عمان-الغد- في مشهد يتكرر يوميا، تعود ليلى إلى منزلها بعد يوم طويل مليء بالتحديات والضغوطات، وما أن تصل إلى منزلها الصغير الذي تعيش فيه بمفردها في عمان، حتى تشعر وكأنها خرجت من معركة أنهكتها جسديا ونفسيا، وتركت على كاهلها حملا من الطاقة السلبية.اضافة اعلان
تحاول ليلى أن تستعيد توازنها في مساحتها الخاصة، فتنظم أجواء بسيطة تعيد شحن طاقتها. تحضر طعاما، تصنع مشروبها الساخن، وتجلس على أريكتها أمام شاشة التلفزيون، حيث تجد راحتها في متابعة مسلسلها المفضل "فريندز".
ورغم أنها شاهدت حلقاته مرارا حتى باتت تحفظ الحوارات عن ظهر قلب، إلا أن المسلسل يمنحها شعورا مألوفا يبعدها عن التفكير أو الترقب وعيش الواقع بمتاعبه، ويغمرها بالراحة في تفاصيله البسيطة والمألوفة أكثر من مشاهدتها لأي عمل جديد.
في ظل عالم يزداد فيه القلق والتوتر، يوضح خبراء أن الكثيرين يجدون في الشاشة الصغيرة، حيث يبحثون عن ملاذ دافئ بين أصدقاء مألوفين ومشاهد مألوفة تربطهم بذكريات جميلة. في هذا العالم، لا توجد مفاجآت غير متوقعة أو أخبار عاجلة تسرق اللحظات الهادئة والمريحة.
من أبرز هذه الظواهر، استمرار شعبية مسلسل "فريندز"، الذي بدأ عرضه في التسعينيات، وما يزال حتى اليوم ملجأ للكثيرين ممن يبحثون عن الراحة والاستقرار العاطفي وسط ضغوط الحياة اليومية. هؤلاء المشاهدون لا يعدون مجرد معجبين عاديين؛ بل تصفهم بعض الدراسات بأنهم يعانون مما يطلق عليه “متلازمة فريندز” – وهي ظاهرة نفسية غير رسمية تعبر عن الشعور بالأمان العاطفي من خلال إعادة مشاهدة محتوى مألوف وان كان مكررا لمرات ومرات.
ولا يقتصر هذا السلوك على "فريندز" فقط؛ بل يظهر أيضا في العودة إلى مسلسلات التسعينيات وبدايات الألفينات، مثل “أحلام كبيرة، أسوار المدينة، أشواك ناعمة، أيام شامية، باب الحارة، مرايا، جميل وهناء، ويوميات مدير عام”، التي تبعث الحنين وتوفر للمشاهدين شعورا بالراحة والاستقرار.
ويلجأ آخرون إلى المسرحيات الكلاسيكية التي تحمل إفيهات لا تختفي مع الزمن، يعاد الضحك عليها وكأنها تسمع لأول مرة، مثل “العيال كبرت، الواد سيد الشغال، ومدرسة المشاغبين” في ذكريات جميلة ومواقف مألوفة.
وعن تجربة ليلى مع مسلسل فريندز، تضيف أن عودتها لمشاهدته ليست لأنها لا تجد شيئا جديداً لتشاهده، بل لأن المسلسل ينقلها إلى عالم مألوف وبسيط، حيث يمكن حل المشاكل في نصف ساعة فقط، والصداقة دائما تنتصر.
وتقول ليلى إنها تشعر بأنها تعرف هؤلاء الأصدقاء الستة كما لو كانوا جزءا من حياتها. مع كل حلقة تشعر بالأمان، وكأنها تبتعد عن ضغوط الحياة الواقعية ولو للحظات وأوقات محددة.
من جانبه، يوضح اختصاصي علم النفس الدكتور موسى مطارنة أن هذه الظاهرة، والتي يطلق عليها البعض “متلازمة فريندز”، تظهر لدى العديد ممن نشأوا في التسعينيات أو أوائل الألفينات. ويقول: "الحنين هنا هو استجابة طبيعية لحالة عدم اليقين التي يعيشها جيل بأكمله".
ويضيف مطارنة أن العودة لمشاهدة هذه المسلسلات تمثل شكلا من أشكال “الهروب الصحي”، حيث يمنح الدماغ فرصة للراحة من التحفيز المفرط الناتج عن وسائل التواصل الاجتماعي والأخبار المتسارعة التي لا تنتهي.
ويؤكد أن لهذه البرامج تأثيرا عاطفيا قويا يرتبط بذكريات الطفولة أو المراهقة، وهما مرحلتان غالباً ما يتذكرهما الناس كفترات آمنة وبسيطة وخالية من التعقيدات كما هو العصر الحالي.
ويؤكد الدكتور موسى مطارنة أن هذه الظاهرة تعرف بـ”النوستالجيا العلاجية”، وهي استجابة نفسية طبيعية تستخدم كوسيلة لتهدئة العقل والبحث عن الاستقرار العاطفي في أوقات التوتر. ويوضح أن إعادة مشاهدة هذه الأعمال ليست مجرد ترفيه بسيط، بل تعد شكلا من الدعم النفسي، إذ تمنح الدماغ إحساسا بالسيطرة واليقين، لأن الشخص يعرف مسبقا ما سيحدث، ما يخلق شعورا بالأمان نتيجة غياب عنصر المفاجأة، تماما كما يحدث عند الاستماع إلى أغنية قديمة مألوفة.
من جهة أخرى، يشير اختصاصي علم الاجتماع الدكتور حسين خزاعي إلى أن السبب وراء انتشار هذه الظاهرة يكمن في البساطة التي ميزت تلك الأعمال. الحوارات سلسة، الشخصيات مألوفة، والمواقف الكوميدية تجعل المشاهد يشعر وكأنه يلتقي بأصدقاء قدامى بمجرد تشغيل حلقات المسلسل.
ورغم فوائد هذه الظاهرة، ينصح خزاعي بعدم الإفراط في الاعتماد عليها كملجأ وحيد للهروب من واقع الحياة، مشددا على أهمية التوازن. فإذا كانت مشاهدة هذه الأعمال تستخدم كوسيلة للراحة بين الحين والآخر، فهي إيجابية ولا ضرر منها، لكن المبالغة في ذلك قد تؤدي إلى انعزال الشخص عن مواجهة الواقع.
و إذا تحولت المشاهدة إلى وسيلة دائمة للهروب من الواقع، فقد يكون من الأفضل مراجعة الأسباب التي تؤدي إلى هذا السلوك.
سواء أكانت تسمى “متلازمة فريندز” أو مجرد حنين بسيط لماض أكثر بساطة، فإن العودة إلى المسلسلات القديمة ستبقى خيارا شائعا بين الكثيرين، لأنها تُظهر أن بعض الأشياء تحتفظ بقيمتها رغم مرور الزمن.
وتعكس هذه الأعمال صورة مثالية للحياة الاجتماعية التي يفتقدها الكثيرون اليوم؛ حيث كانت العلاقات بسيطة، والأصدقاء يقضون أوقاتهم معا بعيدا عن الهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي، مع تركيز أكبر على الحوار الحقيقي والدعم العاطفي المباشر.
ويشير الدكتور خزاعي إلى أن جيل التسعينيات وأوائل الألفية يعاني اليوم من ضغوط اجتماعية واقتصادية تدفعه للحنين إلى تلك الفترات كوسيلة للهروب من تعقيدات الحياة الحالية.
ويتفق مختصون على أهمية الاعتدال، حيث إن هذه الظاهرة ليست سلبية طالما أنها لا تعيق الفرد عن التعامل مع واقعه أو تحقيق أهدافه. فإذا كانت مشاهدتها تمنح استراحة نفسية بعد يوم متعب، فهذا أمر إيجابي لكن إذا أصبحت الوسيلة الوحيدة للتعامل مع التوتر، فقد تكون إشارة إلى الحاجة لتطوير مهارات أخرى.
وفي النهاية، تعكس “متلازمة فريندز” حاجة حقيقية للراحة والطمأنينة في عالم متسارع، حيث تبقى هذه الأعمال وسيلة فعالة لتخفيف الضغوط والبحث عن البهجة، في عالم تزداد فيه الضغوطات والمتاعب النفسية.
تحاول ليلى أن تستعيد توازنها في مساحتها الخاصة، فتنظم أجواء بسيطة تعيد شحن طاقتها. تحضر طعاما، تصنع مشروبها الساخن، وتجلس على أريكتها أمام شاشة التلفزيون، حيث تجد راحتها في متابعة مسلسلها المفضل "فريندز".
ورغم أنها شاهدت حلقاته مرارا حتى باتت تحفظ الحوارات عن ظهر قلب، إلا أن المسلسل يمنحها شعورا مألوفا يبعدها عن التفكير أو الترقب وعيش الواقع بمتاعبه، ويغمرها بالراحة في تفاصيله البسيطة والمألوفة أكثر من مشاهدتها لأي عمل جديد.
في ظل عالم يزداد فيه القلق والتوتر، يوضح خبراء أن الكثيرين يجدون في الشاشة الصغيرة، حيث يبحثون عن ملاذ دافئ بين أصدقاء مألوفين ومشاهد مألوفة تربطهم بذكريات جميلة. في هذا العالم، لا توجد مفاجآت غير متوقعة أو أخبار عاجلة تسرق اللحظات الهادئة والمريحة.
من أبرز هذه الظواهر، استمرار شعبية مسلسل "فريندز"، الذي بدأ عرضه في التسعينيات، وما يزال حتى اليوم ملجأ للكثيرين ممن يبحثون عن الراحة والاستقرار العاطفي وسط ضغوط الحياة اليومية. هؤلاء المشاهدون لا يعدون مجرد معجبين عاديين؛ بل تصفهم بعض الدراسات بأنهم يعانون مما يطلق عليه “متلازمة فريندز” – وهي ظاهرة نفسية غير رسمية تعبر عن الشعور بالأمان العاطفي من خلال إعادة مشاهدة محتوى مألوف وان كان مكررا لمرات ومرات.
ولا يقتصر هذا السلوك على "فريندز" فقط؛ بل يظهر أيضا في العودة إلى مسلسلات التسعينيات وبدايات الألفينات، مثل “أحلام كبيرة، أسوار المدينة، أشواك ناعمة، أيام شامية، باب الحارة، مرايا، جميل وهناء، ويوميات مدير عام”، التي تبعث الحنين وتوفر للمشاهدين شعورا بالراحة والاستقرار.
ويلجأ آخرون إلى المسرحيات الكلاسيكية التي تحمل إفيهات لا تختفي مع الزمن، يعاد الضحك عليها وكأنها تسمع لأول مرة، مثل “العيال كبرت، الواد سيد الشغال، ومدرسة المشاغبين” في ذكريات جميلة ومواقف مألوفة.
وعن تجربة ليلى مع مسلسل فريندز، تضيف أن عودتها لمشاهدته ليست لأنها لا تجد شيئا جديداً لتشاهده، بل لأن المسلسل ينقلها إلى عالم مألوف وبسيط، حيث يمكن حل المشاكل في نصف ساعة فقط، والصداقة دائما تنتصر.
وتقول ليلى إنها تشعر بأنها تعرف هؤلاء الأصدقاء الستة كما لو كانوا جزءا من حياتها. مع كل حلقة تشعر بالأمان، وكأنها تبتعد عن ضغوط الحياة الواقعية ولو للحظات وأوقات محددة.
من جانبه، يوضح اختصاصي علم النفس الدكتور موسى مطارنة أن هذه الظاهرة، والتي يطلق عليها البعض “متلازمة فريندز”، تظهر لدى العديد ممن نشأوا في التسعينيات أو أوائل الألفينات. ويقول: "الحنين هنا هو استجابة طبيعية لحالة عدم اليقين التي يعيشها جيل بأكمله".
ويضيف مطارنة أن العودة لمشاهدة هذه المسلسلات تمثل شكلا من أشكال “الهروب الصحي”، حيث يمنح الدماغ فرصة للراحة من التحفيز المفرط الناتج عن وسائل التواصل الاجتماعي والأخبار المتسارعة التي لا تنتهي.
ويؤكد أن لهذه البرامج تأثيرا عاطفيا قويا يرتبط بذكريات الطفولة أو المراهقة، وهما مرحلتان غالباً ما يتذكرهما الناس كفترات آمنة وبسيطة وخالية من التعقيدات كما هو العصر الحالي.
ويؤكد الدكتور موسى مطارنة أن هذه الظاهرة تعرف بـ”النوستالجيا العلاجية”، وهي استجابة نفسية طبيعية تستخدم كوسيلة لتهدئة العقل والبحث عن الاستقرار العاطفي في أوقات التوتر. ويوضح أن إعادة مشاهدة هذه الأعمال ليست مجرد ترفيه بسيط، بل تعد شكلا من الدعم النفسي، إذ تمنح الدماغ إحساسا بالسيطرة واليقين، لأن الشخص يعرف مسبقا ما سيحدث، ما يخلق شعورا بالأمان نتيجة غياب عنصر المفاجأة، تماما كما يحدث عند الاستماع إلى أغنية قديمة مألوفة.
من جهة أخرى، يشير اختصاصي علم الاجتماع الدكتور حسين خزاعي إلى أن السبب وراء انتشار هذه الظاهرة يكمن في البساطة التي ميزت تلك الأعمال. الحوارات سلسة، الشخصيات مألوفة، والمواقف الكوميدية تجعل المشاهد يشعر وكأنه يلتقي بأصدقاء قدامى بمجرد تشغيل حلقات المسلسل.
ورغم فوائد هذه الظاهرة، ينصح خزاعي بعدم الإفراط في الاعتماد عليها كملجأ وحيد للهروب من واقع الحياة، مشددا على أهمية التوازن. فإذا كانت مشاهدة هذه الأعمال تستخدم كوسيلة للراحة بين الحين والآخر، فهي إيجابية ولا ضرر منها، لكن المبالغة في ذلك قد تؤدي إلى انعزال الشخص عن مواجهة الواقع.
و إذا تحولت المشاهدة إلى وسيلة دائمة للهروب من الواقع، فقد يكون من الأفضل مراجعة الأسباب التي تؤدي إلى هذا السلوك.
سواء أكانت تسمى “متلازمة فريندز” أو مجرد حنين بسيط لماض أكثر بساطة، فإن العودة إلى المسلسلات القديمة ستبقى خيارا شائعا بين الكثيرين، لأنها تُظهر أن بعض الأشياء تحتفظ بقيمتها رغم مرور الزمن.
وتعكس هذه الأعمال صورة مثالية للحياة الاجتماعية التي يفتقدها الكثيرون اليوم؛ حيث كانت العلاقات بسيطة، والأصدقاء يقضون أوقاتهم معا بعيدا عن الهواتف ووسائل التواصل الاجتماعي، مع تركيز أكبر على الحوار الحقيقي والدعم العاطفي المباشر.
ويشير الدكتور خزاعي إلى أن جيل التسعينيات وأوائل الألفية يعاني اليوم من ضغوط اجتماعية واقتصادية تدفعه للحنين إلى تلك الفترات كوسيلة للهروب من تعقيدات الحياة الحالية.
ويتفق مختصون على أهمية الاعتدال، حيث إن هذه الظاهرة ليست سلبية طالما أنها لا تعيق الفرد عن التعامل مع واقعه أو تحقيق أهدافه. فإذا كانت مشاهدتها تمنح استراحة نفسية بعد يوم متعب، فهذا أمر إيجابي لكن إذا أصبحت الوسيلة الوحيدة للتعامل مع التوتر، فقد تكون إشارة إلى الحاجة لتطوير مهارات أخرى.
وفي النهاية، تعكس “متلازمة فريندز” حاجة حقيقية للراحة والطمأنينة في عالم متسارع، حيث تبقى هذه الأعمال وسيلة فعالة لتخفيف الضغوط والبحث عن البهجة، في عالم تزداد فيه الضغوطات والمتاعب النفسية.
0 تعليق