دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- كان جيسون ديل قد بدأ التخطيط لإجازة الصيف التي سيقضيها مع عائلته في ولاية تينيسي الأمريكية قبل عام، حيث من المفترض أن تكون هذه الإجازة هي الأخيرة للعائلة الكندية، وهي إجازة وداع قبل أن يغادر ابنه الأكبر، الذي يبلغ من العمر 18 عامًا، منزل العائلة.
وكان ديل، مع زوجه وأبنائه الثلاثة، سينطلقون برفقة عائلتين غيرهما من منزلهم في بلدة بورت دوفر، التي تقع جنوب غرب مقاطعة أونتاريو الكندية، في رحلة برية مدتها 10 أيام تأخذهم إلى مدينة الملاهي "دوليوود"، ومتحف تيتانيك، ثم إلى جبال سموكي العظيمة في تينيسي.
وقد خططوا لمسار الرحلة، ومحطات التوقّف، وحجزوا بمنتجع للإقامة. وكانت هذه رحلة قام بها ديل سابقًا عندما كان أطفاله صغارًا، وكان الجميع متحمسًا لاستعادة ذكريات العائلة الجميلة.
لكن الآن قام أفراد العائلة بإلغاء جميع تلك الخطط.
وبعد انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة، قررت العائلات الثلاث التي تتكونّ من 11 شخصًا اتباع نهج "الانتظار والمراقبة". لكن تهديد الرئيس الأمريكي بفرض تعريفات جمركية قاسية وضم كندا إلى الولايات المتحدة، وسخريته من رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، الذي وصفه ترامب بـ "حاكم ولاية كندا العظيمة"، كانت بمثابة القشة الأخيرة.
وقال ديل لـ CNN: "الخطاب حول التعريفات الجمركية، والسخرية من رئيس الوزراء لدينا، والتلميح إلى أننا قد نصبح الولاية الحادية والخمسين (للولايات المتحدة)، كان ذلك كافيًا لنا جميعًا". وأضاف: "اتفق الجميع على أننا لن نذهب. سنبقي أموالنا في بلدنا".
يُعد ديل واحدا من مجموعة متزايدة من الكنديين الذين يشعرون بالغضب وأصبحوا يعبرون بصراحة عن مقاطعة السفر إلى الولايات المتحدة خلال السنوات الأربع القادمة. وقد بدأ الأشخاص على جانبي الحدود بالإبلاغ عن تداعيات تتعلق بالسفر، مع تصاعد القلق من الجانبين.
وعلى منصات التواصل الاجتماعي، كان الخطاب بين العديد من الكنديين عبارة عن مزيج من القلق، والخوف، والغضب، وخيبة الأمل.
وأوضحت المنشورات على منصات التواصل الاجتماعي أن بعض الكنديين الذين يهربون عادة من شتاء كندا في ولايات أمريكية مثل فلوريدا أو أريزونا، يختارون الآن قضاء فصل الشتاء في وطنهم أو يقومون بالانتقال الدائم إلى الشمال.
وتعهد البعض بزيارة الولايات ذات الميول الديمقراطية فقط مثل كاليفورنيا ونيويورك. بينما قال آخرون إنهم سيستمرون في الزيارة، ولكنهم سينفقون أموالهم في الشركات المملوكة للأشخاص من البشرة الملونة، واللاتينيين، ومثليي الجنس، ويدعمون المجموعات المهمشة التي يُعتقد أنها مستهدفة تحت إدارة ترامب.
وكان ترامب قد أعلن عن تعريفات جمركية جديدة كبيرة على كندا من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في 4 فبراير/ شباط، لكن تم تعليقها لمدة شهر بعد محادثات اللحظة الأخيرة بين الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الكندي.
في خطاب رسمي استمر لمدة 13 دقيقة يوم السبت، ناشد ترودو الكنديين للقيام بدورهم و"اختيار كندا"، قائلًا: "هناك العديد من الطرق التي يمكنك من خلالها القيام بدورك. قد يعني ذلك التحقق من الملصقات في المتاجر واختيار المنتجات كندية الصنع. وقد يعني ذلك تفضيل الجاودار الكندي على بوربون كنتاكي أو الاستغناء عن عصير البرتقال القادم من فلوريدا تمامًا. وقد يعني ذلك تغيير خطط عطلتك الصيفية للبقاء هنا في كندا واستكشاف العديد من الحدائق الوطنية والإقليمية، والمواقع التاريخية، والوجهات السياحية التي يقدمها بلدنا العظيم".
وتُعد كندا المصدر الأكبر للزوار الدوليين إلى الولايات المتحدة. وبحسب جمعية السفر الأمريكية، زار 20.4 مليون كندي البلاد العام الماضي، ما أدى إلى إنفاق 20.5 مليار دولار أمريكي. وأشارت الجمعية في بيان صحفي إلى أن تقليص السفر الكندي بنسبة 10% فقط سيؤدي إلى فقدان 2.1 مليار دولار أمريكي من الإنفاق و14 ألف وظيفة.
أما الولايات الأمريكية الأكثر زيارة بين الزوار الكنديين فهي فلوريدا، وكاليفورنيا، ونيفادا، وتكساس.
من جانبها، أوضحت كولين ويل، التي تبلغ من العمر 41 عامًا، من مقاطعة أونتاريو الكندية، "إذا أظهرت أني كندية فقط بالطريقة التي أتحدث بها، فهل سأصبح هدفًا"؟
لكن الخوف والقلق يسيران في الاتجاهين، إذ تتساءل مونيكا تشيرش المقيمة في ولاية نيوجيرسي الأمريكية، وكانت تسعى للذهاب برحلة برية إلى مونتريال وكيبيك مع زوجها هذا العام، عما إذا كانت هي وزوجها سيُصبحان هدفًا في كندا، بسبب انزعاج الكنديين من الأمريكيين.
من جهتها، قالت مصورة حفلات الزفاف، تمارا بودن، البالغة من العمر 41 عامًا، وتعيش في مقاطعة كولومبيا البريطانية: "بالنسبة لي، ككندية، فإن الحديث عن جعل كندا الولاية الحادية والخمسين أمر مقلق ومثير للغضب".
وأضافت: "الأمر مختلف هذه المرة. هناك حديث حقيقي جدًا عن الحرب على النساء والأقليات. إنه أمر مخيف بالنسبة لي أن أذهب إلى الولايات المتحدة".
وتعيش بودن على بُعد 10 أميال من الحدود الأمريكية. ومثل العديد من جيرانها، قد تتضمن عطلة نهاية الأسبوع العادية القيادة عبر الحدود مع أطفالها لتناول الغداء في مطعم مكسيكي جيد، والتسوّق في متاجر مثل "Target" التي لا تتوفر في كندا.
وأكدت أنها لن تفعل ذلك في أي وقت قريب. وليس في السنوات الأربع القادمة على الأقل.
الواجب الأخلاقي
يُذكر أن الدولار الكندي انخفض إلى أدنى مستوى له خلال 22 عامًا وسط عدم اليقين بشأن التعريفات الجمركية، لكنه انتعش منذ أيام قليلة وسط تكهنات بشأن الإعفاء.
لكن، يعتبر بعض الكنديين أن قرار مقاطعة السفر إلى الولايات المتحدة مدفوع أولاً بالواجب الأخلاقي، أكثر من كونه مجرد دافع مادي.
وأوضحت بودن أنها ستتخلى عن استراتيجيتها المعتادة في عبور الحدود والطيران من مطار أمريكي، وهو أرخص بكثير، وستدفع 200 دولار كندي إضافية للطيران من مدينة فانكوفر الكندية، لافتة إلى أن ما حصل جعلها تدرك أنها تفضّل دعم الاقتصاد الكندي المحلي مقارنة باقتصاد الولايات المتحدة.
0 تعليق