التراشقات لا تمنع مخططات التهجير للأردن

الغد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
يخضع تعليق المساعدات الأميركية للأردن إلى تجاذبات داخلية ما بين من يخرج بيننا ليهدد واشنطن بالويل والعقاب، وبين من يستهين بالقصة، وبينهما قوس طويل من ردود الفعل.اضافة اعلان
علينا أن نتحدث بهدوء شديد، لأننا لسنا وسط مشادة في وسط البلد في عمان القديمة، حتى يدار الأمر بهذه الطريقة، ما بين الانبطاحات التي يمثلها التيار البراغماتي، وتلك العنتريات التي لا جدوى منها في العلاقات الدولية، ولا تأتينا بشيء أصلا.
ما يقال أولا إن الفلسطينيين لن يخرجوا من قطاع غزة ولا الضفة الغربية، إلا إذا أرادت واشنطن وتل أبيب حرق الناس بالأسلحة الكيماوية، مثلا، على افتراض أن بإمكان واشنطن وتل أبيب فعل كل شيء، وهذا أمر مشكوك فيه، لأن الفلسطيني اليوم، عاد إلى بيته المهدوم ونصب خيمته فوق الأنقاض ولن يترك أرضه ولا بيته، وهو لن يكون أيضا جزءا من سياق آخر يتماهى مع المخططات، أو ينقل الأزمة إلى شقيقه العربي.
ثانيا تصريحات الرئيس الأميركي لم تترك أحدا فقد أطلق تصريحات ضد دول كثيرة، ويهدد يمينا ويسارا، من كندا إلى كولومبيا، في ظل تحسس أوروبي شديد منه، وقلق عربي، وهو هنا بدون مبالغة يقود الولايات المتحدة إلى نموذج جديد يصادم الكل بذريعة استعادة هيبة الولايات المتحدة، وهذه سياسة ستؤدي إلى التصادم مع مراكز نفوذ عالمية.
النقطة الثالثة هنا تتعلق بالأردن لأن العبث باستقرار الأردن، ومحاولة خلخلته ماليا أو أمنيا، أو العبث باستقراره، أو بنيته الاجتماعية، سيؤدي إلى نتائج خطيرة جدا، تتجاوز الأردن، وتمتد إلى كل الإقليم، وهي نتائج لها ارتداد على أمن الإقليم، وواشنطن والحدود مع إسرائيل، لان تصنيع أي نوع من الفوضى ناجم عن الاستهداف سيأتي بكلف معروفة منذ الآن، خصوصا، أن موقع الأردن يتوسط فلسطين وسورية ولبنان والعراق ويجاور مصر، والمغامرة بالضغط على عنق الأردن لن يدفع ثمنها الأردني وحده، بل ستتوزع الكلفة على منطقة كاملة، وعلينا أن نستبصر فقط كلفة أي فوضى، أو خراب، أو عدم استقرار.
من هنا نذهب للنقطة الرابعة، وهي مصالح الولايات المتحدة في الاردن، فالمنحة المالية المعلقة مدفوعة مقابل وجود أميركي عسكري، ومقابل مصالح، إلا إذا ظنت واشنطن أنها تحتل الأردن، وأن أهل الأردن مجرد مجاميع بشرية يمكن التحكم بها، والكيد لها، والتسبب بالأذى دون أي رد فعل، مع الإدراك هنا أن شعبية الولايات المتحدة منخفضة أساسا هنا.
اما النقطة الخامسة فهي تتعلق بتحالفات الأردن الدولية فالبلد الشرق أوسطي لديه مكانة دولية أكبر من مساحته الجغرافية، وليس أدل على ذلك من توقيع اتفاقية الشراكة الإستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي التي سيتم بموجبها دفع 3 مليارات دولار للأردن على مدى 3 سنوات، إضافة إلى علاقات الأردن العربية التي يمكن وصفها بالإيجابية، وإدراك العرب أن كلفة أي سياسات موجهة ضد الأردن سوف تترك أثرا على كل الإقليم أيضا.
ما بين من يهدد بطرد الأميركيين من الأردن، وذاك الذي يقول لا نريد مساعدة الأميركيين ووزعوا قيمتها على شكل ضرائب لندفعها كشعب، وعبقري يقول لنتجاوب مع التوجه الأميركي ولنتفاوض على سعر مناسب للتهجير، وآخر يحول موجة رد الفعل إلى الداخل الأردني ويقول لنرفع سيوفنا على بعضنا البعض داخل الأردن بدلا من إسرائيل، للخلاص من كل هذا العبء والخطر، وآخر يقول لنطرد كل عربي من هذه البلاد، ومنبطح يقول إننا يجب أن نراعي واشنطن، فلسنا أصحاب قدرة على مواجهتها، يسود صخب وضجيج بحاجة إلى عقلنة وتهدئة وحلول عملية، حتى يبقى الأردن سالما من كل مخطط، وتبقى فلسطين أيضا سالمة لأهلها، بما يعني أننا بحاجة إلى "عقلاء" يقومون بترشيد كل هذه التراشقات، وتوجيه التراشقات نحو إسرائيل، لا إشعالها داخل الأردن، دون إدراك لكلفة هذه الأفعال.
تماسك البنية الداخلية في الأردن، والتوحد على عنوان جامع، وخفض المناكفات، والاختلافات، والاعتراضات في هذه المرحلة سيحمي الأردن، من مخططات التهجير القذرة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق