اللعب مع الصغار!

عكاظ 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
شهدت السعودية، في الآونة الأخيرة، زيادة كبيرة في إقبال الأطفال والمراهقين على الألعاب الإلكترونية والرقمية. ووفقاً لدراسة أجرتها جامعة الملك سعود، بعنوان (إدمان الألعاب الإلكترونية لدى الأطفال والمراهقين)، أظهرت النتائج أن «70% من الأطفال في أعمار تراوح بين 6 و18 عاماً يقضون ما لا يقل عن 3 ساعات يومياً في الألعاب الإلكترونية»، كما تشير دراسة من جامعة الطائف بعنوان (الأثر الأكاديمي للألعاب الإلكترونية)، أن «55% من الطلاب الذين يقضون أكثر من 5 ساعات أسبوعياً في الألعاب الإلكترونية يعانون من تدهور في التحصيل الدراسي، مع انخفاض يصل إلى 30% في نسبة النجاح في موادهم الدراسية». ووجدت دراسة أخرى من جامعة الملك عبدالعزيز بجدة، بعنوان (الصحة النفسية وعلاقتها بإدمان الألعاب الإلكترونية)، أن «40% من المراهقين الذين شملتهم الدراسة يشعرون بتأثيرات سلبية على صحتهم النفسية بسبب زيادة الوقت المنقضي في الألعاب».

وتستعرض «عكاظ»، آراء الخبراء وأولياء الأمور حول الظاهرة وتأثير هذه الألعاب على الأطفال والمراهقين في المجتمع السعودي.

لا تتركوهم وحدهم

خبير علم النفس عمر الأسمر، يرى أن إدمان الألعاب الإلكترونية يُعتبر حالة مزعجة بدأت تأخذ طابعاً متزايداً مع التحول الرقمي الذي نشهده اليوم، فالأطفال معرضون لتأثيرات سلبية على مستوى التركيز والتحصيل الدراسي، فالألعاب توفر لهم شعوراً بالسيطرة والسعادة الفورية، ما يجعلهم يفضلونها على الأنشطة الاجتماعية أو الدراسية، ولذلك فإننا بحاجة ماسة لتوجيههم نحو توازن صحيح في استخدام هذه الألعاب.

أما خبير علم الاجتماع عبدالله البقعاوي فيقول: إن الواقع الاجتماعي اليوم يعزز إقبال الأطفال على الألعاب الإلكترونية، فالأسر تعاني من ضغوط الحياة اليومية، ما يؤدي إلى ترك الأطفال للعب بمفردهم، ويجب أن نتعاون كمجتمع لخلق بيئة أكثر تفاعلاً، فالألعاب ليست سيئة بحد ذاتها، ولكن يجب استخدامها بشكل صحيح، مع مزيد من التركيز على الحياة الاجتماعية والأنشطة البدنية.

تشهد صناعة الألعاب الإلكترونية في السعودية نمواً ملحوظاً، ما يجعلها من أسرع الأسواق نمواً في المنطقة ووفقا لتقرير«Newzoo»، من المتوقع أن تصل عائدات صناعة الألعاب الإلكترونية في السعودية إلى نحو 1.2 مليار دولار أمريكي في 2025م، ما يعكس زيادة كبيرة في الاستثمارات والاهتمام بهذا القطاع.

وفي 2021م، قُدرت عائدات الألعاب الإلكترونية في السعودية بنحو 800 مليون دولار، مع تسجيل نمو سنوي بنسبة تقارب 20%. يُعزى هذا النمو إلى ارتفاع عدد اللاعبين، الذي وصل إلى نحو 25 مليون لاعب في المملكة، ما يعكس نسبة تقدر بنحو 70% من السكان.

وتُعتبر الألعاب المحمولة (Mobile Games) الأكثر شعبية في السعودية، وتمثل نحو 55% من إجمالي سوق الألعاب، كما أن ألعاب الكمبيوتر وألعاب الكون sole تساهم أيضاً بشكل كبير، إذ تقدر عائداتها بنحو 30% و15% على التوالي.

ويُتوقع أن تسهم الرياضة الإلكترونية بشكل أكبر في حجم السوق، ومن المتوقع أن تصل عائدات الرياضات الإلكترونية في السعودية إلى 500 مليون دولار أمريكي في 2025م.

ويشير المستشار الاقتصادي عيد العيد، إلى أن السوق السعودي للألعاب الإلكترونية يمتلك إمكانات هائلة للنمو خصوصاً مع الدعم الحكومي والمبادرات المتزايدة لتطوير القطاع، فالاستثمار في الألعاب الإلكترونية يمثل أيضاً وسيلة لتعزيز الابتكار وتطوير المهارات التقنية لدى الشباب.

اقتصاد الألعاب الإلكترونية في السعودية

افتحوا النقاش معهم

عن الحلول في مواجهة الظاهرة، تكشف خبيرة الطفولة المبكرة في التعليم العام هيا السليمان، أنه يجب اتخاذ خطوات إستراتيجية لضمان تأثير إيجابي للألعاب الإلكترونية على الأطفال، بتحديد وقت اللعب، ويجب على الأسر وضع حدود زمنية لاستخدام الألعاب الإلكترونية، ما يساعد الأطفال على تنظيم أوقاتهم وتخصيص وقت لممارسة أنشطة أخرى مثل الرياضة والفنون. ومن الحلول ضرورة اختيار المحتوى المناسب إذ يتعين على الآباء مراقبة الألعاب والتأكد من أنها تتماشى مع القيم الثقافية والاجتماعية، فهناك العديد من الألعاب التعليمية التي تعزز التعلم وتطوير المهارات. ومن الحلول أيضاً -وفقاً للسليمان- تشجيع الأطفال على المشاركة في أنشطة متنوعة، مثل الألعاب في الهواء الطلق والموسيقى.

وفي ما يتعلق بالتواصل، ترى السليمان، أن المناقشة المفتوحة مع الأطفال حول الألعاب والمحتوى الذي يتعرضون له أمر بالغ الأهمية، ومن المهم مساعدتهم على فهم المحتوى وتطوير مهارات التفكير النقدي.

«عكاظ»، ترصد الألعاب الإلكترونية التي يمكن أن تؤثر على الهوية الثقافية ومن أبرزها:

1. Grand Theft Auto (GTA): تتميز هذه اللعبة بمحتواها العنيف والجرائم، وقد تعرضت لانتقادات بسبب التأثيرات السلبية التي يمكن أن تحدثها على الشباب.

2. Call of Duty: تجارب حربية قد تؤثر على فهم اللاعبين بطريقة خاطئة.3. Assassin's Creed: بعض أجزائه يؤثر على فهم اللاعبين لهويتهم الثقافية.

4. League of Legends: من أشهر ألعاب القتال الجماعي، قد تؤثر على سلوكيات البعض.5. Fortnite: تتضمن عناصر ثقافية سلبية، ما قد يؤثر على اهتمامات البعض.

6. PUBG (PlayerUnknown's Battlegrounds): لعبة البقاء التي تركز على القتال والتكتيك، وقد تؤثر على السلوكيات الاجتماعية والتفاعلات بين الشباب.

ألعاب خطرة.. انتبه!

أطفال ومراهقون

أخبار ذات صلة

 

لم تقتصر الدراسات على الصعيد الأكاديمي، فقد أصدرت وزارة التعليم، تقريراً بعنوان (الحماية الأسرية وتأثير الألعاب)، تناول تأثير الألعاب الإلكترونية على عائلات الأطفال والمراهقين.

فيما أظهرت دراسة من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بعنوان (الممارسات الأسرية وتأثير الألعاب على الأطفال) أن هناك ارتباطاً بين الممارسات الأسرية واستخدام الألعاب الإلكترونية، ما يؤثر بشكل ملحوظ على التنشئة الاجتماعية للأطفال.

تدهور التحصيل الدراسي

تتزايد المخاوف من الآثار السلبية للألعاب الإلكترونية على الصحة النفسية والسلوكية للأطفال والمراهقين. وفي هذا السياق، أُجريت العديد من الدراسات من قبل مراكز بحثية مرموقة تسلط الضوء على تأثيرات هذه الظاهرة.

وأشارت دراسة من المعهد الوطني للصحة العقلية، إلى أن إدمان الألعاب الإلكترونية قد يؤدي إلى مشكلات صحية عقلية خطيرة مثل الاكتئاب والقلق. وذكر التحليل أن الأطفال الذين يقضون أكثر من 3 ساعات يومياً في الألعاب هم أكثر عرضة لتطوير خصائص سلوكية غير طبيعية.

كما أظهرت دراسة من مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، أن الأطفال الذين يقضون وقتاً طويلاً في الألعاب الإلكترونية يعانون من مشاكل سلوكية، مع وجود ارتباط مباشر بين قضاء أكثر من أربع ساعات في اللعب وزيادة مستويات القلق الاجتماعي.

وفي بحث من جامعة كامبريدج، تم تسليط الضوء على تأثير إدمان الألعاب على التحصيل الأكاديمي، وأظهر الطلاب الذين يلعبون أكثر من 5 ساعات أسبوعياً انخفاضاً بنسبة تصل إلى 25% في درجاتهم الدراسية مقارنة بأقرانهم.

أما الباحثون من جامعة هارفارد، فقد توصلوا إلى أن الاستخدام المفرط للألعاب الإلكترونية يؤدي إلى تغييرات سلبية في التفاعل الاجتماعي والقدرة على التركيز، إذ أظهر 50% من الأطفال الذين لعبوا الألعاب بشكل مكثف علامات متركزة من اضطرابات سلوكية.

في السياق ذاته، سلط تقرير من اتحاد الأطباء والاختصاصيين الضوء على أهمية توازن استخدام وسائل الإعلام، بما في ذلك الألعاب الإلكترونية، وقدم توصيات بعدم السماح للأطفال الذين تراوح أعمارهم بين عامين و5 أعوام باللعب لأكثر من ساعة يومياً. كما دعا إلى استخدام أنشطة بديلة جسدياً واجتماعياً لتخفيف الضغوط.

وتعتبر هذه الدراسات من مراكز بحثية مرموقة حول العالم، وقد ساهمت في تسليط الضوء على أهمية التعامل بحذر مع تأثير الألعاب الإلكترونية على الأطفال والمراهقين.

الدكتور وليد الغصاب، يروي تجربته مع أطفاله ويقول: التجربة جعلتني أفهم الخطر المرتبط بالإفراط في استخدام الألعاب الإلكترونية. وبدأت في تخصيص أوقات محددة فقط للعب، ومع مرور الوقت بدأت ألاحظ تحسناً في تركيزهم الدراسي، لذا يجب خلق توازن بين الدراسة والترفيه لجعلهم ينمون بشكل صحي.

أما شهيل عبدالله السبر فيقول: إن مستوى التعلق بالألعاب أصبح مقلقاً، فالأبناء أصبحوا أكثر عصبية، يشعرون بالملل عندما لا تكون لديهم فرصة للعب، ومع ذلك لا أستطيع أن أنكر أن الألعاب تجذبهم بشدة، فنحن بحاجة لمساعدتهم في فهم أهمية الأنشطة الاجتماعية الأخرى.

أما هدى ناصر الشمري، فقد ظلت تبحث عن طرق لتحسين سلوك أبنائها، فالألعاب أصبحت وسيلة لتسليتهم، ولكنها تحتاج لبرامج وأنشطة يمكن أن تدخلها في روتينهم اليومي، ويجب أن يكون هناك بديل فعال، «أعلم أن من المهم تحديد وقت اللعب، لكنني أعاني أحياناً من عدم التنفيذ الجاد».

وتقول علياء محمد الناصر: لاحظت أن الألعاب تشتت انتباه الأطفال عن دراستهم فعلاً، ومن المهم أن نتحدث عن كيفية تحقيق توازن بين اللعب والتحصيل الأكاديمي، فالمفتاح هو وجود نشاطات بديلة، والأهل يمكنهم أن يلعبوا دوراً فعالاً في تنظيم هذا الأمر.

ويحذّر أشرف محمد عمر، من خطورة بقاء الأطفال فترات طويلة ملازمين لألعاب الفيديو، فقد يدفعهم ذلك إلى عدم الالتفات إلى الواجبات المدرسية، ما يؤثر على مستواهم الدراسي. ويضيف: هناك خوف أكبر يتمثل في دخولهم أثناء وجودهم في غرفهم بعيداً عن الأعين إلى مواقع للألعاب العنيفة والألفاظ النابية فيتفاعلون معها وتكون العواقب سيئة.

ليست كلها مساوئ

راقبوهم

دورياً

مدرب التنمية البشرية وتحليل فلسفة الشخصيات الدكتور معاذ العامر، يرى أن هناك أبعاداً فلسفية تحتاج إلى دراسة في كيفية فهم الأطفال للألعاب الإلكترونية وتأثيرها على شخصياتهم، ويمكن استخدام الألعاب كأداة لتنمية المهارات إذا تم دمجها بشكل مدروس ضمن الحياة اليومية، فمعرفة شخصية الطفل وكيفية استجابته لهذه الألعاب تساعدنا في توجيههم بشكل مناسب.

ويرى المستشار القانوني مقرن الشويمان، أن من الضروري إصدار تشريعات ورقابة لألعاب الفيديو لضمان أمان الأطفال، فهم معرضون لمحتوى قد يؤثر سلباً على صحتهم النفسية. والدور القانوني هنا يتمثل في حماية الأطفال من هذه المخاطر المحتملة من خلال رقابة دورية وتنظيم الشركات المنتجة للألعاب.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق