loading ad...
عمان - لم تكن قصة حب ولدت من نظرة أو نبضة قلب، بل من حسابات أم ظنت أن المال هو الطريق المختصر للسعادة، فرتبت كل شيء بعناية.
تقول ليلى: "كنت صغيرة لا أفهم معنى الزواج، ولا أدرك أن الحب لا ينمو في بيئة مصطنعة. تزوجت كما أرادت أمي، وباركت هذا الزواج، لكن الأمر لم يتوقف عند ذلك".اضافة اعلان
فقد سيطرت الأم على تفاصيل حياة ليلى، وأصبحت تتحكم بكل شيء، من "صباح الخير" إلى "تصبحين على خير". كانت توجهها كيف تضحك، ماذا ترتدي، ماذا تطلب من زوجها، وحتى أدق تفاصيل يومها.
تتابع ليلى، التي تبلغ من العمر خمسة وعشرين عاما: "يوما بعد آخر، لم أعد أميز صوتي من بين الأصوات. صرت أعيش بصوت أمي، أختار كلماتها، ووفقا لتوقعاتها".
لم يمض وقت طويل حتى شعر زوجها أنها لم تعد كما كانت، ووالدتها أصبحت ظلا ثقيلا يتحكم بكل تفاصيل حياتهما. ليقول لها "كنت أرى والدتك تتحدث من خلالك، تختار، وتقرر كل شيء".
ليلى لم تخسر زوجها فقط، بل خسرت نفسها حين سمحت لأمها بأن تكون الشريك الثالث في علاقة لا تحتمل أكثر من اثنين.
ليست قصة ليلى استثناء، بل تمثل نموذجا متكررا لحالات تبدأ بنية طيبة من أم تخاف على مستقبل ابنتها، أو نتيجة لتقارب الأجيال والتطور التكنولوجي، إذ أصبحت الأم وابنتها ترتادان المنصات الاجتماعية ذاتها، تتابعان البرامج نفسها، وتتسوقان من الأماكن ذاتها، حتى يصعب أحيانا تمييز الاختلاف بينهما في طريقة التفكير.
لكن النهاية تكون مؤلمة حين تنقلب هذه العلاقة إلى نوع من التقمص المرضي، فتصبح الأم تعيش من خلال ابنتها، وتحتكر قراراتها، حتى في أكثر الأمور حساسية.
الاستشارية النفسية والأسرية والتربوية حنين البطوش، ترى أن هذا التقمص العاطفي من الأم ناتج عن تجاوز حدودها الطبيعية، وتدخلها المفرط في تفاصيل علاقة ابنتها، سواء الزوجية أو العاطفية، وكأنها طرف شريك في العلاقة. فتبدأ بإبداء آرائها بشكل مبالغ فيه تجاه الشريك أو الزوج، أو تحاول التحكم في مسار العلاقة، وفرض تصوراتها الخاصة، وقد يتطور الأمر إلى خلق جو من الغيرة أو المنافسة غير الصحية، ما يحول الأم من داعمة إلى خصم أو بديل.
وتضيف البطوش: "من المهم أن ندرك أن التسلط أو التدخل المفرط قد يكون سببا في تعثر أبنائنا، فهم أمانة، ومن الطبيعي أن يخطئوا ويتعلموا، ويتخذوا قراراتهم بأنفسهم، لذلك إن حدث تدخل، فيجب أن يكون بدافع النصح والإصلاح، لا السيطرة والتقييد. فكثير من الأمهات، بدافع الحب أو القلق، لا يدركن أنهن يعطلن استقلال بناتهن ويكسرن شخصيتين من دون قصد".
وتردف البطوش "أن من أهم الأسباب النفسية والاجتماعية التي قد تدفع بعض الأمهات لتقمص دور بناتهن؛ الشعور الداخلي بفقدان الدور أو اضطراب في الهوية، فالأم التي لم تعش ما تمنته في شبابها قد ترى في ابنتها فرصة لإعادة التجربة أو تصحيح ما تعتبره أخطاء الماضي والفراغ العاطفي أو الوحدة، خاصة في حالة علاقة زوجية غير مرضية، ما يدفعها للتشبت بتفاصيل حياة ابنتها، أيضا الخوف والقلق الزائد؛ حيث تتصرف الأم بدافع الحماية، لكنها في الواقع تسلب ابنتها استقلالها".
ووفق البطوش، فإن التداخل بين دوري الأم والصديقة يجعل من الصعب على بعض الأمهات التراجع عندما تبدأ البنت بعيش حياتها الخاصة، فيستمر التعلق ويترجم على شكل سيطرة، وقد ينبع هذا السلوك من شعور الرغبة بالسيطرة عليها أو من تاريخ علاقة اندماجية بينهما.
وترى البطوش أن من أهم الأسباب، كذلك، ضعف شخصية الابنة نفسها، فكلما كانت البنت خاضعة وغير واضحة في قراراتها، فتحت المجال لتدخل الأم وهيمنة رأيها، سواء بحسن النية أو برغبة في السيطرة.
وقد ينتج عن تدخل الأم المفرط في علاقات ابنتها نتائج سلبية، بحسب البطوش، تطال جميع الأطراف، تبدأ باضطراب الهوية العاطفية؛ حيث لا تعيش الابنة حياتها من دون وصايا، كما أنها تعوق نموها العاطفي والنفسي وتؤخر نضجها وتبني لديها صراعات داخلية وعلاقة غير صحية مع زوجها الذي قد يشعر بالإهانة والتجاهل.
وحول كيفية تصرف البنات في مثل هذه الحالة، تقول البطوش "إن على الابنة أن تتعامل مع هذا الوضع بحكمة ووعي بعيدا عن الصدام المباشر، وأن تتواصل معها بلطف من دون أي تجريح، وتضع حدودا سليمة تتماشى مع وضعها الجديد وطبيعة حياتها مع احتمالية وجود مقاومة محتملة من الأم، ثم تبدأ البنت بالتدرج في الانفصال العاطفي عبر تقليل الاعتماد عليها لتعيد تشكيل هويتها".
ومن المهم أيضا ألا تشعر الابنة بالذنب تجاه وضع هذه الحدود، مدركة أنها ضرورية لنموها الشخصي في حال كان هناك ارتباط رسمي أو خطبة.
ومن الممكن إشراك الزوج في وضع الحدود، خاصة إذا كان من أصحاب الحكمة والدراية، للحيلولة دون تدخل الأم، ولكن من دون مواجهة مباشرة قد تؤدي إلى توتر العلاقة. وفي الحالات التي يصعب فيها التفاهم، أو إذا كانت العلاقة مؤذية، يمكن الاستعانة بطرف ثالث ناضج، كالأب أو خالة عاقلة، لشرح الموقف للأم وتخفيف التوتر بطريقة موضوعية.
الهدف هو وقف حالة التقمص التي تعيشها الأم لدور الابنة في علاقاتها العاطفية، وكسر نمط سلوكي معقد، له جذور عميقة وعواقب وخيمة. وهذا يتطلب وعيا حقيقيا، وجهدا مشتركا من الطرفين، إلى جانب تواصل صريح وحازم، ووضع حدود صحية تحترم استقلالية الابنة وحقها في أن تعيش تجربتها الخاصة.
يقول الدكتور المحامي عاكف المعايطة، إنه من خلال خبرته في التعامل مع قضايا الطلاق في المحكمة الشرعية، لاحظ وجود عدد من حالات الطلاق التي تعود أسبابها إلى تدخل الأمهات في حياة بناتهن، بأشكال وصور متعددة. ويشير إلى أن معظم هذه الحالات تسجل تحت بند "خلافات عائلية"، مما يصعب توفر دراسات دقيقة تظهر الحجم الحقيقي لهذه الظاهرة.
تقول ليلى: "كنت صغيرة لا أفهم معنى الزواج، ولا أدرك أن الحب لا ينمو في بيئة مصطنعة. تزوجت كما أرادت أمي، وباركت هذا الزواج، لكن الأمر لم يتوقف عند ذلك".اضافة اعلان
فقد سيطرت الأم على تفاصيل حياة ليلى، وأصبحت تتحكم بكل شيء، من "صباح الخير" إلى "تصبحين على خير". كانت توجهها كيف تضحك، ماذا ترتدي، ماذا تطلب من زوجها، وحتى أدق تفاصيل يومها.
تتابع ليلى، التي تبلغ من العمر خمسة وعشرين عاما: "يوما بعد آخر، لم أعد أميز صوتي من بين الأصوات. صرت أعيش بصوت أمي، أختار كلماتها، ووفقا لتوقعاتها".
لم يمض وقت طويل حتى شعر زوجها أنها لم تعد كما كانت، ووالدتها أصبحت ظلا ثقيلا يتحكم بكل تفاصيل حياتهما. ليقول لها "كنت أرى والدتك تتحدث من خلالك، تختار، وتقرر كل شيء".
ليلى لم تخسر زوجها فقط، بل خسرت نفسها حين سمحت لأمها بأن تكون الشريك الثالث في علاقة لا تحتمل أكثر من اثنين.
ليست قصة ليلى استثناء، بل تمثل نموذجا متكررا لحالات تبدأ بنية طيبة من أم تخاف على مستقبل ابنتها، أو نتيجة لتقارب الأجيال والتطور التكنولوجي، إذ أصبحت الأم وابنتها ترتادان المنصات الاجتماعية ذاتها، تتابعان البرامج نفسها، وتتسوقان من الأماكن ذاتها، حتى يصعب أحيانا تمييز الاختلاف بينهما في طريقة التفكير.
لكن النهاية تكون مؤلمة حين تنقلب هذه العلاقة إلى نوع من التقمص المرضي، فتصبح الأم تعيش من خلال ابنتها، وتحتكر قراراتها، حتى في أكثر الأمور حساسية.
الاستشارية النفسية والأسرية والتربوية حنين البطوش، ترى أن هذا التقمص العاطفي من الأم ناتج عن تجاوز حدودها الطبيعية، وتدخلها المفرط في تفاصيل علاقة ابنتها، سواء الزوجية أو العاطفية، وكأنها طرف شريك في العلاقة. فتبدأ بإبداء آرائها بشكل مبالغ فيه تجاه الشريك أو الزوج، أو تحاول التحكم في مسار العلاقة، وفرض تصوراتها الخاصة، وقد يتطور الأمر إلى خلق جو من الغيرة أو المنافسة غير الصحية، ما يحول الأم من داعمة إلى خصم أو بديل.
وتضيف البطوش: "من المهم أن ندرك أن التسلط أو التدخل المفرط قد يكون سببا في تعثر أبنائنا، فهم أمانة، ومن الطبيعي أن يخطئوا ويتعلموا، ويتخذوا قراراتهم بأنفسهم، لذلك إن حدث تدخل، فيجب أن يكون بدافع النصح والإصلاح، لا السيطرة والتقييد. فكثير من الأمهات، بدافع الحب أو القلق، لا يدركن أنهن يعطلن استقلال بناتهن ويكسرن شخصيتين من دون قصد".
وتردف البطوش "أن من أهم الأسباب النفسية والاجتماعية التي قد تدفع بعض الأمهات لتقمص دور بناتهن؛ الشعور الداخلي بفقدان الدور أو اضطراب في الهوية، فالأم التي لم تعش ما تمنته في شبابها قد ترى في ابنتها فرصة لإعادة التجربة أو تصحيح ما تعتبره أخطاء الماضي والفراغ العاطفي أو الوحدة، خاصة في حالة علاقة زوجية غير مرضية، ما يدفعها للتشبت بتفاصيل حياة ابنتها، أيضا الخوف والقلق الزائد؛ حيث تتصرف الأم بدافع الحماية، لكنها في الواقع تسلب ابنتها استقلالها".
ووفق البطوش، فإن التداخل بين دوري الأم والصديقة يجعل من الصعب على بعض الأمهات التراجع عندما تبدأ البنت بعيش حياتها الخاصة، فيستمر التعلق ويترجم على شكل سيطرة، وقد ينبع هذا السلوك من شعور الرغبة بالسيطرة عليها أو من تاريخ علاقة اندماجية بينهما.
وترى البطوش أن من أهم الأسباب، كذلك، ضعف شخصية الابنة نفسها، فكلما كانت البنت خاضعة وغير واضحة في قراراتها، فتحت المجال لتدخل الأم وهيمنة رأيها، سواء بحسن النية أو برغبة في السيطرة.
وقد ينتج عن تدخل الأم المفرط في علاقات ابنتها نتائج سلبية، بحسب البطوش، تطال جميع الأطراف، تبدأ باضطراب الهوية العاطفية؛ حيث لا تعيش الابنة حياتها من دون وصايا، كما أنها تعوق نموها العاطفي والنفسي وتؤخر نضجها وتبني لديها صراعات داخلية وعلاقة غير صحية مع زوجها الذي قد يشعر بالإهانة والتجاهل.
وحول كيفية تصرف البنات في مثل هذه الحالة، تقول البطوش "إن على الابنة أن تتعامل مع هذا الوضع بحكمة ووعي بعيدا عن الصدام المباشر، وأن تتواصل معها بلطف من دون أي تجريح، وتضع حدودا سليمة تتماشى مع وضعها الجديد وطبيعة حياتها مع احتمالية وجود مقاومة محتملة من الأم، ثم تبدأ البنت بالتدرج في الانفصال العاطفي عبر تقليل الاعتماد عليها لتعيد تشكيل هويتها".
ومن المهم أيضا ألا تشعر الابنة بالذنب تجاه وضع هذه الحدود، مدركة أنها ضرورية لنموها الشخصي في حال كان هناك ارتباط رسمي أو خطبة.
ومن الممكن إشراك الزوج في وضع الحدود، خاصة إذا كان من أصحاب الحكمة والدراية، للحيلولة دون تدخل الأم، ولكن من دون مواجهة مباشرة قد تؤدي إلى توتر العلاقة. وفي الحالات التي يصعب فيها التفاهم، أو إذا كانت العلاقة مؤذية، يمكن الاستعانة بطرف ثالث ناضج، كالأب أو خالة عاقلة، لشرح الموقف للأم وتخفيف التوتر بطريقة موضوعية.
الهدف هو وقف حالة التقمص التي تعيشها الأم لدور الابنة في علاقاتها العاطفية، وكسر نمط سلوكي معقد، له جذور عميقة وعواقب وخيمة. وهذا يتطلب وعيا حقيقيا، وجهدا مشتركا من الطرفين، إلى جانب تواصل صريح وحازم، ووضع حدود صحية تحترم استقلالية الابنة وحقها في أن تعيش تجربتها الخاصة.
يقول الدكتور المحامي عاكف المعايطة، إنه من خلال خبرته في التعامل مع قضايا الطلاق في المحكمة الشرعية، لاحظ وجود عدد من حالات الطلاق التي تعود أسبابها إلى تدخل الأمهات في حياة بناتهن، بأشكال وصور متعددة. ويشير إلى أن معظم هذه الحالات تسجل تحت بند "خلافات عائلية"، مما يصعب توفر دراسات دقيقة تظهر الحجم الحقيقي لهذه الظاهرة.
0 تعليق