ماذا وراء السباق المحموم بين بايدن وترامب لوقف الحرب في غزة؟

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
عمان - وسط ترقب عالمي لإعلان اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، يسابق مسؤولو الإدارة الأميركية الحالية الزمن للتوصل إلى اتفاق قبل أن يغادر الرئيس الأميركي جو بايدن منصبه في 20 كانون الثاني (يناير) الحالي، فيما كشفت وسائل إعلام عبرية، أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بدأ يتدخل شخصيا في ملف إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، وأنه مهتم بإتمام الاتفاق في أقرب وقت قبل أن يتسلم منصبه.اضافة اعلان
ويقول مراقبون، إن كلا الطرفين يتنافسان لطي صفحة الحرب على غزة، إذ يريد بايدن أن يختم عهد إدارته بالأيام القليلة المتبقية بإنهاء الحرب، ويسجل في تاريخه بأنه أنهى الحرب، خاصة وأن هذه الحرب أدت إلى انقسامات داخل الحزب الديمقراطي، فيما يبحث ترامب عن أول نجاح سياسي كبير لتعزيز سياسته الخارجية منذ البداية، كما أن الصراع في غزة يشكل عبئا ثقيلا على الولايات المتحدة وصورتها في المنطقة.
ويكشف اتفاق وقف إطلاق النار في غزة المتوقع التوصل إليه، عن تنافس كبير بين القوى الدولية والإقليمية، إذ ترى إدارة بايدن في الاتفاق فرصة لتعزيز نفوذها في المنطقة، بينما تسعى إدارة ترامب المقبلة لإثبات قدرتها على تحقيق إنجازات حاسمة.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن خلال خطاب ألقاه الاثنين الماضي في وزارة الخارجية حول سجله الدبلوماسي، نحن على وشك أن نرى اقتراحا طرحته بالتفصيل قبل عدة أشهر يؤتي ثماره أخيرا، مؤكدا أن إدارته تعمل بشكل عاجل على إبرام هذا الاتفاق قبل تسلم الرئيس المنتخب دونالد ترامب مهامه في البيت الأبيض.
وفي هذا الإطار، يقول رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية الدكتور خالد شنيكات: “يبدو أن الولايات المتحدة أصبحت على قناعة بصعوبة حسم الحرب في قطاع غزة بعد مرور أكثر من عام وثلاثة أشهر على بدئها، وأن الحرب تحولت إلى حرب استنزاف خاصة مع تقارير أميركية متتالية تتحدث عن أن حركة حماس أعادت بناء قواتها، وأن ما تخسره من جنود تقوم بتعويضهم بجنود آخرين جدد.
وتابع: “يضاف إلى ذلك أن الحرب كلفت الولايات المتحدة وفقا لتصريحات وزير الخارجية الأميركية بالأمس بلينكن ما يصل إلى 25 مليارا، وهو مبلغ كبير على حرب مختصرة على قطاع غزة بشكل أساسي رغم أنه فتح الجبهات الأخرى ولكنها مختصرة”.
وأضاف: “لكل من إدارة بايدن وترامب أهدافهما من إنهاء هذه الحرب أو طيها عبر صفقة، بالنسبة لبايدن فيريد أن يختم عهد إدارته بإنهاء الحرب ويسجل في تاريخه بأنه أنهى الحرب، خاصة وأن هذه الحرب أدت إلى انقسامات داخل الحزب الديمقراطي حول جدواها الأخلاقية، وظهرت نقاشات داخل الحزب كبيرة أدت لأول مرة إلى أن الحزب يشهد اتجاهات متعارضة كادت تعصف بوحدة الحزب، وكانت أحد الأسباب التي أدت إلى خسارة الحزب الديمقراطي الانتخابات الرئاسية، وحتى على مستوى الكونغرس”.
وأتم: “أما بالنسبة لدونالد ترامب فقد وعد بطي صفحة الحروب، وبشكل خاص حرب أوكرانيا وحرب غزة، فتحدث عن بايدن بوصفه الرئيس الذي أدى إلى اندلاع حروب في العالم بسبب ضعف قيادته، والآن فإن المطلوب هو إنهاء ملف الحروب، ومنها حرب غزة، خاصة أنه يعطي أيضا أولوية لموضوع الصفقات، وبشكل خاص موضوع صفقة التطبيع بين السعودية وإسرائيل وهي تحظى بأولوية ملحة بالنسبة له”.
واستكمل: “لذلك مارس ترامب عبر مبعوثه للشرق الأوسط أو بشكل مباشر من قبل ترامب ضغوطه على نتنياهو وحكومته، لدفعه لقبول الصفقة، رغم أن نتنياهو يحاول التملص من أي التزام قد ينهي الحرب، وبالتأكيد شهية اليمين واليمين المتطرف واللذان تتشكلان منه الحكومة، مفتوحتان لتحقيق المزيد من الأهداف، خاصة ما يتعلق بالسيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية، وإجهاض الدولة الفلسطينية، وكذلك هزيمة الحوثيين، ومنع إيران من امتلاك سلاح النووي عبر إجهاض برنامجها النووي”.
وقال الشنيكات: “كل هذه الأهداف الكبيرة لا يمكن تحقيقها بدون تعاون دونالد ترامب في هذه الموضوع، وأولويته صفقة للمنطقة ككل تشمل اعتبار إسرائيل جزءا أساسيا من المنطقة، وبناء علاقات طبيعية تتحقق من خلالها المصلحة الاقتصادية والسياسية والأمنية لإسرائيل عبر تحالف دول الإقليم تقوده إسرائيل، ولذلك يرى ترامب أن استمرار الحرب يعطل هذه الصفقات، وينهي المشروع الإستراتيجي للمنطقة، الذي يصفه بأنه سيغير وجهها”.
وكان ترامب تعهد خلال حملته الانتخابية، وفي مناسبات عديدة، للناخبين العرب والمسلمين واليهود، بالعمل على إنهاء الحرب على قطاع غزة، والإفراج عن بقية الأسرى المحتجزين لدى حركة حماس، وتودد للناخبين المعنيين بغزة من كلا الجانبين، وأكد أنه لو كان رئيسا ما قامت هذه الحرب من البداية.
من جهته، يقول المحلل السياسي الدكتور صدام الحجاحجة، إن الرئيسين بايدن وترامب يتفقان على رؤية واحدة تخص أزمة معقدة في حجم ونوع الحرب الدائرة في قطاع غزة حاليا، هي بحد ذاتها حالة نادرة، إذ يسابق كلاهما الزمن لإنهاء الحرب هناك في أقرب وقت ممكن، حتى وإن اختلفت الحسابات الشخصية بينهما.
وأضاف الحجاحجة: “بالنسبة للرئيس بايدن فإن إنهاء الحرب على غزة، وإعادة الرهائن والمحتجزين إلى عائلاتهم، سيكونان إنجازين كبيرين له، اللذين ينهي بهما ولايته الرئاسية الوحيدة بعد فشل حزبه في الفوز بالانتخابات الرئاسية، لكنه يسعى من خلال هذا الإنجاز، في حال تحققه، إلى تأكيد التزامه الشخصي بالوعود التي قطعها في عدة مناسبات بإنهاء الحرب على غزة وإعادة المختطفين، وكذلك إطلاق موجة مساعدات إنسانية وإغاثية واسعة للمتضررين في القطاع”.
وتابع: “كما أن بايدن وإدارته يريدان لهذا الاتفاق أن يتم، لأنه يعني من وجهة نظرهم، أن حصاد بايدن الرئاسي سيكون إيجابيا مع نهاية ولايته، مرجعين السبب في ذلك إلى أن سياساته في المنطقة حققت أهدافها الإستراتيجية البعيدة التي رسمتها في بعد السابع من أكتوبر، تحت عنوان ألا تعود المنطقة إلى الصورة التي كانت عليها قبل هذا التاريخ، والتي تتمثل بإنهاء الدور الإقليمي لإيران في المنطقة، ونجاح إسرائيل في إنهاء قيادات حماس في الداخل والخارج.”
وتابع: “ومن الأهداف أيضا تصفية قيادات الصفين الأول والثاني في حزب الله، وسقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد في سورية، ومنع إعادة تسليح حزب الله بقطع شريان الحياة الممتد من طهران إلى بيروت عبر دمشق، وكذلك من خلال وضع خطة لمرحلة ما بعد وقف القتال في قطاع غزة”.
وأتم: “بالنسبة للرئيس المنتخب ترامب، فيريد أن يكون الرئيس الذي يظهر للأميركيين وللعالم أنه الرئيس الذي نجح بإنهاء أزمة الشرق الأوسط التي استمرت 15 شهرا حتى قبل تنصيبه، خاصة أنه يعلم جيدا أن الولايات المتحدة ليست مستعدة لتحمل المزيد من الأعباء السياسية والعسكرية لهذه الحرب، في ظل وجود تحديات أخرى كبيرة تواجه إدارته في مقدمتها المنافسة مع الصين، والحرب في أوكرانيا، وأزمات الاقتصاد والهجرة وأمن الحدود في الداخل”.
أما الخبير العسكري والإستراتيجي نضال أبو زيد، فيرى أنه في ظل التسارع المحموم بين إدارة ترامب وبايدن في محاولة فرض أمر واقع على ملف الصفقة في غزة، يبدو أن هذه المحاولات تندرج في إطار محاولة كلا الطرفين تحقيق إنجاز يسجل لأي منهم، لكسب ود الشارع الأميركي من ناحية، ومن ناحية أخرى اعتبار ذلك إنجازا دبلوماسيا يسجل لأي منهما.
وأضاف أبوزيد، إن بايدن يدرك تماما أن المرحلة المقبلة هي مرحلة حلول سياسية أكثر منها عسكرية، لذلك يحاول انتزاع مكسب دبلوماسي بتحقيق اختراق في ملف صفقة وقف إطلاق النار في غزة يسجل للديمقراطيين، وتجريد الجمهوريين من هذا المكسب الذي قد يستغل في الانتخابات الرئاسية بعد 4 سنوات.
وأشار إلى أن السياسة الخارجية الأميركية لا تختلف بين الديمقراطيين والجمهوريين، لأن أميركا دولة مؤسسات، ومن يضع الخطوط العريضة للسياسة الخارجية هو الكونغرس وليس الرئيس، وإنما تختلف أدوات التطبيق بين جمهوريين أكثر خشونة دبلوماسيا، وبين ديمقراطيين أكثر نعومة دبلوماسية، لذلك فإن شكل الحراك الدبلوماسي الأميركي بما يتعلق بالصفقة في غزة يشير إلى أن هناك تناغما بين إدارتي بايدن وترامب، لكن هذا التناغم لا يخلو من نوع من المماحكة السياسية ذات الطابع التنافسي.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق