أحدثك عن الشجاعة فأقوى أنا

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

حزن ابني كثيراً بعد تعرّضه لموقف سيئ في المدرسة مع أحد زملائه، لجأ إليّ كعادته يبحث في كلماتي عن قوة تساعده لتخطّي الموقف، جلست أستمع إليه وأنا قلبي مثقل بكلمات لا تقال، أنظر إليه وهو يحكي بكلمات مخنوقة وأنتظر أن تنتهي فصول حكايته لأبدأ أنا كعادتي أحدثه عن الحياة وكيف علينا أن نحياها بأمل وحب وسعادة وأن نواجه عقباتها بقلب قوي وشجاعة وذكاء، أخذت أحدثه عن الأيام وكيف نعكس كل موقف ليكون معنا لا ضدنا، حدثته عن القوة الخفية في قلوبنا التي كلما امتلأت بالإيمان ازدادت شجاعة كل يوم.جلس ابني وهو ينظر إليّ وعيناه تمتلئ بالأمل شيئاً فشيئاً، وتحولت ملامح وجهه العابس وأخذ يبتسم، لحظات وانزاحت تلك الأزمة وامتلأ قلبه الصغير بالسعادة، أنا لم انتهِ بعد كنت مازلت أتحدث وأتحدث في حين بدأ هو ينظر إليّ مدّعياً الاهتمام وهو ينتظر بفارغ الصبر أن أنتهي ليذهب ويلعب مع أصدقائه، أدركت أنني أطلت الحديث فصمتُّ وسمحت له بالذهاب، جلست أفكر بكلماتي هل صدقت؟ هل كان ما أقوله لابني حقيقة؟ هل صحيح أن قلوبنا كلما امتلأت بالإيمان كلما ازدادت قوة؟ لِم إذاً نضعف؟ لِم نسمح لشخص ما أو موقف ما أن يؤلمنا فينزع منا أمننا ويُشعرنا بالضعف والهوان؟ كثيرة هي التساؤلات والجواب واحد، نعم نحن أقوياء، لم نخلق ضعفاء ولم نخلق لنسمح لأحد أن يسلب منّا تلك القوة التي منحها الله لنا، نحن خُلقنا بقدرة هائلة على مواجهة كل الصعاب، يقال «كل مُرّ سيمُر» لا يبقى شيء على حال ولا شيء دائم، حتى نحن راحلون.ابني فهم خطأ أنني كنت أشجّعه ليقوى ويواجه هذه الحياة بقلب شجاع قوي لا يُهزم، لم يعلم أنني كنت أكلّمه عن الشجاعة لأقوى أنا، نستيقظ كل صباح على أمل أن يكون اليوم الجديد هو بداية جديدة، نسعى ونجتهد في محاولة لنترك أثراً في هذا العالم ولكننا وبلا إرادة منا تهزمنا لحظات الضعف فيرسل الله لنا من هو بحاجة للدعم والمساعدة، لا لأنه بحاجه حقيقية إلينا، إنما أرسله الله لنا لنقوى نحن وليس العكس. إن مساعدتك لأيٍّ كان سواء أكان طفلاً صغيراً أو صديقاً أو مقرّباً ما هي إلا مساعدة لنفسك أنت، لا تظن أنك كنت السبب في قوّتهم، بل العكس، كانوا هم من لجؤوا إليك ليمدّوا لك يد العون، أنت تزرع فيهم الأمل بكلماتك لكنّك في الحقيقة من يحصد.إن مبدأ العطاء في حدّ ذاته يعني «الأخذ»، أنت تُعطي ولكنّك في الحقيقة من يأخذ، نعم أن تُعطي من وقتك من كلماتك ومن قلبك ومن مالك لكنّك في النهاية من يستفيد، وكلما أعطيت أكثر كلما أخذت أكثر، والأغرب من ذلك أن عطاءك هذا كلما كان برغبة حقيقية في المساعدة كلما كان العائد منه أكبر، تُحدّث إنساناً عن القوة فتقوى أنت، تحلّ مشكلة ما لأحدهم فتحلّ في مقابلها مشكلة لك، وقس على ذلك كل ما تتعرّض له من مواقف تتطلّب منك مساعدة أحدهم، واسأل نفسك هذا السؤال، لم لجأ إليّ أنا بالذات؟ وحينها ستعرف الإجابة.الخلاصة: تذكّر كل تلك اللحظات التي ساعدت فيها محتاجاً، تذكّر كيف كان شعورك قبلها وبعدها ستعرف أنه لجأ إليك ليساعدك أنت وليس العكس، مساعدة الناس ومدّ يد العون لهم بأي طريقة كانت ما هي إلا مساعدة لنفسك. في لحظات ضعفك سترى الله يرسل لك من هو بحاجة للدعم والمساعدة، لا لأنه بحاجه إليك، إنما أرسَلَهُ لك رحمة لأنك أنت من هو في أَمَسّ الحاجة لأن يقوى.

إخترنا لك

0 تعليق