حروب الذكاء الاصطناعي.. المستفيد الأكبر

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يوماً بعد يوم؛ تتوالى إعلانات شركات التكنولوجيا الكبرى حول إطلاق مزيد من البرامج والتطبيقات التي تعتمد الذكاء الاصطناعي، وكأنها حرب اشتعلت ولا تلوح لها بالأفق أية بادرة أو إشارة قد تتوقف عندها.

من ناحية المبدأ؛ لست من المعترضين على ما يشهده العالم من تطور تكنولوجي يساهم في تحسين جودة حياة الأفراد، ويعمل على تطوير أدوات قادرة على إفادة البشرية من النواحي الصحية والتعليمية والاقتصادية... إلخ، ولكن ما نشهده اليوم هو حرب بكل معنى الكلمة، حيث نشهد سباقاً محموماً بين الدول والشركات العملاقة للهيمنة على هذه التقنية.

ولكن؛ وفي ظل هذه الحرب من هو الرابح الحقيقي ومن هو الخاسر الأكبر؟

تحولت الدول العظمى إلى ساحات معارك جديدة، حيث أصبحت البيانات والخوارزميات هي السلاح الأقوى. الولايات المتحدة والصين، على سبيل المثال، تتصدّران هذا السباق، فالأولى تعتمد على شركاتها التقنية الكبرى بينما تستثمر الثانية بقوة في الذكاء الاصطناعي الموجّه حكومياً لتعزيز قوتها الاقتصادية والعسكرية.

الرابح في هذه الحرب هو من يمتلك التكنولوجيا الأكثر تقدماً، والذي يستطيع استخدامها لتعزيز اقتصاده وفرض نفوذه السياسي، أما الخاسر فهو من يتخلف عن الركب، سواء أكان دولة أو فرداً، ليجد نفسه مستهلكاً لتقنيات لا يملك السيطرة عليها.

ولاشك أن الخطر الأكبر يكمن في تأثير هذه التكنولوجيا على الإنسان نفسه، فمع زيادة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، تتراجع مهارات التفكير النقدي والإبداعي لدى الأفراد، مما قد يجعل البشر أكثر اعتماداً على الخوارزميات وأقل قدرة على اتخاذ قرارات مستقلة.

في السابق كانت المعرفة تُكتسب من خلال التجربة والبحث والتفكير، أما اليوم فبضغطة زر يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يبرمج تطبيقاً أو يشخّص الأمراض، أو حتى يُجري عملية جراحية دقيقة، وبينما قد يبدو ذلك إنجازاً مبهراً، إلا أنه يُثير تساؤلاً محورياً؛ هل نحن بصدد فقدان مهارات التعلم الذاتي لصالح أنظمة تقوم بالتفكير بدلاً عنا؟

التكنولوجيا ليست المشكلة بحد ذاتها، بل طريقة استخدامها؛ فإذا اعتمد الإنسان على الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة تعزّز تفكيره وتوسّع آفاقه، فسيكون ذلك تقدماً حضارياً، لكن إذا تحول الأمر إلى اعتماد كلي، بحيث يصبح البشر مجرد منفّذين لما تقترحه الخوارزميات دون تحليل أو تفكير، فقد نكون أمام كارثة حضارية تقود إلى تراجع الذكاء البشري الطبيعي.

اليوم، نرى بالفعل بعض الإشارات المقلقة، مثل تناقص قدرات التركيز لدى الأجيال الجديدة، وتراجع القدرة على حل المشكلات المعقدة بسبب الاعتماد المفرط على التكنولوجيا، وإذا استمر هذا الاتجاه، فقد نجد أنفسنا في عالم تحكمه الآلات، ليس بالقوة، بل لأن البشر فقدوا قدرتهم على التفكير المستقل.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق