منصة «تجاوب» نقلة نوعية في العلاقة بين الحكومة والمواطن

صحيفة عمان 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تأخذ الدول المتقدمة على عاتقها بناء روابط متينة بين المؤسسات الحكومية وبين المواطنين وتعول على قوة هذه الروابط في تفاعل المواطنين مع مشاريع الحكومة فكلما كانت الروابط قوية كان التفاعل أكبر وتبني أطروحات الحكومة أوسع.

ويبدو أن العصر الذي نعيش فيه والذي تتحكم فيه بشكل أساسي البيانات والتكنولوجيا يفرض أدوات وآليات حديثة لبناء تلك الروابط لتكون متناسبة مع لغة العصر ومعطياته.

وأطلقت سلطنة عُمان المنصة الوطنية للمقترحات والشكاوى «تجاوب» بهدف بناء هذا التواصل بين المواطنين وبين المؤسسات الحكومية حيث تتحول العلاقة بين الحكومة والمواطنين من نمط الاستجابة المتأخرة إلى نموذج التفاعل الفوري والتشاركية الفاعلة.

لا تقاس الأنظمة الحكومية في هذه المرحلة التي نعيشها بقدرتها على تنفيذ السياسات ولكن بمدى استجابتها لاحتياجات المواطنين، وسرعة التعامل مع المشكلات؛ وهذا الأمر بالتحديد هو أحد أهم أهداف منصة «تجاوب»، التي لا تقتصر على كونها وسيلة لتلقي الشكاوى والبلاغات، بل تتجاوز ذلك لتكون «جسرا رقميا» يعزز التواصل، ويجعل صوت المواطن جزءا من عملية صنع القرار وتحسين الأداء الحكومي.

إن أهم ما يجعل هذه المبادرة متميزة هو أنها ليست مجرد تطبيق إلكتروني أو واجهة حكومية إضافية، بل هي تحول جوهري في طريقة فهم الحكومة لدورها، فبدلا من الإدارة البيروقراطية المغلقة، حيث يتم اتخاذ القرارات في غرف مغلقة، توفر «تجاوب» نافذة رقمية مفتوحة على مدار الساعة، تُتيح للمواطن التعبير عن مشاكله والتحديات التي يواجهها في حصوله على الخدمات، إضافة إلى المساهمة في صياغة الحلول وهذا ما يجعل المواطن شريكا في صياغة السياسات وفي بناء التحولات التي يريدها لوطنه.

تكامل المنصة مع أكثر من 55 مؤسسة حكومية الأمر الذي يعطيها القدرة لتصبح منظومة متكاملة تهدف إلى بناء علاقة أكثر شفافية وثقة بين المواطن والحكومة. هذا يعني أن المؤسسات الحكومية تتحول شيئا فشيئا إلى مؤسسات قادرة على التفاعل اليومي مع المواطنين/ الجمهور من أجل تطوير الأداء وتحسين مسارات الخدمات.

وتعتمد المنصة على الذكاء الاصطناعي في عملية فرز الشكاوى وتصنيفها الأمر الذي سيمكن الحكومة من فهم الأنماط المتكررة للمشاكل وتحليلها بسرعة، ما يساعدها في معالجة القضايا الجوهرية بدلا من الاكتفاء بالاستجابة للطلبات الفردية. ولا شك أن استخدام هذه التقنيات من شأنه أن يكون مقدمة لإعادة تصميم الخدمات الحكومية بناء على ما يحتاجه المواطنون فعليا، وليس بناء على ما تراه الإدارات التقليدية مناسبا.

إن المواطنين في أي دولة من الدول في أمس الحاجة إلى رؤية آليات حديثة تعكس نضج فكرة العلاقة بين المواطن والحكومة حيث تؤكد الحكومات انفتاحا على الآراء والملاحظات وتبني المقترحات القابلة للتطبيق والتي تشعر المواطن أنه جزء من الحل وجزء أساسي من صناعة السياسات في الوطن الذي يعيش فيه.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق