أودت الحرائق المدمرة التي تجتاح ولاية كاليفورنيا الأميركية منذ الثلاثاء الماضي، بحياة 16 شخصاً على الأقل وأتت على 37 ألف فدان في منطقة لوس أنجلوس الكبرى، ما تسبب في تدمير مجتمعات بأكملها وأكثر من 12 ألف مبنى، حسب ما أفادت شبكة NBC الأميركية.
وقال قائد شرطة مقاطعة لوس أنجلوس روبرت لونا، الأحد، إن 13 شخصاً على الأقل في عداد المفقودين. وقال إنه من غير الواضح ما إذا كانت تقارير الأشخاص المفقودين مرتبطة بالحرائق.
وصدرت أوامر الإخلاء لما لا يقل عن 153 ألف من سكان لوس أنجلوس طوال ليلة السبت الأحد.
ودعا الحاكم جافين نيوسوم إلى إجراء تحقيق مستقل في فقدان ضغط المياه في صنابير إطفاء الحرائق وعدم توفر إمدادات المياه من خزان سانتا ينز.
وأعلنت مقاطعة لوس أنجلوس حالة الطوارئ الصحية العامة، محذرة من أن الدخان والجسيمات الدقيقة قد تشكل تهديدات فورية وطويلة الأمد.
تحسن مؤقت في الطقس
وتمكن رجال الإطفاء، في ظل تحسن أحوال الطقس، من منع انتشار حريق "باليساديس" الشمالي لمناطق "ماندفيل كانيون" و"إنسينو" الراقية في لوس أنجلوس.
وهبت رياح المحيط الهادئ الأكثر برودة في المنطقة من الجنوب إلى الجنوب الغربي الأحد، مما أعطى رجال الإطفاء فرصة للعمل في ظل تراجع الرياح الدافئة والجافة التي تتحرك من الشمال إلى الجنوب وتسخن جزيئات الهواء تحت الضغط مع هبوب الرياح من الجبال نحو البحر.
وكانت المنطقة موضع قلق بعد انتشار تحذيرات الإخلاء عبر الطريق السريع 405 إلى أجزاء من "بل إير"، المتاخمة لحرم جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس في ويستوود.
وقد يشكل يوم الاثنين، تحدياً صعباً لرجال الإطفاء، إذ من المتوقع أن تعود رياح "سانتا آنا" التي ساعدت في تأجيج حرائق جنوب كاليفورنيا المدمرة خلال الأسبوع بين عشية وضحاها.
وأظهرت بيانات هيئة الأرصاد الجوية الوطنية الرياح وهي تتراجع وتعود إلى اتجاه البحر من الشمال الشرقي الليلة. وقال خبراء الأرصاد الجوية الفيدراليون إن تحذيرات "الأعلام الحمراء" كانت سارية المفعول في معظم مقاطعتي لوس أنجلوس وفينتورا الليلة، مع احتمال هبات تتراوح بين 50 إلى 75 ميلاً في الساعة من الأحد وحتى صباح الاثنين.
وتنبه تحذيرات "الأعلام الحمراء" السكان إلى طقس موات لاندلاع حرائق، وهو عندما تتجاوز سرعة الرياح 20 ميلاً في الساعة ورطوبة نسبية تبلغ 25% أو أقل، وفقاً لهيئة الأرصاد الجوية.
ماليبو تفقد ثلث منطقتها الشرقية
وكشف عمدة ماليبو دوج ستيوارت أن المدينة فقدت ثلث منطقتها الشرقية بسبب حريق "باليساديس"، وهو ما يشكل ضربة مدمرة للمدينة التي لا تزال تعاني تبعات حرائق أخرى سابقة، وفق شبكة NBC.
وأضاف ستيوارت مساء السبت، متحدثاً في اجتماع مع سكان باليساديس: "هذا هو الحريق الثالث في ثلاثة أشهر بالنسبة لنا ... حريق فرانكلين، وحريق برود، والآن حريق باليساديس. هذا هو الأكثر تدميراً، وقد ضربنا بشدة".
وتابع: "لقد فقدت ماليبو ما يقرب من ثلث حافتها الشرقية من المدينة"، وقال إن ماليبو لديها طريق طويل للتعافي وإعادة البناء - ولكن "لم نخرج من معركة الحرائق بعد ... لا يزال لدينا حريق نشط ولدينا رياح قوية الليلة".
تحديات تقنية
وقالت إدارة المياه والطاقة في لوس أنجلوس في بيان صحافي، السبت، إن جميع صنابير مكافحة الحرائق في "باسيفيك باليساديس" وفي مجتمعات "ويست سايد" في لوس أنجلوس كانت "تعمل بكامل طاقتها" قبل حرائق الغابات المدمرة، حسب ما نقلت شبكة CNN.
وجاء في البيان: "لم يتم فقدان أي طاقة لمحطات ضخ المياه التابعة لإدارة المياه والطاقة في لوس أنجلوس أثناء الحريق، وظلت إمدادات المياه قوية في المنطقة".
ولكن ضغط المياه في النظام فقد "بسبب الطلب غير المسبوق والشديد على المياه لمكافحة حرائق الغابات دون دعم جوي"، مما تسبب في فقدان حوالي 20% من صنابير المياه في المنطقة لضغط الشفط، وفقاً للبيان.
وتقول الشركة إنها نشرت صهاريج مياه صالحة للشرب للمساعدة في دعم جهود مكافحة الحرائق.
ويضيف البيان أن الوكالة "كانت ملزمة بإخراج خزان سانتا ينز من الخدمة لتلبية لوائح مياه الشرب الآمنة". ولم تحدد إدارة المياه والطاقة في لوس أنجلوس ما إذا كان هذا قد أثر على إمدادات المياه.
وكان حاكم كاليفورنيا قد دعا الجمعة، إلى إجراء تحقيق مستقل في سبب خروج خزان "سانتا ينز" عن الخدمة، والذي تسبب في فقدان بعض صنابير المياه لضغط المياه وسط حرائق الغابات المدمرة المتعددة.
وكتب نيوسوم في رسالة نشرها على منصة إكس: "التقارير المستمرة عن فقدان ضغط المياه في بعض صنابير المياه المحلية أثناء الحرائق وعدم توفر إمدادات المياه من خزان سانتا ينز مزعجة للغاية بالنسبة لي وللمجتمع".
أعمال نهب
إلى ذلك قال الكابتن مايك لورينز من إدارة شرطة لوس أنجلوس إن الشرطة تشن حملة صارمة على اللصوص في المناطق التي تم إخلاؤها إجبارياً، حيث تم اعتقال سبعة أشخاص في اليومين الماضيين فقط.
لافتة مكتوب لافتة مكتوب عليها "سيتم إطلاق النار على اللصوص" موضوعة أمام منزل لم يتضرر من حريق إيتون، وهو أحد الحرائق الستة المتزامنة التي اجتاحت مقاطعة لوس أنجلوس بكاليفورنيا.
وأضاف: "نحن نلقي القبض على اللصوص داخل المنطقة، لكننا نؤمن المنطقة بشكل أفضل وأفضل كل يوم. حتى أننا ألقينا القبض على شخصين كانا في الواقع متنكرين في هيئة رجال إطفاء يدخلون ويخرجون من المنازل".
وقال لورينز إن بعض السكان الذين اضطروا إلى الفرار استأجروا حراس أمن خاصين لحماية ما تبقى من منازلهم من النهب، حتى لو تم إحراق معظمها. ويخضع هؤلاء الحراس الآن لفحص دقيق وتتم مراقبتهم عن كثب من قبل إدارة شرطة لوس أنجلوس.
ويقول المسؤولون إن حظر التجوال لا يزال سارياً في جميع مناطق الإخلاء الإجباري، بهدف حماية الممتلكات ومنع السرقات أو النهب.
وسيتعرض منتهكو حظر التجول للاعتقال بتهمة ارتكاب جريمة بموجب قانون مقاطعة لوس أنجلوس وقد تؤدي الإدانة إلى غرامة تصل إلى 1000 دولار أو السجن.
"الأعلى تكلفة في تاريخ الولايات المتحدة"
وبينما لا تزال حرائق الغابات في مقاطعة لوس أنجلوس مستعرة، من المتوقع بالفعل أن تكون من بين الكوارث الطبيعية الأكثر تكلفة في تاريخ الولايات المتحدة حسب "أسوشيتد برس".
وتسببت الحرائق المدمرة في مصرع 16 شخصاً على الأقل وتدمير أكثر من 12 ألف مبنى منذ الثلاثاء، مما أدى إلى تدمير أحياء بأكملها كانت في السابق موطناً لعقارات بملايين الدولارات.
وفي حين أنه لا يزال من السابق لأوانه إجراء إحصاء دقيق للخسائر المالية، فإن الخسائر حتى الآن من المرجح أن تجعل حرائق الغابات الأكثر تكلفة على الإطلاق في الولايات المتحدة، وفقاً لتقديرات مختلفة.
وذكر تقدير أولي من AccuWeather أن الأضرار والخسائر الاقتصادية بلغت حتى الآن بين 135 مليار دولار و150 مليار دولار. وبالمقارنة، قدرت AccuWeather الأضرار والخسائر الاقتصادية الناجمة عن إعصار "هيلين"، الذي مزق ست ولايات جنوب شرقية في الخريف الماضي، بما يتراوح بين 225 مليار دولار و250 مليار دولار.
وقال جوناثان بورتر، كبير خبراء الأرصاد الجوية في AccuWeather: "ستكون هذه الحرائق الأكثر تكلفة في تاريخ كاليفورنيا الحديث، ومن المرجح أيضاً أن تكون الأكثر تكلفة في تاريخ الولايات المتحدة الحديث، بسبب الحرائق التي اندلعت في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية حول لوس أنجلوس والتي تضم بعضاً من أعلى العقارات قيمة في البلاد".
وتأخذ AccuWeather في الاعتبار العديد من المتغيرات في تقديراتها، بما في ذلك الأضرار التي تلحق بالمنازل والشركات والبنية التحتية والمركبات، فضلاً عن تكاليف الرعاية الصحية الفورية والطويلة الأجل، والأجور المفقودة وانقطاعات سلسلة التوريد.
0 تعليق