البحرين وعُمان.. إرث مشترك وشراكة نحو المستقبل

الوطن البحرينية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في مشهد يجسّد روح الأخوّة والتلاحم، حلّ صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم، حفظه اللّه ورعاه، ضيفاً كريماً على سلطنة عُمان بدعوة من أخيه صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان الشقيقة. جاءت هذه الزيارة التاريخيّة تتويجاً لمسيرة طويلة من التعاون والتآخي، حيث تتلاقى القيم الحضاريّة المشتركة مع رؤية تستشرف التنمية المستدامة لمستقبل يزخر بالتكامل والتطوّر.

إنّ العلاقات بين مملكة البحرين وسلطنة عُمان ليست وليدة اللحظة، بل تستمدّ قوّتها من تاريخ عريق يعود إلى حضارتي دلمون وماجان، اللّتين كانتا منارتين للثقافة والتجارة في منطقة الخليج العربيّ. هذا الإرث العريق وهذه الروابط الّتي امتدّت عبر القرون تعزّزت اليوم بجهود القيادتين الحكيمتين؛ لتشكّل قاعدة قويّة للعمل المشترك في مختلف المجالات. فالهويّة الثقافيّة المشتركة للبلدين تعكس تشابه العادات والتقاليد، وتمثّل عاملاً موحّداً يعزّز التفاهم، ويعمّق العلاقات الأخويّة.

جاءت الزيارة الملكيّة لتفتح أُفقاً جديدة في التعاون الاقتصاديّ بين البلدين؛ مع توقيع 25 اتّفاقيّة ومذكّرة تفاهم وبرنامجاً تنفيذيّاً. هذه الاتّفاقيّات تُغطّي مجالات متنوّعة، بما في ذلك الطاقة المتجدّدة، والتجارة، والصناعات التحويليّة؛ ممّا يعكس التزام البحرين وعُمان بتعزيز الشراكة الاستراتيجيّة، كما تُعدّ هذه الخطوة مؤشّراً واضحاً على حرص البلدين لتعزيز التكامل الاقتصاديّ وفتح آفاق جديدة للاستثمار والتبادل التجاريّ، ممّا يهيّئ فرصاً تنمويّة تعود بالنفع المباشر على شعبي البلدين. كما يشكّل التعاون في القطاعات الناشئة، مثل التكنولوجيا والابتكار، إضافة جوهريّة لهذه الشراكة، حيث تُعدّ هذه المجالات محرّكات رئيسة للنموّ المستدام الّذي يتماشى مع رؤى البلدين للتنمية المستقبليّة.

لم تقتصر المباحثات على الملفّات الاقتصاديّة؛ بل شملت نقاشات معمّقة حول القضايا الإقليميّة والدوليّة. حيث أكّدت القيادتان على أهمّيّة تعزيز العمل الخليجيّ المشترك، والتنسيق في مواجهة التحدّيات الإقليميّة؛ بما يضمن تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، لاسيّما فيما يتعلّق بعقد مؤتمر دوليّ لتسوية القضيّة الفلسطينيّة على أساس حلّ الدولتين. كما تبنّيا رؤية موحّدة تجاه قضايا التنمية المستدامة، بما في ذلك مواجهة التغيّر المناخيّ وتعزيز الاقتصاد الأخضر؛ ما يُبرز دور البحرين وعُمان كمحرّكين رئيسيّين في تحقيق السلام والازدهار على المستويين الإقليميّ والدوليّ.

تأتي هذه الزيارة لتؤكّد على أنّ الشراكة بين مملكة البحرين وسلطنة عُمان هي أعمق بكثير من كونها علاقات دبلوماسيّة بين بلدين شقيقين؛ بل هي نموذج يُحتذى به في تعزيز الهويّة الخليجيّة المشتركة والعلاقات الأخويّة بين البلدين. شراكة تُبنى على الاحترام المتبادل والرؤية المشتركة، وتُسهم في تحقيق تطلّعات الشعبين لمستقبل أكثر إشراقاً.

ختاماً، يبقى صوت المحبّة والاحترام المتبادل بين الشعبين البحرينيّ والعمانيّ يتردّد في الأفق، حاملاً رسالة أمل بتكامل عربيّ يعبر نحو المستقبل. كما يُثبت البَلدَان، بهذه الزيارة التاريخيّة، أنّ التعاون المثمر بين الأشقّاء هو السبيل لتحقيق التنمية والسلام في منطقة مليئة بالإمكانات والطموحات والتحدّيات في نفس الوقت. تحت قيادتين حكيمتين، يُؤسّس البَلدَان لمرحلة جديدة من التلاحم والبناء المشترك؛ تنطلق من جذور التاريخ لتعانق أفق المستقبل، وتبثّ رسالة عنوانها الأخوّة الصادقة والشراكة الراسخة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق