خلاف على الاستراتيجيات.. ملفات شائكة على أجندة ترامب ونتنياهو فى البيت الأبيض

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تعد زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض هى «المفضلة إلى قلبه»، سواء للقاء الرئيس الحالى دونالد ترامب أو أى رئيس أمريكى آخر، لكون الزيارة تمثل أهم أعمدة أجندة نتنياهو فى دبلوماسيته العامة، خاصة أن هذا اللقاء فرصته التى تتكرر عدة مرات فى العام لتحقيق مكاسب، أو ضمانات حول شىء ما، أو لإرسال رسائل خاصة، سواء إلى الإسرائيليين عمومًا، أو إلى معارضيه خصوصًا. 

وخلال أيام، يزور رئيس الوزراء الإسرائيلى واشنطن، ليلتقى ترامب، العائد إلى البيت الأبيض، فى زيارة لم يتحدد موعدها النهائى بعد، لمناقشة عدد من الملفات المهمة، وسط خلاف حول الاستراتيجيات وترتيب الأولويات بين الزعيمين، الأمر الذى يستحق إلقاء الضوء عليه فى السطور التالية:

استئناف الحرب فى غزة مع تنفيذ ضربة عسكرية ضد إيران 

يولى كثيرون فى إسرائيل اهتمامًا كبيرًا لزيارة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المرتقبة إلى البيت الأبيض، خاصة أنها تمثل محاولة للتوصل إلى أقصى قدر ممكن من التنسيق بشأن جميع القضايا الساخنة المطروحة على جدول أعمال الزعيمين.

ويقول المسئولون الإسرائيليون إن الاجتماع مهم، وإن الزعيمين سيحاولان الاتفاق على عدد من القضايا الملحة، بما فى ذلك التهديد من إيران، وسيناقشان مجموعة متنوعة من القضايا المطروحة، بما فى ذلك صفقة الأسرى والمحتجزين والتهديد الإيرانى والتطبيع مع السعودية.

ويوضح المراقبون أنه من المقرر أن يلتقى نتنياهو ترامب عندما تبدأ المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة؛ مع الإشارة إلى أن ترامب قال إنه يوافق على أن حماس لا ينبغى أن تظل حاكمة للقطاع، لكنه قال أيضًا إنه يريد أن يرى الاتفاق مكتملًا، لكنه أيضًا لا يريد استئناف الحرب إذا فشلت المحادثات.

فى المقابل، يريد نتنياهو ولعدة أسباب تتعلق بالحفاظ على حكومته أن يعود إلى الحرب فى المرحلة الثانية من المفاوضات.

ويقول المسئولون فى تل أبيب إن ترامب سيحث نتنياهو على مواصلة المحادثات لضمان استمرار وقف إطلاق النار، باستخدام التطبيع مع السعودية كحافز، للضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلى لعدم استئناف الحرب، ومن المتوقع أن يزور مبعوث ترامب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف الرياض فى المستقبل القريب، لوضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل اتفاق التطبيع. فيما يعتقد مسئولون أمريكيون أن تطبيع العلاقات مع السعوديين من شأنه أن يسهل على نتنياهو إقناع العناصر الأكثر تطرفًا فى حكومته، بالموافقة على المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، خاصة أن الولايات المتحدة تعمل على إعداد حزمة تطبيع تشمل دولًا إسلامية أخرى أيضًا، مثل ماليزيا وعُمان.

أما فيما يتعلق بإيران، فإن المسئولين فى تل أبيب قالوا إن ترامب لا يريد رؤية ضربة عسكرية إسرائيلية، لكنه مستعد لفرض عقوبات شديدة على طهران، بينما يرى نتنياهو أن العقوبات يجب أن تأتى مع تهديد موثوق به بالعمل العسكرى، وبشكل عام، يؤمن ترامب بالاتصالات الدبلوماسية مع طهران، بينما نتنياهو لا يريد ذلك، وفقًا للمراقبين.ومن بين القضايا الأخرى التى ستتم مناقشتها فى الاجتماع بين الزعيمين مذكرة التفاهم الأمنية الجديدة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، خاصة أن صلاحية المذكرة الحالية تنتهى فى عام ٢٠٢٨؛ وكذلك مسألة استمرار وقف إطلاق النار فى لبنان، والحكومة الجديدة فى سوريا.

وكما يرى المراقبون فى إسرائيل فإن ترامب لا يزال ممتعضًا من موقف نتنياهو عند الإعلان عن فوز سلفه جو بايدن فى انتخابات عام ٢٠٢٠، ومسارعته إلى تهنئته، لكنهم يشيرون إلى أن نتنياهو يعرف كيف يتعامل مع الموقف، خاصة أنه، ومثلما قال ترامب من قبل، فإن نتنياهو يملك سلاحًا سريًا، وهو زوجته «سارة»، التى تلعب دورًا كبيرا فى تحقيق التفاهم بين الزعيمين، وهو ما صرح به ترامب نفسه عندما استضاف نتنياهو وسارة سابقًا فى قصره فى مدينة ميامى. 

 

رغبة أمريكية فى وقف  التصعيد لاستكمال مخطط التطبيع والتفرغ لمواجهة الصين

 

تعد أجندة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ودوافعه وخططه حيال منطقة الشرق الأوسط واضحة وعملية للغاية، إذ تتركز رؤيته للشرق الأوسط، وفق كثير من المحللين، على تحقيق هدفين استراتيجيين رئيسيين: الأول تأمين صفقة شاملة بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية على أساس «اتفاقيات إبراهيم»، والثانى العمل على إنشاء ممر غاز قطرى عبر سوريا إلى أوروبا. 

ويتضمن الهدف الأول تنفيذ اتفاق تطبيع بين السعودية وإسرائيل، بالإضافة إلى اتفاقية دفاع بين الرياض وواشنطن، من شأنها أن تضخ أموالًا كبيرة فى الاقتصاد الأمريكى، بعد أن تعهدت السعودية بالفعل باستثمار ٦٠٠ مليون دولار فى البنية التحتية الأمريكية، كما أن الشركات السعودية تعمل بالفعل فى الولايات المتحدة، وتعد المملكة عميلًا مهمًا للأسلحة المصنعة فى أمريكا.

وبالنسبة لترامب فإن تعزيز العلاقات مع السعودية أولوية، خاصة أنه يُنظر إليها باعتبارها قوة موازنة رئيسية لنفوذ الصين فى المنطقة، كما يُنظر إلى اتفاقية التعاون العسكرى والفنى بين الولايات المتحدة والسعودية، التى تم التفاوض عليها منذ ولاية ترامب الأولى، على أنها حاسمة لهيكل أمنى إقليمى جديد.

ويعد من أجزاء ذلك الاتفاق تنفيذ تطبيع للعلاقات بين السعودية وإسرائيل، فى سياق التقدم نحو حل الدولتين.

ويرجح المراقبون أن يكون ترامب قد عرض على نتنياهو بعض الحوافز مقابل الاتفاق، ربما كان من بينها حرية العمل ضد حماس فى الضفة الغربية، وهو ما قد يفسر العملية الإسرائيلية الكبرى فى جنين الأسبوع الماضى.

أما بالنسبة للهدف الثانى، وهو مشروع الغاز القطرى، فيرى المراقبون أن ترامب يرى أن هذا المشروع يمكن أن يوفر مصدر طاقة بديلًا لأوروبا، ويخلق فرصًا اقتصادية جديدة.

ويعتقد كثيرون أن كلا الهدفين يمثل نوعًا من الإنجازات الاقتصادية الكبرى التى يأمل ترامب فى تحقيقها خلال إدارته الجديدة، لكن كلاهما يتطلب الاستقرار الإقليمى، ولا يمكن أن يتحقق ذلك إذا ظل قطاع غزة منطقة حرب، وهو ما يدفعه للعمل على وقف الحرب، فضلًا عن أن ترامب يرى أن حروب الشرق الأوسط أصبحت مكلفة للولايات المتحدة، التى تقدم مساعدات غير محدودة لإسرائيل، وسط رغبة الرئيس الأمريكى فى تقليل الإنفاق العسكرى.

ويعنى ذلك، وفقًا للمراقبين، أن الرؤية الاستراتيجية الواسعة لترامب تتعارض مع استراتيجية نتنياهو، الذى يصب تركيزه على بقاء ائتلافه اليمينى فى الحكم، وتجنب الانتخابات المبكرة فى إسرائيل، والدفع نحو استمرار الحرب لتحقيق هذا الغرض، خاصة أن وعده للإسرائيليين بتحقيق «النصر الكامل» يسمح له بشن حرب فى غزة إلى أجل غير مسمى، وسط معارضة حكومته بشدة لأى حل سياسى، خاصة عودة السلطة الفلسطينية إلى القطاع.

وعليه، فإن كثيرًا من المحللين يرون أن استمرار وجود حماس فى غزة يمنح نتنياهو المبرر لمواصلة الحرب، وهو ما لا يريده ترامب.

وبالنسبة لنتنياهو، يشير المراقبون إلى أنه، وبعد أن وافق على وقف إطلاق النار المعقد فى غزة، تحت ضغط من الرئيس الأمريكى، فإنه يواجه حاليًا مجموعة من التحديات الدولية والمحلية، وعليه الآن أن يجيب عن كل الأسئلة التى طالما كان يؤجل الإجابة عنها، ما يعنى أن عليه أن يوازن بين أهدافه الشخصية وأهداف حكومته، وبين أولويات إدارة ترامب الجديدة فى الشرق الأوسط، التى كانت واضحة حتى قبل تنصيب الرئيس الأمريكى الجديد.

ويوضح المراقبون كذلك أن على نتنياهو أن يقرر ما إذا كان سيستكمل صفقة غزة أم لا، وأن يتخذ قرارًا بشأن من سيحكم القطاع فى المستقبل، وعليه أيضًا أن يقرر ما إذا كان يريد اتخاذ أى إجراء ضد المواقع النووية الإيرانية، فضلًا عن كيفية الرد على ما تريده السعودية فى مقابل التطبيع، وهى الخطوة نحو إنشاء دولة فلسطينية؟، وكلها أمور ظل نتنياهو يفضل المراوغة حولها وعدم حسمها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق