الهاتف الذكي جزء لا يتجزأ من الحياة اليومية، لكن الحديث عن آثاره السلبية على الأطفال يزداد يوما بعد يوم، ويثير جدلا واسعا بين الأهل والخبراء.
تتعدد الدراسات الطبية والنفسية التي تحذر من تأثيره على الأطفال، ومنها الاضطرابات النفسية والعصبية التي قد يسببها، إضافة إلى كونه سببا رئيسيا لآلام العضلات والعظام منذ الصغر.اضافة اعلان
في هذا السياق، تؤكد الطبيبة النفسية للأطفال البريطانية، الدكتورة إيميلي سمهير، في مقال نشر مؤخرا في صحيفة الغارديان، أن منح الأطفال هواتف ذكية قبل سن 16 عاما، يعد "إجبارا مبكرا على النضوج". وترى أن التطور العقلي لدى الإنسان يبدأ بين سن 16 و25 عاما، بينما يعتمد الأطفال قبل ذلك على العاطفة في التفكير واتخاذ القرارات، مما يجعلهم غير مستعدين للتعامل مع العالم الرقمي بوعي كاف.
وتشدد سمهير، على أن هذا التحذير ليس مجرد تخوفات نظرية، بل يرتكز على آثار سلبية مثبتة على المستويات العقلية، العصبية، النفسية والاجتماعية.
منح الأطفال الهواتف الذكية قد يبدو قرارا بسيطا من جانب الأهل، لكنه في الواقع يشكل عبئا نفسيا اجتماعيا كبيرا على الطفل.
وتؤكد الدراسات أن إعطاء الأطفال الهواتف الذكية قبل سن السادسة عشرة قد يعد إجبارا مبكرا على النضوج، مما يجعلهم غير مستعدين للتعامل مع العالم الرقمي بوعي كاف. هذا التحذير ليس مجرد افتراض، بل يستند إلى آثار سلبية مثبتة على المستويات العقلية، العصبية، النفسية والاجتماعية.
أمينة، وهي أم لطفلين، تحدثت عن تجربتها مع ابنها البالغ من العمر 12 عاما، قائلة: "اشتريت له هاتفا ذكيا منذ عامين ليكون مثل أقرانه. كنت أعتقد أنني أقدم له أداة للمرح والتعلم، لكنني لاحظت مع مرور الوقت تغيرات في سلوكه. أصبح أكثر انطواء، ويقضي معظم وقته منعزلا في غرفته أمام الشاشة".
وتضيف أمينة، أن ابنها كان طفلا اجتماعيا ومفعما بالحيوية، لكن الهاتف سلبه اهتمامه بالنشاطات العائلية وأبعده عن أصدقائه في الواقع.
تكررت هذه التجربة مع سامر، وهو أب لطفلة تبلغ 11 عاما، حيث يقول: "قررت شراء هاتف لابنتي خلال فترة الجائحة لتتمكن من متابعة دروسها عن بعد. في البداية، بدت الأمور تحت السيطرة، لكنها سرعان ما أصبحت مدمنة على الهاتف".
ويضيف، أنه لاحظ تقليدها لمقاطع الفيديو التي تشاهدها على منصات مثل "تيك توك"، وتحول سلوكها إلى عناد مستمر عندما يحاول تقنين استخدامها للهاتف.
من جانبه، يؤكد اختصاصي علم الاجتماع، الدكتور حسين خزاعي، أن هذه الحالات ليست معزولة، مشيرا إلى أن تعرض الأطفال للتكنولوجيا في سن مبكرة يؤدي إلى فقدان تدريجي لمهارات التواصل الواقعي.
ويوضح أن التفاعل المباشر مع الآخرين يصبح أكثر صعوبة، مما يسبب عزلة اجتماعية متزايدة وضعفا في العلاقات العائلية. كما أن هذا التأثير يمتد إلى الهوية الشخصية للأطفال، حيث يصبحون أكثر اعتمادا على التقدير الخارجي عبر منصات التواصل الاجتماعي، بدلا من بناء ثقتهم بأنفسهم من خلال التجارب الواقعية.
اختصاصي علم النفس، الدكتور موسى مطارنة، يوضح أن التعرض المستمر للتكنولوجيا في عمر مبكر يعطل النمو الطبيعي للدماغ، خاصة في المناطق المسؤولة عن التحكم بالعواطف واتخاذ القرارات.
ويشير إلى أن هذا الأمر يجعل الأطفال أكثر عرضة لاضطرابات مثل القلق والاكتئاب، إضافة إلى الضغوط النفسية الناتجة عن التنمر الإلكتروني أو التعرض لمحتوى غير ملائم. ويضيف أن العديد من الأطفال يجبرون على مشاهدة إعلانات لا تناسبهم، وأحيانا ذات طابع غير لائق، أثناء استخدامهم للألعاب الإلكترونية.
