملات القنصلية مستمر وبوتيرة سريعة، وهو مشروع طموح من شانه أنه يحقق نقلة نوعية في تفاعل المواطنين المصريين مع سفارتنا وقنصليتنا بالخارج، ويأتي في إطار الرغبة في تطوير الخدمات القنصلية لتصبح سريعة وفاعلة وناجزة، وبصورة تيسر على المواطنين إنجاز معاملاتهم القنصلية المطلوبة. وزير الخارجية يتابع كل صغيرة وكبيرة فى هذا المشروع، ومهتم بانجازه فى أسرع وقت. هناك رغبة حثيثة بالوزارة لإحداث تحول نوعي فى الخدمات المقدمة للمصريين بالخارج، وهذا البرنامج سيحدث تحول جوهري في العلاقة بين السفارة والمواطن المصرى بالخارج. عندما يذهب المواطن للسفارة، فهو يرغب فى تلقى خدمة سريعة وبجودة عالية، ومشروع رقمنة المعاملات القنصلية سيحقق ذلك، ونثق عندما يتم الانتهاء من هذا المشروع أن المواطن سيشعر بالفرق.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق