بعد توصل الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس إلى اتفاق يقضي بوقف الحرب في غزة، والميليشيا الحوثية التي كانت تستغل "حرب غزة" من أجل الظهور على الصعيدين الإقليمي والدولي، بإبراز قدرتها على شن هجمات بحرية تؤثر على حركة الملاحة والتجارة العالمية؛ تحاول مجدداً العودة بأي طريقة كانت، إذ لم يبقي أمامها سوى الداخل اليمني، خاصة بعد أن أبدت أمريكا وعدد من المنطقة، استعداداتها لمساندة الحكومة الشرعية من أجل إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة مؤسسات الدولة اليمنية.
إشعال الجبهات
يأتي هذا في سياق، ما كشفته عدد من وسائل الإعلام اليمنية منذ مطلع فبراير الجاري، عن قيام مسلحي الحوثي بإرسال تعزيزات عسكرية جديدة إلى عدد من الجبهات في الداخل وخصوصا جبهة مأرب، كما تواصل حفر خنادق وبناء متارس في الخطوط الأمامية بمختلف جبهات القتال، فضلا عن حملات تجنيد واسعة، وذلك بهدف إشعال جبهات القتال والعودة مرة أخرى للمواجهات العسكرية مع القوات اليمنية التابعة للشرعية.
ومن الجدير بالذكر أن عودة الحوثيين لإشعال جبهات القتال يأتي بعد أكثر من مرور عامين على "الهدنة الهشة" التي تم إبرامها مع الشرعية، خاصة بعد فشل معركة الحوثيين في السيطرة على محافظة مأرب الاستراتيجية والغنية بالثروات النفطية في عامي 2021 و2022، ولذلك يحاول الحوثيين بكل الطرق الممكنة السيطرة على هذه المحافظة التي تعد مركز الثقل للحكومة اليمنية الشرعية، لذلك، لدى الحوثيين رؤية أن سيطرتهم على مأرب قد تمكنهم من إحكام قبضتهم على غيرها من المحافظات اليمنية الواقعة تحت سيطرة لشرعية.
وبالإضافة لما تقدم، يمكن القول أن عودة الحوثيين لإشعال جبهات القتال، يأتي بعد تصنيفهم مؤخراً من قبل إدارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" كـ"منظمة إرهابية أجنبية"، ومن دعوة منظمة الأمم المتحدة للحوثيين بسرعة الإفراج عن موظفي الوكالات الدولية والأممية المحتجزين في سجون الجماعة، بجانب تحركات الحكومة الشرعية لحشد الدعم الدولي لصالحها من أجل مساندتها لإنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة الدولة اليمنية.
بجانب ذلك فقد أكد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي جاسم البديوي، خلال اجتماعه مع نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني "عيدروس الزبيدي" على هامش الاجتماع السنوي الـ55 للمنتدى الاقتصادي العالمي 2025، في مدينة دافوس السويسرية، أواخر يناير الماضي، على "وقوف دول المجلس مع الشعب اليمني ومجلس القيادة الرئاسي حتى يتمكن اليمن من استعادة أمنه واستقراره ووضعه على مسار التنمية المستدامة وفقاً للمرجعيات الثلاث: المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، مخرجات الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن 2216".
أهداف حوثية
وحول ذلك، يقول الخبراء اليمنيين أنه إزاء كل هذه التطورات، لم يبق أمام الحوثيين سوى الهروب إلى الأمام من خلال العودة إلى الخيار العسكري وذلك من أجل مواجهة السخط الشعبي المندلع في بعض المحافظات اليمنية الواقعة تحت سيطرتهم والضغوط الدولية التي تواجهها تلك الجماعة في الوقت الراهن، في محاولة لتوسيع نطاق سيطرتها على الأرض وتحقيق أية مكاسب سياسية وعسكرية، من خلال استباق شن عمل عسكري واسع محتمل ضدها من خلال المبادرة بالهجوم بدلاً من الانتظار في موقع الدفاع.
0 تعليق