أثارت التصريحات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والتي كررها وشدّد فيها على ضرورة أن تستقبل جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية الهاشمية، الفلسطينيين، من سكان غزة، استنكاراً وتنديداً على كافة المستويات الخليجية والإقليمية والعربية والدولية، لاسيما مع تأكيده بالقول "فعلنا الكثير من أجلهم "مصر والأردن" وسيفعلون ما طلبناه"، حيث نوه إلى "ضرورة تحويل القطاع إلى مشروع "ريفييرا الشرق الأوسط" بعد إعادة توطين الفلسطينيين في أماكن أخرى"، دون أن يدرك أن ما يتحدث عنه يُعدّ انتهاكاً للقانون الإنساني والدولي، بل إنه يعبّد الطريق لتصفية القضية الفلسطينية، وهو ما لا ولن يقبله العرب والمسلمون.
والمتتبّع لتاريخ الرجل مع القضية الفلسطينية، ربما لا يستغرب مثلي، من تصريحات وقرارات ترامب، خاصة أنه إذا ما راجعنا تاريخ الرجل فيما يتعلّق بدعمه الكامل والثابت لإسرائيل، حيث سنجد أنه كان دائماً ضد الفلسطينيين وضد الشعب الفلسطيني، فعلى سبيل المثال، في 6 ديسمبر 2017، أعلن ترامب اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل، لأول مرة، ووصف هذا التحرّك بأنه "خطوة متأخرة جداً من أجل دفع عملية السلام في الشرق الأوسط والعمل باتجاه التوصل إلى اتفاق دائم". وقد أثارت هذه الخطوة حفيظة دول عربية وغربية، لاسيما وأنه أول رئيس أمريكي يُقدِم على تلك الخطوة.
وفي فبراير 2018، أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية هيذر ناورت، أن مقرّ السفارة الأمريكية في إسرائيل سيُنقل رسمياً من تل أبيب إلى القدس بالتزامن مع الذكرى السبعين لقيام الدولة العبرية في مايو 2018.
وفي وقت سابق، وقبل أيام وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أمراً تنفيذياً، يقضي بانسحاب الولايات المتحدة من المشاركة في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، كما قرّر وقف أي تمويل أمريكي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، بحسب ما نقلت وكالة "رويترز" للأنباء.
ليس هذا فحسب، بل وقّع أمراً تنفيذياً أيضاً بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية، مدّعياً أن المحكمة "انخرطت في أعمال غير مشروعة ولا أساس لها استهدفت الولايات المتحدة وحليفتها الوثيقة إسرائيل".
ثم جاءت تصريحات رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو لتصبّ الزيت على النار، ولتشعل فتيل الأزمات من جديد، حيث نقلت صحيفة "جيروسالم بوست" الإسرائيلية عن نتنياهو قوله "إن السعوديين قادرون على إنشاء دولة فلسطينية في السعودية، فهم يملكون الكثير من الأراضي هناك"، في خطوة غير مسؤولة أثارت غضباً خليجياً وعربياً وإسلامياً ودولياً.
من هذا المنطلق جاء تكثيف الاتصالات بين الدول العربية وبينها مملكة البحرين بطبيعة الحال بشأن المستجدات في قطاع غزة، والمشاورات لعقد قمة عربية طارئة تستضيفها القاهرة في 27 فبراير الجاري، لبحث التطورات والمستجدات الخطيرة للقضية الفلسطينية، لاسيما وأن مواجهة مخطط تهجير الفلسطينيين سوف يكون أبرز القضايا على طاولة القمة الطارئة.
ولقد جاء إعلان وزارة الخارجية المصرية، "إجراء اتصالات مكثفة في إطار تنسيق المواقف العربية، والتشاور بشأن مستجدات القضية الفلسطينية والأوضاع الكارثية في القطاع والضفة الغربية، حيث شملت الاتصالات مملكة البحرين "الرئيس الحالي للقمة العربية"، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والكويت، وسلطنة عمان، وغيرها من الدول العربية، حيث تمّ التوافق على تكثيف الاتصالات واستمرار التشاور والتنسيق، خاصة ما يتعلّق بضمان استدامة اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وتنفيذ كل بنوده بمراحله الزمنية الثلاث، ونفاذ المساعدات الإنسانية بوتيرة متسارعة، والمساعي للمضي قُدماً في مشروعات وبرامج التعافي المبكّر وإزالة الركام وإعادة الإعمار، دون خروج الفلسطينيين من غزة.
إن التوافق والإجماع العربي على رفض تهجير الشعب الفلسطيني من أراضيه، وضرورة تسريع جهود الإغاثة وإعادة إعمار قطاع غزة، من أبرز القضايا والملفات التي سوف تتناولها القمة الطارئة والتي يعوّل عليها العرب والمسلمون من أجل نصرة إخوانهم الفلسطينيين في ظل ما يحاك بهم، خاصة وأن الموقف الخليجي والعربي والعالمي والأممي يندّد باقتراحات دونالد ترامب ويُدين ويستنكر التصريحات غير المسؤولة لبنيامين نتنياهو في ظل سعيهما الحثيث إلى توجيه ضربة قاصمة للسلام في الشرق الأوسط بتصفية القضية الفلسطينية.
0 تعليق