مع التطور السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) وتأثيره على الاقتصاد العالمي، تقف الأردن كدولة نامية أمام فرصة تاريخية لتحقيق قفزة نوعية في التنمية الاقتصادية.اضافة اعلان
يمثل الذكاء الاصطناعي أداة محورية لإعادة تشكيل القطاعات الاقتصادية وتعزيز التنافسية، خاصة في الدول التي تعتمد على الابتكار والتكنولوجيا كركيزة للتنمية. ومع ذلك، تتطلب هذه التحولات تخطيطًا استراتيجيًا واستثمارات كبيرة لتجاوز التحديات.
في هذا المقال، نستعرض تأثير الذكاء الاصطناعي على الاقتصاد الأردني، ما تحتاجه المملكة لمواكبة الثورة التكنولوجية، وكيف يمكن أن تستفيد من الفرص التي يقدمها الذكاء الاصطناعي.
الأردن وفرص الذكاء الاصطناعي
1. تعزيز القطاعات الحيوية
• الزراعة الذكية:
تواجه الزراعة في الأردن تحديات تتعلق بشح المياه والتغير المناخي. يمكن للذكاء الاصطناعي أن يقدم حلولاً لتحسين إدارة الموارد المائية وزيادة الإنتاجية. على سبيل المثال، يمكن استخدام تقنيات تحليل البيانات الضخمة والطائرات بدون طيار لتحديد أفضل ممارسات الري، كما تفعل دول مثل جنوب أفريقيا باستخدام تطبيقات مثل Aerobotics.
• الرعاية الصحية:
الذكاء الاصطناعي يمكن أن يسهم في تحسين جودة الخدمات الصحية في الأردن من خلال التشخيص المبكر للأمراض باستخدام تقنيات تحليل البيانات. شركة مثل Babylon Health، التي تعمل في إفريقيا، تقدم نموذجًا يمكن تبنيه لتحسين الاستشارات الطبية عن بُعد في المناطق الريفية واللاجئين.
• الخدمات المالية:
الأردن معروف بريادته في القطاع المالي. يمكن أن تعزز تقنيات الذكاء الاصطناعي مثل تحليلات البيانات وسلاسل الكتل (Blockchain) من قدرات البنوك وشركات الدفع الرقمي لتحسين تجربة العملاء وزيادة الشمول المالي.
2. تمكين ريادة الأعمال والتكنولوجيا الناشئة
الأردن يتميز بمشهد ريادي قوي، خاصة في قطاع التكنولوجيا. يمكن للشركات الناشئة الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتطوير حلول مبتكرة. مثال على ذلك هو منصة Mawdoo3 التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين جودة المحتوى العربي عبر الإنترنت.
3. التعليم والتطوير المهني
قطاع التعليم في الأردن يمتلك فرصة هائلة لاعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة التعلم. يمكن لأنظمة التعليم التكيفية (Adaptive Learning) مثل منصة Ruangguru الإندونيسية أن تقدم نماذج مخصصة للطلبة لتحسين النتائج التعليمية.
التحديات التي تواجه الأردن في تبني الذكاء الاصطناعي:
1. نقص البنية التحتية الرقمية
رغم التقدم الذي أحرزته الأردن في تحسين الإنترنت، إلا أن هناك حاجة ماسة إلى بنية تحتية أكثر تطورًا تشمل الإنترنت عالي السرعة والحوسبة السحابية. هذه البنية تُعد العمود الفقري لأي اقتصاد رقمي.
2. فجوة المهارات التقنية
يفتقر السوق الأردني إلى عدد كافٍ من المتخصصين في مجالات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات. على سبيل المثال، 70% من الوظائف الحالية في الأردن لا تتطلب مهارات تقنية متقدمة، مما يجعل تطوير برامج تعليمية تقنية أمرًا ضروريًا.
3. ضعف الاستثمار في البحث والتطوير (R&D)
الإنفاق على البحث والتطوير في الأردن ما زال محدودًا مقارنة بالدول المتقدمة. الاستثمار في الذكاء الاصطناعي يتطلب زيادة التمويل الحكومي والشراكات مع القطاع الخاص لتحفيز الابتكار.
4. التنظيم والسياسات
لا تزال السياسات والتشريعات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي في مراحلها الأولية. تحتاج الأردن إلى وضع إطار تنظيمي يحفز الابتكار ويضمن الاستخدام الأخلاقي لهذه التقنيات.
ماذا تحتاج الأردن للحاق بركب التنمية الاقتصادية في ظل ثورة الذكاء الاصطناعي؟
1. إطلاق استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي
يجب أن تتضمن هذه الاستراتيجية أهدافًا واضحة لتطوير قطاعات محددة، مثل الزراعة، الصحة، التعليم، والخدمات المالية، إلى جانب وضع خطط لتنمية المهارات الرقمية وبناء القدرات المحلية.
2. تعزيز التعليم والتدريب التقني
يحتاج الأردن إلى برامج تعليمية مبتكرة في مجالات الذكاء الاصطناعي، البرمجة، وتحليل البيانات. يمكن تحقيق ذلك عبر:
• شراكات مع الجامعات العالمية.
• إطلاق مبادرات تدريبية مكثفة تستهدف الخريجين والمهنيين.
3. إنشاء بنية تحتية رقمية متقدمة
تحسين شبكات الإنترنت وتوفير تقنيات الحوسبة السحابية على نطاق واسع، مع توفير دعم مالي للشركات الناشئة لتبني هذه التكنولوجيا.
4. تحفيز الاستثمار في البحث والتطوير
• تقديم حوافز ضريبية للشركات التي تستثمر في الذكاء الاصطناعي.
• إنشاء مراكز أبحاث متخصصة بالتعاون مع الجامعات والمؤسسات الدولية.
5. تعزيز الشراكات الدولية
يمكن للأردن الاستفادة من التعاون مع الدول المتقدمة لتبادل المعرفة التقنية والحصول على الدعم الفني. على سبيل المثال، الشراكات مع منظمات مثل البنك الدولي أو الأمم المتحدة يمكن أن تساهم في تنفيذ مشاريع ذكاء اصطناعي تستهدف تحديات محلية.
6. تحديث التشريعات والسياسات
• وضع قوانين تحفز الاستثمار في الذكاء الاصطناعي.
• ضمان الاستخدام الأخلاقي لهذه التقنيات وحماية خصوصية البيانات.
أستشهد هنا بتجارب بعض الدول النامية يمكن للأردن الاستفادة منها
الهند
نجحت الهند في استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين قطاعات مثل التعليم والصحة والزراعة. أطلقت الحكومة الهندية برنامجًا وطنيًا يركز على تطبيقات تلبي احتياجات المواطنين بأسعار منخفضة.
رواندا
استخدمت رواندا الطائرات بدون طيار المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتوصيل الإمدادات الطبية للمناطق النائية، وهو نموذج يمكن تطبيقه لتحسين الخدمات الصحية في المناطق البعيدة في الأردن.
نيجيريا
استفادت نيجيريا من الذكاء الاصطناعي لتحسين الشمول المالي عبر منصات مثل Paystack، وهو ما يمكن أن يلهم الأردن لتعزيز قطاع الدفع الرقمي.
الأردن يمتلك إمكانيات كبيرة للاستفادة من الذكاء الاصطناعي في دفع عجلة التنمية الاقتصادية، خاصة مع توفر الكفاءات الشابة والموقع الجغرافي الاستراتيجي. ومع ذلك، فإن تحقيق هذه الطموحات يتطلب استثمارات ذكية في البنية التحتية، التعليم، والبحث والتطوير، بالإضافة إلى سياسات واضحة لدعم الابتكار وريادة الأعمال.
بتبني رؤية وطنية قائمة على الذكاء الاصطناعي، يمكن للأردن أن يتحول إلى مركز إقليمي للتكنولوجيا والابتكار، مما يعزز مكانته على الخارطة الاقتصادية العالمية.
*خبير ذكاء اصطناعي وتخطيط استراتيجي
0 تعليق