"بمصير مشابه لقطاع غزة"، هكذا توعد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، ليجدوا أنفسهم أمام عدوان واسع يشمل القتل والتهجير والحصار وتدمير بنى تحتية وتجريف شوارع.اضافة اعلان
ولعل استهداف الجيش الإسرائيلي للأطفال الفلسطينيين الأبرياء في عدوانه على الضفة الغربية وقتلهم، كان أشد تلك الممارسات إيلاما في قلوب عائلاتهم الثكلى، ومن بينهم صدام ذو العشر سنوات.
وبجوار ضريحه ببلدة كفر اللبد شرقي طولكرم شمالي الضفة، يجلس والده إياد رجب وأختاه، وهم يخاطبونه بلغة الفقد المريرة، بعد أن اغتاله قناص إسرائيلي خلال العدوان المستمر على المنطقة.
وضعت العائلة إكليلا من الزهور على الضريح، بينما تتلمس الشقيقتان رهف (15عاما)، ورغد (9 سنوات) التراب فوق الضريح، في محاولة للاقتراب من صدام أكثر، ولكن دون جدوى.
ورغم أن العائلة تبدو للناظرين متماسكة، فإن الألم يعتصر قلوبهم.
والجمعة، توفي صدام متأثرا بإصابته في 28 يناير/ كانون الثاني الماضي، برصاص الجيش الإسرائيلي بمدينة طولكرم.
ووفق وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا"، أعلنت مصادر طبية وفاة الطفل صدام حسين إياد رجب، بعد أيام من إصابته برصاص قناص إسرائيلي أثناء وجوده بمنزل جده غربي المدينة.
** صدام كان عكازتي
ويتلو الأب آيات من القرآن الكريم أمام القبر، ثم يغلق المصحف ويقول للأناضول بلهفة الوالد المكلوم: "صدام كان عكازتي التي فقدت".
ويضيف رجب الذي يعاني إصابة عمل في رجليه ويتكئ على عكازين: "أصيب صدام برصاص قناص إسرائيلي، حيث خرج للاتصال مع والدته فضربه قناص إسرائيلي أمام المنزل".
وفيما يتعلق بالوضع بعد الإصابة، يقول الأب: "خضع صدام لعلاج، لكن إصابته كانت خطيرة واستشهد متأثرا بها".
ويتهم رجب الجيش الإسرائيلي بأنه تعمّد قتل نجله، وقال: "سأبقى متابعا لقضية صدام عبر وسائل الإعلام والمؤسسات الدولية حتى نحاسب الاحتلال".
ويلفت إلى أن "الجيش الإسرائيلي يدعي أنه يحقق في الحادثة، لكننا لا نثق به، لأنه سيكذب كعادته، وسيقولون بالخطأ أو برصاص غير رصاصهم، لكنني على يقين أنه هو القاتل".
ومتحسرا على طفولة نجله، يقول: "ليتني قتلت أنا، وليس هو".
وبشأن صفات نجله، قال رجب: "صدام طفل بسيط محبوب، منذ عامين لم يفارقني، وكان عكازتي التي أتكئ عليها، ويلازمني طوال اليوم، ويرافقني ويساعدني في كل شيء".
ويتابع: "لم يكن صدام يخرج كثيرا خشية أن أحتاج إلى شيء بسبب إصابتي ووضعي الصحي".
** أخي كان غيورا علي
وإلى جوار أبيها وضريح أخيها، تجلس البنت البكر رهف، وتبدو عليها ملامح الانكسار، وتقول للأناضول وهي ترثي شقيقها: "فقدنا الضحكة التي كان دوما يتحلى بها".
وتضيف الطفلة رهف: "في البداية لم نصدق الخبر، ولكن هذا قضاء الله وقدره".
وتتابع: "قبل العملية العسكرية الإسرائيلية في طولكرم، اشتريت أنا وصدام احتياجات البيت، فحملها عني وقال لي: البنات لا تحمل أغراضا ثقيلة.. لقد كان غيورا رغم صغره".
وعن أيامه الأخيرة، تضيف رهف: "قبل إصابته برصاص قناص إسرائيلي بأيام، كنا في البيت نقول: من سيستشهد أولا لكي يشفع لنا؟ كان مزاحا ولكن الأمر بات حقيقة".
وكأنها فقدت ذراعها اليمنى، تقول رهف: "بكيت كثيرا بعد رحيله، ولكن الحمد لله أخي شهيد".
ومنذ 21 يناير الماضي، بدأ الجيش الإسرائيلي عدوانا عسكريا استهله بمدينة جنين ومخيمها وبلدات في محيطهما ما أدى إلى مقتل 25 فلسطينيا، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
ثم وسّع الجيش الإسرائيلي عدوانه إلى مدينة طولكرم في 27 يناير، حيث استشهد 5 فلسطينيين بينهم الطفل صدام، بينما بدأ في 2 فبراير/ شباط الجاري عملية أخرى في بلدة طمون ومخيم الفارعة بمحافظة طوباس، لينسحب بعد 7 أيام من طمون، ويواصل عمليته في مخيم الفارعة.
وفجر الأحد، وسع الجيش الإسرائيلي عدوانه ليشمل مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم، فيما ادعى أن قواته استهدفت "عددا من المخربين واعتقلت آخرين".
وحسب وزارة الصحة، استشهد 3 فلسطينيين برصاص إسرائيلي في مخيم نور شمس، الأحد، بينهم سيدة وجنينها.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وسّع الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، ما أسفر حتى مساء الأحد عن استشهاد 910 فلسطينيين، وإصابة نحو 7 آلاف، واعتقال 14 ألفا و300 آخرين، وفق معطيات فلسطينية رسمية.
وبدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية بغزة خلفت نحو 160 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.-(الأناضول)
0 تعليق