يعتقد أمين جامعة الدول العربية السابق عمرو موسى،، أن المنطقة مرت بتجارب سياسية متباينة ومخطط لها من الغرب، تحديدا الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا.
.. وهو يرى أن: نظرية الفوضى الخلاقة لم تكن سوى قناع لتمرير مشاريع سياسية تهدف إلى إعادة رسم خرائط النفوذ.
مشيرا إلى أن البلاد العربية، وبعض منها، شهدت بعض الدول تدهورًا غير مسبوق أفضى إلى صراعات ممتدة وانهيارات مؤسسة.
.. وان "الفصل الثاني" من هذا المخطط بدأ منذ فترة وجيزة، وهو فصل يركز بشكل مباشر على منطقة "الهلال الخصيب".
*السابع من أكتوبر 2023 أجبر العالم على إعادة الالتفات إلى القضية الفلسطينية.
..وقال موسى ان السابع من أكتوبر 2023 أجبر العالم على إعادة الالتفات إلى القضية الفلسطينية التي حاول البعض طمسها لعقود.
*.. واستعدي القول إن هناك إدراك متزايد بأن ما تقوم به إسرائيل ليس سوى مشروع استعماري يستهدف ابتلاع فلسطين بالكامل.
*ولفت موسى في محاضرة له في العاصمة الأردنية عمان، في منتدى الكوري الثقافي إلى أن رفض الأردن للتهجير يأتي لمعرفته بأنه محاولة لتفريغ الأراضي الفلسطينية من سكانها وتقويض أساس القضية الفلسطينية.
كما أكد موسى ان الأردن يرفض بشكل قاطع الانخراط في أي سيناريو من شأنه أن يفضي إلى إعادة توطين الفلسطينيين خارج وطنهم التاريخي.
* على السعودية والأردن ومصر لعب دور أساسي في بلورة موقف عربي موحد.
.. وفي رؤية سياسية إلى حد كبير متوافقة مع تراثة الفكري الوحدي، دعا موسى إلى أن على السعودية والأردن ومصر لعب دور أساسي في بلورة موقف عربي موحد.
ذي تأثير حقيقي على الساحة الدولية.
*
.. واعتبر أن الحديث عن "التطبيع كأولوية" قبل حل القضايا الجوهرية، مثل حق تقرير المصير للفلسطينيين، يعد بمثابة قفز على الحقائق ومحاولة لإضفاء شرعية على الاحتلال قال أمين جامعة الدول العربية السابق عمرو موسى، إن الجميع يستحضر خلال السنوات الأخيرة من القرن الماضي حين تصاعد الحديث عن "الشرق الأوسط الجديد"، حيث طُرحت رؤى لإعادة تشكيل المنطقة عبر نشر الفوضى كأداة لإحداث تغيير استراتيجي.
جاء ذلك خلال ندوة نظمها منتدى الحموري الثقافي، وحملت عنوان: "حرب الوعي والرواية ومستقبل الصراع في المنطقة". وأوضح أن هذه الرؤى استندت إلى ما سُمي بـ"الفوضى الخلّاقة"، وهو مفهوم ذو جذور فلسفية وأدبية، يشير إلى إحداث اضطراب ممنهج يُفضي، وفقًا لمنظّريه، إلى نشوء نظام أكثر استقرارًا وازدهارًا، غير أن الواقع أثبت أن هذه النظرية لم تكن سوى قناع لتمرير مشاريع سياسية تهدف إلى إعادة رسم خرائط النفوذ، مستغلة هشاشة الأوضاع الداخلية في العديد من الدول العربية. وبيّن عمرو موسى أنه في مطلع الألفية الجديدة، وتحديدًا في يناير 2011 (بل وقبل ذلك في ديسمبر 2010 مع اندلاع الأحداث في تونس)، انطلقت شرارة التغيير الكبرى، التي أفضت إلى اضطرابات غير مسبوقة اجتاحت أركان العالم العربي، متسببة في إعادة هيكلة المشهد السياسي والاجتماعي، وإن كان بدرجات متفاوتة بين دولة وأخرى، ومع تصاعد تلك الانتفاضات، ساد شعور عام بالقلق والاضطراب، إذ بدا واضحًا أن الفوضى قد تحققت، لكن "الخَلق" المنشود لم يرَ النور، بل على العكس، شهدت بعض الدول تدهورًا غير مسبوق أفضى إلى صراعات ممتدة وانهيارات مؤسسية. وبذلك، انتهى الفصل الأول من هذه السياسة إلى نتائج لم تكن – وفق الحسابات الأولية – لصالح الشعوب العربية، حيث لم يفضِ إلى تحولات حقيقية تُفضي إلى تحسين الواقع السياسي أو الاقتصادي، بل أدى إلى مزيد من التعقيد والتشرذم، وخلق حالة من عدم الاستقرار امتدت تداعياتها إلى العلاقات الإقليمية والدولية، وهنا أدرك صناع القرار في مراكز النفوذ العالمية أن ما تحقق لم يكن كافيًا لتحقيق الأهداف الكبرى، وأن المطلوب هو الانتقال إلى فصلٍ جديد من مشروع إعادة تشكيل المنطقة، وفقًا لما قاله. ونوّه عمرو موسى إلى أن "الفصل الثاني" من هذا المخطط بدأ منذ فترة وجيزة، وهو فصل يركز بشكل مباشر على منطقة "الهلال الخصيب"، التي تضم فلسطين، ولبنان، وسوريا، والعراق، والأردن، بالإضافة إلى إسرائيل، وهذا الفصل الجديد يقوم على استراتيجية مختلفة تُعرف بـ"إعادة تشكيل المنطقة"، إذ بات واضحًا أن المستهدف الأساسي في هذه المرحلة هو تصفية القضية الفلسطينية من المشهد الإقليمي والدولي.
*خطة تهدف إلى إخراج القضية الفلسطينية من دائرة الاهتمام العالمي.
.. الى ذلك كان استطرد عمرو موسى حول مألات هذه السياسة (..) انطلقت منذ سنوات طويلة، أي قبل السابع من أكتوبر 2023 بكثير، حين بدأت إسرائيل، بدعم من قوى دولية كبرى، في تنفيذ خطة تهدف إلى إخراج القضية الفلسطينية من دائرة الاهتمام العالمي، ولم يكن الهدف مجرد تقليص حضورها في الأجندة الدولية، بقدر ما كان العمل على دفع العالم إلى نسيان وجودها تمامًا، مترافقًا مع تغييب الحديث عن الاحتلال العسكري المستمر، والذي يُمارس دورًا استعماريًا ممنهجًا في الأراضي الفلسطينية. وفي هذا السياق، يمكن ملاحظة أن بعض المحطات الرئيسية في العقود الأخيرة حملت ملامح هذه السياسة، بدءًا من رفض إسرائيل القاطع لإقامة دولة فلسطينية، وهو موقف تم تكريسه عبر قرارات رسمية معلنة، وصولًا إلى الدعم الدولي الضمني لهذا التوجه، من خلال مواقف شكلية مثل تكرار الحديث عن "حل الدولتين" دون اتخاذ أي خطوات عملية تترجم هذا الطرح إلى واقع، لتتحول عبارة "نحن مع حل الدولتين" إلى مجرد خطاب سياسي للاستهلاك الإعلامي، دون أن يكون لها أي تأثير حقيقي على الأرض. وأشار عمرو موسى إلى أن السياسات الإسرائيلية تسارعت على الأرض، عبر تكثيف الاستيطان، وتوسيع عمليات تهجير الفلسطينيين من قراهم ومنازلهم، وإحكام السيطرة على الضفة الغربية، في إطار عملية منهجية تهدف إلى خلق أمر واقع جديد يجعل الحديث عن إقامة دولة فلسطينية مجرد وهم بعيد المنال. ثم جاء السابع من أكتوبر 2023، الحدث الذي قلب الحسابات وأعاد ترتيب الأولويات، وبغضّ النظر عن الموقف من الأسس الأيديولوجية والسياسية التي تقوم عليها حركة حماس، فإن ما جرى في ذلك اليوم شكّل نقطة تحول جوهرية، حيث أحدث زلزالًا في المشهد السياسي الدولي، وأجبر العالم على إعادة الالتفات إلى القضية الفلسطينية التي حاول البعض طمسها لعقود.
*ما تقوم به إسرائيل ليس سوى مشروع استعماري يستهدف ابتلاع فلسطين.
منذ ذلك اليوم، يقول الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية.
لم يعد بالإمكان تجاوز القضية الفلسطينية أو تهميشها، ذلك أنها أصبحت محورًا يوميًا للنقاشات الدولية، وسط إدراك متزايد بأن ما تقوم به إسرائيل ليس سوى مشروع استعماري يستهدف ابتلاع فلسطين بالكامل، وإعادة هندسة المنطقة وفق مخطط يضمن هيمنة إسرائيلية مطلقة، حتى لو تطلب ذلك تهجير الشعب الفلسطيني وإعادة توزيع سكانه خارج وطنهم، وقد تم تداول سيناريوهات مختلفة بشأن أماكن التهجير المحتملة، حيث ذُكر كل من مصر والأردن كوجهات مُحتملة لموجات التهجير القسري، في مشهد يعيد إلى الأذهان النكبة الكبرى عام 1948، ولكن بأساليب وأدوات جديدة. في ظل هذه المعطيات، نحن أمام مرحلة دقيقة تستوجب وعيًا استراتيجيًا عميقًا لمآلات المشهد الراهن، والتعامل بحذر مع المخططات التي تُرسم للمنطقة. وذكر عمرو موسى أنه في خضم المشهد السياسي الراهن، تتضح معالم موقف الأردن ومصر حيال محاولات فرض تهجير قسري للفلسطينيين جزءًا من مساعٍ تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، فقد جاءت المواقف الرسمية للبلدين متناغمة، لتعكس رفضًا قاطعًا لهذه المخططات، حيث شدد المسؤولون في عمان والقاهرة على أن أي محاولة لتفريغ الأراضي الفلسطينية من سكانها ستكون بمثابة خطوة تؤدي إلى تقويض أساس القضية الفلسطينية وتهديد الهوية الوطنية للفلسطينيين. ونوّه إلى أن الموافقة على مثل هذه المشاريع تعني، في جوهرها، القضاء على جوهر القضية الفلسطينية من خلال تحويلها من قضية شعب يطالب بحقوقه الوطنية إلى مجرد أزمة إنسانية تتعلق باللاجئين، وهذا ما دفع الأردن، ممثلًا بوزير الخارجية أيمن الصفدي، إلى التأكيد على أن "الأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين"، في إشارة واضحة إلى رفض الأردن القاطع للانخراط في أي سيناريو من شأنه أن يفضي إلى إعادة توطين الفلسطينيين خارج وطنهم التاريخي. وتأتي هذه التصريحات في سياق أوسع من التحركات الدبلوماسية التي تقودها دول جوار فلسطين، حيث شهدت القاهرة اجتماعًا موسعًا ضم الأردن، ومصر، والمملكة العربية السعودية، وقطر، وفلسطين، والإمارات، والمغرب، إضافة إلى جامعة الدول العربية. وقال عمرو موسى أن هذا التنسيق يعد خطوة جوهرية لتعزيز وحدة الموقف العربي في وجه الضغوط السياسية الهادفة إلى إلغاء حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، فالموقف العربي في هذا الشأن لا يحتاج إلى إجماع الدول الـ22، وإنما يمكن أن يتم عبر مجموعات فاعلة قادرة على صياغة تحركات دبلوماسية ناجعة. وفي هذا السياق، يمكن القول إن على الدول المحورية في المنطقة، مثل السعودية، والأردن، ومصر، لعب دور أساسي في بلورة موقف عربي موحد ذي تأثير حقيقي على الساحة الدولية، فهذه الدول تمتلك المعرفة العميقة بتفاصيل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، ولديها من الثقل السياسي ما يؤهلها للحديث باسم الكتلة العربية، وربما حتى الإسلامية، في المحافل الدولية، ولتحقيق ذلك، لا بد من تبني مقاربة عملية تقوم على الحوار المباشر مع القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة.
*إعادة تسليط الضوء على المبادرة العربية للسلام لعام 2002.
عمرو موسى قال أن أحد أهم المحاور التي ينبغي التركيز عليها في أي تحرك دبلوماسي هو إعادة تسليط الضوء على المبادرة العربية للسلام لعام 2002، التي طرحت رؤية تقوم على التطبيع مقابل قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، فهذه المبادرة توفر أساسًا متينًا للنقاش، حيث أنها لا تستبعد التطبيع بحد ذاته، وإنما تشترط توفير بيئة سياسية تؤدي إلى حل عادل وشامل، ذلك أن التطبيع، وفقًا لهذه الرؤية، يجب أن يكون نتيجة لتسوية عادلة تحفظ الحقوق الفلسطينية. وفي هذا الإطار، فإن الحديث عن "التطبيع كأولوية" قبل حل القضايا الجوهرية، مثل حق تقرير المصير للفلسطينيين، يعد بمثابة قفز على الحقائق ومحاولة لإضفاء شرعية على الاحتلال، لذلك، فإن أي مقاربة عقلانية يجب أن تبدأ بضمان الحقوق الفلسطينية قبل البحث في أي ترتيبات إقليمية أخرى. أما فيما يتعلق بمسألة التهجير، فإن محاولة تفريغ الأراضي الفلسطينية من سكانها تشكل انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية وتهديدًا للأمن والاستقرار في المنطقة، ومثل هذا السيناريو لن يؤدي إلا إلى إشعال حالة من الفوضى وعدم الاستقرار، ما قد ينعكس سلبًا على الدول المجاورة، وهو ما تدركه تمامًا مصر والأردن، لذلك، فإن موقفهما الصلب في رفض التهجير موقف استراتيجي لحماية أمنهما القومي ومنع تداعيات كارثية على المدى البعيد. واختتم عمرو موسى حديثه بالقول إننا في المحصلة، أمام مشهد معقد يتطلب تنسيقًا عربيًا على أعلى المستويات، بحيث لا يتم الاكتفاء بإصدار بيانات رفض التهجير أو دعم القضية الفلسطينية نظريًا، مؤكدًا ضرورة الانتقال إلى تحركات دبلوماسية فعالة تضمن فرض معادلة جديدة تضع حدًا لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية.
0 تعليق