الأزمات.. بين الانتهازية والإنسانية !

عكاظ 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
أعاد لي حريق لوس أنجلوس المستعر منذ أيام مدمرِّاً آلاف المباني ومشرِّداً عشرات آلاف السكان، ذكريات قصص حكاها لي والدي، رحمه الله، عندما عايش حريق القاهرة الشهير عام ١٩٥٢!

روى والدي كيف كانت الأجواء في القاهرة مع انتشار الهلع من الحريق، وكيف هام على وجهه في شوارع القاهرة بعد أن فقد حقيبته وجواز سفره في بناية الفندق الذي احترق، وكيف أن صاحب (بنسيون) متواضع استضافه تلك الليلة لحين تدبر أمره!

كان والدي شاهداً على حريق القاهرة الذي دمر مئات المحلات والمسارح والفنادق بوسط القاهرة، ويقال بأنه كان مدبراً بدقة عالية بهدف إسقاط حكومة الوفد برئاسة مصطفى النحاس باشا بعد أن ألغت معاهدة ١٩٣٦ وأنهت الوجود البريطاني في مصر. يحكي والدي قصصاً عن حالة الهلع لكنه حكى أيضاً قصصاً عن تكافل المجتمع للمساهمة في السيطرة على الحريق والعناية بالمتضررين وتقديم المساعدات للمحتاجين!

في المواقف الصعبة والأزمات الحرجة هناك دائماً فئات انتهازية مستغلة، لكن تبرز غالباً لُحمة المجتمعات وتتضافر الجهود لمواجهتها، ففي أزمة احتلال العراق للكويت روى لي أصدقاء وجيران كيف ساهمت الأزمة في تغيير نمط الحياة وسلوك المجتمع، فأصبح الناس أكثر تماسكاً وتعاوناً وباتوا كأنهم أسرة واحدة، وقد عايشت بعض هذه اللحظات عندما دخلت الكويت في اليوم الثالث لتحريرها وسكنت مع بعض الأصدقاء وكان الظلام دامساً طوال اليوم بسبب احتراق آبار النفط وانقطاع الكهرباء، كانت الحصص الغذائية توزع على السكان وكانوا يتقاسمون الأغذية ويتهادون في ما بينهم بكل حب وإيثار مع فرحة تحرير بلادهم!

مثل هذه الصور ما زالت خالدة في ذاكرتي كما خلدت أحداث حريق القاهرة في ذاكرة والدي، فهي ما تعزز الثقة بطبيعة الإنسان بحالتها الفطرية عندما تبرز في المواقف الصعبة!

باختصار.. ما بين الانتهازية والإنسانية عند وقوع الأزمات الكبرى فاصل يحافظ عليه الطيبون!


إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق