في الجيش الإسرائيلي يوجد توافق في الرأي على أن القتال ضد حماس سيستأنف في المستقبل المنظور للعيان. حماس لن ينزع سلاحها وستبقى تهديدا ينبغي القتال ضده. حتى لو لم يكن القتال بريا في البداية، فبعد المرحلة الثانية من الصفقة، سيبقى موطئ القدم العسكري. ستعمل القوات في الشريط العازل المكثف ليشكل نقطة انطلاق لاجتياحات في عمق المنطقة الغزية عند الحاجة وستكون حاجة.اضافة اعلان
يقاتل الجيش الإسرائيلي في هذه اللحظة في غزة دون هدف حقيقي، إستراتيجي وبعيد المدى، هدف يعطي أملا وغاية ملموسة لشعب إسرائيل الذي في هذه الأثناء يدفع الأثمان مع فوائدها، بتوسع المقابر العسكرية في كل يوم تقريبا. يعمل أعضاء حكومة إسرائيل ورئيسها بفاعلية لصيانة حماس كذخر ضعيف ومنكوب، بالضبط وفقا لذاك المفهوم المغلوط الذي سبق 7 أكتوبر. بسبب جبن الوزراء عن اتخاذ قرار سياسي ثقيل الوزن وبالتوازي مع عدم الإكتراث الجماهيري للضحايا الذين يتراكمون ولضائقة القوة البشرية المقاتلة والمتآكلة، يضطر الجيش أن يقاتل ببطء قليلا وفي دوائر. السيئ، الأسوأ والأصعب ما يزال أمامنا في القطاع.
وزراء الكابنت، قليلو التجربة الأمنية وعديمو الشجاعة السياسية، مشغولون بألف شيء وشيء آخر باستثناء اتخاذ قرارات ثقيلة الوزن وبعيدة المدى. عملية إجرامية في السامرة؟ الوزراء يأمرون الجيش إمساك المهاجين وتكثيف الدفاع عن المستوطنات. حماس استأنفت النار الصاروخية على الغلاف؟ الوزراء يطلبون من الجيش ان يضرب غزة بقوة. في الكابينت ينشغلون بالتكتيك الصغير وكل شيء شعبوي، وكأن وزير الدفاع هو قائد لواء والوزيرة ستروك هي ضابطة أمن في فرقة، وليسوا القادة الذين هم مؤتمنون على مصير الدولة. الجنود يقتلون الواحد تلو الآخر وسيواصلون التعرض للقتل هكذا أيضا في الأسبوع القادم وفي الشهر القادم وفي السنة القادمة. لا توجد غاية، لا يوجد جوهر حقيقي. يوجد قتال في دوائر، وزراء مترددون وجمهور غير مكترث يفضل فحص الأسعار الجديدة إلى فيينا مع شركة راين اير التي عادت لتوها بالضبط. في الوقت الذي لا يعترف به مسؤولو الجيش باتهامات الحكومة بقصورات 7 أكتوبر يعودون لاستجداء المستوى السياسي في الغرف المغلقة كي يكلفهم بمهمة تحقيق هدف سياسي ما لغزة؛ استيطان متجدد كأساس لامن السكان وإلغاء حتى ولو جزئي لفك الارتباط؛ حكم عسكري إسرائيلي مثلما كان في الماضي؛ حكم محلي غزي بالتعاون مع السلطة الفلسطينية وبرعاية مصرية – أميركية. لا شيء. كل بحث كهذا يؤجل، كل مبادرة تذاب، وكبديل تخرج هذا الشهر صور عن مداولات غريبة للكابنت مختلف أقيم بين ليلة وضحايا مع وزراء مثل سموتريتش وستروك.
لا غرو أن جنرالات في الاحتياط يشكون بأن الهدف الحقيقي هنا هو إعادة الاستيطان في غزة، لكن في الحكومة دهاة بما يكفي كي لا يكشفون هذا لأهالي المقاتلين ولجنود الاحتياط.
للحكومة يوجد تفويض ديمقراطي لتقرر أي هدف تختاره وفقا لفكرها اليميني. "تقويض الحكم المدني والعسكري لحماس" ليس هدفا حربيا. هو كذبة يطعمون الجمهور بها منذ الأسبوع الأول للحرب. احبولة إعلامية ممجوجة. طالما لا يكملونها بأكثر ما ينقصها: من سيحكم بدلا من حماس 2 مليون غزة، منهم وبرعايتهم تطورت حماس إلى جيش ولا تزال باقية وستبقى لسنوات أخرى. قيادة الجيش ضعيفة وتتعرض للهجوم الدائم بحيث لا يمكنها أن تصرخ بهذا. رئيس الأركان القادم سيكون بالتأكيد مطالبا بأن يسير على الخط مع مفهوم الحكومة الحالية: ابعثوا بالمقاتلين إلى أزقة الزيتون وبعد صفقة المخطوفين نرى ما سنعمل. أو بعد أن يدخل ترامب البيت الأبيض أو بعد ان يحصل شيء آخر، ربما حوار مع السعوديين على سلام إقليمي. سنرى لاحقا، اما حاليا فليقاتلوا.
استعد الجيش الإسرائيلي مؤخرا لنقاش معمق مع كثير من الجدال ويتعلق هذا بمستوى الخدمة الاحتياط وذلك بسبب ما يخطط له المستوى السياسي في مرابطة مئات المقاتلين في سورية بعد سقوط الأسد، والميل لأن تبقى قوات الجيش في أراضي لبنان حتى بعد الستين يوما الأولى من وقف النار. مقاتلو الاحتياط المنهكون سيكونون مطلوبين في كل حال، بالمتوسط، لشهرين – ثلاثة أشهر خدمة في السنة القادمة، بعد أن طحنوا بين نصف سنة وسنة بل وبعضهم أكثر منذ نشبت الحرب وبمستوى خدمة احتياط لم يسبق أن كان في تاريخ الدولة. في الجيش يعرفون ما تحاول الحكومة إخفاءه ألا وهو أن الجيش يحتاج على عجل لآلاف أخرى من المقاتلين ممن فقدهم في الحرب وذلك كي ينفذ أكثر مهامه تواضعا.
الحقيقة الأليمة معروفة للجميع: المقابر العسكرية ستتسع بشبان متدينين وعلمانيين في السنة القادمة أيضا دون جدوى ودون قرارات سياسية شجاعة لا تتخذ.
الثمن الباهظ لعدم القرار
يوآف زيتون
0 تعليق