* نحمد الله سبحانه وتعالى حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، على ما أنعم به على أهلنا وأحبابنا في غزة الصابرة الصامدة، من خلال هدنة وقف الحرب التي أكلت الأخضر واليابس واستنزفت مقدّرات غزة وأهلها. ومع ذلك، ظلّوا صامدين مقاومين، وبقوا أكثر من عام يقاومون المخاطر، ويدافعون عن أرضهم وكرامتهم. بقدر الفرحة التي عمَّت قلوبنا، إلا أن في حلوقنا غصة على ما مضى وفات من دماء الشهداء، وعلى حجم الدمار الذي طال مساحات كبيرة من غزة، ودمَّر الشجر والحجر. ولكن ثقتنا كبيرة بالله عز وجل أن يُزيح هذه الغُّمة عن أحبابنا في غزة، وأن تسير الأمور على خير وتتحقّق الهدنة بصورتها الكاملة على أرض الواقع. نسأل الله أن يخلف عليهم خيراً، ويحفظهم بكرمه، ويعمر غزة بالخير والبركة كما كانت، بسواعد أبنائها وبمساندة جميع الدول لها، حتى تعود حرّة أبيّة يعيش أهلها على أرضها بأمن وأمان وسلام.
* المواقف الجميلة المؤثرة والمعبّرة التي تظهر بين الحين والآخر في وسائل التواصل الاجتماعي لأهلنا في سوريا، من الذين غابوا عنها أكثر من عشر سنوات، تؤثر في النفس كثيراً. أهل حُرموا من رؤية أحبابهم، ومضت بهم السنوات وهم بعيدون عن وطنهم.
وشيوخ عادوا لوطنهم ليواصلوا مسيرة الإرشاد والكلمة الهادفة. جميلة تلك المشاهد، والأجمل مساحات الأمن والسلام التي بدأت تعود لشعوب دول عانت الكثير وهي بعيدة عن وطنها. إنه الوطن يا سادة الذي تشتاق له النفوس لترتمي بين أحضانه، وتعود إلى تلك الظلال التي غابت عن حياتها لسنوات طويلة. حفظ الله الشام وأهلها، وأدام الخير في ربوعها. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم بارك لنا في شامنا". وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "طوبى للشام". قلنا: لمَ ذلك يا رسول الله؟ قال: "لأن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليها".
* نتحدث كثيراً عن تلك الخواطر التي تجول في نفوسنا، وعن تلك الآمال الكبيرة التي نزرعها بين الحين والآخر في مساحات قلوبنا، والتي نتمنى أن تتحول إلى واقع ملموس وإلى حياة عملية نعايش أثرها في حياتنا وبعد مماتنا. هناك العديد من الأحلام والغايات التي نبتغي أن تتحقق ولو بعد حين، ولكن تتخطفنا أحياناً ظروف الحياة وهوامشها بقصد أو بدون قصد، ونجد أنفسنا في نهاية المطاف قد حققنا النزر اليسير منها. صائد الفرص هو ذاك الذي يتمتع بشخصية ديناميكية مُحبّة للخير، والذي تجده دائماً في مقدّمة الصفوف في مبادرات الحياة، يُسارع ليكون عوناً للآخرين، وسنداً لإسعادهم والتفريج عنهم. من يتحدث عن "الآمال الكبيرة" هو الذي يتّصف بهذه السمات، ولا يرضى بأن يُقدّم "الفكرة المعتادة"، بل يُصرّ أن تكون فكرته متميّزة ومؤثرة، تجذب الآخرين ليغيروا أنفسهم، ويقدّموا للحياة "رسالة أثر واضحة".
* العمل الخيري والإنساني يحتاج إلى سواعد صادقة، منتجة، مخلصة، ومبدعة، تحمل العمل على كاهلها بحب، ولا ترضى بأن تكون مجرد "نقطة صغيرة" في صفحة بيضاء. بل تسعى دائماً إلى التفكير الإبداعي لتطوير العمل الخيري والارتقاء به، ليكون ضمن مساحة "الإنتاج الحقيقي المثمر". العمل الخيري يجب أن يظهر في كل محطة منه بثوب جديد وبمشروع يجذب الآخرين ليكونوا شركاء في الخير، ويدفعهم ليكونوا ومضات داعمة لنجاحه وتميّزه. من يستشعر قيمة عمله وعطائه في محطات الخير، فهو بلا شك سيشعر بالبركة التي تعمّ حياته، ويعرف كيف يكون رقماً صعباً في المكان الذي يعمل فيه، وفي المشروع الذي يتبنّاه. هذا هو الشغل الشاغل الذي يجب أن نشغل به أنفسنا، لا أن ننشغل بصغائر الأمور، فتكون النتيجة أعمالاً إنسانية مُجهدة بلا مردود حقيقي ولا أثر.
* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي". حديث جميل يبيّن فيه النبي صلى الله عليه وسلم أهمية الإحسان والإنفاق على الأهل، ويشمل الزوجة، والوالدين، والأولاد، والأرحام. فهم أولى بالإحسان والنفقة والإسعاد. جميل جداً أن يحرص المرء على إعطائهم حقوقهم، ويرسم البسمة على وجوههم، فلا يجعلهم يحتاجون لأحد، ويحرص على أن يكون بينهم قدوة حسنة، يجمعهم على الخير، ويؤلف بين قلوبهم، ويستثمر الأوقات لصنع أثر إيجابي في حياتهم، ويحفظهم من المزالق والتيه.
ومضة أمل:
اللهم حقّق لنا كل خير نتمناه، واحفظنا من المزالق، واهدنا ويسّر لنا الهدى، وارزقنا العفو والعافية، وأدم المحبّة في حياتنا لمن نحبّ، واحفظهم لنا من كل شرّ.
0 تعليق