البرتقال وقشره: كنز صحي وجمالي وبيئي

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

لطالما اعتُبر البرتقال من أكثر الفواكه استهلاكًا حول العالم، ليس فقط لمذاقه المنعش بل لقيمته الغذائية الغنية بالعناصر الأساسية مثل فيتامين C، الألياف، ومضادات الأكسدة. لكن ما لا يدركه الكثيرون هو أن القشرة التي يتم التخلص منها عادةً تحتوي على فوائد لا تقل أهمية عن لب الفاكهة.اضافة اعلان


وتشير الأبحاث الحديثة إلى أن قشر البرتقال مليء بمركبات نشطة بيولوجيًا، مثل الفلافونويدات والزيوت العطرية، التي تمتلك خصائص مضادة للأكسدة والالتهابات، مما يجعلها مفيدة لصحة القلب، والجهاز الهضمي، وتعزيز المناعة. كما يُستخدم قشر البرتقال في العناية بالبشرة بفضل قدرته على تفتيح اللون وتقليل التجاعيد، فضلاً عن كونه عنصرًا طبيعيًا فعالًا في تنظيف المنزل بفضل خصائصه المضادة للبكتيريا.

 

 

أبرز العناصر الموجودة في لب البرتقال وقشره

-فيتامين C (حمض الأسكوربيك): تشتهر ثمار البرتقال بارتفاع محتواها من فيتامين C؛ حيث توفّر البرتقالة المتوسطة حوالي 70 ملغ منه. المدهش أن قشر البرتقال يحتوي على تركيز أعلى من هذا الفيتامين نسبةً لوزنه.


في الواقع، مجرد ملعقة كبيرة (حوالي 6 غرامات) من قشر البرتقال تمنح نحو 14% من الاحتياج اليومي من فيتامين C، أي ما يقارب ثلاثة أضعاف ما يوفره لب الثمرة من نفس الوزن. يُعد فيتامين C مضاد أكسدة قوي يدعم جهاز المناعة ويساعد في إنتاج الكولاجين الضروري لصحة الجلد والأوعية الدموية. 

- الألياف الغذائية: البرتقال مصدر جيد للألياف (حوالي 2-3 غرام في الثمرة)، لكنها تتركز بشكل أكبر في القشور واللب الأبيض الداخلي. قشر البرتقال غني بالألياف القابلة للذوبان مثل البكتين الذي يمثل نوعًا من البريبيوتيك (ألياف تغذي البكتيريا النافعة في الأمعاء)، وتوفر ملعقة كبيرة من القشر حوالي 4 أضعاف كمية الألياف الموجودة في لب البرتقال بنفس الوزن.

 

- تسهم الألياف في تعزيز صحة الجهاز الهضمي ومنع الإمساك، كما تساعد في خفض الكوليسترول وتحسين صحة القلب والتحكم بالوزن عبر زيادة الإحساس بالشبع HealthLine.com .

- مضادات الأكسدة والبوليفينولات: يحتوي البرتقال وقشره على تشكيلة غنية من مضادات الأكسدة، أهمها مركبات الفلافونويد مثل هيسبيريدين و النارينجينين و فيتامين C . تتميز القشور بتركيز أعلى من هذه البوليفينولات مقارنة باللب؛ إذ وجدت دراسة مخبرية أن إجمالي محتوى مضادات الأكسدة ونشاطها في قشر البرتقال أعلى بكثير منه في الثمرة نفسها.

 

وتعمل مضادات الأكسدة على معادلة الشوارد الحرة الضارة في الجسم، مما يقي الخلايا من أضرار الأكسدة المرتبطة بالشيخوخة والأمراض المزمنة كالسرطان وأمراض القلب. كما تُدرس مركبات الفلافونويد الموجودة بالقشر (مثل الهيسبيريدين و البوليميثوكسيفلافونات polymethoxylated flavones كالنوبلتين والتانجيرتين) لقدرتها المحتملة في الوقاية من السرطان ومحاربة الخلايا السرطانية HealthLine.com .

- معادن وفيتامينات أخرى: يوفر البرتقال وقشره مجموعة فيتامينات B (مثل حمض الفولات وفيتامين B1/B2/B6) بكميات جيدة، إلى جانب البوتاسيوم والكالسيوم بكميات معتدلة. البوتاسيوم معدن ضروري لصحة القلب وتنظيم ضغط الدم. كما تحتوي القشور على بيتا كاروتين (فيتامين A سابق) الذي يساهم في صحة الجلد والعين. .

الفوائد الصحية للبرتقال وقشره

يحظى البرتقال بسمعة ممتازة كغذاء صحي، وتؤكد الأبحاث العلمية العديد من المنافع الصحية المرتبطة بتناوله وتناول مستخلصات قشره:


- تعزيز المناعة ومقاومة الأمراض: يمثل فيتامين C الموجود بوفرة في البرتقال وقشره عنصرًا أساسيًا في دعم جهاز المناعة. فهو يعزز وظائف خلايا المناعة الفطرية والتكيفية ويحسّن قدرة الجلد على العمل كحاجز وقائي
أظهرت دراسات أن الحصول على كميات كافية من فيتامين C يرتبط بتقليل مدة وشدة نزلات البرد وتعزيز مقاومة الجسم للالتهابات .

 

بالإضافة إلى ذلك، يمتلك البرتقال خصائص مضادة للميكروبات بفضل زيوته العطرية في القشر؛ إذ تبين أن زيت قشر البرتقال الغني بمركب الليمونين يمتلك نشاطًا مضادًا للبكتيريا مثل الإيشري والمكورات العنقودية، مما قد يساهم في حماية الجسم من بعض العدوى.

صحة القلب والأوعية الدموية: ينعكس مزيج العناصر الغذائية في البرتقال إيجابًا على صحة القلب. فالألياف القابلة للذوبان تساهم في خفض مستوى الكوليسترول الضار في الدم، والبوتاسيوم يساعد على ضبط ضغط الدم. كما أن فيتامين C والفلافونويدات مضادات أكسدة تقلل من الالتهاب وتأثير الشوارد الحرة على الشرايين. أشارت دراسات إلى أن تناول حمية غنية بفيتامين C والألياف يرتبط بتحسين صحة القلب وخفض خطر الإصابة بأمراض القلب.

 

وبحسب تقرير حديث، فإن البرتقال ليس غنيًا بفيتامين C فقط، بل يحتوي أيضًا نسبة عالية من مضادات الأكسدة والبوتاسيوم والألياف جميعها مرتبطة بتقليل خطر مرض القلب.

 

الجديد بالذكر أن الأبحاث تنظر أيضًا في الفوائد الخاصة لمركبات قشر البرتقال في هذا الجانب؛ فقد توصلت دراسة نُشرت عام 2024 إلى أن مستخلصًا مركزًا من قشور البرتقال استطاع خفض إنتاج مادة TMAO في أمعاء الفئران، وهي مركب ناتج عن نشاط بكتيري يرتبط بمخاطر تصلب الشرايين وأمراض القلب.

 

ونتيجة لذلك التحسّن في بيئة الأمعاء، لوحظ تأثير إيجابي على مؤشرات صحة القلب لدى الفئران الذكور في التجربة . هذه النتائج الأولية تشير إلى إمكان استخدام مكونات القشر للوقاية من أمراض القلب عبر تعديل ميكروبيوم الأمعاء.

- تحسين الهضم وصحة الأمعاء: بفضل محتواه العالي من الألياف والبريبيوتيك، يساعد تناول البرتقال وقشوره على دعم صحة الجهاز الهضمي.

 

أما الألياف تُسهّل حركة الأمعاء وتمنع الإمساك، وتغذي بكتيريا الأمعاء النافعة التي تلعب دورًا في الهضم وصحة القولون. أظهرت إحدى الدراسات المختبرية أن بكتين قشر البرتقال يعمل كبريبيوتيك يعزّز نمو البكتيريا النافعة (البروبيوتيك) في الأمعاء. هذه البكتيريا تفرز بدورها مركبات تدعم صحة القولون وتثبّط نمو البكتيريا الممرضة.

 

إن وجود مجتمع ميكروبي صحي في الأمعاء مرتبط بتحسين الامتصاص الغذائي وتقوية المناعة وحتى تحسين الحالة المزاجية. كما تشير بعض الأدلة إلى أن مركبات الفلافونويد في الحمضيات قد تساعد في الوقاية من قرحة المعدة وتقليل الالتهابات في الجهاز الهضمي بخصائصها المضادة للأكسدة والالتهاب.

مضاد للسرطان والأمراض المزمنة: يحتوي البرتقال وقشره على باقة من المركبات التي تساهم في الوقاية من السرطان والأمراض المزمنة. فمضادات الأكسدة (مثل فيتامين C والفلافونويدات) تعمل على حماية الحمض النووي للخلايا من الطفرات التي قد تسبب السرطان. كما وجدت أبحاث مخبرية أن مركب الهيسبيريدين ومركبات الـPMFs الموجودة بكثرة في قشر البرتقال لديها تأثيرات مثبطة لنمو الخلايا السرطانية أو محفزة لموتها المبرمج.

 

بالإضافة إلى ذلك، ترتبط الأنظمة الغذائية الغنية بالألياف بانخفاض خطر سرطان القولون، نظرًا لدور الألياف في تسهيل التخلص من السموم وتحسين صحة القولون.

 

وإلى جانب السرطان، قد تساهم بوليفينولات البرتقال في تقليل مخاطر أمراض مزمنة أخرى؛ حيث أظهرت دراسات وبائية أن تناول الحمضيات يرتبط بتحسين التحكم في سكر الدم وتقليل معدلات السمنة ودعم وظائف الدماغ مع التقدم في العمر.

 

على سبيل المثال، النوبلتين وهو فلافونويد متوفر في قشور الحمضيات أثبتت تجارب ما قبل السريرية امتلاكه خصائص مضادة للالتهاب وتحسين حساسية الإنسولين، مما قد يساعد في الوقاية من السكري النوع الثاني والسمنة.

دعم صحة الدماغ: لعل من أقل الجوانب شهرةً هي فوائد البرتقال وقشره المحتملة لصحة الدماغ والوظائف الإدراكية.

 

وتشير أبحاث حديثة إلى أن بعض مركبات الفلافونويد الحمضية (كالهيسبيريدين والنوبلتين) لديها تأثيرات وقائية للأعصاب . وفي دراسة سريرية صغيرة على مرضى ألزهايمر، تبيّن أن تناول مستخلص مركز من قشور البرتقال غني بمركب النوبلتين يوميًا لمدة عام أدى إلى تباطؤ تدهور القدرات الإدراكية مقارنةً بالمرضى الذين لم يتناولوه.

واقترح الباحثون أن الخصائص المضادة للأكسدة والالتهاب لهذه المركبات، وقدرتها على تعزيز مسارات إشارات عصبية مرتبطة بالذاكرة، هي ما يمنحها هذا التأثير الواعد .

 

كما أظهرت تجربة أخرى أن شرب كبار السن لعصير برتقال غني بالفلافونويدات على مدى 8 أسابيع حسّن الأداء في اختبارات الذاكرة والسرعة الإدراكية .

 

على الرغم من أن هذا المجال من البحث لا يزال في بداياته، فإنه يلمّح إلى أن إضافة البرتقال أو مستخلصات قشره للنظام الغذائي قد يكون لها دور في الحفاظ على صحة الدماغ وتقليل خطر التدهور المعرفي مع السن.

الفوائد الجمالية والعناية بالبشرة بقشر البرتقال

لا تقتصر فوائد البرتقال على الصحّة الداخلية، بل تمتد لتشمل صحة البشرة والجمال بفضل غنى هذه الفاكهة بالمغذيات ومضادات الأكسدة.

 

يلعب فيتامين C دورًا مزدوجًا هنا، فإلى جانب كونه داعمًا للمناعة فهو ضروري لإنتاج الكولاجين الذي يحافظ على نضارة البشرة ومرونتها. إن تناول البرتقال الغني بفيتامين C يساهم في تحسين مظهر البشرة من الداخل عبر دعم تكوين الكولاجين وحماية الجلد من أضرار الجذور الحرة التي تسرّع الشيخوخة.


لكن الأبرز في المجال التجميلي هو قشر البرتقال واستخداماته الموضعية. تاريخيًا، استخدمت الكثير من الثقافات مطحون قشور البرتقال في أقنعة الوجه والمقشّرات الطبيعية لتحقيق بشرة أكثر إشراقًا ونعومة.

 

الفوائد عبر العناصر الفعالة في القشر

 

مضاد للأكسدة ومكافح لعلامات التقدّم بالسن: قشر البرتقال غني بمضادات الأكسدة (كفيتامين C والفلافونويدات) التي تحمي خلايا الجلد من الأكسدة الضوئية والتلف الناتج عن التعرض للأشعة فوق البنفسجية والتلوث. أشارت مراجعة علمية حديثة إلى أن هيسبيريدين – وهو فلافونويد وفير في قشور البرتقال – يتمتع بخصائص مضادة للأكسدة ومضادة للالتهاب تجعله مفيدًا في مستحضرات العناية بالبشرة الطبيعية، ويساعد الهيسبيريدين ومضادات الأكسدة الأخرى على تقليل ظهور التجاعيد والخطوط الرفيعة عبر تثبيط تكسر ألياف الكولاجين والإيلاستين في الجلد. كما أنها تحسّن من وظيفة حاجز البشرة مما يمنع فقدان الرطوبة ويحافظ على ليونة الجلد .

 

ويدرس العلماء حاليًا إدخال مستخلصات قشور البرتقال في منتجات مكافحة الشيخوخة لفعاليتها في تعزيز شباب البشرة بشكل مستدام وآمن.

تفتيح البشرة وتوحيد اللون: يحتوي قشر البرتقال على أحماض طبيعية مثل حمض الستريك وفيتامين C اللذين يعملان كمقشّر لطيف يزيل خلايا الجلد الميتة ويحفز تجدد الخلايا. هذا الأمر يساعد على تفتيح البقع الداكنة والتصبغات السطحية ومنح البشرة إشراقة طبيعية.

 

وتُشير تقارير إلى أن استعمال مسحوق قشر البرتقال ضمن ماسكات الوجه المنزلية مع مكونات أخرى (مثل اللبن أو العسل) يساهم في توحيد لون البشرة وتقليل التصبغات بفضل تأثير التقشير الكيميائي الخفيف لحمض الستريك وقدرات مضادات الأكسدة على تثبيط إنتاج الميلانين المفرط

كما يعمل القشر كمطهّر طبيعي للمسام؛ فهو يُنظف البشرة بعمق ويقلل الدهون الزائدة، مما ينعكس إيجابًا على صفاء البشرة ومنع ظهور الرؤوس السوداء وحب الشباب .

 

وبالفعل، بعض الأبحاث تشير إلى أن الخصائص المضادة للالتهابات في مستخلصات قشور الحمضيات يمكن أن تساعد في تهدئة حب الشباب وتحسين حالات مثل الصدفية عبر تشجيع تجدد خلايا جلدية صحية.

حماية من أضرار الأشعة فوق البنفسجية: أكدت دراسات مخبرية أن مركبات الفلافونويد في قشور البرتقال (مثل الهيسبيريدين والنوبلتين) قد توفر حماية ضد التأثيرات السلبية للأشعة فوق البنفسجية على الجلد.

 

هذه المركبات تستطيع امتصاص بعض الأشعة فوق البنفسجية وتعمل كمضادات أكسدة في الجلد، مما يقلل من تلف الحمض النووي الذي قد تقود إليه الأشعة UV ويخفض خطر احمرار الجلد والالتهاب بعد التعرض للشمس. بالتالي، يمكن أن تكون مستخلصات القشر مكونات فعالة في واقيات الشمس الطبيعية أو منتجات ما بعد التعرض للشمس لتقليل الضرر وتسريع تعافي الجلد.

التئام الجروح ومقاومة العدوى الجلدية: إلى جانب الفوائد الجمالية، يحمل قشر البرتقال خصائص مفيدة في شفاء الجلد. فمحتواه من فيتامين C يعزز إنتاج الكولاجين الضروري لتجديد أنسجة الجلد، مما قد يسرّع من التئام الجروح الصغيرة. أيضًا، الزيوت العطرية في القشر (خصوصًا زيت البرتقال الأساسي) لها خواص مضادة للبكتيريا والفطريات، فيمكنها المساعدة في تطهير الجروح البسيطة أو منع التهاب الجلد.

 

بعض الدراسات الاستكشافية وجدت أن تطبيق مستخلص قشر البرتقال على مواضع مصابة أدى إلى تحسن في ترميم الجلد وتقليل الالتهاب الموضعي. وعلى الرغم من أن هذه الاستخدامات الطبية ما زالت بحاجة إلى مزيد من البحث، فإنها تفتح المجال أمام تطوير علاجات جلدية طبيعية مستقبلاً.

تنبيه: رغم المزايا المذكورة، يُنصح دائمًا بتوخي الحذر عند تطبيق قشر البرتقال مباشرة على البشرة. قد يسبب التركيز العالي للزيوت الحمضية تهيجًا لدى البعض، لذا من الأفضل تجربة كمية صغيرة أولًا أو خلط مسحوق القشر مع مكونات مهدئة (كالزبادي أو العسل) لتخفيف حدته.

 

كذلك يجب غسل القشور جيدًا قبل استخدامها للتخلص من أية مبيدات حشرية عالقة استخدامه بشكل صحيح، يمكن أن يكون قشر البرتقال إضافة قيّمة لروتين العناية بالبشرة الطبيعي.

الفوائد البيئية وإعادة استخدام قشور البرتقال

يمتد تأثير البرتقال الإيجابي ليشمل الجانب البيئي أيضًا، خصوصًا عند الحديث عن إعادة استخدام قشور البرتقال وتقليل النفايات . في صناعة العصائر التجارية، يُمثّل قشر البرتقال ونواتجه الثانوية حوالي 50% من وزن الثمرة ، مما يعني كميات ضخمة من مخلفات البرتقال يتم التخلص منها، وبدلاً من اعتبار هذه القشور نفايات بلا قيمة، هناك توجه متزايد نحو تثمين مخلفات الحمضيات عبر إيجاد استخدامات جديدة ومستدامة لها، مما يحقق منافع بيئية واقتصادية في آن واحد. فيما يلي بعض الطرق التي تساهم بها قشور البرتقال في الحفاظ على البيئة وتقليل الهدر:

- تحويل القشور إلى سماد عضوي ومخصّب طبيعي: تحتوي القشور على مواد عضوية غنية بالعناصر الغذائية (مثل البوتاسيوم والمغنيسيوم) المفيدة للتربة. يمكن تسميد (كمبوست) قشور البرتقال مع باقي المخلفات العضوية لتحويلها إلى سماد طبيعي يحسّن من بنية التربة وخصوبتها.

 

هذا يخفّض من كمية النفايات العضوية التي تنتهي في مدافن القمامة ويقلل انبعاثات غاز الميثان الناتج عن تحللها اللاهوائي هناك.

 

وفي إحدى التجارب الريادية في كوستاريكا قدمت مثالًا مذهلًا على قوة مخلفات البرتقال في استعادة النظم البيئية المتدهورة: حيث تم تفريغ آلاف الأطنان من قشور البرتقال في أرض بور ضمن أحد المتنزهات الوطنية في التسعينات. وبعد 16 عامًا، وجد الباحثون أن تلك الأرض تحوّلت إلى غابة غنية بالنباتات بزيادة 176% في الكتلة الحيوية للأشجار مقارنةً بالأراضي المجاورة غير المعالجة

- منظفات طبيعية صديقة للبيئة: تحتوي قشور البرتقال على نسبة عالية (حوالي 90%) من زيت أساسي يُدعى دي-ليمونين (d-Limonene) ، وهو مركب ذو رائحة حمضية منعشة وقدرة قوية على إذابة الشحوم. يُستخدم الليمونين المستخلص من الحمضيات بالفعل في العديد من منتجات التنظيف الصديقة للبيئة لإزالة الدهون والبقع العنيدة.

 

ويمكن لأي شخص إعداد منظف منزلي طبيعي بنقع قشور البرتقال في الخل لعدة أسابيع، حيث يعمل الخل على استخلاص الزيوت الفعالة من القشور. المحلول الناتج يُخفف بالماء ويُستخدم كرذاذ لتنظيف الأسطح والزجاج وإزالة الروائح الكريهة في المطبخ والحمام.

 

يوفر هذا البديل الطبيعي فعالية تنظيف جيدة بفضل قوة البرتقال الحمضية دون الحاجة للمواد الكيميائية القاسية الموجودة في المنظفات التجارية. وإضافةً إلى الخاصية التنظيفية، يمنح زيت البرتقال رائحة عطرة للمكان ويعمل كمضاد جراثيم خفيف مما يساعد في تطهير الأسطح بشكل طبيعي. استخدام قشور البرتقال في التنظيف يقلل أيضًا من العبوات البلاستيكية لمنظفات المتجر ويثري مفهوم التنظيف المستدام الذي يحافظ على البيئة وصحة أفراد الأسرة.

-تغذية الحيوانات واستخراج المكونات النافعة صناعياً: على نطاق أوسع، تستفيد بعض الصناعات الزراعية من مخلفات البرتقال. فمثلًا، تُضاف القشور المجففة إلى أعلاف الماشية كمصدر للألياف والطاقة الرخيصة.

 

ورغم أن قيمتها التغذوية محدودة نسبيًا (ذكر تقرير أنها أقل من 5 سنتات للرطل ، إلا أن استخدامها كعلف يُعد أفضل بيئيًا من رميها.

 

علاوة على ذلك، هناك بحوث تعمل على استخلاص مركبات قيّمة من القشور لاستخدامها في صناعات غذائية ودوائية. على سبيل المثال، يتم استخلاص البكتين تجاريًا من قشور الحمضيات لاستخدامه كمادة هلامية طبيعية في صناعة المربيات والحلويات .

 

أيضًا يُستخرج زيت الليمونين لاستخدامه كمذيب عضوي آمن وكعطر في منتجات التنظيف والتجميل. ومؤخرًا، أشارت دراسات إلى إمكانية استخراج مركبات الفلافونويد بتركيزات عالية من القشور لاستخدامها كمكملات صحية أو إضافات غذائية نظرًا لفوائدها الطبية المحتملة (مثل دعم القلب والدماغ ). هذه الممارسات الصناعية تتماشى مع مفهوم الاقتصاد الدائري الذي يهدف إلى تقليل الهدر من خلال تحويل المخلفات إلى موارد جديدة  .

بشكل عام، يُبرز استغلال قشور البرتقال وتحويلها إلى منتجات نافعة كيف يمكن للتفكير المستدام أن يحمي البيئة ويخلق قيمة مضافة من المخلفات. فبدلاً من أن تسهم جبال قشور البرتقال في مشكلة النفايات، يمكنها أن تصبح جزءًا من الحل لمشكلات بيئية وزراعية، ابتداءً من تقليل الاعتماد على الكيماويات الصناعية في التنظيف، وصولًا إلى المساعدة في مشاريع التشجير وإصلاح التربة.

يثبت البرتقال وقشره أنهما أكثر من مجرد فاكهة لذيذة وفضلاتها. إنهما حزمة متكاملة من العناصر الغذائية المفيدة و المركبات الطبيعية الفعّالة التي يمكن تسخيرها لتعزيز الصحة من الداخل والخارج، بالإضافة إلى فوائد بيئية مدهشة عند إعادة الاستخدام. لقد رأينا كيف يدعم فيتامين C والألياف ومضادات الأكسدة الوفيرة في البرتقال صحة جهاز المناعة والقلب والهضم، وكيف تساهم مركبات القشر الفريدة في الوقاية من الأمراض المزمنة وحتى تعزيز صحة البشرة والدماغ

وعلى الصعيد الجمالي، فإن استعمالات قشر البرتقال في العناية بالبشرة ليست مجرد وصفات شعبية، بل تستند إلى خصائص حقيقية مضادة للأكسدة والالتهاب تساهم في نضارة الجلد ومكافحة علامات التقدم في السن .

 

أما بيئيًا، فإن تحويل مخلفات البرتقال إلى موارد – سواء كسماد أو منظفات طبيعية أو مستخلصات صناعية – يبرهن على إمكانية التنمية المستدامة من خلال تقليل النفايات- وكالات 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق