"معلومات الوزراء" يستعرض في تحليل جديد دور التجارة العالمية في تعزيز الأمن الغذائي.. 25٪ من إجمالي الإنتاج الغذائي يتم تداوله على مستوى العالم بشكل يعكس أهمية التجارة الدولية للأغذية في توفير الغذاء

البوابة نيوز 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلًا جديدًا تناول من خلاله الأمن الغذائي، ودور التجارة العالمية في تعزيزه، حيث أشار التحليل إلى أن الأمن الغذائي يُعرّف طبقًا "لمنظمة الأغذية والزراعة" (FAO)، بأنه "الحالة التي يتمتع فيها جميع الناس، في جميع الأوقات، بالقدرة المادية والاقتصادية على الوصول إلى ما يكفي من الغذاء الآمن لتلبية احتياجاتهم وتفضيلاتهم الغذائية من أجل حياة نشطة وصحية"، وهو يظل يشكل تحديًا عالميًّا.

أوضح المركز أنه على الرغم من التقدم الكبير المحرز في الحد من الجوع وسوء التغذية، فلا يزال ملايين البشر حول العالم يواجهون انعدام الأمن الغذائي بسبب الفقر، والنزاعات، والتغير المناخي، وعدم الاستقرار الاقتصادي. ويمكن للتجارة، كآلية لتبادل السلع والخدمات، أن تؤدي دورًا محوريًّا في معالجة انعدام الأمن الغذائي، فمن خلال تسهيل نقل الغذاء من المناطق التي لديها فائض إلى المناطق التي تعاني من نقص، يمكن للتجارة أن تساعد في استقرار أسعار الغذاء، وضمان إمدادات ثابتة من السلع الأساسية، وتعزيز النمو الاقتصادي في القطاعات الزراعية.

ومع ذلك، فإن العلاقة بين التجارة والأمن الغذائي معقدة، وتتأثر بالديناميكيات الجيوسياسية، وتقلبات السوق، والتفاوتات الاجتماعية والاقتصادية، ومن ثم فإن استكشاف طبيعة هذه العلاقة والعراقيل التي تواجهها، يفتح المجال أمام تحديد الآليات التي يمكن للتجارة من خلالها أن تساعد في معالجة انعدام الأمن الغذائي ومنع المجاعة، إضافة إلى تعزيز الأنظمة الغذائية لجعلها أكثر استدامة ومرونة على المدى الطويل.

576.jpg

وقد تناول التحليل دور التجارة العالمية في تعزيز إمدادات الغذاء، حيث أشار إلى أن التجارة العالمية تمكن الدول ذات الفائض في إنتاج الغذاء من تصدير منتجاتها إلى الدول التي تعاني من العجز بسبب التحديات المناخية أو الاقتصادية أو السياسية. 

ويشير تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD) إلى أن التجارة تعمل "كنظام عازل" يخفف من تأثير النقص المحلي للغذاء، مما يمنع تفاقم الأزمات الغذائية إلى مستوى المجاعة.

وأشار التحليل إلى أن 25% من إجمالي الإنتاج الغذائي يتم تداوله على مستوى العالم، مما يعكس أهمية التجارة الدولية للأغذية في توفير الغذاء للدول، كما أن نحو 5،000 تريليون كيلو كالوري يتم تداولها يوميًّا، وهو أكثر من ضعف الكمية المتداولة في عام 2000. 

وتقدر قيمة التجارة الدولية للأغذية بنحو 2.3 تريليون دولار أمريكي، مما يجعلها جزءًا أساسيًّا من الاقتصاد العالمي، وفقًا لمنظمة التجارة العالمية (WTO).

من جهة أخرى، يُظهِر الفحص الدقيق للبلدان التي تواجه انعدام الأمن الغذائي الحاد أن اليمن، على سبيل المثال، يعتمد على واردات الحبوب بنسبة كبيرة تبلغ 92.8% من الطلب على الحبوب، وتعتمد هايتي، على الواردات لتلبية 85.7% من احتياجاتها من الحبوب، كما تُظهر كينيا وأفغانستان اعتمادًا كبيرًا على الواردات، بمعدلات 51.3% و42.5%على التوالي، فيما تشهد بلدان أخرى أيضًا معدلات اعتماد أصغر ولكنها كبيرة على الواردات، مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية بنسبة 23% أو بنجلاديش بنسبة 15.7%، بحسب إحصاءات "منظمة الأغذية والزراعة" لعام 2024.

أضاف التحليل، أن التجارة الدولية للأغذية يمكن أن تساعد الدول على تنويع مصادر غذائها، مما يقلل من الاعتماد على الإنتاج المحلي، كما يمكن أن تساهم أيضًا في التخفيف من المخاطر المرتبطة بالصدمات الفردية التي تتعرض لها إمدادات الغذاء المحلية كالتي تتعلق بالتغير المناخي والكوارث الطبيعية.

في الوقت نفسه، تساعد التجارة العالمية في تحسين تغذية السكان، من خلال ما تقوم به من توفير تنوع غذائي أكبر بكثير مما يمكن أن توفره الأسواق المحلية، ففي عام 2010، كانت التنوعات الغذائية المتاحة عبر التجارة أكبر بنسبة 60% من تلك المنتجة محليًّا، بينما في عام 2020، ارتفعت هذه النسبة لتصل إلى 90%.

577.jpg

سلط التحليل الضوء على دور التجارة العالمية في تعزيز النمو الاقتصادي لقطاع الزراعة، حيث أوضح أن التجارة تسهم بشكل كبير في تحقيق الأمن الغذائي من خلال تعزيز النمو الاقتصادي في هذا القطاع، فالعديد من الدول النامية تعتمد بشكل كبير على الزراعة لتوفير فرص العمل وزيادة الدخل، ومن ثم فإن توسيع الوصول إلى الأسواق الدولية، يُمَكِن هذه الدول من زيادة صادراتها الزراعية، وهو ما يولد إيرادات يمكن إعادة استثمارها في الإنتاج الغذائي والتنمية الريفية.

وأضاف أن بعض الدراسات التي أجريت حول كيفية التخفيف من انعدام الأمن الغذائي في أفريقيا تشير إلى أن زيادة الإنتاجية الزراعية تؤدي إلى زيادة المعروض من الغذاء وانخفاض أسعار الغذاء، إضافة إلى زيادة الدخول وتحسين الوصول إلى الغذاء، مما يقلل من حصة الأشخاص المعرضين لخطر الجوع.

كما أن دور التجارة الرقمية في الزراعة جدير بالاهتمام، حيث تتيح المنصات التي تربط المزارعين بالأسواق العالمية لصغار المزارعين بيع منتجاتهم بأسعار تنافسية، مما يقلل من الهدر ويزيد من الدخل، وتعد هذه الابتكارات ضرورية لتعزيز الأمن الغذائي في المناطق الريفية.

وعن علاقة التجارة العالمية باستقرار أسعار الغذاء، أفاد التحليل أن استقرار الأسعار يُعد أمرًّا حيويًّا لتحقيق الأمن الغذائي؛ حيث تؤثر تقلبات أسعار الغذاء بشكل غير متناسب في السكان ذوي الدخل المنخفض الذين ينفقون جزءًا كبيرًا من دخلهم على الغذاء، ويمكن للتجارة أن تخفف من تقلبات الأسعار من خلال ضمان إمدادات ثابتة من السلع الغذائية عبر الحدود، على سبيل المثال، خلال فترات ضعف إنتاجية المحاصيل المحلية، يمكن أن تساعد الواردات في سد الفجوة بين العرض والطلب، مما يمنع ارتفاع الأسعار.

بالإضافة إلى ما يُظهره "مؤشر أسعار الغذاء لمنظمة الأغذية والزراعة" (FFPI) - الذي يتتبع التغير الشهري للأسعار الدولية لسلة من السلع الغذائية، بما في ذلك الحبوب والزيوت النباتية ومنتجات الألبان - لعام 2024، فإن التجارة الدولية تساعد في استقرار الأسعار من خلال تحقيق التوازن بين العرض والطلب على المستوى العالمي، فخلال ارتفاع الأسعار الكبير في عام 2008، اكتسب مؤشر أسعار الغذاء أهمية كبيرة كمؤشر للمخاوف المحتملة بشأن الأمن الغذائي في البلدان النامية المعرضة للخطر. ومنذ ذلك الحين، وباستثناء عامي 2009 و2010، ظلت أسعار السلع الزراعية عند مستويات مرتفعة نسبيًّا مقارنة بمستويات ما قبل عام 2008.

وأشار مركز المعلومات في تحليله إلى أنه وفقًا لمنظمة التجارة العالمية، يمكن أن تساعد السياسات التجارية التي تقلل من الحواجز أمام واردات وصادرات الغذاء في استقرار الأسعار العالمية، مما يضمن وصول الفئات الضعيفة إلى الغذاء بأسعار معقولة، وفي مقابل ذلك فإن التوترات الجيوسياسية والنزاعات يمكن أن تؤثر بشكل كبير في إمدادات الغذاء ورفع الأسعار، مما يؤدي إلى نقص الغذاء في بعض الدول. على سبيل المثال، أدى توقف صادرات زيت النخيل من إندونيسيا إلى تعليق برامج تعزيز زيوت الطعام في بنجلاديش، مما يبرز العلاقة الوثيقة بين السياسات التجارية والتغذية العالمية.

هذا، ويبرز اعتماد البلدان الإفريقية على الواردات لتلبية 30% من احتياجاتها من الحبوب أهمية التجارة في استدامة إمدادات الغذاء، وفي هذا الصدد، فقد أظهرت مبادرة البحر الأسود الدور الذي تؤديه التجارة في استقرار إمدادات الغذاء والأسواق، فخلال الحرب الروسية الأوكرانية، توسطت الأمم المتحدة وتركيا في إبرام صفقة لتمكين صادرات الغذاء والأسمدة من أوكرانيا وروسيا، الأمر الذي ساعد في خفض مؤشر أسعار الغذاء لمنظمة الأغذية والزراعة بنسبة 23%.

578.jpg

وأشار التحليل إلى التحديات التي تواجه الاستفادة من التجارة لتحقيق الأمن الغذائي موضحًا أن الحديث عن التجارة والأمن الغذائي يرتبط بضرورة التركيز على التنمية، وتحقيق الاستدامة، والالتزام بقواعد محددة للتجارة من شأنها أن تعمل على تحقيق توازن أفضل بين أولئك الذين يحتاجون إلى الغذاء وأولئك الذين ينتجونه، وتشير الصدمات التي تعاني منها أسواق الغذاء العالمية إلى العديد من التحديات التي تعوق الوصول إلى تلك الأهداف.

وأوضح التحليل أن التعريفات الجمركية والحصص والإعانات تعمل على الإضرار بأسواق الغذاء العالمية، وتحد من القدرة على الوصول إلى الغذاء بأسعار معقولة في البلدان المستوردة، كما تؤدي النزاعات التجارية والمنافسات الجيوسياسية إلى عرقلة سلاسل إمداد الغذاء، مما يعرض الأمن الغذائي للخطر، ويفرض التغير المناخي مخاطر كبيرة على الإنتاجية الزراعية وحركة التجارة الدولية في الأغذية، فالأحداث المناخية المتطرفة، مثل الأعاصير والجفاف، تعطل إنتاج الغذاء وسلاسل التوريد، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار والحد من توافر الغذاء.

وأفاد التحليل في ختامه أن التجارة العالمية تُعد أداة حيوية لتعزيز الأمن الغذائي، وتقديم الحلول لمعالجة توافر الغذاء وإمكانية الوصول إليه، ويمكن للمجتمع الدولي الاستفادة من القوة التحويلية للتجارة لبناء عالم أكثر أمنًا غذائيًّا، ولكن الأمر يتطلب تزايد الترابط العالمي، لضمان مساهمة التجارة في الأمن الغذائي المستدام والعادل، من خلال العديد من الإجراءات والتي تتضمن تعزيز سياسات خفض التكاليف المرتبطة بالتجارة وتحقيق استقرار أسعار المواد الغذائية، ومن بين ذلك تقليل الحواجز التجارية من خلال خفض التعريفات الجمركية ومعالجة التكاليف الخفية للتدابير غير الجمركية على البلدان التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

إضافة لذلك، يجب العمل على تسهيل الوصول إلى الغذاء أثناء الأزمات، وذلك من خلال إلغاء التعريفات الجمركية على المساعدات الغذائية والمدخلات الأساسية وتجنب القيود المفروضة على الصادرات، وكذا تعزيز التجارة الغذائية والتعاون الإقليمي لتقصير سلاسل التوريد والحد من نقاط الضعف في مواجهة الاضطرابات العالمية. وذلك إضافة إلى تعزيز القدرة التصديرية في البلدان المعرضة للخطر، من خلال تقديم المساعدة الفنية لمساعدة المنتجين على تلبية المعايير الدولية، والعمل على الاستثمار في البنية الأساسية للتجارة، بما في ذلك الموانئ وشبكات النقل ومرافق التخزين لخفض تكاليف التجارة، وخاصة بالنسبة للبلدان ذات الدخل المنخفض، وكذا دعم الزراعة الذكية مناخيًّا والمستدامة في البلدان النامية، لتقليل التعرض لتغير المناخ والصدمات في السوق العالمية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق