احتضنت القاعة الدولية بمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2025، ندوة بعنوان "صعودًا على السفن المبحرة: الثقافة العمانية في تجلياتها المعاصرة"، بمشاركة المتحدثين سالم البوسعيدي، حسين عبد الغني، وهلال البادي، وأدارت الجلسة الكاتبة العمانية هدى حمد.
تناولت الندوة المحاور الأساسية التي شكلت ملامح الثقافة العمانية الحديثة، مسلطة الضوء على الإنجازات والمغامرات الفكرية التي خاضها المبدعون العمانيون في مختلف المجالات.
رؤية متعمقة لدور الصحافة العمانية
استعرض الإعلامي والباحث المصري حسين عبد الغني دور الصحافة في تشكيل المشهد الثقافي العماني المعاصر.
وأشار إلى أن النهضة الثقافية العمانية ارتبطت بشكل وثيق بتطور وسائل النشر، مستذكرًا ما حدث في النهضة العربية الكبرى التي انطلقت من مصر عبر أدوارها السياسية والثقافية، مؤكدًا أن هذه الديناميكية انعكست في عمان حيث كانت الصحافة، وخصوصًا الورقية منها، جسرًا للعبور نحو الحداثة.
قال عبد الغني: "الصحافة العمانية، خاصة في فترة تحول جريدة عمان إلى صحيفة يومية، لعبت دورًا جوهريًا في إدخال قيم الحداثة إلى المجتمع العماني، قبل إنشاء جامعة السلطان قابوس أو مجلة نزوى، كانت الصحافة هي منبر المواجهة الأول، حيث وفرت مساحة للأدباء والشعراء والأكاديميين لتناول الأدب العماني قديمه وحديثه، وبناء جيل وسط قادر على خوض معركة الحداثة."
وأكد عبد الغني أن ملحق عمان الثقافي كان إحدى المنصات المحورية التي كسرت الجمود الفكري، إذ احتضنت طروحات تقليدية وحداثية على حد سواء، مما أوجد مساحة للسجال الثقافي البنّاء، وزرعت في الشارع العماني قيمًا جديدة ترى في المثقف رائدًا في مجتمعه، وقائدًا للتغيير.
انعكاس تطور الثقافة على المجتمع العماني
وأشار عبد الغني في الندوة إلى أن الثقافة العمانية شقت طريقها الوعر بوعي متزايد ومتصل بالهوية المحلية، دون الانعزال عن التيارات العالمية.
ولفتوا إلى تطور الإنتاج الثقافي الذي شمل الأدب والصحافة والمسرح، مع ظهور نخبة أكاديمية ومبدعين شكلوا قاعدة صلبة لمجتمع يقطع خطوات واسعة في مسيرة الحداثة والاستنارة.
كما تحدث عن بصمة الأدب العماني، حيث تطرق إلى تأثير الرواد مثل نجيب محفوظ، الذين ألهموا كتاب عمانيين لاستكشاف المواضيع المحلية وتجسيد البيئة الثقافية بأسلوب يعكس الخصوصية العمانية.
ريادة الجامعة في عمان
قال الباحث والكاتب العماني سالم البوسعيدي إن الجامعة حملت لواء تطوير الثقافة بعد الصحافة، وأسهمت في إعداد أجيال قادرة على البحث والدراسة بعمق، مضيفًا أن الأدب العماني شهد قفزات نوعية بفضل النصوص التي قدمتها هذه الأجيال. أما التاريخ العماني، فقد كان يُكتب سابقًا من منطلقات سياسية أو دينية فقط، دون وجود رؤية أكاديمية واضحة، وهو ما تغير مع ظهور جيل جديد من الباحثين والأكاديميين".
الأدب العماني
وفي كلمته، أكد الكاتب العماني هلال البادي أن الثقافة العمانية شهدت تطورًا كبيرًا في العصر الحديث، قائلا: نحن اليوم نلتقي مع الثقافة العربية، ونستحضرها في سلوك جديد يجمع بين التقاليد العمانية والتأثيرات الخارجية.
وأوضح أن الفنون والأدب كانت موجودة في عمان قبل ظهور المؤسسات التعليمية والصحفية بشكلها الحديث، لكنه أضاف:عندما ظهرت هذه المؤسسات، مثل الصحافة والجامعات، أثرت بشكل كبير على الحركة الثقافية، وساهمت في دفع عجلة التطور، لا سيما من خلال الملاحق الثقافية التي لعبت دورًا محوريًا في نشر الإبداع وتعزيز الحوار الفكري.
واختتم حديثه بالقول: "الأدب العماني لا يرتبط وجوديًا بمؤسسة واحدة مثل الصحافة أو الجامعة، لكنه يستمد حيويته من التفاعل بين هذه المؤسسات وتاريخنا العريق".
0 تعليق