في أروقة الأمم المتحدة والكنيست يزداد مؤخرا الانشغال بوقف التعاون بين إسرائيل والأونروا. اليوم ستدخل إلى حيز التنفيذ القوانين التي تحظر نشاطات الوكالة في إسرائيل وفي الضفة الغربية وفي قطاع غزة، وتحظر أي علاقة بينها وبين سلطات الدولة. باستثناء التصريحات المتكررة ضد هذه القوانين فانه لا يوجد في أيدي المجتمع الدولي والدول الممولة للوكالة أي طرق ناجعة لمنع هذه العملية.اضافة اعلان
في الايام القريبة القادمة سيغادر إسرائيل حوالي 25 موظف دولي يعملون في الوكالة في الضفة وفي شرقي القدس، بعد انتهاء تأشيرات دخولهم. في القطاع إسرائيل تصمم على عدم السماح لموظفي الأونروا الجدد بالدخول إلى قطاع غزة، لكن الذين يتواجدون فيها لا ينوون المغادرة، وفي الأونروا يخططون لمواصلة العمل هناك طالما يمكن ذلك. الأونروا اعلنت أيضا بأنها لا تنوي إخلاء المباني التي توجد فيها في شرقي القدس رغم طلب صريح من إسرائيل، الذي وجد التأييد الصريح من الولايات المتحدة.
أيضا في إسرائيل لا يوجد حتى الآن أي فهم واضح كيف سيتم تنفيذ هذه القوانين. في جلسة تم عقدها سابقا في لجنة المالية تبين أنهم في بنك إسرائيل لا يعرفون اذا كان واجب قطع العلاقات مع الأونروا يسري أيضا على البنوك. هذا السؤال يمكن أن يتدحرج ويصل إلى المستشارة القانونية للحكومة، والافتراض السائد هو أنه من اجل هذا الموضوع فان البنوك لا يعتبر "سلطة" من سلطات الدولة. ورغم حسب، حسب الأونروا، عمليا قام بنك لئومي بتجميد مبلغ 2.8 مليون دولار يعود للوكالة. ومن غير الواضح هل وكيف ستتعامل الدولة مع رفض الأونروا لإخلاء المباني التابعة لها في شرقي القدس، ويمكن جدا أن هذا السؤال سيصل في نهاية المطاف إلى المحكمة. عندها سيخلق شرك بروح العصر: هل المحكمة، التي بلا شك هي سلطة من سلطات الدولة، مخولة بمناقشة امور تتعلق بالأونروا، التي حسب القوانين الجديدة هي غير مخولة بالاتصال بها.
من غير المعقول والامر السخيف تكمن أيضا حول جوانب اساسية واكثر حيوية تتمثل بالتعاون بين سلطات الدولة والأونروا. في الجيش الإسرائيلي رفضوا الرد أمس، قبل يوم من دخول القوانين إلى حيز التنفيذ، على سؤال هل سيقومون بالاتصال مع الأونروا في حالة تعرض الحياة للخطر، مثلا، عندما تكون حاجة إلى إخلاء سكان في اعقاب عمليات للجيش الإسرائيلي في مخيم لاجئين في الضفة أو في قطاع غزة.
في القدس يقولون إن اسهام الأونروا في الجهود الانسانية في غزة ليست كبيرة مثلما يدعون في الأمم المتحدة. هناك يعرضون بشكل دائم ارقام تقول بأن الأونروا تطعم فعليا نصف سكان القطاع تقريبا، الدور الرئيسي للوكالة في مجال الصحة والتعليم في القطاع وفي الضفة – أيضا في إسرائيل لا ينفون ذلك. إسرائيل تقول إنه لن يكون من الصعب استبدال الأونروا بهيئات اخرى تابعة للامم المتحدة، وأن المعارضة في قيادة المنظمة تنبع من اعتبارات سياسية واعتبارات مناوئة لإسرائيل. في المقابل، في الأمم المتحدة يقولون بأن التفويض الوحيد للاونروا، الذي يمكنها ضمن امور اخرى من تشغيل عشرات آلاف أحفاد اللاجئين الفلسطينيين، غير قابل للاستبدال، وبالتأكيد ليس بقرار اداري. من اجل تغيير الانظمة واستبدال المنظمة التي تأسست في 1949، هناك حاجة إلى قرار جديد من الجمعية العمومية. في كل الحالات لا يبدو أن إسرائيل، أو الأمم المتحدة، يتوقع أن تتراجع عن موقفها في القريب.
الادعاء الرئيسي الذي ترتكز إسرائيل اليه في مطالبتها وقف نشاطات الوكالة هو أن نشاطاتها "مشوبة بالارهاب". الأونروا من ناحيتها تقول إنه باستثناء عشرة موظفين، الذين عرضت إسرائيل أدلة على مشاركتهم في مذبحة 7 اكتوبر، والذين تمت اقالتهم من الوكالة أو قتلوا، لا يوجد في يدها ما يكفي من الأدلة من اجل القول بأن عشرات العاملين الآخرين، الذين عرضت إسرائيل أسماءهم عليها، مرتبطين بحماس. في الأونروا يقولون أيضا بأنهم ما زالوا يحققون في ادعاءات حول عاملين آخرين.
لكن الاتهامات للاونروا ترتبط بشكل مباشر بالدور الرئيسي الذي تقوم به في المجتمع وفي ادارة الفلسطينيين – سواء في الضفة الغربية أو في قطاع غزة. الأونروا، التي هي المشغل الثاني من حيث حجمها في المناطق والتي تلعب دور يشبه دور الدولة خلال عشرات السنين، اصبحت نموذجا في المشهد المجتمعي الفلسطيني، ونتيجة لذلك فان نسيج العاملين فيها يعكس تماهي الكثير من الفلسطينيين مع حماس.
حسب اقوال كثيرين في المجتمع الدولي وفي الوكالة نفسها، فان امكانية الفصل الكامل للاونروا من السياق الحمساوي يمكن أن تتم فقط عند نقل وظائفها لدولة فلسطينية، أو على الاقل للسلطة الفلسطينية، "الدولة التي هي في الطريق". هذا بالضبط هو الحل الذي تقوم حكومة نتنياهو بفعل كل ما في استطاعتها لتعويقه. بنظرة تاريخية – سياسية فانه بالنسبة لإسرائيل احباط نشاطات الأونروا يرتبط كما يبدو بازالة قضية اللاجئين – التي من اجل علاجها اقيمت الوكالة – عن جدول الاعمال. ولكن القضية لا يتوقع أن تنزل عن المنصة بدون اقامة الدولة الفلسطينية. لذلك فان عملية اغلاق الأونروا هي نوع من الخداع، ويتوقع فقط أن تزيد الفوضى في الضفة الغربية وفي قطاع غزة، بالذات في فترة عملية تاريخية دراماتيكية، حيث إسرائيل تحتاج جدا إلى الهدوء والنظام مهما كان ذلك هشا.
قوانين الأونروا لن تخفي اللاجئين
بقلم: روزا روزنسكي
0 تعليق