تطوير منظومة التعليم وفقا لخريطة تحديث القطاع العام.. ترف أم ضرورة؟

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
عمان – فيما وجه مجلس الوزراء في جلسة عقدها أول أمس، برئاسة رئيسه د. جعفر حسان، للسير بإجراءات تحديث منظومة التعليم، وفقا لما تضمنته خريطة طريق تحديث القطاع العام؛ تمهيدا للسير بالإجراءات القانونية والتشريعية لإنفاذها، تباينت آراء خبراء في التربية، حول عملية الدمج التي ستفضي لإنشاء وزارة التربية والموارد البشرية، لتحل بديلا عن وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي، فهناك من يرى بأن هذا الإجراء متطلب وليس ترفا، رأى آخرون ضرورة وجود مجلس للتعليم العالي يشرف على الجامعات دون المس باستقلاليتها، وأن لا ضرورة لوجود وزارة مستقلة لها، فضلا عن إعادة تنظيم المؤسسات التي لديها عمل مشترك مع أي مؤسسة كبيرة، وأن تكون تحت مظلتها.اضافة اعلان
وقال آخرون إنه يجب التريث بعض الوقت لبذل مزيد من الجهود، ووضع تفاصيل الإجراءات التي تنصب مباشرة على وضع التفاصيل الفنية التي تتناول الجانب التعليمي في المراحل والمباحث والنشاطات، والمشاريع البحثية وأساليب تقويم تعلم الطلبة الأنسب التي ترتبط بالوزارة الجديدة، باعتبار أن التركيز معظمه ينصب على الجانب التنظيمي والهيكلي من الجانب الإداري، بالإضافة للوصف الوظيفي للموارد البشرية.
وكان مجلس الوزراء أول من أمس في جلسته برئاسة حسان، للسير بإجراءات تحديث منظومة التعليم، وفقا لما تضمنته خريطة طريق تحديث القطاع العام؛ تمهيدا للسير بالإجراءات القانونية والتشريعية لإنفاذها، وتتضمن الإجراءات، دمج وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي، على أن تضم الوزارة المستحدثة التي ستكون الخلف القانوني لهما، مهام تنمية الموارد البشرية، بالإضافة لإنشاء مجلس التعليم وتنمية الموارد البشرية، بحيث توكل إليه مهام رسم السياسات العامة للتعليم في مختلف المراحل، بحيث تنبثق عنه لجان فرعية مثل: التعليم العام، والتعليم العالي، والتعليم الدامج، والتعليم المبكر.
وبشأن مديريات التربية والتعليم، فسيقلص عددها لـ16؛ بما يراعي التوزيع الجغرافي والكثافة السكانية في كل محافظة، وستدمج هيئة تنمية وتطوير المهارات المهنية والتقنية ووحدة جودة التعليم والمساءلة بوزارة التربية مع هيئة اعتماد مؤسسات التعليم العالي، وضمان جودتها في هيئة واحدة، تحت مسمى "هيئة الاعتماد وضمان الجودة"؛ لتقوم بمهام التنظيم والاعتماد وضمان الجودة لمنظومة التعليم وتنمية الموارد البشرية.
أما بشأن التعليم والتدريب المهني والتقني، فسينقل ارتباط مؤسسة التدريب إلى وزير التعليم وتنمية الموارد البشرية/ الأمانة العامة للتعليم والتدريب المهني والتقني فور إنشائها، على أن يجري ذلك ضمن مرحلة انتقالية، لحين الانتهاء من المقتضى التشريعي، لنقل وظائف ومهام مؤسسة التدريب بالكامل إلى وزارة التعليم وتنمية الموارد البشرية، بما يضمن الإبقاء على مهام التدريب المهني.
وسيجري إثر ذلك، إبرام اتفاقية بين الوزارة ومؤسسة التدريب، تضمن الاستفادة من مراكز التدريب كمدارس مهنية، على أن تستمر تلك المراكز بتقديم خدمات التدريب، كما سيبقى ملف ترخيص الحضانات لدى وزارة التنمية الاجتماعية، لارتباط هذه الفئة بتطورات نمائية واجتماعية، ضمن مهام الوزارة ذاتها.
كذلك سينشأ مكتب خاص لإدارة مشروع الهيكلة بالوزارة؛ لضمان التطبيق السلس والانتقال من الوضع القائم إلى الوضع الجديد، ومتابعة تنفيذ مبادرات التغيير المطلوبة، بالتنسيق مع وحدة إدارة وتنفيذ برنامج تحديث القطاع العام برئاسة الوزراء.
وتضمن القرار، تشكيل لجنة متابعة برئاسة وزير دولة لتطوير القطاع العام، بحيث تتولى مهمة تطوير وإقرار الهيكل التنظيمي لهيئة الاعتماد وضمان الجودة، وتحديد وظائف الموارد البشرية المطلوبة وأعدادها.
وفي هذا الصدد، قال وزير التربية والتعليم الأسبق د. فايز السعودي إن التحديث والتطوير لأي مجال، يحدث بعد عملية تحليل إستراتيجي عميق، مضيفا أن الاستثمار في التربية له عائد كبير، لذا تجري بعض الدول عمليات دمج بين المؤسسات التعليمية لمواءمة مخرجات التعليم العام ومتطلبات التعليم العالي وتحقيق نتائج تربوية، واقتصادية، والميزات التنافسية واستدامتها، وضمان مخرجات منسجمة مع متطلبات سوق العمل، لكن هناك مخاوف كبيرة متعلقة بأن كثيرا من الدول التي دمجت بين التعليم العام والعالي، عادت إلى فصلها مجددا، كون كل قطاع له أهداف مختلفة برغم ترابطهما.
وأكد السعودي، أن التعليم العالي يجب ألا يكون وزارة مستقلة، بل يتبع لمجلس التعليم العالي، ويناط به الإشراف على الجامعات مع الحفاظ على استقلاليتها، مبينا أن مؤسسة التدريب وهيئة المهارات، يجب أن تندرجا تحت إطار الوزارة، وفي الوقت نفسه تبقى المؤسسة مرتبطة على نحو غير مباشر بوزارة العمل.
وتابع أن إعادة تنظيم المؤسسات ليكون للفرعية منها عمل مشترك مع أي مؤسسة كبيرة، وتحت مظلتها، أما بشان تقلص عدد مديريات التربية والتعليم، فيعد هذا القرار إيجابيا يصب في خدمة العملية التعليمية.
الخبير في التربية د. محمود المساد، بين أنه في ضوء توجيه الحكومة اول من امس للسير بإجراءات تحديث منظومة التعليم، علينا أن نتريث بعض الوقت، لبذل مزيد من الجهود، ووضع تفاصيل الإجراءات التي تنصب مباشرة على وضع التفاصيل الفنية التي تتناول الجانب التعليمي في جميع المراحل، والمباحث والنشاطات والمشاريع البحثية وأساليب تقويم تعلم الطلبة الأنسب التي ترتبط بالوزارة الجديدة، باعتبار أن التركيز معظمه ينصب على الجانب التنظيمي والهيكلي من الجانب الإداري، بالإضافة للوصف الوظيفي للموارد البشرية.
وبين المساد، أن دمج الوزارتين معا ومؤسسة التدريب، يعطيان القيادة لهذا الهيكل الضخم، نظرة شمولية أفضل، وأكثر عمقا ونضجا لإعداد المواطن، وتمكينه بمهارات ومعارف واتجاهات مطلوبة لحياة ناجحة، وهذا قد يكون واقعا حقيقيا ناجحا إن عملت عليه القيادات التربوية، عن طريق خبراء ومتخصصين يملكون هذه النظرة الشمولية التي تجمع بين فكر الخبراء الإستراتيجي، والميدان العملي الواقعي، ومن بالوزارة والمهتمين وذوي الخبرة في المجتمع، ما يعد ترجمة حقيقية للعمل التشاركي لهم، ويصب على نحو عام في المجتمع الواحد.
أما بشأن ما يتصل بالتعليم التقني والتدريب المهني، فهذا كشكول يتطلب كثيرا من الحكمة والدراية والاستشراف المستقبلي لحاجات السوق المتحرك بسرعة التفجر التكنولوجي، وفي البداية علينا أن نعرف كيف نرفع مستوى هذا التعلم إلى مستوى تعلم تقني، يفضي للدراسات التطبيقية الهندسية من جانب، ومجاراة سوق العمل التقني المحترف من جانب ىخر، وفق المساد.
وأكد أن برنامج التدريب المكثف العميق، يتناول مهارات العمل المشترك بين هذه الكتل الثلاثة، ويضمن كيفية اندماجهم بالعمل لصالح رفع جودة النواتج، فعملهم معا بروح رياضية مرنة، ويراكم الخبرة المتنوعة، ويمكن المشترك الفعال من الأدوار والمهام وتحمل المسؤوليات، ليغدو الضامن الوحيد للنجاح والتميز.
من ناحيته، قال الخبير في التربية عايش النوايسة، إن دمج وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي تحت مسمى "وزارة التربية والموارد البشرية"، متطلب وليس ترفا، ويأتي في ظل تغيرات حدثت في الجوانب الإدارية والاقتصادية والاجتماعية، وما يتطلبه التعليم من الإستراتيجيات، يتعلق بالإدارة الرقمية والتحول الرقمي، مضيفا أن النظم الإدارية الحديثة، تعيد بين فترة وأخرى هندسة العمليات، وبمعنى آخر تعيد تنظيم العمليات الفنية بالوزارة.
وأشار النوايسة إلى أن هذا النهج يتعلق أيضا بالتوسع باللامركزية لتحسين جودة الخدمات والعمليات التعليمية، لذا جاء في الجانب الأول تقليص عدد مديريات التربية من 42 إلى 16، وسيجري كما هو معروف وفق الملامح الأولية لهذه الخطة، تفويض صلاحيات بصورة لا مركزية لمديري التربية في المحافظات، لقيادة عمليات التعلم والتعليم، وبالتالي تقديم الدعم والمساندة للمدارس على نحو كبير جدا عن طريق التركيز على جودة وخدمة العمليات التعليمية، والابقاء على الدعم المباشر للمدارس عبر  الإشراف التربوي عليها، لتحسين جودة ومخرجات التعليم والتعليم.
أما في الجانب الثاني، فإن وجود مظلة واحدة للتعليم، سيحد من تداخل الصلاحيات كما كان سابقا في ظل وجود جهات عديدة، تقدم الخدمات التعليمية، إلى جانب أن هناك 14 إدارة في وزارة التربية، كذلك فإن هناك تداخلا في الصلاحيات بين هذه الإدارات، ما يتطلب إعادة التركيز على الخدمات التعليمية بإعادة هندسة العمليات لهذه الإدارات بالوزارة.
ونوه النوايسة إلى أن محاور التحديث الاقتصادي وخطة تطوير الموارد البشرية والخطط الإستراتيجية، تتطلب إعادة التفكير في جل العمليات الإدارية ومن يقدمها، وتنظيم العمليات الإدارية بالوزارة، لذا جاء التفكير بأمانات التعليم الأربع، فهي تضمن جوانب تكاملية تخصصية تتكامل مع بعضها، ولا تتقاطع، والتركيز أيضا على تقديم خدمات فنية ولوجستية لوازمية مباشرة.
وبشأن التعليم المهني، قال، إن جرى دمج قطاع التدريب المهني بوزارة التربية، لذا طور السلم التعليمي بتطوير التعليم والتركيز على التعليم المهني بما يتناسب مع المواءمة بين مخرجات التعليم وسوق العمل، مضيفا أن الوزارة العام الماضي، وضمن خطة التطوير المهني التي أطلقتها، وتماشيا مع احتياجات الدولة ومواكبة لتطورات، حدثت مجموعة قرارات، تمثلت بتبنيها برنامج التعليم المهني "بي تك".
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق