معارضة غارقة في غزة

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
يديعوت أحرنوت
بقلم: ناحوم برنياع
13/1/2025

في 7 آب 1970، في منتصف الليل، انتهت حرب الاستنزاف. المصريون أوقفوا النار أولا؛ نحن بعدهم. ألف يوم تواصلت الحرب؛ نحو ألف إسرائيلي قتلوا فيها، أكثر من ثلثهم في الجبهة المصرية. قتل فيها عشرات آلاف المصريين، جنود ومدنيون. نحن، في الجانب الإسرائيلي من قناة السويس، أنهينا الليلة بـإحساس من الراحة. مرت سنوات إلى أن فهمنا كم كنا أغبياء، كيف قتل وجرح رفاقنا في حرب لم يكن فيها أي عقل أو غاية، كيف تركنا لحكومتنا ان تحبط كل مبادرة سلام وكيف اغمضنا عيوننا عن مشاهد الحرب الحقيقية التي ستقع علينا، بعد ثلاث سنوات من ذلك.اضافة اعلان
حرب الاستنزاف كانت تمرينا قبيل حرب يوم الغفران. حملات عسكرية لامعة، إنجازات تكتيكية، أفعال بطولة مجيدة، صفر استراتيجية، كارثة متواصلة – تماما مثل حرب الاستنزاف التي تدور رحاها في هذه اللحظة في غزة.
الإسرائيليون الذين دخلوا القطاع في الأشهر الأخيرة، مقاتلون، قادة، وزراء، صحافيون، ينقسمون إلى مجموعتين: أولئك الذين يمرحون لمشهد المدن المدمرة، والسكان المطرودين، الجيبات التي تندفع في الرمال وأولئك الذين يتذكرون المخطوفين الذين لم يعودوا، والمقاتلين الذين قتلوا بتنقيط يومي، غير المشاركين الغزيين الذين يقتلون بأرقام وحشية والفشل في القضاء على حماس وطرح بديل سلطوي مكانها.
بخلاف حرب الاستنزاف إياها، في هذه الحرب كل شيء كان واضحا ومعروفا فورا في البداية. القارئ رون غارلتس بعث لي باقتباس من مقال لي نشر في الصحيفة قبل سنة بالضبط: "نتنياهو خلق توقعات لا يوجد سبيل لتحقيقها. وهكذا قضى علينا بحرب لا نهاية لها"، كتبت في حينه. لم اكتشف أميركا: كثيرون، في هيئة الأركان العامة، في الكابنت، في الإعلام اطلقوا تحذيرات مشابهة.
القتال في غزة يجب أن ينتهي. لا حاجة لتكرار المبررات – فهي معروفة للجميع: المخطوفون، عائلاتهم، الضحايا في الجيش الإسرائيلي، العبء على الجيش، المقاطعة في العالم. فعلنا لهم منذ الآن هيروشيما. ماذا سنفعل لهم أكثر؟ ناجازاكي، ثأرنا بما يكفي؛ أبدنا بما يكفي. لا يهم كم سنقتل، طالما لا يوجد بديل ستواصل حماس التجنيد، ستواصل الإطلاق، ستواصل الحكم. الحرب عادلة. فهل هي حكيمة أيضا؟
أطرح سؤالا فقط: أين المعارضة؟ أين لبيد، غانتس، غولان؟ هم يعرفون ما أعرفه أنا وأكثر. أين حركة الاحتجاج؟ أين هرتسوع" الخوف من أن يظهروا في الشبكة الاجتماعية كانهزاميين، كخونة، كنخبة، والأخطر من هذا، كيساريين، يشلهم. كل واحد منهم يتطلع لأن يصل إلى رئاسة الوزراء من الوسط، محمولا على هتافات الحرب؛ كل واحد منهم يسعى لأن ينفخ صدره ويهجم على العدو. بينيت أيضا، بطل الاستطلاعات في هذه اللحظة لا يتجرأ على الانفصال عن القطيع.
هم لا يفهمون بأنه لا يوجد وسط – الوسط هو التسعينيات من القرن الماضي، قبل الشبكة الاجتماعية، قبل نتنياهو. من يدعي أنه زعيم يجب أن يختار طرفا. هذا بالتأكيد صحيح حين تكون المسألة ما هو الصائب لإسرائيل أن تبحث عنه اليوم في غزة. لا يسار، لا يمين – عقل سليم. بعد سنتين من صعود نتنياهو وائتلافه، حين تشير الاستطلاعات إلى أزمة ثقة عميقة، متواصلة، تجاه الحكومة وتجاه رئيسها، حين يكون قانون التملص يثير الحفيظة ويشق مصوتي اليمين، فإن المعارضة بالذات تتفكك. لبيد يخطب خطابات لامعة في هيئة الكنيست لكنه يضمحل في الجمهور؛ انسحاب عيدان رول من حزب أمس يدل على أن البنيان الذي بناه على مدى السنين آخذ في التشقق. غانتس غارق في تجريداته: يتبين أنه لاجل الصمود على مدى الزمن كزعيم سياسي لا تكفي النوايا الطيبة، المزاج المريح والمظهر المبهر، هناك حاجة أيضا إلى فكر. غولان أكثر حدة من غانتس لأنه يخاف أن يخسر مظهره القتالي. هو لم ينزع بعد البزة التي لبسها في 7 أكتوبر.
بالنسبة لهرتسوغ هو يقول كل الاقوال الصحيحة عندما يكون فات الأوان للتأثير. هذه طبيعته؛ هكذا يرى منصب الرئيس. مثل محامي خبير يؤمن بأنه في نهاية كل صراع يوجد حل وسط يرضي الجميع. لشدة الأسف لا يوجد حل وسط يرضي الجميع في الانقلاب النظامي ولا يوجد حل وسط يرضي الجميع في غزة. أحيانا ينبغي اتخاذ موقف والقتال عليه. 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق