يناير 19, 2025 5:53 م
كاتب المقال : عبد الله المجالي
السبيل
لقد أفشل الصمود الأسطوري والإرادة الحديدية التي لا تلين للشعب الفلسطيني في غزة مخطط التهجير والتطهير العرقي.
لقد ثبت الفلسطينيون شيبا وشبانا رجالا ونساء مدنيين ومقاومين على أرض غزة العزة، وكانوا سدا منيعا أفشل مخططا كان يراد به استنساخ النكبة والهروب من الأرض إلى غير رجعة.
كان المتطرفون يمنون النفس بالعودة إلى غزة والاستيطان فيها، لكن الفلسطيني الصابر المجاهد المحتسب كان لهم بالمرصاد.
لقد كان ثمن العودة باهظا جدا، ومن كان يعتقد أن العودة الكبرى ستكون بلا ثمن فهو واهم، ومن لم يكن مستعدا لدفع هذا الثمن فكل كلامه عن العودة مجرد هراء وخواء.
اليوم كان مشهدا عظيما مهيبا، حيث هرول عشرات الآلاف من الفلسطينيين عائدين إلى بيوتهم في شمال القطاع الذي صمد أمام خطة الجنرالات بل خطة الشياطين المجرمين، وبعد أسبوع سيعود مئات الآلاف من سكان الشمال الذين نزحوا إلى الجنوب في مشهد يلخص الإرادة في أعظم تجلياتها.
كنت أتساءل في نفسي وأنا أراقب وأتابع هذا الصمود الأسطوري لشعب شبه أعزل في شريط ساحلي ضيق لا جبل فيه ولا أمتا أمام عدو مدجج بأقوى الأسلحة ومدعوم من قوة عظمى، وفي ظل حمم تتساقط على رؤوسهم صبحا ومساء، وأمام تدمير كل مقومات الحياة، لو كان الهنود الحمر في قارة أمريكا قد صمدوا صمودهم وثبتوا على أرضهم أمام المستعمر الأوروبي الأبيض كما ثبت أبطال غزة، كيف سيكون حال العالم اليوم؟!!
من يشاهد تلك الآلاف المؤلفة، التي صمدت طيلة 465 يوما تحت النيران، تزحف إلى بيوتها ومناطقها مشيا على الأقدام يدرك أن فلسطيني اليوم ليس هو فلسطيني النكبة أو حتى النكسة.. وما ترونه منه اليوم إنما هو ثلثه فقط وثلثاه مزروعان تحت الأرض.
لا وجه شبه بين ما جرى اليوم في غزة وما جرى إبان النكبة في يافا وحيفا واللد والرملة وعكا وعسقلان وصفد؛ فأولئك كانوا يسيرون وظهورهم إلى فلسطين وأهل غزة يسيرون ووجوههم وصدورهم إلى فلسطين.. أولئك ساروا وقالوا وداعا نحن راحلون، وأهل غزة ساروا وقالوا نحن عائدون.
ثمن كبير قدموه نعم.. سيعودون إلى خراب ودمار نعم.. سينصبون خيمة نعم.. لكن فوق أرضهم وحقهم ولن يقال عنهم لاجئون.
0 تعليق