عواصم- يراوح ملف شمال شرق سورية مكانه على الرغم من مسار التفاوض بين قوات سورية الديمقراطية (قسد) وبين الإدارة في دمشق، والذي لم ينتج عنه حتى هذه اللحظة اختراق في المواقف المتباينة، والشروط التي تعكس رؤى متناقضة للطرفين حول مستقبل سورية.اضافة اعلان
على الصعيد العسكري، ما تزال المواجهات جارية بين غرفة عمليات الحرية التي تضم فصائل الجيش الوطني السوري مستمرة مع قسد قرب منطقة سد تشرين بريف حلب الشرقي، حيث تحظى غرفة العمليات التي تسعى للتقدم باتجاه ريف الرقة بغطاء جوي تركي محدود.
عرض من الإدارة الجديدة لقسد
ووفقا لمصادر مقربة من الإدارة الجديدة في دمشق فقد قامت الأخيرة بتقديم عرض لقسد من أجل حل عقدة شمال شرق سورية، ويتضمن الاعتراف بالحقوق الكردية الثقافية، وتضمينها ضمن الدستور القادم، بالإضافة إلى فتح المجال أمام الأكراد للدخول ضمن مؤسستي الأمن والجيش، مع التأكيد على أن الإدارة لن تكون مركزية وستتيح نطاق عمل للمجالس المحلية لإدارة شؤون المحافظات.
وبحسب المصادر، فإن قسد لم توافق على العرض، وهي تصر على دخول الجيش على أنها كتلة واحدة، وتحافظ على مناطق انتشارها العسكري الحالية، وعرضت على الإدارة مقابل هذا الطرح تسليمها حصة من حقول وآبار النفط.
وتبرر قسد مطالبها بأنها لا تستطيع تفكيك قوتها في ظل المخاوف من اجتياح تركي لمناطقها، وفي ظل عدم اندماج فصائل الجيش الوطني أيضا في وزارة الدفاع، وهي تقرأ موقف الجيش الوطني على أنه في سياق الرغبة التركية باستكمال العمليات العسكرية شمال شرق سورية.
ومن جانبها، رفضت الإدارة في دمشق الموافقة على إبقاء تكتلات داخل الجيش، كما أنها لا ترغب التعاطي مع حقول وآبار النفط على أنها ملف تفاوضي سياسي. وأكدت مصادر إعلامية تابعة لقسد مؤخرا أن اللقاءات ستتجدد بين زعيمها مظلوم عبدي، وقائد الإدارة السورية أحمد الشرع، دون تحديد موعد دقيق.
دخول أربيل على خط الوساطة
دخل الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في إقليم كردستان العراق على خط الوساطة من أجل حل الملف الكردي في سورية، ففي مطلع كانون الثاني (يناير) الحالي وصل القيادي في الحزب ورئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني إلى أنقرة من أجل إيجاد توافقات معها للتحرك بالوساطة.
وبعدها بأسبوع، أوفد رئيس حكومة الإقليم مبعوثه عبد الحميد دربندي إلى القامشلي، واستطاع ترتيب زيارة لقائد قسد إلى أربيل في منتصف الشهر الحالي، حيث التقى مع الزعيم الديمقراطي الكردستاني مسرور بارزاني، حيث جمع هذا اللقاء حليف أنقرة المتمثل ببارزاني، وخصمها اللدود عبدي. وأكدت مصادر في أربيل أن بارزاني بذل جهوده من أجل إقناع عبدي بالعمل على توحيد الموقف الكردي في سورية من خلال التفاهم مع المجلس الوطني الكردي، تمهيدا للاشتراك في الحل السياسي دون الحديث عن حكم ذاتي، لأن الإصرار على المطلب الأخير سيعرض المنطقة للمزيد من العمليات العسكرية التركية.
ومن جهته، أشار عبدي إلى ضرورة استخدام بارزاني لعلاقاته مع الجانب التركي من أجل وقف الهجوم العسكري خاصة في منطقة سد تشرين، ليكون هذا بمنزلة خطوة أولى لإطلاق الحوار.
وتبدي أربيل استعدادها لاستضافات حوار بين شمال شرق سورية وإدارة دمشق، لكن يبدو أن الأخيرة لا ترغب بهذا السيناريو لأنه يظهر نوعا من المساواة السياسية مع قسد، وهذا ما لا ترغب به.
تصعيد باللهجة وحشد عسكري تركي
استمر الجيش التركي منذ منتصف كانون الأول (ديسمبر) 2024 في استقدام التعزيزات العسكرية إلى الحدود على الخط المقابل لمناطق عين العرب وعين عيسى الخاضعة لسيطرة قسد، حيث أكدت تقارير إعلامية تركية أن التعزيزات تضمنت مدرعات وقوات مشاة، وأجهزة خاصة بالتشويش، مما أعطى مؤشرات على احتمالية تنفيذ عمليات عسكرية جديدة في أي وقت.
وخلال الأسابيع الماضية، تصاعد نشاط سلاح الجو التركي، سواء الطيران الحربي أو المسير، وتركزت الهجمات على الخنادق والأنفاق الموجودة في ريف منبج، وخاصة قرب سد تشرين.
وتطالب أنقرة بأن يغادر مقاتلو حزب العمال الكردستاني الأراضي السورية، على أن يسلم باقي مقاتلي قسد أسلحتهم للإدارة السورية.
من جانبه، صعّد الشرع لهجته ضد شمال شرق سورية، وأكد أن الإدارة السورية لن تقبل بتقسيم سورية أو بقاء جماعات خارج سيطرة الدولة، وسبقه وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة بالتلويح بالخيار العسكري إن فشلت المفاوضات، وذلك خلال لقاء صحفي في 22 من شهر كانون الثاني (يناير) الحالي.
الموقف الأميركي
من المعلوم أن قسد تحظى بالرعاية الأميركية الكاملة، إذ تنشر القوات الأميركية العديد من القواعد العسكرية في دير الزور والحسكة والرقة، ويمكن القول إن هذا هو العامل الرئيسي الذي يحول حتى اللحظة دون الحسم العسكري للملف من قبل الإدارة السورية وحليفتها تركيا.
وحدد مبعوث إدارة ترامب السابق إلى سورية جيمس جيفري -صاحب الخبرة الواسعة بالملف السوري، والذي لعب دورا مهما في تقريب وجهات نظر واشنطن مع أنقرة خلال فترة ترامب الأولى- معالم مهمة لموقف الإدارة الأميركية الجديدة فيما يتعلق بمصير قسد.
وأكد جيفري خلال حوار مع قناة الحرة أن واشنطن لم تعد تقدم وعودا لقسد، كما أن أسباب تعاون القوات الأميركية معها والمتمثلة بمحاربة داعش ومنع انتصار روسيا وحماية إسرائيل من إيران لم تعد موجودة بعد أن سقط الأسد.
وأوضح جيفري أن واشنطن لم تعد تدعم فكرة إنشاء جيش منفصل داخل الدولة السورية، وأن الإدارة الأميركية تشجع قسد على التفاوض مع الإدارة السورية الجديدة، وفي الوقت ذاته استبعد أن تسمح واشنطن بعملية عسكرية ضد قسد، وبتقديم المساندة لها إن تعرضت للضغط.
ويبدو أن واشنطن هي الأخرى تعمل على تطوير علاقاتها مع الإدارة السورية خاصة فيما يتعلق بملف مكافحة الإرهاب، حيث نشرت صحيفة واشنطن بوست تقريرا أكدت فيه أن الولايات المتحدة انخرطت في تبادل المعلومات مع هيئة تحرير الشام وبشكل مباشر دون وسيط في اليوم التالي لسقوط الأسد ووصول الهيئة إلى السلطة.
وهذا التطور يعني أن قسد لم تعد هي الطرف الوحيد في سورية الذي تتعاون معه واشنطن في الملف الأهم بالنسبة لها وهو منع عودة تنظيم "داعش".-(وكالات)
على الصعيد العسكري، ما تزال المواجهات جارية بين غرفة عمليات الحرية التي تضم فصائل الجيش الوطني السوري مستمرة مع قسد قرب منطقة سد تشرين بريف حلب الشرقي، حيث تحظى غرفة العمليات التي تسعى للتقدم باتجاه ريف الرقة بغطاء جوي تركي محدود.
عرض من الإدارة الجديدة لقسد
ووفقا لمصادر مقربة من الإدارة الجديدة في دمشق فقد قامت الأخيرة بتقديم عرض لقسد من أجل حل عقدة شمال شرق سورية، ويتضمن الاعتراف بالحقوق الكردية الثقافية، وتضمينها ضمن الدستور القادم، بالإضافة إلى فتح المجال أمام الأكراد للدخول ضمن مؤسستي الأمن والجيش، مع التأكيد على أن الإدارة لن تكون مركزية وستتيح نطاق عمل للمجالس المحلية لإدارة شؤون المحافظات.
وبحسب المصادر، فإن قسد لم توافق على العرض، وهي تصر على دخول الجيش على أنها كتلة واحدة، وتحافظ على مناطق انتشارها العسكري الحالية، وعرضت على الإدارة مقابل هذا الطرح تسليمها حصة من حقول وآبار النفط.
وتبرر قسد مطالبها بأنها لا تستطيع تفكيك قوتها في ظل المخاوف من اجتياح تركي لمناطقها، وفي ظل عدم اندماج فصائل الجيش الوطني أيضا في وزارة الدفاع، وهي تقرأ موقف الجيش الوطني على أنه في سياق الرغبة التركية باستكمال العمليات العسكرية شمال شرق سورية.
ومن جانبها، رفضت الإدارة في دمشق الموافقة على إبقاء تكتلات داخل الجيش، كما أنها لا ترغب التعاطي مع حقول وآبار النفط على أنها ملف تفاوضي سياسي. وأكدت مصادر إعلامية تابعة لقسد مؤخرا أن اللقاءات ستتجدد بين زعيمها مظلوم عبدي، وقائد الإدارة السورية أحمد الشرع، دون تحديد موعد دقيق.
دخول أربيل على خط الوساطة
دخل الحزب الديمقراطي الكردستاني الحاكم في إقليم كردستان العراق على خط الوساطة من أجل حل الملف الكردي في سورية، ففي مطلع كانون الثاني (يناير) الحالي وصل القيادي في الحزب ورئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني إلى أنقرة من أجل إيجاد توافقات معها للتحرك بالوساطة.
وبعدها بأسبوع، أوفد رئيس حكومة الإقليم مبعوثه عبد الحميد دربندي إلى القامشلي، واستطاع ترتيب زيارة لقائد قسد إلى أربيل في منتصف الشهر الحالي، حيث التقى مع الزعيم الديمقراطي الكردستاني مسرور بارزاني، حيث جمع هذا اللقاء حليف أنقرة المتمثل ببارزاني، وخصمها اللدود عبدي. وأكدت مصادر في أربيل أن بارزاني بذل جهوده من أجل إقناع عبدي بالعمل على توحيد الموقف الكردي في سورية من خلال التفاهم مع المجلس الوطني الكردي، تمهيدا للاشتراك في الحل السياسي دون الحديث عن حكم ذاتي، لأن الإصرار على المطلب الأخير سيعرض المنطقة للمزيد من العمليات العسكرية التركية.
ومن جهته، أشار عبدي إلى ضرورة استخدام بارزاني لعلاقاته مع الجانب التركي من أجل وقف الهجوم العسكري خاصة في منطقة سد تشرين، ليكون هذا بمنزلة خطوة أولى لإطلاق الحوار.
وتبدي أربيل استعدادها لاستضافات حوار بين شمال شرق سورية وإدارة دمشق، لكن يبدو أن الأخيرة لا ترغب بهذا السيناريو لأنه يظهر نوعا من المساواة السياسية مع قسد، وهذا ما لا ترغب به.
تصعيد باللهجة وحشد عسكري تركي
استمر الجيش التركي منذ منتصف كانون الأول (ديسمبر) 2024 في استقدام التعزيزات العسكرية إلى الحدود على الخط المقابل لمناطق عين العرب وعين عيسى الخاضعة لسيطرة قسد، حيث أكدت تقارير إعلامية تركية أن التعزيزات تضمنت مدرعات وقوات مشاة، وأجهزة خاصة بالتشويش، مما أعطى مؤشرات على احتمالية تنفيذ عمليات عسكرية جديدة في أي وقت.
وخلال الأسابيع الماضية، تصاعد نشاط سلاح الجو التركي، سواء الطيران الحربي أو المسير، وتركزت الهجمات على الخنادق والأنفاق الموجودة في ريف منبج، وخاصة قرب سد تشرين.
وتطالب أنقرة بأن يغادر مقاتلو حزب العمال الكردستاني الأراضي السورية، على أن يسلم باقي مقاتلي قسد أسلحتهم للإدارة السورية.
من جانبه، صعّد الشرع لهجته ضد شمال شرق سورية، وأكد أن الإدارة السورية لن تقبل بتقسيم سورية أو بقاء جماعات خارج سيطرة الدولة، وسبقه وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة بالتلويح بالخيار العسكري إن فشلت المفاوضات، وذلك خلال لقاء صحفي في 22 من شهر كانون الثاني (يناير) الحالي.
الموقف الأميركي
من المعلوم أن قسد تحظى بالرعاية الأميركية الكاملة، إذ تنشر القوات الأميركية العديد من القواعد العسكرية في دير الزور والحسكة والرقة، ويمكن القول إن هذا هو العامل الرئيسي الذي يحول حتى اللحظة دون الحسم العسكري للملف من قبل الإدارة السورية وحليفتها تركيا.
وحدد مبعوث إدارة ترامب السابق إلى سورية جيمس جيفري -صاحب الخبرة الواسعة بالملف السوري، والذي لعب دورا مهما في تقريب وجهات نظر واشنطن مع أنقرة خلال فترة ترامب الأولى- معالم مهمة لموقف الإدارة الأميركية الجديدة فيما يتعلق بمصير قسد.
وأكد جيفري خلال حوار مع قناة الحرة أن واشنطن لم تعد تقدم وعودا لقسد، كما أن أسباب تعاون القوات الأميركية معها والمتمثلة بمحاربة داعش ومنع انتصار روسيا وحماية إسرائيل من إيران لم تعد موجودة بعد أن سقط الأسد.
وأوضح جيفري أن واشنطن لم تعد تدعم فكرة إنشاء جيش منفصل داخل الدولة السورية، وأن الإدارة الأميركية تشجع قسد على التفاوض مع الإدارة السورية الجديدة، وفي الوقت ذاته استبعد أن تسمح واشنطن بعملية عسكرية ضد قسد، وبتقديم المساندة لها إن تعرضت للضغط.
ويبدو أن واشنطن هي الأخرى تعمل على تطوير علاقاتها مع الإدارة السورية خاصة فيما يتعلق بملف مكافحة الإرهاب، حيث نشرت صحيفة واشنطن بوست تقريرا أكدت فيه أن الولايات المتحدة انخرطت في تبادل المعلومات مع هيئة تحرير الشام وبشكل مباشر دون وسيط في اليوم التالي لسقوط الأسد ووصول الهيئة إلى السلطة.
وهذا التطور يعني أن قسد لم تعد هي الطرف الوحيد في سورية الذي تتعاون معه واشنطن في الملف الأهم بالنسبة لها وهو منع عودة تنظيم "داعش".-(وكالات)
0 تعليق