قدّمت الحكومة 12 مقترحاً -أكرر مقترحاً- تقول إن وافقت السلطة التشريعية عليها سنقضي على العجز في الميزانية العامة، أي سنحقّق التوازن المالي الذي نهدف له، بل إنه ممكن أن يصبح عندنا فائض بمبلغ قد يصل إلى 5 ملايين نهاية هذه السنة، و25 مليون دينار السنة القادمة، بدلاً من العجز الحالي الذي يزيد عن 2029 مليون دينار، خلاصتها أن «المواطن» سيكون هو من المورد الإضافي في الميزانية فهو الذي يسدّد العجز.
المقترحات كالتالي:
1- رفع كفاءة المصروفات العامة.
2- تعديل سعر الغاز الطبيعي التجارية. (المواطن).
3- تحرير أسعار الوقود والكهرباء والماء مع استمرار دعم المواطنين. (المواطن).
4- استحداث رسوم على الانبعاثات الكربونية. (المواطن).
5- فرض إيرادات على أرباح الشركات المحلية. (المواطن).
6- زيادة إيرادات القيمة المضافة. (المواطن).
7- زيادة الإيرادات الانتقائية على الأغذية غير الصحية. (المواطن).
8- زيادة الإيرادات الانتقائية الحالية. (السجائر والشيشة مثلاً) أيضاً (المواطن).
9- استحداث رسوم لاستدامة البنية التحتية. (المواطن).
10- تطبيق الضمان الصحي مع استحداث رسم التأمين الصحي للأجانب.
11- فرض رسوم على الصرف الصحي دون المساس بالمسكن الأول للمواطنين. (المواطن).
12- تنفيذ حزمة من مبادرات تنمية الإيرادات، وانخفاض مصروفات فوائد الدّيْن.
(انتهى).
كما نرى أن الحلول كلها مبنية على استحداث رسوم جديدة على المواطن لم تكن موجودة من قبل، وزيادة رسوم موجودة فعلاً، أما عبارة «لن يؤثر على الدعم» فتلك حقيقة لأن أوجه صرف الدعم المعروفة لن تُمسّ فعلاً إنما ستُستحدث رسوم لخدمات جديدة سيتمّ التعامل معها كمثيلاتها، مثال فاتورة الكهرباء المدعومة للبيت الأول فقط هكذا ستكون فاتورة الصرف الصحي مدعومة للبيت الأول فقط، أما البيت الثاني فسيدفعها دون دعم.
ستجتمع الحكومة مع النواب يومين أسبوعياً لمناقشة هذه المقترحات، وهنا ستتمّ الإجابة على تفاصيل غير موجودة تحتاج إلى توضيح ويأتي على رأسها أثر هذه المقترحات لا على المواطن فحسب، بل على الاقتصاد بشكل عام، إذ إن مراعاة أثر أي إجراء على الاقتصاد كانت دوماً موضع اعتبار، فإن كان له أثر سلبي على الاقتصاد ننصرف عنه، ومثال على ذلك حين تمّ اقتراح تحصيل رسوم على تحويلات الأجانب للأموال والتي ممكن أن تُضيف للإيرادات مبالغ تصل إلى 50 مليون دينار سنوياً، قيل وقتها إن لها أثرها السلبي على الاقتصاد وضررها أكبر من نفعها لأنها ستؤثر على وضعنا التنافسي وستفتح باب السوق السوداء لتهريب الأموال، فرُفِضَت الفكرة.
فهل تمّت دراسة الآثار السلبية لهذه المقترحات الجديدة والتي سيدفع أغلبها المواطن على الاقتصاد بشكل عام؟
أما المسألة الأخرى فهي يبدو أننا لم نعد نملك البدائل في اقتصاد غير منتج، بل اقتصرنا على موارد طبيعية شحيحة وعلى الرسوم كموارد تُحتسب للميزانية، خاصة وللتذكير أنه بسبب الزيادة التي يدفعها المواطن الآن زادت إيرادات الدولة من 565 مليون دينار في 2022 إلى 1187 مليون دينار في 2023 أي بنسبة عالية قدرها 110%. وكله من جيب المواطن.
ثم ضاعف المواطن البحريني مورداً آخر وهو ما ترتب على زيادة ضريبة القيمة المضافة التي تصاعد سعرها من 5% إلى 10%. سجّلت هذه الحصيلة ارتفاعاً غير مسبوق من 360 مليون دينار في 2022 إلى 602 مليون دينار في 2023 أي بنسبة 67%.
والآن بالمقترحات الجديدة فإن الحل الوحيد الماثل أمامنا هو أن يدفع المواطن الفارق بين مواردنا ومصروفاتنا لا حتى نسدد عجزنا فحسب، بل ليكون عندنا فائض!!
هذه مقترحات ستؤثر وبشكل كبير على أصحاب الدخل المنخفض، ستؤثر على القطاع العقاري، ستؤثر على أرباح الشركات المحلية، أي ستؤثر سلباً على نمونا الاقتصادي ومستويات المعيشة، بمعنى سنُسدّد العجز ولكن.. هذه الـ«لكن».. هي التي يجب أن نقف عندها كثيراً، إذ ما الفائدة أن نقول إن العملية نجحت بس المريض مات؟!!
فلا تستهينوا بالأثر على أصحاب الدخول، فهم قد دفعوا ولم يتبقَّ شيء، وبالمقابل لابد أن نفكّر في البدائل إن رفضنا هذه المقترحات، فبقاء العجز وبقاء مصروفاتنا كما هي، سيدفعنا للاستدانة وسنغرق أكثر في الدّيْن العام.
كيف ممكن أن نزيد إيراداتنا بعيداً عن جيب المواطن؟ كيف ممكن أن نقلص مصروفاتنا بعيداً عن المساس بجودة الخدمات والدعومات؟ ليتم النقاش وتقديم المقترحات وهذا الميدان للعقول الوطنية، إنما لتكن قلوبنا وعقولنا مفتوحة للمساهمات الإيجابية والأفكار الجديدة التي لا تكتفي بالتحلطم بل تمنح البدائل إن وُجِدَت.
0 تعليق