الأردن وترامب.. الشعوب الحرة أقوى من الإملاءات الأمريكية

السبيل 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
مظاهرات الأردن نصرة غزة

السبيلخاص

لم تكن تصريحات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، حول امتلاكه “قطعة أرض” في الأردن لتهجير سكان غزة، مجرد فكرة عابرة أو اقتراح سياسي، بل عكست رؤية استعمارية متجذرة تحاول إعادة رسم خريطة المنطقة وفق المصالح الأمريكية والإسرائيلية. لكن الرد جاء سريعًا من الأردنيين، ليؤكد أن هذا المخطط، كغيره من المشاريع التصفوية، لن يجد طريقه إلى التنفيذ.

في شوارع عمّان، كما في المدن الأردنية الأخرى، لا يحتاج المرء إلى كثير من البحث ليجد الإجابة على سؤال: ماذا لو حاولت واشنطن الضغط على الأردن؟ الغضب واضح في أحاديث الناس، والرفض يبدو موقفًا ثابتًا لا يقبل التأويل. فالأردنيون، الذين احتضنوا القضية الفلسطينية عقودًا، يرون في هذا الطرح اعتداءً على سيادتهم، ومحاولة مكشوفة لإنهاء القضية الفلسطينية عبر التهجير القسري.

“نحن هنا لدعم الأردن، ودعم فلسطين والوقوف ضد المجرم ترامب، الذي يجب أن يحاسب، وضد المجرم نتنياهو، الذي يجب أن يواجه العدالة”، بهذه الكلمات عبّر أحد المشاركين في الاحتجاجات الأخيرة وسط عمّان، حيث اجتمع المئات رغم برودة الطقس والمطر، ليؤكدوا أن الأردن ليس للبيع، وأن الفلسطينيين لن يُقتلعوا من أرضهم.

الأردنيون يرفضون عصا واشنطن

ترامب، الذي جعل من لغة الابتزاز نهجًا في سياسته، لم يكتفِ بطرح فكرة التهجير، بل ألمح إلى إمكانية استخدام المساعدات الأمريكية للضغط على الأردن.

فواشنطن تقدم للمملكة حوالي 1.5 مليار دولار سنويًا في شكل مساعدات عسكرية واقتصادية، ويرى البعض في الإدارة الأمريكية أن هذا الرقم يمكن أن يكون أداة ضغط لفرض “التسوية” التي تريدها واشنطن.

لكن المعادلة ليست بهذه البساطة. فالأردن، رغم حاجته للدعم الخارجي، لا يستطيع بأي حال من الأحوال تحمل ثمن سياسي بهذه الخطورة.

الرهان الأمريكي على الضغط الاقتصادي ليس جديدًا. فقد جُرّب من قبل مع دول كثيرة، بعضها خضع، لكن معظمها قاوم حين وجدت الشعوب أن الثمن أكبر من أن يُدفع. وهنا يبرز سؤال مهم: هل تستطيع واشنطن إجبار الأردن على قبول هذا المخطط؟

الشعوب أقوى

“يجب أن تؤمنوا بشعبنا. وتوقفوا عن جعل أمريكا إلهاً”، بهذه الكلمات خاطب النائب الأردني المعارض ينال فريحات الحكومة، في إشارة واضحة إلى أن الشعب الأردني لن يقبل بأي مساومة على أرضه أو على الحق الفلسطيني.

تاريخيًا؛ لم تنجح المشاريع الاستعمارية حين اصطدمت بإرادة شعبية قوية. من فيتنام إلى العراق، ومن أفغانستان إلى فلسطين، سقطت الخطط الأمريكية كلما واجهت مقاومة حقيقية.

واليوم؛ يدرك الأردنيون والفلسطينيون على حد سواء أن المخطط ليس جديدًا، وأن المواجهة تتجاوز الحسابات السياسية الضيقة، لتصبح معركة وجود.

وفي النهاية؛ الأمر لا يتعلق فقط بالحسابات السياسية أو الاقتصادية، بل بمبدأ جوهري: الشعوب التي ترفض أن تُحكم بالقوة، لا يمكن لأي قوة في العالم أن تفرض عليها واقعًا لا تريده. وهذه الحقيقة، كما أدركتها واشنطن مرارًا، ستتأكد مرة أخرى في الأردن، كما تأكدت في غزة، وكما ستتأكد في كل بقعة من الأرض ترفض الاستعمار، مهما اختلفت أشكاله ومسمياته.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق