في كل رؤية عالمية هناك فلاسفة يكتبون ويحللونها ويسبرون أغوارها حتى تنتج أكثر، يمتد تأثيرها للداخل والخارج وهذا ما شهدته مشاريع عالمية عدة. ولذلك كان لا بد للمنطقة العربية من فلسفة عصرية تراقب التحولات وتقدم رؤيتها ولا سيما في محيطنا العربي، وفي ظل العمل المستمر والجاد للأمير محمد بن سلمان للنهوض بالمنطقة العربية نحو المستقبل وتجديد حضورها والقفز بها نحو المستقبل.
ونظرا لجسامة الأحداث وتتابعها فإن الرؤية التي يتحرك بها الأمير بن سلمان تحتاج لمتابعة دقيقة، وتفسير مستمر ليس من قبل المحيطين حوله بل وحتى الذين يلمسون التحولات والتغيرات في شتى الأماكن. وهذا يدعونا إلى ضرورة أن نكتب عن هذه المرحلة ونخلدها في تاريخ الأجيال ليعلم رجال المستقبل أن ما يعيشونه هو نتاج مرحلة صنعها رجال وقيادة بذلت الغالي والنفيس للنهوض نحو المستقبل.
ولعلنا تابعنا الخميس ٩ يناير ٢٠٢٥ اختيار رئيس لبنان والذي فاز في الجولة الثانية بـ ٩٩ صوتا من أصل ١٢٨ صوتا، والذي فاز بالمنصب جوزيف عون في ظل توافق لبناني عربي دولي، وهو بداية عودة العاصمة الثانية بيروت بعد دمشق إلى الحاضنة العربية من مخالب إيران وميلشياتها في المنطقة. لقد تابع الجميع الجولات المكوكية لمستشار وزير الخارجية السعودية يزيد بن فرحان والذي أكد على حرص ولي العهد السعودي على أن يتم توافق اللبنانيين على منصب الرئيس والذي كان شاغرا لمدة عامين ونصف تقريبا.
الفلسفة السعودية التي أعلن عنها محمد بن سلمان هي ليست قاصرة على دولة أو قُطْرٍ معين بل على الشرق الأوسط والذي عانى من الويلات منذ ١٠٠ عام، ليكون هذا الأمير هو المجدد والناهض به. إن في كل ١٠٠ عام يكون هناك مجدد للتاريخ، ينهض به من أشلاء التفرقة والتحزب إلى التجمع وصناعة مستقبل يليق بهذه المنطقة. الأمير تنبأ في ٢٤ أكتوبر ٢٠١٨م بأن الشرق الأوسط هو أوروبا الجديدة، وكانت الأجواء في ذلك الوقت مليئة بالأزمات والضبابية وكان المزاج الخليجي والعربي في حالة سيئة، ثم بعد ذلك حدثت أزمة كورونا، لكن ذلك لم يفت في عضد الأمير ومضى لتتحقق نبوءته وفلسفته تجاه هذه المنطقة المرهقة بالصراعات.
إن العلاقات بين السعودية ولبنان علاقة تاريخية وثيقة، حيث دعمت المملكة لبنان بما في ذلك اتفاق الطائف الشهير الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية، وحرص الرياض على تنفيذ الإصلاحات في هذا البلد العربي وتوفير بيئة مستقرة وجاذبة. إن فلسفة الأمير ونبوءته لم تبنى على أقوال، بل أفعال نشاهدها اليوم تتشكل وتتبلور في سوريا ولبنان، من حيث العمل على رفع العقوبات الأمريكية والأوروبية عن سوريا، ودعم التوافق حول رئاسة لبنان، وهذا يعني أن السعودية ماضية في تشكيل منطقة عربية جاذبة، لغتها التطوير والتطور والتقدم والتحضر.
بقي القول، إن نبوءة الأمير محمد بن سلمان وفلسفته تجاه منطقة الشرق الأوسط قد ظهرت جليا منذ انطلاق رؤية المملكة ٢٠٣٠، ثم تبلورت وواصلت الظهور وكل ما قاله أصبحنا نراه كمواطنين سعوديين في الداخل، كما يلمسه العرب في دولهم من خلال سوريا ولبنان والدول العربية التي ستنضم لقطار المستقبل.
0 تعليق