بينما يصل التوتر والانفعال لعودة ستة أسرى آخرين إلى إسرائيل إلى الذروة في القدس وفي واشنطن يبحثون منذ الآن في المراحل التالية. ليس فقط تلك المتعلقة بالصفقة مع حماس بل في سياق أوسع – في خطوات لتحقيق رؤيا الرئيس الأميركي وخططه للشرق الأوسط.اضافة اعلان
سيلتقي رئيس الوزراء نتنياهو والرئيس ترامب في واشنطن الأسبوع القادم. من الصعب التقليل من أهمية هذا اللقاء. ليس فقط لأن الرسالة التي يطلقها هذا اللقاء لمجرد انعقاده، بعد نحو أسبوعين فقط من ترسيم الرئيس ولقائه الأول في هذه الولاية مع زعيم أجنبي، بل في أهدافه والنتائج المرتقبة منه: تنسيق إستراتيجي بين الدولتين، في سلسلة طويلة من المواضيع الإقليمية والثنائية والتي لها تداعيات بعيدة الأثر، على المديين القصير والبعيد. فالتوجهات التي ستصدر عن هذا اللقاء ستوجه الجهود الرسمية، السياسية والأمنية، في الدولتين.
يصل نتنياهو إلى البيت الأبيض وفي يده قائمة طويلة من الشكر على خطوات وقرارات اتخذها ترامب منذ الأيام الأولى من ولايته. فإضافة إلى صفقة المخطوفين ستضم هذه القائمة قرارات عن تحرير إرساليات القنابل الثقيلة والجرافات لإسرائيل، فرض عقوبات على محكمة الجنايات الدولية في لاهاي، إلغاء العقوبات التي فرضتها إدارة بايدن على منظمات ومواطنين إسرائيليين، وقف التمويل الأميركي للأونروا وبالطبع البادرة الطيبة لنتنياهو بدعوته لهذه الزيارة.
ترامب، الذي أثبت منذ أيامه الأولى بأنه لا يخشى تحطيم الأطر والمنظومات الفكرية، فسيطلب من إسرائيل أن تسمع موقفا واضحا بالنسبة لمبادرته لنقل فلسطينيين من غزة إلى دول أخرى. سيبدي تفهما لصمتها الرسمي في هذا الشأن، لكنه سيشدد بان تأييدها هو شرط لبذل جهود الإدارة لفحص هذا الاتجاه.
ولئن كان في مركز الزيارة ستكون المسألتان "الثقيلتان" – السعودية وإيران، ولكن سرعان ما سيتبين بان كل شيء يرتبط بكل شيء. سيكون من الصعب الفصل بينهما وبين مسائل غزة، الضفة، سورية ولبنان.
بالنسبة للسعودية يبدو أن مطالبها لاتفاق دفاع (مع الولايات المتحدة) ونووي مدني قابلة للحل. العوائق في الطريق للتطبيع ترتبط بمسألة غزة والضفة. نتنياهو سيطلب التفضيل بين الرغبة لاستئناف القتال في غزة وبين استكمال صفقة الأسرى (المرحلة الثانية) والدفع قدما بمفاوضات مع السعودية. في كل صيغة تدعي تحقيق الأهداف الثلاثة سيطالب بالتطرق أيضا للبعد الزمني – في ضوء معانيه.
عالق إضافي هو الطلب السعودي لفتح "مسار سياسي يؤدي إلى دولة فلسطينية". نتنياهو على ما يبدو سيوضح انه بعد 7 أكتوبر الأحاديث عن "دولة فلسطينية" هي جائزة لحماس، فما بالك أن السلطة الفلسطينية بنفسها تدعم بشكل غير مباشر المقاتلين ويصعب عليها التصدي للعمليات حتى في المناطق التي تحت مسؤوليتها مثلما نرى في جنين وطولكرم.
عودة إلى غزة: تصريحات مسؤولي الإدارة بأن حماس لن تحكم في القطاع هي مهمة، لكن هناك ضرورة لايضاحين رئاسيين: الأول – الصراع لا يتلخص في إسقاط حكم حماس. الهدف الأهم هو التجريد المطلق لغزة من قدرات عسكرية ومن كل ما يمكن أن يهدد إسرائيل على مدى الزمن. الثاني: الولايات المتحدة لن تساهم في نموذج سلطوي يسمح لحماس بأن تختبئ خلفه وتعمل برعايته. لقد سبق أن كنا في هذا الفيلم في الساحة اللبنانية، والدروس من هناك ما تزال تكوينا.
وقبل كل شيء – ايران. الولايات المتحدة مطالبة بتغيير فوري للنهج تجاهها. مغازلات إدارة بايدن للإيرانيين زادت جسارتهم واضعفت مكانة الولايات المتحدة في المنطقة كلها. في طهران فسروا هذا كضعف وكبوليصة تأمين لعدم استخدام القوة ضدها. في المنتدى الاقتصادي الذي عقد مؤخرا في دافوس حذر مدير عام وكالة الطاقة الذرية من أن طهران "تضغط على دواسة البنزين في تخصيب اليورانيوم". إيران هي التهديد على السلام والاستقرار في العالم. هجمة الصواريخ على إسرائيل قدمت تجسيدا لذلك. بالمقابل، نجاح إسرائيل والوضع الداخلي الصعب لإيران يثبتان التفاؤل بالنسبة لجدوى الصراع العادل ضدها. ترامب يضرب عينيه لتحقيق سلام إقليمي. وهو لا يمكنه أن يحقق ذلك دون أن يحل المشكلة الإيرانية. عليه أن يخصص زمنا للجهد السياسي (بخاصة قبيل موعد الغاء آلية السناب باك – في أكتوبر القريب القادم) والمواصلة بقوة أكبر من النقطة التي أنهى فيها ولايته الأولى.
التجريد هو المفتاح لتسوية إقليمية جديدة
بقلم: مئير بن شباط
0 تعليق