من جهتها، تؤكد التربوية والمرشدة النفسية، رائدة الكيلاني، أن الهواتف الذكية أصبحت تحديا كبيرا للآباء. وتقول: "الأطفال الذين يعتادون على استخدام الهواتف يفقدون القدرة على التركيز والانضباط، وهذا ما يشتكي منه الأهل والمعلمون بشكل متزايد، وكأن عقولهم في مكان آخر".
ووفق الكيلاني، فإن الاستخدام المفرط للتكنولوجيا يؤثر سلبا على تحصيل الأطفال الدراسي، ويعيق تطور مهارات التفكير النقدي. وتشير إلى أن الوقت الذي يهدر أمام الشاشات يمكن استغلاله في أنشطة أكثر فائدة، مثل القراءة أو اللعب مع الأقران.
وتوضح أن المحتوى الذي يشاهده الأطفال يساهم في تشتيت انتباههم، مما ينعكس على أعصابهم، نفسيتهم، وسلوكهم. فسرعة الحركة في المقاطع المصورة، وكثرة الحديث، والمحتوى العشوائي، والأصوات العالية والمتسارعة، كلها عوامل مربكة لعقل الطفل، خاصة في مرحلة النمو والتطور.
ورغم التحذيرات المستمرة التي تطرح في الندوات المدرسية، ووسائل الإعلام، ومنصات التواصل الاجتماعي، ما يزال العديد من الأهالي يشعرون بالحيرة بين تلبية رغبات أطفالهم وبين تجنب شعورهم بالعزلة مقارنة بأقرانهم، مما يدفعهم أحيانا إلى تقديم الهواتف كحل سريع. لكن سرعان ما تتزايد مشاعر القلق والندم لدى الأهل، عندما تبدأ ملامح التأثير السلبي بالظهور.
تعود أمينة لتؤكد هذا الشعور بقولها: "ظننت أنني أجعله أكثر سعادة، لكنه أصبح غريبا عني وعن العائلة.. أتمنى لو أنني انتظرت قليلًا".
وفي هذا السياق، يشدد خبراء علم النفس والتربية، على أن التوازن هو الحل الأمثل، مشيرين إلى أن الهاتف ليس عدوا للطفل، لكنه أيضا لا يمكن أن يكون بديلا عن العلاقات العائلية والأنشطة الواقعية.
ويؤكدون أن التوجيه الصحيح والمراقبة الواعية، يمكن أن يقللا من الأضرار، ويضمنان استفادة الأطفال من التكنولوجيا من دون أن تصبح عبئا على نموهم النفسي الاجتماعي.
تتعدد الدراسات الطبية والنفسية التي تحذر من تأثيره على الأطفال، ومنها الاضطرابات النفسية والعصبية التي قد يسببها، إضافة إلى كونه سببا رئيسيا لآلام العضلات والعظام منذ الصغر.اضافة اعلان
في هذا السياق، تؤكد الطبيبة النفسية للأطفال البريطانية، الدكتورة إيميلي سمهير، في مقال نشر مؤخرا في صحيفة الغارديان، أن منح الأطفال هواتف ذكية قبل سن 16 عاما، يعد "إجبارا مبكرا على النضوج". وترى أن التطور العقلي لدى الإنسان يبدأ بين سن 16 و25 عاما، بينما يعتمد الأطفال قبل ذلك على العاطفة في التفكير واتخاذ القرارات، مما يجعلهم غير مستعدين للتعامل مع العالم الرقمي بوعي كاف.
وتشدد سمهير، على أن هذا التحذير ليس مجرد تخوفات نظرية، بل يرتكز على آثار سلبية مثبتة على المستويات العقلية، العصبية، النفسية والاجتماعية.
منح الأطفال الهواتف الذكية قد يبدو قرارا بسيطا من جانب الأهل، لكنه في الواقع يشكل عبئا نفسيا اجتماعيا كبيرا على الطفل.
وتؤكد الدراسات أن إعطاء الأطفال الهواتف الذكية قبل سن السادسة عشرة قد يعد إجبارا مبكرا على النضوج، مما يجعلهم غير مستعدين للتعامل مع العالم الرقمي بوعي كاف. هذا التحذير ليس مجرد افتراض، بل يستند إلى آثار سلبية مثبتة على المستويات العقلية، العصبية، النفسية والاجتماعية.
أمينة، وهي أم لطفلين، تحدثت عن تجربتها مع ابنها البالغ من العمر 12 عاما، قائلة: "اشتريت له هاتفا ذكيا منذ عامين ليكون مثل أقرانه. كنت أعتقد أنني أقدم له أداة للمرح والتعلم، لكنني لاحظت مع مرور الوقت تغيرات في سلوكه. أصبح أكثر انطواء، ويقضي معظم وقته منعزلا في غرفته أمام الشاشة".
وتضيف أمينة، أن ابنها كان طفلا اجتماعيا ومفعما بالحيوية، لكن الهاتف سلبه اهتمامه بالنشاطات العائلية وأبعده عن أصدقائه في الواقع.
تكررت هذه التجربة مع سامر، وهو أب لطفلة تبلغ 11 عاما، حيث يقول: "قررت شراء هاتف لابنتي خلال فترة الجائحة لتتمكن من متابعة دروسها عن بعد. في البداية، بدت الأمور تحت السيطرة، لكنها سرعان ما أصبحت مدمنة على الهاتف".
ويضيف، أنه لاحظ تقليدها لمقاطع الفيديو التي تشاهدها على منصات مثل "تيك توك"، وتحول سلوكها إلى عناد مستمر عندما يحاول تقنين استخدامها للهاتف.
من جانبه، يؤكد اختصاصي علم الاجتماع، الدكتور حسين خزاعي، أن هذه الحالات ليست معزولة، مشيرا إلى أن تعرض الأطفال للتكنولوجيا في سن مبكرة يؤدي إلى فقدان تدريجي لمهارات التواصل الواقعي.
ويوضح أن التفاعل المباشر مع الآخرين يصبح أكثر صعوبة، مما يسبب عزلة اجتماعية متزايدة وضعفا في العلاقات العائلية. كما أن هذا التأثير يمتد إلى الهوية الشخصية للأطفال، حيث يصبحون أكثر اعتمادا على التقدير الخارجي عبر منصات التواصل الاجتماعي، بدلا من بناء ثقتهم بأنفسهم من خلال التجارب الواقعية.
اختصاصي علم النفس، الدكتور موسى مطارنة، يوضح أن التعرض المستمر للتكنولوجيا في عمر مبكر يعطل النمو الطبيعي للدماغ، خاصة في المناطق المسؤولة عن التحكم بالعواطف واتخاذ القرارات.
ويشير إلى أن هذا الأمر يجعل الأطفال أكثر عرضة لاضطرابات مثل القلق والاكتئاب، إضافة إلى الضغوط النفسية الناتجة عن التنمر الإلكتروني أو التعرض لمحتوى غير ملائم. ويضيف أن العديد من الأطفال يجبرون على مشاهدة إعلانات لا تناسبهم، وأحيانا ذات طابع غير لائق، أثناء استخدامهم للألعاب الإلكترونية.
من جهتها، تؤكد التربوية والمرشدة النفسية، رائدة الكيلاني، أن الهواتف الذكية أصبحت تحديا كبيرا للآباء. وتقول: "الأطفال الذين يعتادون على استخدام الهواتف يفقدون القدرة على التركيز والانضباط، وهذا ما يشتكي منه الأهل والمعلمون بشكل متزايد، وكأن عقولهم في مكان آخر".
ووفق الكيلاني، فإن الاستخدام المفرط للتكنولوجيا يؤثر سلبا على تحصيل الأطفال الدراسي، ويعيق تطور مهارات التفكير النقدي. وتشير إلى أن الوقت الذي يهدر أمام الشاشات يمكن استغلاله في أنشطة أكثر فائدة، مثل القراءة أو اللعب مع الأقران.
وتوضح أن المحتوى الذي يشاهده الأطفال يساهم في تشتيت انتباههم، مما ينعكس على أعصابهم، نفسيتهم، وسلوكهم. فسرعة الحركة في المقاطع المصورة، وكثرة الحديث، والمحتوى العشوائي، والأصوات العالية والمتسارعة، كلها عوامل مربكة لعقل الطفل، خاصة في مرحلة النمو والتطور.
ورغم التحذيرات المستمرة التي تطرح في الندوات المدرسية، ووسائل الإعلام، ومنصات التواصل الاجتماعي، ما يزال العديد من الأهالي يشعرون بالحيرة بين تلبية رغبات أطفالهم وبين تجنب شعورهم بالعزلة مقارنة بأقرانهم، مما يدفعهم أحيانا إلى تقديم الهواتف كحل سريع. لكن سرعان ما تتزايد مشاعر القلق والندم لدى الأهل، عندما تبدأ ملامح التأثير السلبي بالظهور.
تعود أمينة لتؤكد هذا الشعور بقولها: "ظننت أنني أجعله أكثر سعادة، لكنه أصبح غريبا عني وعن العائلة.. أتمنى لو أنني انتظرت قليلًا".
وفي هذا السياق، يشدد خبراء علم النفس والتربية، على أن التوازن هو الحل الأمثل، مشيرين إلى أن الهاتف ليس عدوا للطفل، لكنه أيضا لا يمكن أن يكون بديلا عن العلاقات العائلية والأنشطة الواقعية.
ويؤكدون أن التوجيه الصحيح والمراقبة الواعية، يمكن أن يقللا من الأضرار، ويضمنان استفادة الأطفال من التكنولوجيا من دون أن تصبح عبئا على نموهم النفسي الاجتماعي.
0 تعليق