بين حماية المجتمع الأكاديمي والإهانة.. تحليل المخدرات لأساتذة الجامعة يثير جدلا

كشكول 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تطبيق شرط تحليل المخدرات كأحد متطلبات ترقية أعضاء هيئة التدريس في الجامعات المصرية أثار جدلًا واسعًا بين الأوساط الأكاديمية والإدارية، ويعكس هذا القرار الذي أقرته الحكومة عبر توجيهات الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة ومجلس الوزراء تغييرات جديدة في سياسات الحوكمة الجامعية.

تحليل المخدرات لأساتذة الجامعة للترقية

من جهة، تسعى الجامعات إلى التأكيد على سلامة وأمان البيئة التعليمية وضمان خلوها من أي مظاهر تضر بالأداء الأكاديمي والانضباط السلوكي، ومن جهة أخرى يجد بعض أعضاء هيئة التدريس أن هذا الإجراء يتعارض مع خصوصياتهم المهنية والشخصية.

جامعة بنها

تعتبر جامعة بنها من أوائل الجامعات التي بدأت تطبيق قرار تحليل المخدرات؛ حيث أشار رئيسها الدكتور ناصر خميس الجيزاوي إلى أهمية الكشف عن المخدرات كخطوة لضمان مجتمع جامعي سليم وآمن.

تحليل المخدرات
تحليل المخدرات

ويرى الجيزاوي، أن هذا الإجراء يأتي تنفيذًا لتوجيهات رسمية بهدف الحفاظ على سلامة المنتسبين للجامعة سواء من أعضاء هيئة التدريس أو الطلبة، مشيرً إلى أن هذا الشرط لم يكن سوى امتداد لسياسات أخرى تسعى إلى ضبط السلوك الجامعي والحفاظ على بيئة تعليمية متوازنة.

على الرغم من استغراب البعض من هذه الخطوة، أكد رئيس الجامعة، أن تنفيذها لم يواجه أي اعتراضات تُذكر، حيث أظهر أعضاء هيئة التدريس تفهمًا كبيرًا لأهميتها في تحقيق الصالح العام.

وفي جامعة بني سويف، أكد الدكتور منصور حسن رئيس الجامعة، أن القرار أصبح جزءًا لا يتجزأ من عملية الترقيات الجامعية منذ بداية العام الدراسي الجاري، موضحا أن الجامعة تطبق هذا الإجراء بحزم ودون تهاون لضمان الالتزام الكامل بتوجيهات الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة.

وأضاف حسن، أن الالتزام الكامل بتنفيذ القرار كان واضحًا بين أعضاء هيئة التدريس الذين خضعوا لـ تحليل المخدرات دون أي مشكلات.

ويرى رئيس الجامعة، أن الجميع في الجامعة سواء كانوا أساتذة أو موظفين هم جزء من منظومة تهدف إلى بناء مجتمع أكاديمي متكامل يسهم في تعزيز سمعة المؤسسة والحفاظ على الانضباط الأكاديمي.

أستاذ جامعي: مواد قانون تنظيم الجامعات يحدد الاستقلال قانونيا

من جانبه، قال الدكتور عبدالباسط صديق أستاذ الإصابات والتأهيل البدني والرياضي بقسم العلوم الحيوية والصحية بكلية التربية الرياضية جامعة الإسكندرية، إن قانون 42 لعام 1972 ينظم الجامعات المصرية ويحدد مجموعة من المواد التي تتعلق بالاستقلال الأكاديمي والمالي والإداري للجامعات عن الحكومة وأجهزتها ومؤسساتها المختلفة فاذا أرادت الحكومة تطبيق قرار محدد من أجل المصلحة الوطنية العامة كان لزاما عليها التقدم بمشروع هذا القرار إلى البرلمان (المجلس التشريعي) لإصدار هذا القرار في صورة مادة جديدة في القانون أو تعديل أحد البنود من مواد القانون وبالتالي يصبح ذلك القانون ملزم لجميع الجامعات بنص القانون، والمواد التي تحدد استقلال الجامعات قانونيا:
1- مادة "3" تخص الاستقلال الأكاديمي: ينص القانون على أن الجامعات المصرية يجب أن تكون مستقلة أكاديميًا وتتبع سياسات تعليمية وتدريسية مستقلة.

2- مادة "14" تخص الاستقلال المالي: ينص القانون على أن الجامعات يجب أن تكون مستقلة ماليًا وتتمتع بميزانية خاصة بها تتيح لها القدرة على تنفيذ برامجها ومشاريعها.

3- مادة "20" تخص الاستقلال الإداري: ينص القانون على أن الجامعات يجب أن تكون مستقلة إداريًا وتتولى إدارتها وتنظيمها بنفسها دون تدخل حكومي مباشر.

وأضاف صديق، قائلا: "بخصوص ما تحجج به بعض رؤساء الجامعات أن قرار إخضاع أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المتقدمين للترقية لتحليل المواد المخدرة جاء به تعميم إلى الجامعات من بناءا على قرار وزاري من مجلس الوزراء والتنظيم والإدارة، ولكن الحقيقة أنه لا يمكن لجهة التنظيم والإدارة المصرية إصدار قرارات ملزمة للجامعات بدون ورود من نصوص قانونية متعلقة بتنظيم الجامعات أو تعديلاتها التي تم تبنيها من قبل البرلمان المصري، فالقوانين والتشريعات تحدد السلطات والصلاحيات الممكنة لكل جهة، ويجب أن تتبع جميع القرارات هذه النصوص القانونية".

وتابع صديق، قائلًا يبدو الآن أن هذا قضية أصبحت معقدة وحساسة أثارت الكثير من اللغط بين أعضاء هيئة التدريس المتقدمين للترقية، فالقرار الذي تم تطبيقه من بعض رؤساء الجامعات جاء بناءا على قرار من الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة رقم (598) لسنة 2024، الذي يهدف إلى تنظيم عملية ترقية العاملين في الدولة"، مضيفا أن هذا القرار لم يشير من قريب أو بعيد إلى إلزام تطبيقه على أعضاء هيئة التدريس بالجامعات بل نص على الموظفين بالدولة وهم الخاضعون لقانون الخدمة المدنية، بينما الجامعات مستقلة وينظم ينظم عملها ومسئوليات وحقوق أعضاء هيئة التدريس وكذلك وإجراءات تقدمهم للترقية الأعلى.

تحليل المخدرات
تحليل المخدرات

تحليل المخدرات إهانة لأعضاء هيئة التدريس 

وأشار صديق، إلى أنه قد تبنى بعض رؤساء الجامعات أن قرار تحليل المخدرات الذي يعتبر جزءًا من جهود أوسع لضمان سلامة وأمان المجتمع الجامعي، وخلافا لموافقة بعضهم قد أثار تطبيقه في بعض الجامعات جدلًا واسعًا بين أعضاء هيئة التدريس واعتبروه إهانه لهم.

وتابع صديق، قائلًا: "نحن أعضاء هيئة التدريس بـ الجامعات المصرية رواد العلم ونعمل على التنوير والنهوض ودفع أبناء الأمة للإمام ونحو مستقبل بناءا لبلدنا من خلال عملنا بالجامعات، وأننا على استعداد لتطبيق القرار إذا كان القرار ملزم لكل الفئات الأخرى مثل القضاء والنيابة والوزراء الجيش والشرطة، نحن فئة مثل تلك الفئات ومستعدين تماما لتطبيق القرار إذا كان ملزم لكل الفئات وليس ملزم لنا نحن فقط، فنحن ليس محل شبه حتى يتم استثناءنا بالتطبيق دون الفئات الأخرى".

أستاذ بعين شمس: إذا طبق للأساتذة بالجامعة لابد تطبيقه على كل فئات المجتمع بلا استثناء

من جانبه، قال الدكتور تامر شوقي الخبير التربوي والأستاذ بكلية التربية جامعة عين شمس، إنه لا شك أن الصورة الذهنية لدى أفراد المجتمع المصري عن تحليل المخدرات هى صورة سلبية لأنها ارتبطت ببعض الفئات مثل سائقي الأتوبيسات ومن يتم الشك في سلوكهم عند ارتكابهم جرائم أو حوادث، وبالطبع فأن إجراء تحليل المخدرات لأعضاء هيئة التدريس باعتبارهم الفئة الأرقى في المجتمع قد يسبب لهم العديد من الأضرار المعنوية.

وأضاف الخبير التربوي والأستاذ بكلية التربية جامعة عين شمس، لـ"كشكول"، أن الجامعة تمتلك العديد من الأدوات لمراقبة سلوك أفرادها، كما أن الجامعة لا تقبل بتعيين أي عضو هيئة تدريس بها إلا بعد الاطمئنان تماما بحسن سلوكه وأخلاقه، ولا تتكتم أبدا على أي مخالفات يرتكبها أي عضو.

واختتم الخبير التربوي والأستاذ بكلية التربية جامعة عين شمس، قائلًا "يظل السؤال المثير للحيرة، اذا كان سيتم إجراء تحليل مخدرات لكل من تقدم الترقية، فما الحال بالنسبة لمن لم يتقدموا الترقية؟ أو من هم لا ينتظرون أي ترقية أخرى ببلوغهم قمة السلم الوظيفي؟، وفي كل الأحوال لو تم تطبيق ذلك الإجراء على أساتذة الجامعات فلابد أن يتم إعلان تطبيقه على كل فئات المجتمع في كل المجالات بلا استثناء، وأن يشمل الجميع من يتقدم للترقية أو لم يتقدم".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق