loading ad...
يستمر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أكثر من عام ونصف. وفي سياق هذا العدوان لا يقتصر بنك الأهداف الاسرائيلية على القضاء على فصائل المقاومة ونزع سلاحها وتهجير الكتلة السكانية في القطاع وتأمين مستوطنات غلاف غزة وتحقيق مشروع اسرائيل الكبرى، بل يتسع ليشمل اهدافا استراتيجية أكبر تتخادم مع معركة كبرى عنوانها إعادة رسم الخرائط السياسية والأمنية والاقتصادية العالمية وتحت سؤال عريض لم تحسم إجابته بعد، من يحكم العالم؟اضافة اعلان
في أيلول 2023، وعلى هامش اجتماعات قمة العشرين، أطلقت واشنطن في محاولة لمواجهة صعود الصين مبادرة الممر الاقتصادي الهند – الشرق الأوسط – أوروبا، بمشاركة أميركا ودول الاتحاد الأووربي ودول الخليج، والاحتلال، يهدف الممر إلى ربط الهند بأوروبا عبر غرب آسيا، من خلال شبكة نقل تتراوح من الشحن بالسفن وصولا إلى السكك الحديد، والتي ستُكمِّل طرقات النقل البحري والبري القائمة، فضلًا عن الكابلات الكهربائية لتعزيز الاتصال الرقمي وأنابيب تصدير الهيدروجين النظيف.
يكشف هذا الممر عن أولوية الدفاع عن الهيمنة الغربية في المنطقة، ومنع التمدد الصيني وحلفائها في البريكس، إذ أفضت مسار الحرب الروسية والأوكرانية الذي يميل لصالح موسكو، إلى تهديد القوى الغربية ومكانتها في قيادة العالم، فكانت غرب آسيا ساحة معركة جديدة، وأم المعارك في محاولة لإعادة ضبط التوازن الدولي وإثبات سيطرة الغرب على العالم.
من مفارقات الجغرافية السياسة الطبيعية أن تكون غزة بمساحة 365 كيلومترا مربعا فقط، هي حجر الرحى في هذا المشروع، نظرا لوجود القطاع في قلب الممر الاقتصادي، وهو ما يفسر بجانب عقيدة القتل المتأصلة في عقل كيان الإبادة، استمرار الحرب في غزة بهدف تأمين الممر من القطاع والسيطرة عليه أمنيا وإنهاء كافة معاقل المقاومة فيه، الذي سينقل الاحتلال الاسرائيلي من كونه طرفا تجاريا في مشروع الممر الاقتصادي إلى ذراع جيوسياسية استراتيجية تتيح له أن يكون شرطي المنطقة ودولة مفترق طرق في المنطقة بيديها مفاتيح اللعب – الطاقة والأمن والمياه -، ورغم ذلك فالمفارقة الكبرى أن الحرب على غزة قد تهدد هذا المشروع برمته وقد أشار تقريران صادران عن مؤسسة كارنيغي ومجلة الدبوماسي، إن الحرب على غزة تهدد الممر الاقتصادي الهند – الشرق الأوسط – أوروبا، قبل أن يبدأ، بسبب البيئة الأمنية غير المستقرة.
يضاف البحر الأحمر إلى قطاع غزة كأحد العقد الجيوسياسية، فهو ممر بحري استراتيجي لمبادرة الحزام والطريق، ونظرا لأهميته أنشات الصين أول قاعدة عسكرية في جيبوتي عام 2017 لحماية مصالحها التجارية وبوابة عبر نفوذ لها إلى أفريقيا، وقد صبت ضربات الحوثيين ضد حركة الشحن في البحر الأحمر بشكل غير مباشر في حصالة المصالح الاستراتيجية للصين، دفع ذلك أميركا لتنفيذ سلسلة اجراءات ضغط قصوى عسكرية ودبلوماسية على صنعاء لاستعادة الأمن البحري في البحر الأحمر، وإعادة تشكيل النظام الإقليمي بما يخدم مصالح الغرب وفي مواجهة النفوذ الصيني تحديدا مع ارتفاع نسق المناورات الصينية الإيرانية الروسية (الحزام الأمنيالبحري 2025) في خليج عُمان، وهي المنطقة التي تحد نقطتين، مضيق هرمز ومضيق باب المندب، حيث نشرت الصين سفناً حربية من قاعدتها البحرية الخارجية في جيبوتي قادرة على جمع المعلومات الاستخباراتية وتوفير الإمدادات اللوجستية للسفن البحرية الإيرانية والروسية.
في الجهة المقابلة، ترى الصين في هذا الممر تهديدا وجوديا لمبادرة الحزام والطريق، والتفافا مقلقا على الطرق التجارية التي تعتمد عليها الصين مثل بحر الصين الجنوبي، والمحيط الهندي وقناة السويس، لا سيما وأن سياستها المناورة الناعمة في ظل الأحداث في غرب آسيا كانت تحت شعار « ضع الضفادع تغلي على مهل»، أي تهديد هياكل الهيمنة الغربية في غرب آسيا التي صممتها وول سترييت بقيمة تزيد على 650 تريليون دولار، بهدوء تام، مستفيدة بشكل غير مباشر من بقاء غزة ومقاومتها ومن تهديدات حركة الشحن العالمي في البحر الأحمر وتهديد ميناء حيفا، وبما يخدم تصورها الاستراتيجي القائم على سياسة شراء الوقت ومنع سيطرة الغرب على الطرق التجارية العالمية، وما يتيح لها هوامش جيوسياسية أكبر للتسريع في تنفيذ مبادرة الحزام والطريق الممر الاقتصادي الآخر في معركة السيطرة على العالم الذي أطلق في عام 2013 ويتوقع الانتهاء منه بحلول 2049 وخصصت له 126 مليار دولار، كمحاولة لعلاج الخلل في البنية التحتية وتسريع النمو الاقتصادي في آسيا والمحيط الهادئ وأفريقيا ووسط وشرق أوروبا، عبر مشاريع بنية تحتية واستثمارات تاريخية تغطي أكثر من 68 دولة، بما في ذلك 65 % من سكان العالم، ونحو 40 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
التطورات الجيوسياسية هذه وما ينضوي تحت لوائها من حروب ممرات اقتصادية، ورغبة واشنطن في حكم غزة وترتيب ملف البحر الأحمر أمنيا واعادة رسم الخرائط السياسية يعني أن أميركا تحمل غرب آسيا معها كذراع جيوسياسية مركزية في مواجهة الصين ونفوذها التي بدورها ترى أن غرب آسيا نقطة انطلاق لتآكل جدار الهيمنة الغربية على العالم، وأن غرب آسيا بجناحيها الرئيسين غزة والبحر الأحمر هي ساحة مركزية في الصراع الدولي، والشكل الذي سينتهي فيه الحسم سيجيب على سؤال التاريخ من يحكم العالم؟ هل هو النظام العالمي القائم على القواعد بقيادة الغرب (الشمال العالمي)، أم التصور لنظام عالمي متعدد الأقطاب بقيادة الجنوب العالمي؟
في أيلول 2023، وعلى هامش اجتماعات قمة العشرين، أطلقت واشنطن في محاولة لمواجهة صعود الصين مبادرة الممر الاقتصادي الهند – الشرق الأوسط – أوروبا، بمشاركة أميركا ودول الاتحاد الأووربي ودول الخليج، والاحتلال، يهدف الممر إلى ربط الهند بأوروبا عبر غرب آسيا، من خلال شبكة نقل تتراوح من الشحن بالسفن وصولا إلى السكك الحديد، والتي ستُكمِّل طرقات النقل البحري والبري القائمة، فضلًا عن الكابلات الكهربائية لتعزيز الاتصال الرقمي وأنابيب تصدير الهيدروجين النظيف.
يكشف هذا الممر عن أولوية الدفاع عن الهيمنة الغربية في المنطقة، ومنع التمدد الصيني وحلفائها في البريكس، إذ أفضت مسار الحرب الروسية والأوكرانية الذي يميل لصالح موسكو، إلى تهديد القوى الغربية ومكانتها في قيادة العالم، فكانت غرب آسيا ساحة معركة جديدة، وأم المعارك في محاولة لإعادة ضبط التوازن الدولي وإثبات سيطرة الغرب على العالم.
من مفارقات الجغرافية السياسة الطبيعية أن تكون غزة بمساحة 365 كيلومترا مربعا فقط، هي حجر الرحى في هذا المشروع، نظرا لوجود القطاع في قلب الممر الاقتصادي، وهو ما يفسر بجانب عقيدة القتل المتأصلة في عقل كيان الإبادة، استمرار الحرب في غزة بهدف تأمين الممر من القطاع والسيطرة عليه أمنيا وإنهاء كافة معاقل المقاومة فيه، الذي سينقل الاحتلال الاسرائيلي من كونه طرفا تجاريا في مشروع الممر الاقتصادي إلى ذراع جيوسياسية استراتيجية تتيح له أن يكون شرطي المنطقة ودولة مفترق طرق في المنطقة بيديها مفاتيح اللعب – الطاقة والأمن والمياه -، ورغم ذلك فالمفارقة الكبرى أن الحرب على غزة قد تهدد هذا المشروع برمته وقد أشار تقريران صادران عن مؤسسة كارنيغي ومجلة الدبوماسي، إن الحرب على غزة تهدد الممر الاقتصادي الهند – الشرق الأوسط – أوروبا، قبل أن يبدأ، بسبب البيئة الأمنية غير المستقرة.
يضاف البحر الأحمر إلى قطاع غزة كأحد العقد الجيوسياسية، فهو ممر بحري استراتيجي لمبادرة الحزام والطريق، ونظرا لأهميته أنشات الصين أول قاعدة عسكرية في جيبوتي عام 2017 لحماية مصالحها التجارية وبوابة عبر نفوذ لها إلى أفريقيا، وقد صبت ضربات الحوثيين ضد حركة الشحن في البحر الأحمر بشكل غير مباشر في حصالة المصالح الاستراتيجية للصين، دفع ذلك أميركا لتنفيذ سلسلة اجراءات ضغط قصوى عسكرية ودبلوماسية على صنعاء لاستعادة الأمن البحري في البحر الأحمر، وإعادة تشكيل النظام الإقليمي بما يخدم مصالح الغرب وفي مواجهة النفوذ الصيني تحديدا مع ارتفاع نسق المناورات الصينية الإيرانية الروسية (الحزام الأمنيالبحري 2025) في خليج عُمان، وهي المنطقة التي تحد نقطتين، مضيق هرمز ومضيق باب المندب، حيث نشرت الصين سفناً حربية من قاعدتها البحرية الخارجية في جيبوتي قادرة على جمع المعلومات الاستخباراتية وتوفير الإمدادات اللوجستية للسفن البحرية الإيرانية والروسية.
في الجهة المقابلة، ترى الصين في هذا الممر تهديدا وجوديا لمبادرة الحزام والطريق، والتفافا مقلقا على الطرق التجارية التي تعتمد عليها الصين مثل بحر الصين الجنوبي، والمحيط الهندي وقناة السويس، لا سيما وأن سياستها المناورة الناعمة في ظل الأحداث في غرب آسيا كانت تحت شعار « ضع الضفادع تغلي على مهل»، أي تهديد هياكل الهيمنة الغربية في غرب آسيا التي صممتها وول سترييت بقيمة تزيد على 650 تريليون دولار، بهدوء تام، مستفيدة بشكل غير مباشر من بقاء غزة ومقاومتها ومن تهديدات حركة الشحن العالمي في البحر الأحمر وتهديد ميناء حيفا، وبما يخدم تصورها الاستراتيجي القائم على سياسة شراء الوقت ومنع سيطرة الغرب على الطرق التجارية العالمية، وما يتيح لها هوامش جيوسياسية أكبر للتسريع في تنفيذ مبادرة الحزام والطريق الممر الاقتصادي الآخر في معركة السيطرة على العالم الذي أطلق في عام 2013 ويتوقع الانتهاء منه بحلول 2049 وخصصت له 126 مليار دولار، كمحاولة لعلاج الخلل في البنية التحتية وتسريع النمو الاقتصادي في آسيا والمحيط الهادئ وأفريقيا ووسط وشرق أوروبا، عبر مشاريع بنية تحتية واستثمارات تاريخية تغطي أكثر من 68 دولة، بما في ذلك 65 % من سكان العالم، ونحو 40 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
التطورات الجيوسياسية هذه وما ينضوي تحت لوائها من حروب ممرات اقتصادية، ورغبة واشنطن في حكم غزة وترتيب ملف البحر الأحمر أمنيا واعادة رسم الخرائط السياسية يعني أن أميركا تحمل غرب آسيا معها كذراع جيوسياسية مركزية في مواجهة الصين ونفوذها التي بدورها ترى أن غرب آسيا نقطة انطلاق لتآكل جدار الهيمنة الغربية على العالم، وأن غرب آسيا بجناحيها الرئيسين غزة والبحر الأحمر هي ساحة مركزية في الصراع الدولي، والشكل الذي سينتهي فيه الحسم سيجيب على سؤال التاريخ من يحكم العالم؟ هل هو النظام العالمي القائم على القواعد بقيادة الغرب (الشمال العالمي)، أم التصور لنظام عالمي متعدد الأقطاب بقيادة الجنوب العالمي؟
0 تعليق