خبراء: تصاعد التوترات يهدد استقرار لبنان ويعقّد الوضع السياسي

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تشهد الأوضاع في لبنان توترًا متزايدًا في الآونة الأخيرة مع استمرار الاحتلال في خرق اتفاق وقف إطلاق النار بين تل أبيب وحزب الله اللبناني، ما يزيد من المخاوف بشأن انهيار الاتفاق.

هذا التصعيد يأتي بعد انتهاء مهلة الـ60 يومًا المقررة لانسحاب قوات الاحتلال من المناطق الجنوبية وانتشار الجيش اللبناني بدلًا منه.

واتهمت السلطات اللبنانية إسرائيل بأنها "تماطل" في تنفيذ قرار الانسحاب، خاصة بعد إعلان جيش الاحتلال عن إعادة انتشاره في بعض المناطق التي كان من المفترض أن ينسحب منها هذا التصعيد يثير تساؤلات حول مصير الاتفاق ومدى إمكانية انهياره.

وفي وقت سابق، تحدث الجيش اللبناني عن استمرار الاعتداءات الإسرائيلية في المناطق الحدودية الجنوبية، مؤكدًا أن قواته تواصل الانتشار في بلدات جنوبية بعد انسحاب قوات الاحتلال منها.

وكشف خبراء سياسيون لـ"الدستور" عن سيناريوهات الوضع المقبل في لبنان، مؤكدين أن التوترات المستمرة والخرق الإسرائيلي لاتفاق وقف إطلاق النار تثير المخاوف من انهيار الاتفاق وأضافوا أن الوضع قد يتصاعد، مع تمسك لبنان بوقف إطلاق النار، إلا أن حزب الله يرفض تمديد الهدنة، مما يعقد الوضع الأمني والسياسي.

خليل القاضي: الاحتلال لم يلتزم بالهدنة

وقال المحلل السياسي اللبناني خليل القاضي، إن الاحتلال لم يلتزم طوال فترة الـ60 يومًا الماضية، وما حدث من تمديد كان وكأنه فرض على لبنان، لافتًاَ أن حتى الرئيس نبيه بري، رئيس مجلس النواب، أبدى انزعاجه من الطريقة التي تم بها ما أُطلق عليه التمديد، خصوصًا أنه جاء من الطرف الأمريكي وكأنه تلبي لرغبات الاحتلال الإسرائيلي.

وأوضح القاضي للدستور أن المسألة ليست في كيفية الرد، حيث أكد حزب الله على لسان الأمين العام، الشيخ نعيم قاسم، في تصريح له قبل يومين أن المقاومة تعتبر أن وقف إطلاق النار انتهى، ولا تعترف بأي تمديد. وأضاف أن بقاء القوات الاحتلال الإسرائيلي في القرى والبلدات اللبنانية هو مجرد احتلال وانتهاك للسيادة اللبنانية. وبالتالي، أوضح القاضي أن حزب الله سيتعامل مع الموقف وفقًا للظروف، دون أن يكشفوا عن كيفية التعاطي مع هذا الأمر.

وأشار القاضي إلى أنه في الساعات الأولى لوقف إطلاق النار، توافد الأهالي على القرى والبلدات الجنوبية، لا سيما الشريط الحدودي، وهو ما أزعج الاحتلال الإسرائيلي إلى حد أنه أطلق النار مباشرة على صدور ورؤوس الأهالي، مما أسفر عن استشهاد وجرح العديد منهم، مؤكدًا أن الاحتلال كان يخشى المشهد، مشهد انتصار الشعب اللبناني على الاحتلال الإسرائيلي، رغم كل التحذيرات. وأضاف أن الأهالي عادوا إلى بيوتهم، حتى إن البعض، أو الغالبية، عادوا إلى بيوت مدمرة بشكل كامل، لكنهم أرادوا نصب خيم للعيش في أرضهم، لأنها أرضهم.

الاستفزازات الإسرائيلية مستمرة

وأكد القاضي أن الاستفزازات مستمرة، خاصة قصف النبطية في منطقة زعتر الشرقية، إذ يسعى الاحتلال من خلالها إلى إثارة غضب المقاومة وجرها إلى مواجهة جديدة لظهور العالم وكأن المقاومة هي من تحرض وتذهب إلى وقف الحرب.

وقال إنه حتى هذه الساعة، هناك حكمة في تعاطي المقاومة والدولة اللبنانية مع الوضع، خصوصًا مع اعتراض رئيس الجمهورية جوزيف عون، وبدء سلسلة اتصالات دبلوماسية لضبط الأمور في الجنوب ومنع انزلاقها إلى ما لا تحمد عقباه.

وأكد القاضي أن التصعيد المتوقع ليس ناتجًا عن رغبة حزب الله في العودة إلى الحرب، بل هو جزء من محاولة من الاحتلال وحكومة بنيامين نتنياهو لتخفيف وجه الهزيمة، لاسيما بعد عودة الأهالي إلى الجنوب اللبناني، في وقت تعجز فيه حكومة نتنياهو عن إعادة المستوطنين إلى المستعمرات في شمال فلسطين المحتلة رغم كل التقديمات والعروض. وأوضح أن هذا الأمر مرتبط أيضًا بالفشل الإسرائيلي في إعادة المستوطنين إلى مستوطنات غلاف غزة.

الحرب الشاملة غير محتملة

وأكد القاضي أن المعطيات تشير إلى عدم وجود حرب قادمة، لكننا نتعامل مع حكومة في الكيان غير مستقرة، ولا نعلم إلى أين ستصل الأمور. وقال إنه قد تجر المنطقة إلى حرب إقليمية، لكن هناك التزام بعدم إعطاء الاحتلال الإسرائيلي وحكومة نتنياهو أي فرصة لإشعال المنطقة".

محمد الرز: الحكومة اللبنانية تمسكت بوقف النار

من جانبه، قال الصحفي اللبناني محمد الرز، إن هذه ليست المرة الأولى التي تخرق فيها إسرائيل اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان منذ إقراره في نوفمبر الماضي، حيث تجاوز عدد الخروقات الـ1350 وفقًا لتقارير اللجنة الخماسية المكلفة بالإشراف على تطبيق الاتفاق، برئاسة الضابط الأميركي جيفرز.

وأضاف الرز للدستور أن الحكومة اللبنانية تمسكت بوقف النار استنادًا إلى توافق مع ممثل الثنائي الشيعي، الرئيس نبيه بري، الذي لا يزال حتى الآن ناطقًا باسم هذا الثنائي، رغم بعض الفوارق بين مواقفه ومواقف حزب الله، خاصة لجهة تمديد مفاعيل وقف النار حتى 18 فبراير المقبل، في وقت أعلن فيه حزب الله رفضه لهذا التمديد.

وأشار الرز إلى أن التباين الآخر ظهر في رفض الرئيس بري المشاركة في مواكب السيارات والدراجات النارية في مناطق بيروت وجبل لبنان ذات الثقل المسيحي والسني، والتي كانت ترفع رايات حزب الله وتردد شعاراته، معتبرًا إياها استفزازًا خطيرًا للسلم الأهلي الداخلي في لبنان.

وأكد الرز أن هذه الوقائع تشير إلى أمرين؛ الأول تمسك الرئيس نبيه بري بالمواجهة السياسية والدبلوماسية للخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف النار، والثاني ذهاب حزب الله إلى التماهي مع الموقف الإيراني بشأن المفاوضات مع الولايات المتحدة الأميركية حول الملف النووي بمواقف سياسية تصعيدية حتى الآن، مع رجحان ألا تتجاوز ذلك إلى مسار قتالي، خاصة بعد عودة آلاف اللبنانيين إلى قراهم وبلداتهم الجنوبية، حيث لا تستطيع أي جهة تحمل مسؤولية إعادة تهجيرهم، في الوقت الذي يثبت فيه الجيش اللبناني قدرته، رغم قلة إمكانياته، على السيطرة الأمنية.

واشنطن وتهدئة الجبهة اللبنانية - الإسرائيلية

أوضح الرز أن الواضح حتى الآن أن الولايات المتحدة الأميركية ماضية في تهدئة الجبهة اللبنانية الإسرائيلية، وينتظر المسؤولون اللبنانيون ما سيسفر عنه لقاء الرئيس دونالد ترامب مع رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أوائل فبراير المقبل، حيث سيتحدد بنتيجته مصير الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف النار، وما إذا كانت ستستمر باتجاه إقامة منطقة عازلة داخل الأراضي اللبنانية أو ستتوقف وتتجه نحو الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الجنوب اللبناني، تطبيقًا للقرار الأممي 1701".

مصطفى علوش: لايمكن الذهاب لسيناريو الحرب

فيما قال د.مصطفى علوش، عضو المكتب السياسي بتيار المستقبل اللبناني، إنه من الواضح أن خفايا الاتفاق الذي أفضى إلى وقف إطلاق النار تحتوي على ما يلزم لبنان بخصوص خروج حزب الله العسكري بالكامل من جنوب الليطاني، وبالتالي يبدو أن الدولة اللبنانية محرجة بموقفها، ومن هنا جاء قبولها بتمديد مدة الهدنة.

وأكد علوش لـ"الدستور" أنه لا يرى إمكانية لعودة الحرب بالمعطيات الحالية، وذلك ليس لأن إسرائيل ملتزمة، بل لأن حزب الله عاجز عن المواجهة إلا باستخدام المدنيين العزل كدروع بشرية كما حدث خلال الأيام الماضية.

أضاف علوش:"المفروض أن يلتزم الأهالي الراغبين في العودة بتوجيهات الدولة اللبنانية وترك مسألة العمل على انسحاب الجيش الإسرائيلي للجنة المراقبة، وعدم المغامرة بأرواح الناس في مواجهة عدو لا يقيم وزنًا للبشر".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق