قبل خمس سنوات استيقظ ترامب وقرر أن القدس تسبب أزمة فى التطبيع بين إسرائيل والدول العربية، وقرر إزاحتها من على الطاولة- هكذا قال- ونقل السفارة الأمريكية إليها، لم يهتم فى حينه للانتقادات ولا للعالم ولم يستمع إلى أحد.
قبل يومين استيقظ ترامب وقرر أن يجد حلًا على شاكلته لغزة، فقرر بشكل ضمنى إزاحة سكانها من على الخريطة، ولكن هذه المرة لن تمر مثلما حدث قبل ٥ سنوات. نقل السفارة الأمريكية للقدس كانت خطوة ضمنية، تتعلق بالوضع المعقد للمدينة، ولم تكن فى حينه حربًا وضحايا ورهائن، ولم يتم عقب الاعتراف تهجير سكان القدس من مواقعهم.. الاعتراف كان مجرد كشف للصورة الواقعية فى القدس وإحكام السيطرة الإسرائيلية عليها، لكن غزة قصة أخرى.
فهى بالأساس قصة مليونين ونصف المليون إنسان قررت إدارتهم أن تضعهم على خط النار، وبعد تدمير حياتهم وبيوتهم، يبحث العالم وترامب عن حل لهم.
قبل يومين، كانت فكرة الضغط على سكان غزة لحملهم على مغادرة قطاع غزة فكرة مرتبطة باليمين المتطرف الإسرائيلى، ولكنها الآن أصبحت الخطة الرسمية لرئيس الولايات المتحدة. وكانت عبارة «كلهم» هى الكلمات الثلاث التى تسببت فى ذهول الحاضرين داخل المكتب البيضاوى فى بداية الاجتماع بين الرئيس ترامب ورئيس الوزراء نتنياهو. وكانت هذه الكلمات الثلاث بمثابة رد على سؤالى حول عدد سكان غزة الذين يعتقد الرئيس أنهم بحاجة إلى مغادرة قطاع غزة.
ليس هذا فقط، بل صرح ترامب بأن الولايات المتحدة هى التى ستسيطر على قطاع غزة، وستقوم بعمل ما فيه أيضًا. حتى أن ترامب ألمح إلى أنه على استعداد لإرسال قوات برية، ورغم الرفض القاطع لمصر والأردن، فإن ترامب تبجح وقال: «أعتقد أن هناك فرصة جيدة لحدوث ذلك»، ووضع سقفًا مرتفعًا جدًا لفكرته، فترامب يريد أن تتحول غزة إلى منتجع سياحى، وأن تصبح «ريفييرا الشرق الأوسط».
نتنياهو يفهم أكثر من أى شخص عدم واقعية خطة ترامب، ولذلك هو علق «إن ترامب لديه طريقة تفكير غير تقليدية؛ فهو يفكر خارج الصندوق، لكنه قال أيضًا إنه لم يصل إلى حد تبنيها بالكامل».
وقال نتنياهو «إن ترامب يرى مستقبلًا مختلفًا لتلك القطعة من الأرض التى كانت محورًا لكثير من الإرهاب، والعديد من الهجمات ضدنا، والعديد من المحن والمصاعب. لديه فكرة مختلفة، وأعتقد أنه من الجدير الاهتمام بها. نحن نتحدث عنها. إنه يستكشفها مع شعبه ومع موظفيه».
يبدو أن نتنياهو استمتع بكل لحظة من تصريح ترامب، لكن فى أعماقه، يخشى هو وغيره من المسئولين الإسرائيليين أن تتسبب خطة ترامب فى إحداث اضطرابات بين جيران إسرائيل.
من السهولة فهم أن الرئيس الأمريكى يصر على تصفية غزة، فإصراره واضح، ولكن هل هناك فرصة للتراجع مثلما تراجع عن قراراته الأخرى بشأن الرسوم الجمركية على كندا والمكسيك، التى تم تجميدها الآن؟
لو كنا اليوم نحلل التصريحات الصادمة لترامب، ففى الأسبوع المقبل، سيصل الملك عبدالله ملك الأردن إلى البيت الأبيض. وما يقوله ترامب وهو يقف بجانبه سيعطينا مؤشرًا عن مدى جدية ترامب فى فكرته المجنونة.
0 تعليق