بين مملكة البحرين وسلطنة عمان قصة ضاربة جذورها في عمق التاريخ، تعود بنا إلى حضارتي "دلمون" و"مجان"، علاقة أخوية ومصيرية تتجاوز الزمن، حيث كان الأجداد يعبرون البحار، يحملون اللؤلؤ واللبان، ويجلبون معهم قصصاً وحكايات عن الأخوة والمصير المشترك.
اليوم؛ استذكرت زيارتي الأولى إلى عُمان منذ سنوات، والتي تأسرك منذ لحظة وصولك، فيغمرك شعور بالدفء والمودة والمحبة، ولا أنسى تلك اللحظة التي وطأت فيها قدماي أرض السلطنة، حيث انتابني شعور غريب؛ كأنني بين أهلي وفي وطني؛ ابتسامات الناس، دفء أحاديثهم، وتواضعهم الذي يأسر القلب... كان كل شيء حقيقياً وبسيطاً ومليئاً بالحياة.
ومع ترقب وصول حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم، بحفظ الله ورعايته إلى سلطنة عمان، أجدني مشحوناً بمشاعر مختلطة من الفخر والامتنان وكثير من الحنين إلى هذه الأرض التي تحمل في ثناياها عبق التاريخ وصوت البحر وأغاني الأجداد، فشكلت امتداداً لأرواحنا وتاريخنا المشترك.
زيارة جلالة الملك إلى السلطنة اليوم تمثل رسالة حب متجددة بين البلدين والشعبين الشقيقين، وتعكس روح الإخاء والمودة التي جمع البحرين وعمان على مدى قرون من الزمن، تلك العلاقة التي يمكن تشبيهها بشجرة ضاربة الجذور، تمتد عروقها عميقاً في تربة التاريخ المشترك.
لا أستطيع أن أخفي إعجابي وإيماني العميق بما حققته سلطنة عمان في عهد السلطان هيثم بن طارق، وما وصلت إليه من مكانة عالمية مستحقة، وما أنجزه هذا القائد الفذ لوطنه وشعبه خلال فترة وجيزة من الزمن، حتى أضحت عمان مضرباً للمثل ونموذجاً للإبداع والتميز.
اليوم، وعلى أرض السلطنة، يجتمع قائدان كبيران وشخصيتان تحملان رؤية إنسانية تتجلى في كل خطوة يتخذانها لتعزيز العلاقة العريقة بين بلديهما، وكأنني أرى مستقبلاً جديداً يتشكل أمام عينيّ، حيث يتعانق الماضي مع الحاضر لصنع غدٍ أفضل.
وأنا أكتب هذه الكلمات، لا يسعني إلا أن أستحضر صوراً من زيارتي لعمان؛ جلسات السمر، حكايات البحارة، تلك الروح الهادئة التي تشعر بها في كل زاوية من زوايا السلطنة. واليوم، وأنا أرى هذه العلاقات تزدهر وتتطور، أشعر بالاعتزاز لأنني شاهد حي على هذه اللحظات التي تكتب بحروف من نور في سجل تاريخ خليجنا.
بين البحرين وعمان قلب نابض بالأخوة ومخطوط بالتاريخ والحضارة، وعندما يلتقي القادة فإننا فصلاً جديداً من قصة جميلة عمرها قرون، قصة تعلمنا منها أن العلاقات الإنسانية الحقيقية لا تبنى على المصالح العابرة، بل تقام صروحها على الاحترام والتاريخ والقيم الأصيلة.
زيارة جلالة الملك المعظم إلى السلطنة تحمل في طياتها أكثر من مجرد اتفاقيات ومذكرات وأهداف مستقبلية، إنها تعيد روح الماضي وتبث الأمل في الحاضر، وترسم لنا ملامح مستقبل مشرق، يعكس حباً عميقاً بين بلدين وشعبين أخوين.
0 تعليق