حسن الستري
دعا الشباب للاهتمام بالثقافة العامة وخدمة المجتمع.. الخزاعي:
شعرت أن الليسانس غير كافٍ لتلبية طموحاتي
لم أواجه صعوبة في التكيّف مع المجتمع المصري بالستينات
حبي للأدب الإنجليزي دفعني إلى الاهتمام بالمسرح
لم أواجه صعوبة في التكيّف مع المجتمع المصري بالستينات
حبي للأدب الإنجليزي دفعني إلى الاهتمام بالمسرح
ولد ونشأ في المنامة القديمة، وبدأ مسيرته بالتعليم لدى «المطوع»، ثم انطلق إلى الدراسة الأكاديمية، والتحق بالتدريس، وواصل دراسته العليا حتى نال الدكتوراه من جامعة لندن بالمملكة المتحدة في الأدب المسرحي، وكانت الأطروحة عن التأثير الغربي على نشأة المسرح عند العرب، ليعمل في قسم الثقافة الفنون، ثم معهد البحرين للدراسات المصرفي (BIBF)، ومنه إلى عضوية مجلس الشورى، هكذا يسرد د. محمد علي الخزاعي لـ»الوطن» أبرز محطات مسيرته العلمية والعملية، موجهاً نصحية للشباب بأن يهتموا بالثقافة العامة وخدمة المجتمع، وألا تقتصر اهتماماتهم على الدراسة الأكاديمية والعمل.لم يخف د. الخزاعي اعتزازه بعضوية مجلس الشورى، مؤكداً أن العملية التشريعية هي الوجه المضيء للبحرين الذي أطلقه المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم، مشيراً إلى أنه مهتم على نحو خاص بالترجمة، خصوصاً كتب الأدب والمسرح، حيث ترجم 30 كتاباً. وفيما يلي نص الحوار:حدثنا عن بدايتك؟- ولدت في المنامة القديمة، في ما يسمى فريق الحطب، وعشت هناك لفترة، إلى أن كبرت، وبعدها انتقلت من فريق الحطب إلى فريق الحمام، إلى أن استقريت في الماحوز.كيف كانت الحياة في فريج الحطب؟- الحياة كانت بدائية طبعاً، لدرجة أن الكهرباء لم تصل للمنازل كلها، فريق الحطب بالذات هو فريق الأعمال بالنسبة إلى البحرين، نقصد بالأعمال تجار اللؤلؤ، وصاغة الذهب.كيف كانت تربية الوالد؟- الوالد كان من أحد الطواويش بالبحرين، فكل من يشتغل في اللؤلؤ يسمى طواشاً، وكان معظم وقته متنقلا بين الهند والبحرين، وبسب هذه المهنة لم أستمتع بأبوة والدي خلال مرحلة الطفولة، إذ كان مسافراً معظم الأوقات.ماذا عن الوالدة؟- مثل أي أم تقليدية في ذاك الوقت، كانت ترسلني، مثل بقية الأولاد إلى المطوع، أو المعلم، وذلك قبل دخولي المدرسة، كحال معظم الناس في ذاك الوقت، إذ إنه من النادر أن يرسل الطفل إلى المدرسة من دون أن يمر بفترة التعليم الديني.والدتي لم يتح لها دخول المدارس، خصوصاً أن تعليم الفتيات تأخر وواجه بالبداية صعوبة مجتمعية، ولكن الفتيات كانوا يتلقون التعليم الديني الذي سبقت الإشارة إليه.في أي سنة دخلت المدرسة؟- سنة 1948، وكانت مدرسة الشرقية في المنامة على شارع الشيخ عبدالله الممتد من مستشفى الإرسالية الأمريكية حتى نهاية السوق.كيف كانت الدراسة في فترة الأربعينات؟- طبعاً كانت بداية التعليم في البحرين، لم تكن إلا المرحلة الابتدائية، أعتقد أن المرحلة الثانوية بدأت سنة 1950، وشاءت الظروف أن تكون المدرسة الثانوية في نفس موقع المدرسة الشرقية، كانت الثانوية في الطابق العلوي، والابتدائية، في الطابق الأسفل.والدراسة يومها من مرحلتين، إذ لم تكن هناك دراسة إعدادية، ولكن كانت الدراسة الثانوية من 4 سنوات، بالإضافة إلى سنة إضافية تسمى بالتوجيهي، وكانت تدرس من الخارج.ما هو مسارك بالمرحلة الثانوية؟- بالثانوية كان هناك أربعة مسارات، الأدبي والعلمي والتجاري، والرابع المعلمون، دخلت المسار العلمي، وأخذت التوجيهي من مصر، وهناك تحولت من العلمي للأدبي.بعد أن أنهيت الثانوية عملت مدرساً لمدة سنتين في البحرين، وبعدها أكملت التوجيهي في مصر.
