عمان- ما يزال المشهد يكتنفه الغموض حول مدى تأثير قرار الإدارة الأميركية تجميد تقديم المساعدات المخصصة من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، لدعم قطاع المياه، إلا أنه في الوقت نفسه قد يخلق فرصا من خلال إعادة النظر في سلم الأولويات وتعزيز الاعتماد على الذات.اضافة اعلان
محليا، يعد القطاع المائي الأشد تحديا في بلد يصنف بأنه الأفقر مائيا على مستوى العالم، وهو ما قد يعيد النظر في إمكانية خلق وابتكار فرص نابعة من تلك التحديات المفروضة عليه من كل حدب وصوب، خاصة ما يرتبط بأدوات التمويل، ما يعزز من أهمية التوجه نحو تأسيس شراكات متجددة مع القطاع الخاص والمؤسسات المصرفية أو البنوك وغيرها.
وفي هذا السياق، أكد خبراء في قطاع المياه، في تصريحات لـ"الغد"، ضرورة إعادة جدولة المشاريع القائمة والجديدة، وسط إمكانية دراسة وتطبيق طرق ومصادر التمويل ونقلها نحو الشراكة مع القطاع الخاص والبنوك وشركات التأمين، وتأسيس شركات أهلية محلية مساهمة ذات حوكمة موثوقة ورشيدة لجذب الاستثمار.
قرار سابق لأوانه
وفي هذا الصدد، اعتبر الخبير والمدير السابق لوحدة مشروع الناقل الوطني المهندس جريس دبابنة، أن الحديث عن "وقف كلي للمساعدات المقدمة من خلال الوكالة الأميركية للتنمية الدولي هو سابق لأوانه وما يزال مبكرا"، مشيرا إلى عمق العلاقات المشتركة بين الأردن والولايات المتحدة والممتدة جذورها لعمر يتجاوز 60 عاما.
وأشار دبابنة إلى أن الأردن تربطه علاقات صداقة وتعاون وطيدة أيضا متعددة ووثيقة مع الاتحاد الأوروبي واليابان وبريطانيا وكوريا، والتي تساهم بدورها كذلك في دعم المشاريع الإستراتيجية والتنموية.
ورجح أن يتم الإبقاء على الملتزم به من مشاريع مائية، لما له من علاقة وثيقة بالمصالح الأميركية، مدللا على ذلك بما تم الالتزام به لأكبر مشروع في تاريخ الأردن وهو مشروع الناقل الوطني للمياه، والذي سيسهم بحل مشكلة شح المياه حتى العام 2045، وسيكون الضامن للأمن المائي كجزء من الأمن الغذائي للمملكة.
ودعا في الوقت نفسه إلى ضرورة البحث عن مصادر تمويلية أخرى لدعم القطاع المائي من جهة، وضرورة إعادة جدولة المشاريع القائمة والجديدة، وتغيير طرق ومصادر التمويل إلى الشراكة مع القطاع الخاص والبنوك وشركات التأمين، وتأسيس شركات أهلية محلية مساهمة ذات حوكمة موثوقة ورشيدة لجذب الاستثمار المحلي وتعظيم قيمته من جهة أخرى.
وقال دبابنة إن تجميد المساعدات على قطاع المياه، جاء دون سابق إنذار، ما يشير إلى أهمية إيجاد واعتماد البدائل اللازمة.
غموض القرار
من ناحيته، رأى الأمين العام الأسبق لوزارة المياه والري المهندس إياد الدحيات، أن هناك "عدم وضوح" لتأثير تعليق المساعدات الخارجية الأميركية، والذي جاء بتاريخ 25 كانون الثاني (يناير) الماضي وعلى مدار 90 يوما، على تقدّم سير العمل والصرف المالي على مشاريع البنى التحتية الممولة من المساعدات الأميركية والتي يتم تنفيذها وتشغيلها من المقاولين الأردنيين أو الشركات الهندسية المحلية أو الأفراد الاستشاريين العاملين في مختلف القطاعات كالمياه والصرف الصحي والمدارس والصحة والنفايات الصلبة.
ونظرا لذلك، أكد الدحيات "الحاجة لوضع خطة طارئة لضمان ديمومة تنفيذ هذه المشاريع وإنجازها وبالمواصفات الفنية المطلوبة".
ووفق موقع "فورين أسيستانس دوت جوف" والمحدث لغاية 19 كانون الأول (يناير) العام الماضي 2024، فإن إجمالي المساعدات المتعهّد بها من الحكومة الأميركية للمملكة العام 2023، بلغ ما يعادل 1,686 مليار دولار، منها 845 مليون دولار دعم نقدي مباشر للموازنة العامة، في حين كانت حصة قطاع المياه من الإجمالي ما يعادل 115,6 مليون دولار (ما نسبته 7 %).
وكانت تلك المساعدات مخصصة لتمويل مشاريع البنى التحتية والاستشارات الفنية الهندسية والإدارية وكالتالي؛ خفض فاقد المياه في كافة أنحاء المملكة (شركة مياهنا، شركة مياه اليرموك وسلطة المياه) بناء على إستراتيجية تقليل فاقد المياه (2022-2040)، ودعم الخدمات الفنية والقانونية والمالية لمشروع الناقل الوطني لتحلية المياه، ومشروع حوكمة وهيكلة قطاع المياه، وتوفير خدمات هندسية وتصاميم لمشاريع مياه وصرف صحي متفرقة في قطاع المياه.
وذلك إلى جانب مشروع محطة تنقية صرف صحي شمال جرش، وتنفيذ مشاريع إعادة تأهيل وهيكلة شبكات المياه ومحطات الضخ في محافظات الجنوب والعقبة، وإعادة تأهيل منظومة ضخ مشروع الزارة - ماعين المزوّد للمياه في العاصمة (عمان)، ومشروع إعادة تدوير المياه الصناعية في الشيدية للتكيف مع التغيير المناخي.
أما إجمالي المساعدات المتعهّد بها من الحكومة الأميركية للمملكة العام 2024، فبلغ ما يعادل 1,309 مليار دولار لغاية تاريخ 19/ 12/ 2024، منها 845 مليون دولار وذلك كدعم نقدي مباشر للموازنة العامة، في حين كانت حصة قطاع المياه من الإجمالي ما يعادل 74,8 مليون دولار (ما نسبته 5,7 %).
وكانت تلك المساعدات مخصصة لتمويل مشاريع البنى التحتية والاستشارات الفنية الهندسية والإدارية وكالتالي؛ مشروع توفير استهلاك المياه والطاقة في قطاع المياه، ومشروع تعزيز الأمن المائي والتكيّف مع التغيير المناخي في شركة مياهنا، ودعم الخدمات الفنية والقانونية والمالية لمشروع الناقل الوطني لتحلية المياه.
وذلك إلى جانب مشروع حوكمة وهيكلة قطاع المياه، وتوفير خدمات هندسية وتصاميم لمشاريع مياه وصرف صحي متفرقة في قطاع المياه، وتنفيذ مشاريع إعادة تأهيل وهيكلة شبكات المياه، ومحطات الضخ في محافظات الجنوب والعقبة.
أما خلال عامي 2023 و2024، فتم الالتزام بمبلغ مساعدات إجمالي بقيمة تقريباً 192 مليون دولار أميركي ممولة على شكل منح بنسبة 100 %، حيث تعد الوكالة الأميركية من أهم الشركاء التنمويين لقطاع المياه.
حكمة أردنية في الأزمات
من ناحيتها، أشارت الخبيرة الأردنية في دبلوماسية المياه المهندسة ميسون الزعبي إلى الدور الحيوي الذي تدعم فيه المساعدات الخارجية بما فيها المساعدات الأميركية، الاقتصاد الأردني وتمويل برامج التنمية، مضيفة "إن الدعم الأميركي محرك رئيس لاقتصاد البلاد وتنميتها، وأي تراجع في هذا الدعم سيكون له بالتأكيد تأثير سلبي على المملكة، وهي ليست مستعدة له".
وقالت الزعبي إن الدولتين وقعتا مذكرة تفاهم في أيلول (سبتمبر) العام 2022، تقدم واشنطن بموجبها مساعدات مالية سنوية للمملكة بقيمة 1.45 مليار دولار للفترة بين 2023 و2029، فيما وقعتا أيضا في كانون الأول (ديسمبر) العام الماضي، اتفاقية منحة مالية بقيمة إجمالية تبلغ 845.1 مليون دولار لدعم موازنة المملكة للعام الحالي.
وأوضحت أنه رغم تأثر سير عمل المشاريع الممولة من المساعدات الأميركية والتي تشرف عليها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، وتتبع عدة وزارات ومؤسسات حكومية منها المياه والرعاية الصحية والبيئة والتعليم وغيرها، في حال استمرار تعليق المساعدات، إلا أن الأردن دائما ما يتعامل مع الأزمات بحكمة ويخرج منها قويا.
وأكدت أهمية أن يأخذ الأردن بالاعتبار أي تحديات اقتصادية قد تترتب عليه، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في سلم الأولويات وتغيير أدوات العملية الاقتصادية في البلاد.
وتابعت "إن هذا يتطلب ضرورة زيادة الاعتماد على الذات حتى يصل الأردن إلى مرحلة تغطية نفقاته دون عجز ومعالجة مشكلاته الاقتصادية والحد منها على الأقل، مما يؤدي إلى التقليل من آثار التداعيات السلبية لمثل هذا القرار".
وشددت على ضرورة خفض اعتماد الأردن بشكل كامل على المنح والمساعدات الخارجية، لضمان استدامة النمو الاقتصادي والمالية العامة في المستقبل، منوهة، في الوقت ذاته، ببذل الحكومة الحالية جهوداً كبيرة في هذا الاتجاه، من خلال الإصلاحات المالية والاقتصادية التي تهدف إلى تعزيز الإيرادات المحلية وتقليل النفقات غير الضرورية.
كما أكدت أهمية أن تقوم الدولة الأردنية بالإعلان عن موازنة طوارئ تقشفية مبكرة، بالإضافة إلى معالجة المشاكل الاقتصادية الآنية من خلال وقف أي نفقات غير ضرورية، ودمج الهيئات المستقلة لتقليل الإنفاق وتضييق العجز، وتجنب الحاجة إلى مزيد من المديونية، لتعزيز الاقتصاد الوطني وتقليل الضغوط الخارجية الناتجة عن الأزمات الاقتصادية.
ودعت إلى استمرار الأردن بتطوير سياسته المالية تدريجياً ليصبح معتمداً على نفسه مالياً، مبينة أنه في المرحلة الأولى، ينبغي أن تسعى الحكومة لتغطية النفقات الجارية من الإيرادات المحلية فقط، أي دون الحاجة إلى المنح والمساعدات الخارجية. وفي المرحلة الثانية، ينبغي أن يسعى الأردن إلى تحقيق الاستقلال المالي الكامل، بحيث تغطي الإيرادات المحلية جميع النفقات العامة.
وفي قطاع المياه، رأت الزعبي أهمية الاستفادة من صناديق تمويل المناخ وصندوق الخسائر والأضرار، سيما وأن الأردن من أبرز الدول وأكثرها تضرراً بالتغير المناخي، وعليه التزام قانوني في مجال حقوق الإنسان، بمنع الآثار السلبية المتوقعة للتغير المناخي، وضمان حصول المتضررين منه، وخاصة أولئك الذين يعيشون في أوضاع هشة، على التعويضات ووسائل التكيف من أجل حياة كريمة.
وفي سياق إعطاء الأولوية للمشاريع الأساسية والإستراتيجية لمعالجة ندرة المياه الناجمة عن التغير المناخي، يأتي مشروع الناقل الوطني، يليه مشروع إنقاذ البحر الميت وإعادة تأهيل نهر الأردن، من بين المشاريع الأولى التي يؤمل أن يتم تقديمها والاستفادة من الدعم المقدم من صناديق المناخ.
وتابعت إن جلالة الملك عبد الله الثاني قدم، بحكمته المعهودة وسعة أفقه ومعرفته بكل التفاصيل، خريطة طريق بيئية للعالم لا تساهم فقط في إنقاذ موارد الأردن المائية وتعزيز صموده وتمكينه من التكيف والتخفيف من آثار هذه التغيرات المناخية، بل قدم أيضا رؤية عالمية شاملة تساعد الدول النامية كلها على مواجهة تغير المناخ الذي يصب في مصلحة البشرية جمعاء في ظل تغيرات مناخية لا تعترف بالحدود الجغرافية بين الدول.
ونوهت بأنه للوصول إلى تحسين الوضع المائي في الأردن لمواجهة تغير المناخ وأزمة اللاجئين، يتوجب بذل المزيد من التعاون الإقليمي والدولي لدعم عدد من المشاريع التي يمكن أن تساهم في تقديم حلول من شأنها تحسين الوضع المائي في الأردن ودعم قدرته على الصمود في مواجهة تغير المناخ.
محليا، يعد القطاع المائي الأشد تحديا في بلد يصنف بأنه الأفقر مائيا على مستوى العالم، وهو ما قد يعيد النظر في إمكانية خلق وابتكار فرص نابعة من تلك التحديات المفروضة عليه من كل حدب وصوب، خاصة ما يرتبط بأدوات التمويل، ما يعزز من أهمية التوجه نحو تأسيس شراكات متجددة مع القطاع الخاص والمؤسسات المصرفية أو البنوك وغيرها.
وفي هذا السياق، أكد خبراء في قطاع المياه، في تصريحات لـ"الغد"، ضرورة إعادة جدولة المشاريع القائمة والجديدة، وسط إمكانية دراسة وتطبيق طرق ومصادر التمويل ونقلها نحو الشراكة مع القطاع الخاص والبنوك وشركات التأمين، وتأسيس شركات أهلية محلية مساهمة ذات حوكمة موثوقة ورشيدة لجذب الاستثمار.
قرار سابق لأوانه
وفي هذا الصدد، اعتبر الخبير والمدير السابق لوحدة مشروع الناقل الوطني المهندس جريس دبابنة، أن الحديث عن "وقف كلي للمساعدات المقدمة من خلال الوكالة الأميركية للتنمية الدولي هو سابق لأوانه وما يزال مبكرا"، مشيرا إلى عمق العلاقات المشتركة بين الأردن والولايات المتحدة والممتدة جذورها لعمر يتجاوز 60 عاما.
وأشار دبابنة إلى أن الأردن تربطه علاقات صداقة وتعاون وطيدة أيضا متعددة ووثيقة مع الاتحاد الأوروبي واليابان وبريطانيا وكوريا، والتي تساهم بدورها كذلك في دعم المشاريع الإستراتيجية والتنموية.
ورجح أن يتم الإبقاء على الملتزم به من مشاريع مائية، لما له من علاقة وثيقة بالمصالح الأميركية، مدللا على ذلك بما تم الالتزام به لأكبر مشروع في تاريخ الأردن وهو مشروع الناقل الوطني للمياه، والذي سيسهم بحل مشكلة شح المياه حتى العام 2045، وسيكون الضامن للأمن المائي كجزء من الأمن الغذائي للمملكة.
ودعا في الوقت نفسه إلى ضرورة البحث عن مصادر تمويلية أخرى لدعم القطاع المائي من جهة، وضرورة إعادة جدولة المشاريع القائمة والجديدة، وتغيير طرق ومصادر التمويل إلى الشراكة مع القطاع الخاص والبنوك وشركات التأمين، وتأسيس شركات أهلية محلية مساهمة ذات حوكمة موثوقة ورشيدة لجذب الاستثمار المحلي وتعظيم قيمته من جهة أخرى.
وقال دبابنة إن تجميد المساعدات على قطاع المياه، جاء دون سابق إنذار، ما يشير إلى أهمية إيجاد واعتماد البدائل اللازمة.
غموض القرار
من ناحيته، رأى الأمين العام الأسبق لوزارة المياه والري المهندس إياد الدحيات، أن هناك "عدم وضوح" لتأثير تعليق المساعدات الخارجية الأميركية، والذي جاء بتاريخ 25 كانون الثاني (يناير) الماضي وعلى مدار 90 يوما، على تقدّم سير العمل والصرف المالي على مشاريع البنى التحتية الممولة من المساعدات الأميركية والتي يتم تنفيذها وتشغيلها من المقاولين الأردنيين أو الشركات الهندسية المحلية أو الأفراد الاستشاريين العاملين في مختلف القطاعات كالمياه والصرف الصحي والمدارس والصحة والنفايات الصلبة.
ونظرا لذلك، أكد الدحيات "الحاجة لوضع خطة طارئة لضمان ديمومة تنفيذ هذه المشاريع وإنجازها وبالمواصفات الفنية المطلوبة".
ووفق موقع "فورين أسيستانس دوت جوف" والمحدث لغاية 19 كانون الأول (يناير) العام الماضي 2024، فإن إجمالي المساعدات المتعهّد بها من الحكومة الأميركية للمملكة العام 2023، بلغ ما يعادل 1,686 مليار دولار، منها 845 مليون دولار دعم نقدي مباشر للموازنة العامة، في حين كانت حصة قطاع المياه من الإجمالي ما يعادل 115,6 مليون دولار (ما نسبته 7 %).
وكانت تلك المساعدات مخصصة لتمويل مشاريع البنى التحتية والاستشارات الفنية الهندسية والإدارية وكالتالي؛ خفض فاقد المياه في كافة أنحاء المملكة (شركة مياهنا، شركة مياه اليرموك وسلطة المياه) بناء على إستراتيجية تقليل فاقد المياه (2022-2040)، ودعم الخدمات الفنية والقانونية والمالية لمشروع الناقل الوطني لتحلية المياه، ومشروع حوكمة وهيكلة قطاع المياه، وتوفير خدمات هندسية وتصاميم لمشاريع مياه وصرف صحي متفرقة في قطاع المياه.
وذلك إلى جانب مشروع محطة تنقية صرف صحي شمال جرش، وتنفيذ مشاريع إعادة تأهيل وهيكلة شبكات المياه ومحطات الضخ في محافظات الجنوب والعقبة، وإعادة تأهيل منظومة ضخ مشروع الزارة - ماعين المزوّد للمياه في العاصمة (عمان)، ومشروع إعادة تدوير المياه الصناعية في الشيدية للتكيف مع التغيير المناخي.
أما إجمالي المساعدات المتعهّد بها من الحكومة الأميركية للمملكة العام 2024، فبلغ ما يعادل 1,309 مليار دولار لغاية تاريخ 19/ 12/ 2024، منها 845 مليون دولار وذلك كدعم نقدي مباشر للموازنة العامة، في حين كانت حصة قطاع المياه من الإجمالي ما يعادل 74,8 مليون دولار (ما نسبته 5,7 %).
وكانت تلك المساعدات مخصصة لتمويل مشاريع البنى التحتية والاستشارات الفنية الهندسية والإدارية وكالتالي؛ مشروع توفير استهلاك المياه والطاقة في قطاع المياه، ومشروع تعزيز الأمن المائي والتكيّف مع التغيير المناخي في شركة مياهنا، ودعم الخدمات الفنية والقانونية والمالية لمشروع الناقل الوطني لتحلية المياه.
وذلك إلى جانب مشروع حوكمة وهيكلة قطاع المياه، وتوفير خدمات هندسية وتصاميم لمشاريع مياه وصرف صحي متفرقة في قطاع المياه، وتنفيذ مشاريع إعادة تأهيل وهيكلة شبكات المياه، ومحطات الضخ في محافظات الجنوب والعقبة.
أما خلال عامي 2023 و2024، فتم الالتزام بمبلغ مساعدات إجمالي بقيمة تقريباً 192 مليون دولار أميركي ممولة على شكل منح بنسبة 100 %، حيث تعد الوكالة الأميركية من أهم الشركاء التنمويين لقطاع المياه.
حكمة أردنية في الأزمات
من ناحيتها، أشارت الخبيرة الأردنية في دبلوماسية المياه المهندسة ميسون الزعبي إلى الدور الحيوي الذي تدعم فيه المساعدات الخارجية بما فيها المساعدات الأميركية، الاقتصاد الأردني وتمويل برامج التنمية، مضيفة "إن الدعم الأميركي محرك رئيس لاقتصاد البلاد وتنميتها، وأي تراجع في هذا الدعم سيكون له بالتأكيد تأثير سلبي على المملكة، وهي ليست مستعدة له".
وقالت الزعبي إن الدولتين وقعتا مذكرة تفاهم في أيلول (سبتمبر) العام 2022، تقدم واشنطن بموجبها مساعدات مالية سنوية للمملكة بقيمة 1.45 مليار دولار للفترة بين 2023 و2029، فيما وقعتا أيضا في كانون الأول (ديسمبر) العام الماضي، اتفاقية منحة مالية بقيمة إجمالية تبلغ 845.1 مليون دولار لدعم موازنة المملكة للعام الحالي.
وأوضحت أنه رغم تأثر سير عمل المشاريع الممولة من المساعدات الأميركية والتي تشرف عليها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، وتتبع عدة وزارات ومؤسسات حكومية منها المياه والرعاية الصحية والبيئة والتعليم وغيرها، في حال استمرار تعليق المساعدات، إلا أن الأردن دائما ما يتعامل مع الأزمات بحكمة ويخرج منها قويا.
وأكدت أهمية أن يأخذ الأردن بالاعتبار أي تحديات اقتصادية قد تترتب عليه، الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في سلم الأولويات وتغيير أدوات العملية الاقتصادية في البلاد.
وتابعت "إن هذا يتطلب ضرورة زيادة الاعتماد على الذات حتى يصل الأردن إلى مرحلة تغطية نفقاته دون عجز ومعالجة مشكلاته الاقتصادية والحد منها على الأقل، مما يؤدي إلى التقليل من آثار التداعيات السلبية لمثل هذا القرار".
وشددت على ضرورة خفض اعتماد الأردن بشكل كامل على المنح والمساعدات الخارجية، لضمان استدامة النمو الاقتصادي والمالية العامة في المستقبل، منوهة، في الوقت ذاته، ببذل الحكومة الحالية جهوداً كبيرة في هذا الاتجاه، من خلال الإصلاحات المالية والاقتصادية التي تهدف إلى تعزيز الإيرادات المحلية وتقليل النفقات غير الضرورية.
كما أكدت أهمية أن تقوم الدولة الأردنية بالإعلان عن موازنة طوارئ تقشفية مبكرة، بالإضافة إلى معالجة المشاكل الاقتصادية الآنية من خلال وقف أي نفقات غير ضرورية، ودمج الهيئات المستقلة لتقليل الإنفاق وتضييق العجز، وتجنب الحاجة إلى مزيد من المديونية، لتعزيز الاقتصاد الوطني وتقليل الضغوط الخارجية الناتجة عن الأزمات الاقتصادية.
ودعت إلى استمرار الأردن بتطوير سياسته المالية تدريجياً ليصبح معتمداً على نفسه مالياً، مبينة أنه في المرحلة الأولى، ينبغي أن تسعى الحكومة لتغطية النفقات الجارية من الإيرادات المحلية فقط، أي دون الحاجة إلى المنح والمساعدات الخارجية. وفي المرحلة الثانية، ينبغي أن يسعى الأردن إلى تحقيق الاستقلال المالي الكامل، بحيث تغطي الإيرادات المحلية جميع النفقات العامة.
وفي قطاع المياه، رأت الزعبي أهمية الاستفادة من صناديق تمويل المناخ وصندوق الخسائر والأضرار، سيما وأن الأردن من أبرز الدول وأكثرها تضرراً بالتغير المناخي، وعليه التزام قانوني في مجال حقوق الإنسان، بمنع الآثار السلبية المتوقعة للتغير المناخي، وضمان حصول المتضررين منه، وخاصة أولئك الذين يعيشون في أوضاع هشة، على التعويضات ووسائل التكيف من أجل حياة كريمة.
وفي سياق إعطاء الأولوية للمشاريع الأساسية والإستراتيجية لمعالجة ندرة المياه الناجمة عن التغير المناخي، يأتي مشروع الناقل الوطني، يليه مشروع إنقاذ البحر الميت وإعادة تأهيل نهر الأردن، من بين المشاريع الأولى التي يؤمل أن يتم تقديمها والاستفادة من الدعم المقدم من صناديق المناخ.
وتابعت إن جلالة الملك عبد الله الثاني قدم، بحكمته المعهودة وسعة أفقه ومعرفته بكل التفاصيل، خريطة طريق بيئية للعالم لا تساهم فقط في إنقاذ موارد الأردن المائية وتعزيز صموده وتمكينه من التكيف والتخفيف من آثار هذه التغيرات المناخية، بل قدم أيضا رؤية عالمية شاملة تساعد الدول النامية كلها على مواجهة تغير المناخ الذي يصب في مصلحة البشرية جمعاء في ظل تغيرات مناخية لا تعترف بالحدود الجغرافية بين الدول.
ونوهت بأنه للوصول إلى تحسين الوضع المائي في الأردن لمواجهة تغير المناخ وأزمة اللاجئين، يتوجب بذل المزيد من التعاون الإقليمي والدولي لدعم عدد من المشاريع التي يمكن أن تساهم في تقديم حلول من شأنها تحسين الوضع المائي في الأردن ودعم قدرته على الصمود في مواجهة تغير المناخ.
0 تعليق