رسميا وشعبيا رفض مصري حاسم للتهجير

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الخميس 30/يناير/2025 - 09:15 ص 1/30/2025 9:15:19 AM

مخطط  تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم، سيناريو قديم ومتكرر، وجاءت حرب غزة الأخيرة كفرصة لإسرائيل كي تعيد طرح هذا الملف من جديد، بدأ الطرح خجولا في البداية عندما تكلم اليمين الإسرائيلي عن عدة فرص للتهجير في بلدان أفريقية وآسيوية، وبين الحين والآخر يبرز تصريح لمسؤول إسرائيلي ليقول صراحة أن مصر والأردن مرشحتان لإستقبال بعض الفلسطينيين.

هنا تأتي الإجابة المصرية صادمة وصاعقة بالرفض الواضح والصريح لأسباب كثيرة في القلب منها عدم سماح مصر بتصفية القضية الفلسطينية حيث تتبنى مصر الحل العادل وهو إعلان إقامة الدولتين.
وبالرغم من الرفض المصري المتكرر إلا أن الأيام الأخيرة شهدت رواجًا في الإعلام الغربي والإسرائيلي عن إعادة طرح فكرة التهجير إلى مصر والأردن، وكالعادة جاءت الردود المتوقعة من القاهرة وعمان بالرفض التام.
ولكن هذه المرة تصاعدت نبرة الرفض على كل المستويات داخل مصر سواء كانت شعبية أو رسمية، الأزمة الفلسطينية الناتجة عن حرب غزة مازالت ساخنة بل وملتهبة في الضفة الغربية وبدلا من إطفاء النيران، جاءت تصريحات التهجير من جديد صاخبة من العاصمة الأمريكية، وجاء بالطبع الموقف المصري ليؤكد ثوابت لا تتغير، ليكون صوتًا صارخًا في وجه محاولات طمس الهوية الفلسطينية عبر التهجير القسري.
فمنذ اللحظة الأولى، كان الرفض المصري قاطعًا لأي سيناريو يسعى إلى تفريغ الأرض الفلسطينية من أهلها، ليُترجم هذا الرفض إلى مواقف رسمية واضحة، كان آخرها الخطاب القوي للرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أطلق رسالة واضحة وصريحة وصادقة، قال فيها للعالم بأسره لن نقبل بتهجير الفلسطينيين… هذه أرضهم، وهنا سيبقون.
لم يكن الموقف الرئاسي الشجاع منفصلًا عن المزاج الشعبي والسياسي في مصر، إذ جاء البرلمان المصري ليؤكد بصوت واحد رفضه القاطع لمخططات التهجير، معتبرًا أن أي محاولة لفرض هذا الأمر بالقوة هي بمثابة إعلان صريح بتصفية القضية الفلسطينية. ولذلك شهدنا النواب المصريين في تصريحات متلاحقة غاضبة تقول أن مصر التي لطالما كانت سندًا للقضية الفلسطينية، لن تكون طرفًا في أي سيناريو يُفضي إلى تفريغ الأرض الفلسطينية من أهلها، مشددين على أن الحل لا يكمن في تهجير السكان، بل في إنهاء الاحتلال ووقف الانتهاكات المستمرة.
هذا السند الشعبي الداعم لموقف الرئاسة المصرية ليس جديدا على الحالة المصرية، لأن المعروف تاريخيا هو أن مصر هي عبارة عن كتلة واحدة متلاحمة تظهر في المواقف الفاصلة وتنتصر، في المواقف الكبرى ينسى المصريون اختلافاتهم ويعلنون للعالم كله أن مصر وهي القلب النابض للعرب عندما تتبنى موقفا عادلا فإنها قادرة على السير فيه من أجل إقراره.
ويمكننا القول ان الخطاب الحاسم للرئيس عبدالفتاح السيسي، حمل بين طياته دلالات سياسية وإنسانية عميقة، حيث ردّ الرئيس على الضغوط الدولية، وفي مقدمتها تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي ألمح إلى إمكانية تهجير الفلسطينيين إلى سيناء. وقال السيسي بوضوح لا يحتمل التأويل: "نحن نرفض تمامًا أي محاولة لتهجير الفلسطينيين… وأي تحرك في هذا الاتجاه سيواجه بموقف مصري حاسم." وأضاف: "أمن مصر القومي ليس محل نقاش، ولن نسمح بأن نكون جزءًا من أي مشروع يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية."
جاءت كلمات السيسي امتدادًا لنهج مصري ثابت، حيث شدد بما معناه على أن الحل العادل يكمن في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وليس في تهجير أصحاب الأرض وتشريدهم بعيدًا عن وطنهم.
وهنا بالتحديد وعقب كلمة الرئيس المصري تزايدت التساؤلات حول مدى قدرة مصر على الصمود أمام الضغوط الدولية التي قد تحاول فرض واقع جديد في المنطقة، ولكن كما قلنا في بداية المقال أن التجارب السابقة أثبتت أن مصر، بحكم موقعها التاريخي ودورها المحوري، قادرة على التمسك بمواقفها، خاصة عندما يتعلق الأمر بأمنها القومي وقضايا العدل الإنساني، كما أن الدعم العربي والدولي المتزايد للموقف المصري، إلى جانب صمود الفلسطينيين أنفسهم، يجعل من أي محاولة لفرض التهجير بالقوة أمرًا في غاية الصعوبة.
ولأن مصر تمثل مؤشر البوصلة في تحديد الاتجاهات فقد لاقى الموقف المصري إشادة واسعة من مختلف الأطراف، سواء على المستوى العربي أو الدولي، حيث اعتُبر نموذجًا للدفاع عن الحق الفلسطيني في مواجهة محاولات فرض حلول غير عادلة. وجاءت التعليقات مؤكدة على تقدير لموقف مصر الواضح والثابت، ومتفقة على أن التهجير القسري ليس حلًا، بل جريمة ضد الإنسانية لا يمكن القبول بها تحت أي ظرف.
والآن ونحن في معركة تُكتب تفاصيلها بدماء الأبرياء، نشهد الموقف المصري صلبًا، منحازًا للحق الفلسطيني، رافضًا أي محاولة لطمس الهوية الوطنية لشعب عانى طويلًا من الاحتلال والتهجير. وبينما تتسارع الأحداث، يظل الثابت الوحيد هو أن فلسطين للفلسطينيين، وأن مصر، بمواقفها التاريخية، ستبقى درعًا يحمي القضية من محاولات الطمس والتشريد.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق