ترجمة: علاء الدين أبو زينة
كسبت القوتان الإقليميتان؛ إسرائيل وتركيا، بشكل كبير، من تدمير المحور الذي تقوده إيران، خاصة في سورية. ومع ذلك، سيحتاج كلا البلدين إلى آلية لخفض التصعيد والحوار لتجنب نشوب صراع بينهما في المستقبل.اضافة اعلان
* * *
على خلفية هجمات "حماس" في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، هبطت العلاقات الإسرائيلية التركية إلى مستوى منخفض جديد. وأصبح كلا الحزبين الحاكمين في إسرائيل وتركيا في حالة صراع دبلوماسي لا يقتصر على الشرق الأوسط فحسب، بل يمتد إلى كامل البحر الأبيض المتوسط أيضًا.
شهدت أوائل كانون الأول (ديسمبر) 2024 سقوط نظام بشار الأسد في سورية، مما جلب تركيا وإسرائيل أقرب إلى صراع ظِل حول الهيمنة الإقليمية. وعلى الرغم من ارتفاع التوترات بين الحكومتين التركية والإسرائيلية، يبقى السؤال حول ما إذا كان يمكن التوسط لحل النزاع، أو ما إذا كان البلدان يسيران حقًا في مسار تصادمي.
إعادة ضبط إقليمي خلال حرب إسرائيل - "حماس"
في أعقاب الهجوم العنيف الذي شنته "حماس" في 7 تشرين الأول (أكتوبر)، غزت إسرائيل قطاع غزة بهدف إضعاف قدرات الحركة الفلسطينية المتشددة. وكانت الحرب موضوعًا دائمًا للجدل وأنواع مختلفة من الاستقطاب في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والتي استغلتها الحكومة التركية. ويفتخر "حزب العدالة والتنمية" الحاكم، الذي يرأسه الرئيس رجب طيب أردوغان، بأيديولوجية مؤيدة للإسلاميين و"العثمانية الجديدة"، وهو ما يعزز العلاقات الوثيقة مع "حماس" وقطر.
خلال الحرب، تعرضت الحكومة التركية لانتقادات بسبب دعمها المعنوي لـ"حماس"، إلى جانب صدور تقارير متضاربة تفيد بأن بعض قادة المنظمة موجودون في تركيا. وفي الوقت نفسه، تقود تركيا الحملة لإدانة سلوك إسرائيل خلال الحرب والانضمام إلى القضية المنظورة أمام "محكمة العدل الدولية" ضد إسرائيل، وقطع العلاقات التجارية، والتهديد باتخاذ إجراءات مباشرة إذا قامت إسرائيل بغزو لبنان، وهو ما لم يتحقق أبدًا.
سقوط الأسد وخلفية التوترات في سورية
في أواخر تشرين الثاني (نوفمبر) 2024، شنت الجماعات المتمردة السورية بقيادة "هيئة تحرير الشام" هجومًا خاطفًا مفاجئًا ضد نظام الأسد، الذي سرعان ما تفكك جيشه وانهار من دون دعم كاف من روسيا وإيران و"حزب الله".
وقد شاركت أجهزة المخابرات التركية في الاستعدادات للهجوم، بعد أن سئمت أنقرة من عدم إجراء مفاوضات مع الأسد الذي رفض العودة الآمنة للاجئين السوريين. والآن، تحركت الحكومة الانتقالية التي تقودها "هيئة تحرير الشام" لتطبيع العلاقات مع تركيا من خلال إعادة الإعمار، والطاقة، والتعاون الدفاعي المحتمل.
من جانبها، تحركت إسرائيل على الفور للاستيلاء على جبل حرمون (الشيخ) في سورية. كما أطلق الجيش الإسرائيلي حملة قصف كبيرة ضد المعدات المتبقية للجيش السوري التي زعمت الحكومة الإسرائيلية أنها تشكل تهديدًا أمنيًا كبيرًا. وفي شمال سورية، يواصل "الجيش الوطني السوري" المدعوم من تركيا شن عمليات ضد "قوات سورية الديمقراطية" التي تقودها القوات شبه العسكرية الكردية التي تصنفها تركيا كمنظمات إرهابية.
أدانت كل من إسرائيل وتركيا بعضهما بعضا بسبب عدوانهما في سورية. وتهدف الحكومة التركية إلى حل "قوات سورية الديمقراطية" وإنشاء حاجز ضد القوات الكردية في الشمال، بينما تسعى إسرائيل جاهدة إلى منع أسلحة النظام السابق من الوقوع في أيدي "هيئة تحرير الشام"، بالإضافة إلى إنشاء منطقة عازلة جديدة في الجنوب.
يمكن أن تصب الضربات الإسرائيلية ضد أصول الحكومة السورية الجديدة في مصلحة أردوغان، حيث يطرح الرئيس التركي نفسه على أنه "زعيم العالم الإسلامي". وإذا طلبت الحكومة الانتقالية الجديدة التي تقودها "هيئة تحرير الشام" دعمًا عسكريًا تركيًا كاملاً، فإن أنقرة ستحلّ فعليا محل "حزب الله" و"الحرس الثوري الإيراني" باعتبارهما أحدث تهديد على حدود إسرائيل.
درجة من التعاون الصامت
على الرغم من استمرار تدهور العلاقات الإسرائيلية - التركية مع تقديم "حزب العدالة والتنمية" نفسه كمحرر مستقبلي لفلسطين خلف الكواليس، تبقى هناك درجة من التعاون بين القوتين الإقليميتين.
في أواخر تشرين الثاني (نوفمبر) 2024، تحدث موقع "ميدل إيست آي" عن تعقب لشحنات من خلال صور الأقمار الصناعية التي تظهر شحنات من النفط الخام إلى إسرائيل تأتي أساسًا من أذربيجان وتقوم تركيا بإيصالها. ويتم تسليم النفط الخام عبر خط أنابيب باكو - تبليسي - جيهان، ويتم شحنه من ميناء جيهان التركي إلى عسقلان في إسرائيل.
في الوقت نفسه، تستخدم أذربيجان المجال الجوي التركي للوصول إلى مطار عوفدا الإسرائيلي، الذي يستخدم إما لاستيراد أو تصدير الأسلحة والخدمات اللوجستية. وأذربيجان متحالفة بشكل وثيق مع كل من تركيا وإسرائيل. ومن خلال السماح للطائرات الأذرية الثقيلة بالمرور عبر المجال الجوي التركي، يعترف أردوغان بصمت بأنه يرغب في الحفاظ على هذا التحالف لخدمة أغراض أخرى.
تجنب المواجهة المباشرة
على الرغم من الصراع المتنامي بين إسرائيل وتركيا، يمكن اتخاذ خطوات عدة لمنع القوتين الإقليميتين من الاصطدام. في الآونة الأخيرة، أشادت إدارة ترامب، المعروفة بموقفها الحازم في الشرق الأوسط، بأردوغان باعتباره وسيط قوة إقليميًا. وسوف تحاول الولايات المتحدة تخفيف التوترات بين الشريكين الإقليميين الرئيسيين.
ويمكن أن يخفف خط ساخن لخفض التصعيد حول سورية على غرار ذلك الذي أنشأته أميركا وروسيا للحد من الحوادث والاشتباكات المباشرة بين الجيش التركي وقوات الدفاع الإسرائيلية. ويمكن لترامب أيضًا استضافة وزيري خارجية تركيا وإسرائيل في واشنطن لمحاولة تطبيع العلاقات مع البلدين.
لقد كسبت القوتان الإقليميتان؛ إسرائيل وتركيا، بشكل كبير، من تدمير المحور الذي تقوده إيران، خاصة في سورية. ومع ذلك، سيحتاج كلا البلدين إلى آلية لخفض التصعيد والحوار لتجنب نشوب صراع بينهما في المستقبل. وعلى الرغم من خلافاتهما، فإن الوساطة الدولية، وخاصة واحدة تقودها الولايات المتحدة، يمكن أن تبقي الحكومتين؛ الإسرائيلية والتركية، في مأمن في شرق أوسط أنهكته الحرب.
*جوليان ماكبرايد Julian McBride: محارب سابق في مشاة البحرية الأميركية، وهو عالم في الأنثروبولوجيا الشرعية، وصحفي مستقل. مؤسس ومدير "مبادرة تأملات الحرب" (ROW)، وهي منظمة غير حكومية أنثروبولوجية تهدف إلى سرد قصص ضحايا الحرب من خلال العلاج بالفن. وهو محرر مساهم في "1945" 19FortyFive.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: The Shadow War Between Turkey and Israel
0 تعليق