جود شقير.. قصة إبداع وحب تتجلى في كل قطعة شوكولاته

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
عمان - الحب هو سر إبداع جود شقير (29 عاما)، التي تجاوزت إعاقتها الذهنية البسيطة لتصبح نموذجا ملهما في تحدي الصعاب، وحكاية نجاح تخط سطورها بالإنجاز.
لم يكن هذا العائق حاجزا بينها وبين الحياة، بل كانت تعرف تماما كيف تستمتع بكل تفاصيلها، وتنشر الفرح في حياة من حولها. بإصرارها، وابتسامتها الرقيقة الهادئة، وشخصيتها العفوية التي تأسر القلوب، استطاعت جود أن تبرهن على وجودها، وتتميز بما تمتلكه من إمكانات تستحق عليها الثناء والتقدير.اضافة اعلان
اختارت جود صناعة الشوكولاته كحرفة تتقنها بالحب، وتطمح لتعلم أسرارها وإتقانها. كانت انطلاقة مشروع  "Joudy's Chocolate" نقطة تحول في حياتها، فهي العاشقة للشوكولاته، تستمتع بتلوينها وإضافة لمساتها الخاصة.
مشروعها منحها الدافع للإصرار على النجاح ورسم ملامح مستقبلها بكل خطوة تخطوها. لم تكن جود وحدها في رحلتها؛ فقد كان أفراد عائلتها درع الأمان والبوصلة التي توجهها نحو طريق الحلم. بفضل دعمهم وتشجيعهم، تمكنت جود من اكتشاف نفسها بشكل أعمق، ولأن الحب كان الأساس في حياتها، تعلمت كيف تكون قوية ومسؤولة، هذه القوة انعكست بوضوح عندما أطلقت مشروعها الخاص.
تؤكد ميسون البيتموني، والدة جود، أن العائلة هي الداعم الأول والأساسي في حياة الأشخاص من ذوي الإعاقة، وأن احتضانهم بالحب والاهتمام يحدث فرقا جوهريا في تمكينهم. تقول إنها عملت على إيجاد طرق مبتكرة لتنمية مهارات جود وتعزيز تواصلها مع الآخرين، والوصول بها إلى مرحلة آمنة تشعر فيها بالثقة والحب، مما ساعدها على أن تكون شخصية إيجابية وناجحة ومسؤولة.
ومن هنا، بدأت مرحلة جديدة في حياة جود، حيث التحقت بمركز متخصص للنطق، ثم تابعت تعليمها في مدرسة خاصة توفر غرفة مصادر. في هذا المحيط الداعم، تلقت جود عناية مميزة، وتمكنت من تعلم القراءة والكتابة والعمليات الحسابية، بالإضافة إلى اكتساب مهارات حياتية مهمة، وذلك حتى بلغت التاسعة عشرة من عمرها.
الوعي كان الدرع الذي حصن جود لتكون منتجة وتروي قصتها الخاصة. بفضل هذا الوعي، استطاعت اجتياز مراحلها الدراسية بنجاح، حيث تعلمت النظام، وكيفية الاندماج مع أقرانها، لتصبح شخصية اجتماعية محبة للناس.
أما والدتها، فقد كانت تسعى جاهدة لتوفير أفضل الفرص لابنتها. حرصت على إبقائها في المدرسة لأطول فترة ممكنة، رافضة إلحاقها بأي مركز يهدف للإيواء فقط. كانت تؤمن بأن التعليم هو المفتاح، وعملت على تعليم جود كل ما يمكن أن ينفعها.
لكن بعد انتقال جود من المدرسة إلى أحد المراكز، واجهت والدتها تحديا جديدا؛ إذ حاولت مرارا البحث عن حرفة تناسب شغف جود وتبرز إمكاناتها، إلا أن نظام المراكز يعتمد على التنوع في الحرف من دون التركيز على مجال محدد حال دون تحقيق هذا الهدف.
تعلمت جود أن تأخذ مكانها في الحياة بفضل وعي أفراد عائلتها واهتمامهم الكبير بها، وإصرارهم على أن تصبح نموذجا ملهما وناجحا. وكان مشروع صناعة الشوكولاته بمثابة بوابة جديدة نحو تحقيق أحلامها التي صقلها الصبر والمثابرة.
ورغم أن رحلة البحث عن النجاح قادتها في اتجاهات متعددة، إلا أن مشروع صناعة الشوكولاته حظي باهتمام خاص من جود، خاصة مع امتلاكها حسا فنيا وشغفا بالتلوين والرسم. هذا الشغف ساعدها بشكل كبير على إثبات نفسها، فقد كانت عاشقة للشوكولاته، وتستمتع بتلوينها وإضافة لمساتها الخاصة.
مشاركتها الدقيقة في كل تفاصيل المشروع زادت من ثقتها بنفسها، وأكسبتها شعورا عميقا بأهمية ما تقدمه، لتصبح الشوكولاته ليس مجرد حرفة، بل قصة نجاح تصوغها جود بأناملها.
وسط عائلتها، تعيش جود حياة متزنة مليئة بالوعي، الحب والاحتواء. تحظى بمكانة خاصة ومميزة بينهم، لكن هذا لا يلغي كونها شخصية مسؤولة تتمتع بدقة ملاحظة عالية. وكانت دائما محور اهتمام عائلتها لتطويرها وتعزيزها. هذا الاهتمام ينعكس بوضوح في شخصيتها، من خلال تعاملها الإيجابي وقدرتها على إشاعة الفرح في كل مكان تتواجد فيه. بالإضافة إلى ذلك، فهي شخصية مبادرة يعتمد عليها، ما يجعلها دائما مصدر طاقة إيجابية لمن حولها.
كانت مشاركتها في البازارات تجربة جديدة ومميزة منحتها فرصة للتفاعل مع الناس والتقرب منهم، مما أسهم في تعزيز ثقتها بنفسها وتوسيع دائرة تواصلها الاجتماعي.
تشير والدة جود، ميسون، إلى أنها تسعى دائما إلى ملء وقت ابنتها بكل ما هو مفيد ومثمر، من خلال أنشطة تهدف إلى تطوير قدراتها. تسعى دائما لتوفير سبل الترفيه عنها واختيار الأنشطة الممتعة التي تسعدها، وتمنحها الفرصة لاستكشاف أشياء جديدة ومختلفة. كما تعتبر السفر وسيلة أخرى رائعة للترفيه واكتساب تجارب جديدة.
تقول ميسون إن وجود جود في حياتها غيرها بشكل عميق، وعلمها كيف تكون أكثر صبرا وتحملا وقوة. تراهما رفيقتين في كل لحظة، فهي دائما معها. وبحسب رأيها، من المهم جداً أن نتقبل أبناءنا كما هم، وأن نفهم كل ما يتعلق بهم، وأن نشاركهم مشاعرهم. 
كما تبرز أهمية معرفة نقاط قوتهم وضعفهم، وفهم قدراتهم بشكل دقيق، حتى نتمكن من احتوائهم ومساعدتهم على أن يصبحوا شخصيات مستقلة ومنتجة في الوقت ذاته.
توضح والدة جود أن الهدف من مشروع "Joudy's Chocolate" هو أن يصبح اسم جود معروفا في كل مكان، وأن تتمكن من فعل ما تحب وتحقق شغفها. تؤمن بأن الحب هو الأساس الذي نبني عليه الحياة والنجاحات.
هذا المشروع يمثل نقلة نوعية في حياة ابنتها، حيث يسهم في تعزيز ثقتها بنفسها، ويمدها بالمساحة اللازمة لتتميز وتثبت جدارتها بما تحققه. كما ترى فيه رسالة أمل للكثيرين ممن يبحثون عن دليل حي على أن الأحلام تتحقق بالصبر، وأن الإيمان والسعي المستمر هما أساس الرهان على النجاح.
قصة جود، هي نافذة أمل تلهم الآخرين، بأن الإصرار والعزيمة والايمان بالنفس والشغف، ترسم طريق النجاح، وتحول التحديات إلى إبداع لا يتوقف.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق