الشمول الرقمي.. هل يسهم في التنمية الاجتماعية وتعزيز الاقتصاد؟

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
عمان– أكد خبراء على أهمية الشمول الرقمي "لتحقيق العدالة الرقمية" بين جميع فئات المجتمع دون استثناء وضمان استفادتهم من مخرجات التكنولوجيا الحديثة وتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية عامة.اضافة اعلان
وأوضح الخبراء أن مضي الحكومة في إقرار سياسة "الشمول الرقمي" وتنفيذها يعد أمراً ضروريا للوصول إلى مجتمع اقتصاد رقمي وتعميم الفائدة على جميع الأفراد بعيدا عن معايير الجغرافيا والجنس والسن والحالة الاقتصادية لتعزيز استخدام الرقمنة من قبل الجميع، حتى الفئات المهمشة أو تلك البعيدة عن التقنية مثل بعض كبار السن وذوي الهمم.
ولفت الخبراء إلى أن مسؤولية تنفيذ سياسة الشمول الرقمي هي مسؤولية ملقاة على الجميع، الحكومة والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، مشيرين إلى أن حسن التنفيذ والمتابعة لهذه السياسة يمكن أن يسهم في تعزيز الاقتصاد الرقمي وزيادة فرص العمل، ويحسن جودة التعليم، والخدمات الصحية وتمكين المرأة والشباب عبر فرص جديدة في سوق العمل الرقمي، وتعزيز الشفافية والمشاركة المدنية من خلال إتاحة المعلومات وسهولة الوصول إلى الخدمات الحكومية.
وأعلنت الحكومة من خلال وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة العام الماضي أنها تتجه لإصدار سياسة "الشمول الرقمي" بعد أن أنجزت المسودة الأولية بالتعاون مع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) وهي في مرحلة التشاور مع القطاع للمضي في إقرارها رسميا.
ويمكن تعريف "الشمول الرقمي" بأنه تمكين جميع الأفراد والمجتمعات من الوصول إلى التكنولوجيا الرقمية واستخدامها بفعالية، بغض النظر عن العمر أو الجنس أو الموقع الجغرافي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي، ويشمل ذلك توفير بنية تحتية رقمية متاحة للجميع، تعزيز المهارات الرقمية، وضمان توفر المحتوى الرقمي بلغات مختلفة وبطريقة ميسرة لجميع الفئات، بما في ذلك الأشخاص ذوي الإعاقة.
وصول عادل للتقنية
ويرى ممثل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في غرفة تجارة الأردن م.هيثم الرواجبة أن "إقرار سياسة للشمول الرقمي يضمن وجود " إطار واضح لتوجيه الجهود نحو تحقيق الوصول العادل والفعال للتكنولوجيا الرقمية".
وقال الرواجبة، " إن تنفيذ مثل هذه السياسة يسهم بشكل فعال في تقليص الفجوة الرقمية بين الفئات المختلفة في المجتمع، وفي تعزيز التنمية الاقتصادية من خلال دعم الابتكار وريادة الأعمال، فضلا عن الأثر الذي ستتركه في تحسين الخدمات الحكومية عبر التحول الرقمي وزيادة كفاءة المؤسسات".
وأشار إلى أن هذه السياسة ستعمل على تمكين الفئات المحرومة مثل كبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة والمناطق النائية، وتعزيز الأمن الرقمي وحماية البيانات عبر وضع معايير للأمان الرقمي والاستخدام المسؤول.
الشمول الرقمي لا يقتصر على خدمات الاتصالات
وأكد الرواجبة أن الشمول الرقمي لا يقتصر فقط على توفير الإنترنت والاتصالات، بل يشمل ايضا إتاحة الأجهزة الذكية والحواسيب بأسعار معقولة، والتدريب والتعليم الرقمي لتمكين الأفراد من استخدام التكنولوجيا بفعالية، وتحسين الخدمات الرقمية الحكومية والخاصة لتسهيل حياة المواطنين، بل يتعدى ذلك كله أيضا ليشمل تعزيز الابتكار وريادة الأعمال الرقمية لدعم الاقتصاد الرقمي.
ووفقا للأرقام الرسمية، يقدر عدد اشتراكات الخلوي في الأردن بنحو 8.3 مليون اشتراك، وحوالي 800 ألف اشتراك للإنترنت الثابت عريض النطاق، فيما يقدر عدد مستخدمي الإنترنت بحوالي 11 مليونا.
وبين الرواجبة أن الشمول الرقمي ضروري " لتحقيق العدالة الرقمية" وضمان استفادة جميع الأفراد من فوائد التكنولوجيا الحديثة، لأنه يؤدي إلى تعزيز الاقتصاد الرقمي وزيادة فرص العمل، كما يعمل على تسهيل الوصول إلى التعليم الإلكتروني وتحسين جودة التعليم، وتحسين الخدمات الصحية عبر التطبيب عن بعد والملفات الصحية الرقمية، علاوة على مساهمته في تمكين المرأة والشباب من فرص جديدة في سوق العمل الرقمي، وتعزيز الشفافية والمشاركة المدنية من خلال إتاحة المعلومات وسهولة الوصول إلى الخدمات الحكومية.
متطلبات الشمول الرقمي
ولتحقيق الشمول الرقمي، يجب توافر عدة عوامل أساسية وفقا للرواجبة وأهمها البنية التحتية الرقمية، وتحسين شبكات الإنترنت وتغطية المناطق الريفية والنائية.
وقال، "من المتطلبات أيضا التعليم والتوعية الرقمية من خلال تدريب الأفراد على استخدام الأدوات الرقمية بفعالية" مشيرا إلى أهمية متطلب السياسات والتشريعات الداعمة والتي تسهم في توفير بيئة قانونية تحمي المستخدمين وتعزز الابتكار.
وأكد على أهمية عامل الأمن السيبراني وحماية البيانات وذلك لضمان تجربة آمنة للمستخدمي، فضلا عن أهمية متطلب إتاحة الأجهزة الرقمية بأسعار معقولة لتوفير إمكانية الوصول للجميع.
مسؤولية مشتركة
وأكد الرواجبة على أن الشمول الرقمي هو مسؤولية مشتركة بين عدة جهات فالحكومة مسؤولة من خلال وضع السياسات، وتوفير البنية التحتية، وتعزيز التشريعات الداعمة، والقطاع الخاص عليه مسؤوليات من حيث الاستثمار في التكنولوجيا، وتقديم حلول رقمية ميسورة التكلفة، وتعزيز التحول الرقمي في الأعمال.
وأشار إلى مسؤوليات على المجتمع المدني من خلال التوعية الرقمية، وتعليم الفئات المستضعفة، وتعزيز الاستخدام المسؤول للتكنولوجيا.
التوعية الرقمية ضرورية
ولتعزيز عملية الشمول الرقمي أكد الرواجبة على أهمية التوعية الرقمية التي تساعد في زيادة استخدام الخدمات الرقمية مثل الدفع الإلكتروني والتعلم عن بعد، فيما تعمل في نفس الوقت على تقليل مخاطر الجرائم الإلكترونية والاحتيال من خلال نشر الوعي بالأمان الرقمي.
من جانبه، قال خبير إستراتيجيات الذكاء الاصطناعي والميتافيرس رامي الدماطي إن وضع سياسة وطنية للشمول الرقمي في الأردن يعد أمراً ضرورياً لضمان استفادة جميع المواطنين من الفرص الرقمية.
أهمية الشمول الرقمي
وأكد الدماطي أن وجود سياسة للشمول الرقمي يقود إلى تحقيق العدالة الرقمية بضمان عدم ترك أي فئة من المجتمع خارج عملية التحول الرقمي، وتعزيز الاقتصاد الرقمي من خلال دعم الشركات الناشئة والمشاريع الريادية التي تعتمد على التكنولوجيا، وتحسين البنية التحتية التكنولوجية عبر توسيع نطاق الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة في جميع أنحاء المملكة، فضلا عن أهميتها لتمكين التحول الرقمي في القطاعات المختلفة: مثل الصحة، والتعليم، والخدمات الحكومية، والزراعة، ولمواكبة الإستراتيجيات الإقليمية والدولية.
تحديات تواجه الشمول الرقمي
بيد أن الدماطي أوضح أن تحقيق الشمول الرقمي يمكن أن يواجه العديد من التحديات أهمها عدم توافر الإنترنت بأسعار ميسورة، إذ ما يزال هناك فجوة رقمية بين المناطق الحضرية والريفية من حيث جودة وسعر الإنترنت، ونقص المهارات الرقمية، حيث إن بعض الفئات مثل كبار السن وسكان المناطق الريفية، لا يمتلكون المهارات الرقمية الأساسية
ودعا لتعزيز السياسات التي تحمي المستخدمين من الاختراقات والانتهاكات الرقمية، إلى جانب تحدي العوائق الاقتصادية التي تحول دون الحصول على الأجهزة الذكية والتي يمكن أن تكون مكلفة لبعض الفئات ذات الدخل المحدود.
الشمول الرقمي.. الواقع والضرورة
وقال الخبير في مجال التقنية د.حمزة العكاليك "إن الأردن قادر على أن يصبح نموذجًا إقليميًا في الشمول الرقمي، بفضل كوادره الشابة وبنيتة التحتية المتطورة نسبيًا لكن النجاح يتطلَّب سياسات شاملة، واستثمارات ذكية، وإرادة سياسية لتحويل التحديات إلى فرص" مشددا على أن الشمول الرقمي ليس خيارًا، بل ضرورة لضمان مستقبل مزدهر للأردنيين جميعًا.
وأوضح العكاليك أن واقع الحال في الأردن يشير إلى وجود إستراتيجية وطنية للتحوُّل الرقمي (أطلقتها وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة عام 2022)، إلى جانب مشاريع لربط المؤسسات الحكومية بشبكة موحدة وغيرها من المشاريع والإستراتيجيات، ولكننا بحاجة إلى سياسة مخصصة للشمول الرقمي وذلك لعدم تكافؤ الفرص بين المناطق الحضرية والريفية، وارتفاع تكلفة الإنترنت مقارنة بدخل الفرد (حسب تقرير "الاتحاد الدولي للاتصالات 2023")، ولضعف المهارات الرقمية لدى كبار السن والنساء في المناطق الريفية.
تحسين البنية التحتية
ولتعزيز الشمول الرقمي قدم العكاليك مقترحات، منها تعزيز البنية التحتية وذلك من خلال توسيع شبكات الألياف الضوئية في المحافظات النائية (مثل معان والمفرق)، وكذلك تطوير البنية التحتية للاتصالات في مخيمات اللاجئين (مثل مخيم الزعتري).
واقترح العكاليك تحسين القدرة على تحمُّل التكاليف وذلك من خلال تقديم دعم حكومي لأسعار الأجهزة (حواسيب، ألواح ذكية) عبر شراكات مع القطاع الخاص.
وكذلك تخفيض أسعار الإنترنت للفئات محدودة الدخل، وتنمية المهارات الرقمية من خلال إدراج مادة "الثقافة الرقمية" في المناهج المدرسية والجامعية والعمل على تدريب النساء على المهارات الرقمية عبر مراكز "نُوادي" التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية، وضمان إمكانية الوصول وذلك بتصميم تطبيقات حكومية تدعم تقنيات ذوي الإعاقة، وتوفير واجهات عربية بسيطة للمواقع الإلكترونية لتسهيل الاستخدام.
وشدد على أهمية تعزيز الأمن السيبراني وذلك من خلال تفعيل قانون الجرائم الإلكترونية (2023) لمكافحة التصيد الإلكتروني وتصميم ونشر حملات توعوية عبر وسائل الإعلام حول حماية البيانات الشخصية.
شراكات مبتكرة
ولتحقيق هذه المتطلبات، قال العكاليك "لابد من وجود آليات تنفيذ وأهمها الشراكات المبتكرة، مثل الشراكات الحكومية مع القطاع الخاص والتي تعزز من فعالية نجاح توسيع سياسات الشمول الرقمي، إلى جانب العمل على تعزيز دور المجتمع المدني، مع العمل على الحصول على الدعم الدولي كمشاريع ممولة من الاتحاد الأوروبي مثل "دعم الابتكار الرقمي في الأردن".
واقترح العكاليك ايضا إصدار قانون خاص بالشمول الرقمي يُلزم جميع الجهات بمعايير الوصول العادل، والعمل على إنشاء صندوق وطني للابتكار الرقمي بتمويل من الحكومة والقطاع الخاص كشركات الاتصالات.
ويرى الخبير في مجال التقنية والاتصالات وصفي الصفدي أن وجود سياسة للشمول الرقمي وتنفيذها " ضرورة" لإنشاء مُجتمع رقمي أكثر شمولاً يُفيد جميع مُواطنيه، مؤكدا على أن مثل هذه السياسة تعزز النمو الاقتصادي من خلال تمكين المزيد من الأشخاص من المشاركة في الاقتصاد الرقمي فهو يفتح فرصًا للأعمال التجارية عبر الإنترنت، والعمل عن بُعد، والوصول إلى الأسواق العالمية".
الاندماج الاجتماعي
ولفت الصفدي إلى أهمية الشمول الرقمي لتعزيز (الاندماج الاجتماعي) لأنه يُقلل من أوجه عدم المساواة الاجتماعية من خلال توفير الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية والخدمات الحكومية، بغض النظر عن الموقع أو الوضع الاجتماعي والاقتصادي، كما انه يعزز من تمكين الأفراد والمجتمعات من خلال الوصول إلى التكنولوجيا وبالتبعية الوصول إلى المعلومات ما يساعد الأفراد على التعبير عن أنفسهم والمشاركة في الحياة المدنية.
وقال "الشمول الرقمي يعزز أيضا (الابتكار) من خلال تمكين المزيد من الأشخاص من المساهمة في تطوير واستخدام التقنيات الجديدة".
فوائد الشمول الرقمي للأفراد
وبالنسبة للفوائد التي يقدمها الشمول الرقمي للأفراد وفي تحسين حياتهم قال الصفدي، إنه يسهم في تحسين وتعزيز التعليم من خلال تمكين الوصول إلى موارد التعلم عبر الإنترنت، والفصول الدراسية الافتراضية، والمنصات التعليمية، وتحسين الرعاية الصحية من خلال التطبيب عن بُعد والسجلات الصحية عبر الإنترنت والوصول إلى المعلومات الصحية والخدمات الطبية.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق