بقلم: حجاي عميت 20/1/2025
وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي انطلق، إضافة إلى وقف إطلاق النار الذي تحقق في المنطقة الشمالية، يتوقع أن يؤدي في الأسابيع القريبة المقبلة إلى تقليص تجنيد الاحتياط بعشرات آلاف الجنود، إخلاء محور فيلادلفيا ومعبر رفح وممر نتساريم. إضافة إلى ذلك، يوم الأحد المقبل سيصادف اليوم الستين لوقف إطلاق النار في الشمال، الموعد الذي فيه قوات الجيش الإسرائيلي يمكن أن تنسحب من لبنان.اضافة اعلان
معنى الانسحاب من غزة ومن لبنان هو أن حوالي خمس فرق للجيش الإسرائيلي، التي توجد خارج حدود الدولة في الجنوب وفي الشمال، ستعود إلى داخل إسرائيل. اعادتها ستجعل الاحتفاظ بعشرات آلاف رجال الاحتياط أمرا لا حاجة إليه. جندي الاحتياط يكلف الدولة 30 ألف شيكل بالمتوسط في الشهر. والتوفير من تسريح جنود الاحتياط يمكن أن يبلغ مليار شيكل في الشهر. ويجب إضافة إلى ذلك، التوفير في تكلفة الذخيرة والصواريخ الاعتراضية التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي للدفاع عن الدولة.
على فرض أننا لن نستأنف القتال، فإن تسريح جنود الاحتياط هو فقط الخطوة الأولى في الواقع الجديد الذي تسير إليه إسرائيل، أيضا في كل ما يتعلق بتكاليف أمنها. ولكن انخفاض تكاليف الحرب الجارية لن يرافقه استبدال الفرص في قيادة جهاز الأمن. رغم أن حماس وحزب الله تعرضا للضرب، والجيش السوري خرج من الصورة، وايران تكبدت ضربات، فإن سباق تسلح إسرائيل يوجد فقط في البداية.
بداية الشهر الحالي، أعلنت وزارة الدفاع وشركة "البت" للمنظومات، أنها وقعت على صفقات بمبلغ مليار شيكل من أجل إنتاج آلاف القنابل الجوية الثقيلة وإقامة "مصنع وطني للمواد الخام". قبل أربعة أشهر من ذلك تم التوقيع على اتفاق بحسبه وزارة الدفاع ستشتري من "البت" ذخيرة بمبلغ 1.5 مليار شيكل. إسرائيل تنفذ عددا غير قليل من العمليات الأخرى مع شركات مختلفة من خلال الرغبة في الوصول إلى استقلالية في التسلح.
هذا التسلح يحدث رغم أنه في جهاز الأمن هناك أوساط كثيرة تعتبر الرؤية التي تقول إن اسرائيل يجب عليها ويمكنها الوصول إلى الاستقلالية في إنتاج السلاح "أسطورة حضرية". ومن المبررات هيكلية ميزانية الدفاع، التي تعتمد على المساعدات الأميركية، التي معظمها يجب أن تكون موجهة لشراء المنتجات الأميركية. هذه القاعدة تؤدي إلى أنه في لحظة الحقيقة الجيش الإسرائيلي سيكون ملزما بتفضيل الصناعات الأميركية على الصناعات الإسرائيلية.
مبرر آخر هو أنه إذا تم الأخذ في الحسبان أنواع الذخيرة التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي، فإنه لا توجد لدى إسرائيل الموارد الكافية من أجل الوصول إلى وضع فيه كل شيء يتم إنتاجه في إسرائيل.
أيضا في جهاز الأمن هناك من يدرك أن الجدل حول التسلح في السنتين الأخيرتين لا يمكن أن يكون الوضع الدائم للجيش الإسرائيلي. المعضلة أمام وزارة الدفاع، قال ضابط رفيع في الجهاز، هي: "ما الذي سيحدث بعد تلبية الطلب الإسرائيلي والدولي للسلاح في السنتين أو الخمس سنوات المقبلة؟". هذا التخبط لا يقتصر على الإسرائيليين. فحسب مصادر على اتصال مع وزارة الدفاع الأميركية، فإن هناك نقاشا ساخنا في الخارج أيضا في هذه الأثناء حول حجم مخزون الذخيرة الذي تحتاجه أميركا – وقدرة الإنتاج المطلوبة لصناعة السلاح الأميركية.
الصناعات الأميركية أظهرت قفزة حادة في إنتاج ذخيرة للدبابات والطائرات في السنتين الأخيرتين. الخطوط تم توسيعها، والإنتاج ازداد، ومعه كمية الإنتاج للاحتياط. جهات رفيعة في وزارة الدفاع تطرح في هذه الأثناء السؤال أي ذخيرة يجب الاستمرار في إنتاجها وما هو عددها.
الوثيقة التي نشرتها وزارة الدفاع الأميركية في الـ10 الشهر الحالي، تدل على أنه منذ بداية العام 2022 استثمرت الولايات المتحدة 5.5 مليار دولار لتوسيع إنتاج عدد كبير من أنواع الذخيرة لتزويد أوكرانيا باحتياجات حربها. هذا الاستثمار أدى مثلا، إلى أن عدد قذائف المدفعية بقطر 155 ملم، التي تنتج في الولايات المتحدة شهريا، قفز من 14.500 إلى 40.000. إنتاج العبوات الناسفة لهذه القذائف في الولايات المتحدة ارتفع من 14.500 الى 18.000 عبوة في الشهر. في موازاة ذلك، فإن مواقع الإنتاج في ألمانيا وإسبانيا وهنغاريا وجنوب أفريقيا وأستراليا توجد في ذروة عملية زيادة إنتاج القذائف، 700 ألف قذيفة في السنة تقريبا. وإنتاج اكثر من 10 آلاف طن من مسحوق الاشتعال في السنة. القفزة بدأت ايضا بوتيرة إنتاج عدد كبير من أنواع مختلفة للذخيرة، من صواريخ ام.ال.آر.اس (منصات اطلاق متعددة الفوهات)، وحتى صواريخ الباتريوت.
السبب الرئيسي لهذه القفزة هو الحرب بين أوكرانيا وروسيا التي خلقت النقص في الذخيرة. هي أيضا أدخلت جيوش العالم إلى الخوف العميق من أن الطائرات والمسيرات لا تكفي، وأننا سنعود إلى الوراء، إلى عهد الحروب البرية الطويلة، التي تحتاج احتياطي ذخيرة لا ينفد. ولكن بالضبط عندما كانت عملية التسلح في ذروتها، فإنه يتوقع أن يدخل اليوم إلى البيت الأبيض رئيس، ليس فقط يصمم على إنهاء الحروب في الشرق الأوسط، بل يعلن أيضا أنه يصمم على وقف الحرب في أوكرانيا بشكل فوري. معنى ذلك هو أن الإدارة الأميركية الجديدة يتوقع أن تتوقف عن تمويل ضخ الذخيرة للجيش الأوكراني. في هذا السيناريو، مع دعم أوروبا فقط، فإن أوكرانيا ستجد صعوبة في الاستمرار في القتال، وطلب الذخيرة الممول في السنتين الأخيرتين بالدولارات سيتلاشى.
الذخيرة لا يمكن أن تخدم إلى الأبد. حسب الدكتور يهوشع كليسكي، الباحث في معهد آي.ان.اس.اس، فإن "التسلح المتسارع هو أمر مهم فقط لاستكمال الاحتياطي الذي نفد في المعركة الطويلة. هناك حاجة إلى الاستقلالية في الأمور الرئيسية، أي ذخيرة للدبابات والمدافع، ذخيرة مختلفة لسلاح الجو والسيطرة على إنتاج المواد المتفجرة وزيادة احتياطي صواريخ الاعتراض المختلفة.
"لكن التسلح الهستيري هو أمر لا قيمة له، لأنه يوجد للذخيرة تاريخ انتهاء. وعلى فرض وضع فيه الهدوء النسبي، فإن تكلفة الإنتاج للذخيرة أكبر من الفائدة المقرونة بتحويل الموارد. الأمر المهم هو ابتكار تكنولوجي وفكري.
حتى لو أن ترامب مصمم على إنهاء الحرب، وحتى لو نجح في ذلك، فإن هذا لن يحدث بين عشية وضحاها. وعملية تسلح الجيوش في العالم لن يتم وقفها على الفور. التحليلات التي أجريت في الصناعات الأمنية في إسرائيل، الافتراض هو أن استكمال احتياطي الذخيرة وخطط زيادتها ستستمر لسبع سنوات أخرى. هذه الخطط ما تزال حتى الآن لا تأخذ في الحسبان الإمكانية المعقولة أنه في هذه الأثناء ستندلع حروب جديدة في مناطق أخرى من العالم. في موازاة ذلك، سيكون هناك طلب على منظومات تسلح وأسلحة خاصة لها أفضلية تنافسية دائمة. أيضا الدرس فيما يتعلق بحاجة كل دولة إلى امتلاك قدرة إنتاج مستقلة من أجل الاستعداد لوضع يكون فيه من الصعب الحصول على السلاح، يبدو أنه لن يتم نسيانه بسرعة.
مع ذلك، عندما يدور الحديث عن سلاح أساسي، فإن القفزة التي تحدث في هذه الأثناء على القدرة الإنتاجية في العالم، يمكن أن تؤدي إلى أن أسعار القذائف مثلا، التي قفزت في السنتين الأخيرتين، ستنخفض. في هذا السيناريو فإن من استثمر مليارات الدولارات في تطوير خطوط الإنتاج يمكن أن يكتشف أنه من ناحية اقتصادية هذا يمثل فيل أبيض، الذي ربما منح الأمن، لكن لا يوجد لإنتاجه طلب في العالم.
إسرائيل يمكن أن تجد نفسها في وضع يشبه وضع المزارعين الذين يلاحظون وجود موضة عالمية مثل الطلب على الفلفل أو الأفوكادو، ويسارعون إلى زراعة آلاف الدونمات على فرض أن الطلب سيستمر. وبعد بضع سنوات، عندما يبدأ الحقل في إعطاء الثمار، يكتشفون أن المزارعين في كل العالم قاموا بزراعة المزروعات نفسها بالضبط، وأن السوق تم إغراقها بالبضاعة.
0 تعليق