كيف كانت مرحلة التعليم بالشهادة الثانوية؟- أعطونا برامج لتأهيل المعلمين، لم نكن نواجه صعوبة، إذ كنا نعمل ونتعلم، ومعظم المدرسين كانوا من البلدان العربية.لماذا ذهبت إلى مصر؟- لقيت تشجيعاً من الأهل، لأن المرحلة الثانوية في تلك الفترة لم تكن تفتح الأبواب لأبعد من التدريس.ذهبت إلى مصر بداية الستينات، كيف وجدتها؟- كانت تعيش مرحلة الناصرية، مرحلة ما بعد الثورة، تبديل نظام الحكم الملكي إلى جمهوري، وكوننا طلبة من البحرين شكلنا نوعاً من جمعية طلاب البحرين، وهذه الجمعية سهلت علينا كطلاب العيش في مجتمع جديد.خرجت من بيئة محافظة، واجهت تجربة اختلاط وقتها، إلى أي مدى كان أثرها الانفتاحي على شخصيتك؟- لم أواجه صعوبة، كما أن التعليم الجامعي في مصر كان متطوراً جداً، فمصر سبقت غيرها في التعليم من الدول العربية.اخترت اللغة الإنجليزية، لأنني عملت مدرساً للغة الإنجليزية، إضافة إلى أن المسار الأدبي الذي اخترته في مصر، كان يتيح لي التخصص في عدة تخصصات، منها التاريخ، والعلوم الاجتماعية واللغات، درست اللغة الإنجليزية بسبب اهتمامي وحبي للغة الإنجليزية، كوني مارست تعليم اللغة الإنجليزية كمدرس. وفي الجامعة اخترت كلية الآداب، بها عدد من التخصصات والأقسام.هل كان لك أي نشاط طلابي في تلك الفترة؟- لم تكن الظروف السياسية في الستينات تسمح بالانخراط في أي نشاط خارج الجامعة.في أي سنة تخرجت من مصر؟- تخرجت سنة 1966، ورجعت البحرين وقتها، ودرست في معهد المعلمين، وهو المعهد المتخصص في إعداد المعلمين، والآن أصبح التدريس من مهام كلية المعلمين.بقيت في معهد المعلمين لمدة سنتين، والمناهج الموجودة ذاك الوقت مصرية طبعاً، وزملاؤنا المدرسون أغلبهم من مصر.أخذنا التوجيهي من مصر، وغيرنا أخذها من لبنان، وبعضنا من العراق، لم نكن مؤهلين فقط، وإنما منفتحون على الأجواء السياسية والتعليمية في ذلك الوقت.بقيت سنتين في البحرين، ما هو الدافع اللي جعلك تواصل الدراسة في بريطانيا؟- شعرت حينئذ أن الحصول على درجة الليسانس غير كاف بالنسبة إلى طموحاتي، خصوصاً أنني كنت أدرس التعليم العالي وقتها.حصلت على بعثة، لدراسة الماجستير. ابتعثت إلى إنجلترا وتحديداً إلى جامعة ليدز، في شمال بريطانيا، على حساب الدولة. وجامعة ليدز من الجامعات المرموقة في بريطانيا، خصوصاً في تعليم اللغة الإنجليزية.انتقلت من مصر إلى بريطانيا، كيف وجدت أجواء بريطانيا؟- لم ألحظ أي فجوة بين البلدين من ناحية الدراسة في قسم اللغة الإنجليزية، كأنما انتقلنا من مدينة إلى مدينة فقط لا غير، المدينة الأولى عربية مصرية، والمدينة الثانية إنجليزية. أما من حيث الثقافة، فالثقافة العربية تختلف عن الثقافة الأوروبية، وأبرز الاختلافات أن الطالب يدخل الجامعة ليتلقى ما يقال له، لذلك كان الاعتماد الذاتي على الطالب.انخرطنا في كلية اللغة الإنجليزية، وكان هناك خليط من الطلاب من عدة بلدان.رجعت البحرين بعدها، وعملت لمدة سنتين، والغريب أن الوظائف التعليمية سنتان بعد كل شهادة، الثانوية والليسانس والماستر، في سنة 1970 بدأت البحرين تتغير تغيراً جذرياً، وشاءت. الظروف إعادة تشكيل الدوائر الحكومية في البحرين.وشكل يومها مجلس الدولة، انتقلت لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وتم إنشاء قسم للاعتناء بكل ما هو ثقافي، ثم انتقلنا إلى وزارة الإعلام، وهي فترة امتدت من 1972 إلى سنة 1977، تركت التدريس وبدأت بالعمل الحكومي الإداري.خلال تلك الفترة عينت مديراً لقسم الثقافة والفنون، ثم مديراً لإدارة المطبوعات، وبعد المطبوعات انتقلت إلى العمل في معهد BIBF.متى حصلت على شهادة الدكتوراه؟- سنة 1979، حين كنت مديراً لإدارة الفنون. حصلت على بعثة أيضاً من الوزارة سنة 1976، وبقيت ثلاث سنين في لندن.لماذا اخترت تخصص الأدب المسرحي؟- حبي للأدب الإنجليزي، جعلني أهتم بما يسمى بالمسرح، بالماجستير كان التركيز على الأدب الإنجليزي. والدكتوراه كان التركيز على الأدب المسرحي. وكانت الأطروحة عن التأثير الغربي على نشأة المسرح عند العرب.بقيت في قسم الثقافة والإعلام حتى سنة 1995، ثم خرجت تقاعداً مبكراً، وانتقلت إلى معهد BIBF، وكما تعلم فهو معهد مخصص لتدريب العاملين في القطاع المصرفي.من الأدب والثقافة إلى الأرقام والمصارف، ما هو التغير الذي حدث لك؟- لم أكن مدرسا، بل كنت أدير البرامج الأكاديمية للمعهد، أنشأنا شهادة البنك المصرفي بالتعاون كلية في ويلز. كانت الدراسة أربع سنوات، ثلاث سنوات في البحرين، والسنة الأخيرة نرسلهم إلى بريطانيا.المسار الثاني مسار أمريكي، تعاقدنا مع إحدى الجامعات، وكان المدرسون من عندهم، وبالسنة الأخيرة نرسلهم إلى تلك الدولة، وبقيت معهم إلى أن قررت أنه حان الوقت للتقاعد، وكان ذلك قبل تعييني بمجلس الشورى بسنوات.كنت عضواً في مجلس أمناء أكثر من جهة، من بينها جائزة عيسى لخدمة الإنسانية، ومركز عيسى الثقافي، وجامعة البحرين، حدثنا عن هذه المراحل؟- العمل في مجلس الأمناء كان من ضمن مقتضيات المجلس، كان يُجرى بالغالب 4 اجتماعات دورية، هذا بالنسبة لجامعة البحرين.أما جائزة عيسى لخدمة الإنسانية، كنت في مرحلة التأسيس، وكان هناك مركز عيسى الثقافي، بجانب الجائزة، وكانت لمكتبة الوطنية الرئيسية في مركز عيسى الثقافي، كما كنت عضواً في المجلس الوطني للثقافة والفنون، وجمعية شمال أمريكا لدراسات الشرق الأوسط، وجمعية تاريخ وآثار البحرين، وعضو جمعية الإداريين البحرينية.من أين أخذت دبلوم الإدارة التنفيذية؟- من الولايات المتحدة الأمريكية سنة 2001، إذ إننا حين كنا في معهد BIBF، عملنا على مؤهل خاص لكبار الموظفين، في كل سنة نختار 20 شخصاً يبتعثون إلى الولايات المتحدة للحصول على شهادة إدارية في الجانب الإداري.حدثنا عن مرحلة مجلس الشورى؟- مجلس الشورى يختلف عن كل ما مضى، من التعليم للثقافة والإدارة، فمجلس الشورى هو الضلع الثاني للحياة السياسية في البحرين، الضلع الأول غرفة تضم أعضاء منتخبين لمدة أربع سنوات، وأخرى أعضاء معينين لمدة أربع سنوات، وأنا الآن أشهد الدورة الثالثة بالمجلس، وهي مرحلة التركيز على ثقافة جديدة في البحرين وهي العملية التشريعية، وهي الوجه المضيء للبحرين الذي أطلقه المشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم. ولم أواجه صعوبة خلال عملي بالمجلس، إذ تلقيت كل الدعم من رئيس المجلس والأعضاء القدامى.حدثنا عن اهتماماتك.- أنا مهتم بالترجمة، خصوصاً كتب الأدب والمسرح، وترجمت 30 كتاباً.حدثنا عن عائلتك.- ليس لدي إلا ولد واحد يعمل في صندوق العمل (تمكين)، ولديه ماجستير في الإدارة العامة.ما هي نصيحتك للشباب بعد خبرة 60 سنة؟- الاهتمام بالثقافة العامة وخدمة المجتمع، وعدم الاقتصار على الدراسة الأكاديمية والعمل، فالبحرين بحاجة إلى الشباب، فنحن مجتمع فتي، للأسف جزء كبير يقتصر على الدراسة الأكاديمية والعمل فقط، ولا يبحث عن تطوير نفسه في الأمور الأخرى، والفرص أمام الشباب واسعة.
المؤلفات• دراسة لتطور بدايات أدب المسرح العربي (رسالة دكتواره بالإنجليزية)، 1978.• تطور بدايات المسرح العربي (باللغة الإنجليزية)، 1984.• أبطال مسرحيات مارلو الرئيسية (أطروحة ماجستير باللغة الإنجليزية)، 1969.• ترجم «جزر البحرين – دليل لتاريخها وتراثها» لأنجيلا كلارك، 1985.• ساهم في مجلد «مقالات شرق أوسطية متفرقة» (نشر بالإنجليزية)، 1988.• دراسات في الأدب المسرحي، 1992.• ترجم «مزرعة الحيوان» لجورج أورويل، 1994.• «البدايات.. دراسة مقارنة لنشأة وتطور أدب المسرح عند العرب»، 1996.• ترجم «الأختام الدلمونية» لخالد السندي، 1999.• ترجم «دلمون.. تاريخ البحرين في العصور القديمة» لبيتر كورنوول، 2000.• مقدمة لخمس مسرحيات من البحرين، 2000.• ترجم «متحف البحرين الوطني»، تحت الطبع.• ترجم «بقايا لفردوس: آثار البحرين 2500 قم -300 م»، 2002.• ترجم «كف مريم»، و «أيام يوسف الأخيرة» لعبدالقادر عقيل.• ترجم «البحرين في القرن السادس عشر: جزيرة حصينة»، مونيك كرفران، 2004.• ترجم «أيقظنتي الساحرة» لقاسم حداد 2004.• ترجم «من بدايتنا إلى يومنا الحاضر..» لنانسي خضوري، 2007.• ترجم «الأسطورة والتاريخ الموازي الجزء الأول» لمي آل خليفة، 2008• «رابعة الساحرات ومقالات مختارة»، 2008.• ترجم «رسائل إلى عشتار.. مجموعة من الشعراء العرب»، 2009 (تحت الطبع).• «بداية البدايات: دراسات ومقالات مختارة»، 2010.• ترجم «البحار العجوز» لصموئيل كولردج، 2010.• ترجم «المعطف والأنف» لنيكولاي جوجول، 2013.• ترجم «عباس الموسوي وألوان البحرين» لدنيس أودواير، 2013.• ترجم «عبقرية الانتماء» لمحمد حسن كمال الدين، 2014.• ترجم ونشر عدداً من القصص القصيرة.• نشر عدداً من الدراسات والمقالات في النقد الأدبي.
0 تعليق