كتب - خالد بن محمد البلوشي تصوير- فيصل البلوشي
يشهد مجال التقنيات الطبية الذكية تطورًا ملحوظًا، كونها تلعب دورًا حيويًّا في تحسين جودة الحياة لكثير من المرضى، وفي هذا السياق، تبرز "نظارة نيكسا" لشركة عنصر كابتكار يعتبر فريدا من نوعه كونه أول جهاز في العالم قادر على التنبؤ بنوبات الصرع قبل وقوعها، على عكس التقنيات الحالية التي تكتفي برصد النوبة أثناء حدوثها، معتمدًا على تقنيات متقدمة لقراءة وتحليل النشاط الكهربائي للدماغ ففي هذا التقرير، نستعرض أبرز ميزات النظارة الذكية، وآلية عملها، والتطبيق المرافق لها.
حيث أكد مروان الهاشمي مهندس أول علم البيانات، أن نظارة "نيكسا" تبدو كنظارة عادية يمكن لأي شخص ارتداؤها، سواء كان مصابًا بالصرع أم لا، لكنها في الواقع مزودة بحساسات وقارئات متقدمة تتيح قراءة بيانات الدماغ بطريقة طبيعية دون أي تدخل جراحي أو تطفل بشري، موضحًا أن هذه التقنية يمكنها التنبؤ بنوبات الصرع قبل وقوعها بحوالي ساعة أو أقل، مما يمنح المريض فرصة لاتخاذ الاحتياطات اللازمة، سواء من خلال الانتقال إلى مكان آمن أو تناول الدواء المناسب.
وأشار الهاشمي إلى أن جميع البيانات المتعلقة باحتمالية وقوع النوبات وتاريخ حدوثها تُعرض في التطبيق المرتبط بالنظارة، دون الحاجة إلى إرسال أي معلومات إلى الخوادم السحابية، كما أن خوارزميات تحليل البيانات ونماذج الذكاء الاصطناعي التي تتعلم من حالة المريض وتساعد في التنبؤ بالنوبات تعمل بالكامل داخل النظارة نفسها، مما يضمن خصوصية المستخدم ويقلل من مخاطر تسرب البيانات.
وأضاف أن أحد أكبر التحديات التي واجهها الفريق أثناء تطوير النظارة كان تصفية الضوضاء أو الإشارات غير المرغوب فيها في بيانات الدماغ، مثل تأثير حركات الرأس، أو الرمش، أو نبضات القلب، أو انقباض العضلات، وللتغلب على ذلك، تم تطوير خوارزميات خاصة تعمل بكفاءة عالية داخل النظارة نفسها، مما يضمن دقة البيانات المستخدمة في التنبؤ بالنوبات.
وفيما يتعلق بتقنية توزيع الأقطاب الكهربائية، أوضح الهاشمي أن النظارة تعتمد على نظام 10-20 System، وهو معيار عالمي يستخدم عادةً بين 21 و23 قطبًا، إلا أن فريق التطوير تمكن من تحقيق نتائج دقيقة باستخدام أربعة أقطاب رئيسية فقط، مما يسهم في تقليل استهلاك الطاقة دون التأثير على كفاءة الأداء.
كما أشار إلى أن التكنولوجيا المستخدمة في النظارة تعد متقدمة وغير منتشرة على نطاق واسع، إذ تتميز بقدرتها على تقديم أداء يعادل التقنيات الحديثة مع استهلاك طاقة أقل بكثير. وأكد أن هذه التقنية يمكن توسيع استخدامها في المستقبل لتشمل تطبيقات أخرى، مثل تحليل العواطف والإحساس، أو التنبؤ بحالات صحية مختلفة من خلال قراءة بيانات الدماغ.
أما من حيث التصميم، فقد تم تطوير النظارة بحيث تتماشى مع المعايير العالمية لتخطيط الدماغ، مع إمكانية تعديل عدساتها وفقًا لاحتياجات المستخدم، حتى لو كان يرتدي نظارات طبية مسبقًا، أما بالنسبة لعمر البطارية، فأوضح الهاشمي أن النموذج الأولي للنظارة يمكنه العمل حتى خمس ساعات متواصلة، والهدف الحالي هو أن تعمل لـ١٠ ساعات متواصلة عن طريق تطوير كفاءة استهلاك النظارة.
وأشار الهاشمي إلى أن النظارة قادرة على التعلم من بيانات كل مستخدم بشكل فردي، مما يجعلها أكثر دقة مع مرور الوقت، كما أنها ستتضمن مستقبلاً خصائص إضافية غير معلنة، سيتم دمجها ضمن التطبيق المصاحب لها.
أوضحت وئام النور محمد كبيرة مهندسي الأنظمة المدمج أن الجهاز يعمل على توليد كهرباء ساكنة، مما أتاح دراسة تأثير الموجات الكهربائية على البيئة المحيطة، وقدرتها على إحداث شحنات كهربائية حتى عن بعد، وأشارت إلى أن التجارب أظهرت كيف يؤثر النشاط الكهربائي غير المنتظم في دماغ مرضى الصرع أثناء النوبات، حيث تصبح الموجات الكهربائية مضطربة، مما ينعكس على الجسم بأكمله بطرق غير مفهومة تمامًا، ويؤدي إلى التشنجات واضطراب في إشارات الأعصاب.
وفيما يتعلق بالتطبيق العملي، استعرضت النور تطبيق الهاتف المرتبط بالنظارة الذكية، موضحةً أنه يتضمن عدة نوافذ تتيح للمريض مراقبة حالته بدقة، إذ تعرض النافذة الأولى توقيت النوبات المحتملة، حيث يقوم التطبيق بتقديم تنبؤ زمني، مثل توقع حدوث نوبة بين الساعة العاشرة والحادية عشرة، ويرسل إشعارًا إلى الهاتف، بالإضافة إلى تنبيه المريض عبر اهتزاز النظارة.
أما النافذة الثانية، فتعرض تسجيلًا لحظيًا للموجات الكهربائية في الدماغ (EEG)، مما يتيح للمريض وطبيبه المعالج متابعة النشاط الكهربائي للمخ في الوقت الفعلي، كما يسمح التطبيق بإرسال إشعارات مباشرة إلى مقدم الرعاية الصحية، ما يسهم في تحسين التنبؤ بالحالة الصحية للمريض عبر تحليل البيانات المسجلة لكل فرد على حدة.
ويتضمن التطبيق أيضًا نوافذ إضافية لمراقبة حالة المستشعرات المتصلة بالنظارة، حيث يمكن للمريض معرفة ما إذا كان أحد المستشعرات الأربعة غير مثبت بشكل صحيح أو يعاني من خلل فني، كما يوفر معلومات حول اتصال البلوتوث ونسبة شحن البطارية، مع إرسال تنبيهات في حالة انقطاع الاتصال، سواء عبر اهتزاز النظارة أو من خلال إشعار في التطبيق.
علاوة على ذلك، يتيح التطبيق للمريض تسجيل النوبات التي يتعرض لها وإدخال الأسباب المحتملة، مثل عدم تناول الدواء أو التعرض للإجهاد والتوتر، وتُحفظ جميع هذه البيانات بدقة، مما يسهم في تحسين دقة التنبؤ بالحالة الصحية مستقبلًا، كما يتيح إمكانية تحليل المعلومات المجمعة لابتكار نماذج تنبؤيّة أكثر تطورًا تعتمد على معطيات متعددة.
0 تعليق