أكثر ما يؤلم الإنسان أن يلاحظ غياب الشغف والدافعية للإنجاز لدى عدد لا بأس به من شبابنا، والأكثر إثارة للأسى، هو عدم استجابتهم للتحفيز، أو الحث على العمل، والاجتهاد، والدراسة، ولعل لذلك أسبابا عديدة، قد يصعب التعامل مع بعضها، ومع ذلك، فهناك دائما أمل بالتغيير.اضافة اعلان
أبرز ما يؤثر على الدافعية لدى الأجيال الجديدة، تأثير الرقمية والإدمان على منصات التواصل الاجتماعي والألعاب الرقمية. حيث بات الكثير من الشباب يقضون ساعات طويلة أمام الشاشات، ما يؤثر سلبا على طاقاتهم الإنتاجية، ويشتت أذهانهم، ويجعل أي عمل مفيد ليس في واردهم.
تقليديا، يفقد البعض شغفه بالتفوق، والتطور، بسبب النظرة السلبية اتجاه الأشخاص الذين يدفعهم الـمجتمع للأمام، ويجعلهم يمسكون بزمام الأمور، فهناك صورة نمطية سائدة في كثير من الدول العربية، مفادها أن العدالة في توزيع الفرص، والوظائف الدنيا والعليا متاحة لفئة دون أخرى من الناس، وأن الامتيازات غالبا تعطى لمن يمتلكون النفوذ أو الوساطة، مما يعزز الشعور بالإحباط، وهذه النظرة لم تأت من فراغ إنما جاءت من خلال المشاهدات التي يراها الشباب، وما يسمعونه من قصص، ورغم محاولات الإصلاح في كثير من الدول العربية، ووجود مشاريع حقيقية في بعضها من أجل البحث عن المتميزين والدفع بهم إلى الأمام، ولكن هناك ممارسات ما زالت تدفع بالشباب إلى الإحباط.
غياب المشاريع التي تحفز الشباب على الإنجاز يساهم في ترسيخ فكرة عدم الجدوى من العمل الجاد، وهذا للأسف له انعكاسات على المجتمع شديدة الخطورة. فأولا، عدم تطور الجيل الجديد يؤدي إلى تأخر المجتمع بأكمله، ما يجعله خارج دائرة التنافس مع الأمم الأخرى. وثانيا، غياب المبدعين المتميزين يجعل من الصعب تحقيق الابتكار الذي يعتبر عنصرا حاسما في تنافس الدول نحو الريادة، والإنتاجية العليا.
من المهم محاربة كل أشكال التمييز في المجتمعات، ووجود شفافية في التعيينات، ووقف كل أنواع الامتيازات غير العادلة، وخلق مجموعة من المسابقات النزيهة والشفافة في مختلف المجالات التي تشجع الشباب على التنافس في مجالات متعددة، وزرع ثقافة تقبل نتائج هذه المسابقات، وعمل مبادرات لتطوير قدراتهم لزيادة قدراتهم على التنافس، يساهم في زيادة الدافعية للإنجاز لدى الشباب.
تقوية الانتماء الوطني الحقيقي يكون من خلال التوزيع العادل للثروات، وترسيخ سيادة القانون ومن جهة أخرى، يجب معالجة مشكلة الإدمان الرقمي من خلال تشجيع الأنشطة في العالم الحقيقي، مثل الرياضة والفنون التي تعيد للشباب صلتهم بالحياة الواقعية.
إذا تم تطبيق هذه الحلول وغيرها، سنشهد زيادة كبيرة في دافعية الشباب وشغفهم نحو الإنجاز. وسيتحول المجتمع إلى بيئة خصبة للإبداع، حيث يمكن للشباب التنافس مع أقرانهم من مختلف الأمم، مما ينعكس إيجابا على مستوى الابتكار والابتكارية داخل الـمجتمع، ووقتها يمكن أن ينافس وطننا العربي الكبير العالم في صناعة التقدم والحضارة، وبغير ذلك يكون مستقبلنا مجهولا لا سمح الله.
0 تعليق